تغيير قواعد الاشتباك... الجيش الأردني يلاحق المهربين داخل أراضي سوريا

موقع للجيش الأردني (أرشيف - رويترز)
موقع للجيش الأردني (أرشيف - رويترز)
TT

تغيير قواعد الاشتباك... الجيش الأردني يلاحق المهربين داخل أراضي سوريا

موقع للجيش الأردني (أرشيف - رويترز)
موقع للجيش الأردني (أرشيف - رويترز)

استفاق الأردنيون، صباح الأحد الماضي، على أنباء حول خوض قواتهم المسلحة ما يشبه الحرب المفتوحة ضد مجموعات مسلحة كانت تحاول تهريب كميات كبيرة من المخدرات والأسلحة إلى أراضي المملكة بقوة السلاح عبر الحدود الشمالية مع سوريا.

بعد ذلك بساعات قليلة، أعلنت القوات المسلحة الأردنية نهاية الاشتباكات مع المهربين، والتي قالت إنها قتلت وأصابت خلالها عدداً منهم، وألقت القبض على تسعة، فيما وقعت إصابات «خفيفة ومتوسطة» في صفوف الجيش الأردني.

لكن مهند مبيضين، وزير الاتصال الحكومي والناطق باسم الحكومة الأردنية، قال إن الإعلان عن انتهاء الاشتباكات لا يعني توقف المواجهات مع هذه المجموعات التي تحولت إلى شبكات تهريب خطيرة ومسلحة.

وأوضح مبيضين، في حديث خاص عبر الهاتف لوكالة «أنباء العالم العربي»، بالتزامن مع إعلان الجيش إنهاء العملية العسكرية، أن شبكات المهربين التي تتصدى لها القوات المسلحة منذ عام 2013 باتت اليوم «أكثر تسليحاً، فضلاً عن أن هذه الشبكات تطوّر أساليبها، وتعمل وفق تكتيكات متقدمة بفضل الدعم الدولي المقدم لها من حيث التدريب والتسليح».

وأضاف أن حالة الفوضى الأمنية في المناطق على حدود المملكة مع سوريا أوجدت بيئة خصبة لشبكات تهريب المخدرات والسلاح للعمل بحرية بعيداً عن سلطة القانون، معتبراً أن استعادة الدولة السورية سيطرتها على المناطق الحدودية سيكون له أثر كبير في كبح جماح شبكات التهريب «المدعومة والممولة» من قبل دول، بحسب وصفه.

وعدَّ مبيضين أن المعارك المستمرة التي يخوضها الجيش الأردني ضد مهربي المخدرات والسلاح والذخائر ليست لحماية أراضيه فقط، «بل بالنيابة عن دول الجوار» التي تستهدفها شبكات التهريب، مشدداً على أن القوات المسلحة وأجهزة الدولة لن تسمح بأن تكون تلك العمليات سببا في زعزعة أمن المملكة واستقرارها، أو أن تكون معبراً لوصول تلك المخدرات والأسلحة إلى الجيران، بحسب وصفه.

وفي محاولة التسلل، التي تعد الأكبر خلال السنوات الخمس الأخيرة، ضُبطت أنواع من الأسلحة لأول مرة، وفق بيان القوات المسلحة، من بينها صواريخ (آر بي جيه) وألغام مضادة للأفراد وبندقيتا قنص وسيارة كانت محملة بالمواد المتفجرة وتم تدميرها، بالإضافة إلى كميات «كبيرة جداً» من المواد المخدرة.

وأدى مقتل ضابط برتبة نقيب، بداية العام الماضي، على أيدي مجموعة من المهربين على الحدود الشمالية إلى إعلان القوات المسلحة الأردنية تغيير قواعد الاشتباك مع المهربين والمتسللين وملاحقتهم داخل الأراضي السورية بالأسلحة الثقيلة البرية والجوية، بدلاً من الأسلحة الخفيفة التي كانت تستخدم في الاشتباكات قبل ذلك التاريخ.

ويرى عمر الرداد، الخبير العسكري وضابط المخابرات السابق، أن الأردن «لم يكن أمامه خيار سوى تغيير قواعد الاشتباك وتوسيع عملياته الدفاعية إلى أعماق أوسع داخل الأراضي السورية؛ لمواجهة ارتفاع وتيرة محاولات التهريب خلال السنوات الأخيرة، خاصة أن شبكات التهريب باتت تتحرك على نطاق واسع، وغيرت طرق عملها ونوعية تسليحها لإيجاد ثغرات في منطقة الحدود لإدخال المخدرات والسلاح حتى وإن كان عن طريق الاشتباك مع الجيش الأردني».

وبيّن الرداد في مقابلة مع وكالة «أنباء العالم العربي» أن تجارة المخدرات والسلاح هي «المصدر المالي الأكبر والأهم» لعصابات التهريب، قائلاً إن حجمها يقدر بمليارات الدولارات، «وتستخدم عائداتها لتمويل عمليات الجماعات المسلحة التابعة لإيران كـ(الحرس الثوري) و(حزب الله) اللبناني وغيرها من الجماعات داخل العراق».

أضاف: «لذلك تكون هناك استماتة من قبل هؤلاء المهربين لإتمام عملية تضم كميات كبيرة كما حدث مؤخراً».

وحذر من أن خطورة العملية الأخيرة لا تكمن في حجمها ونوعها فقط، «بل بما تم كشفه من أن مجموعات في الداخل الأردني متعاونة مع المهربين في سوريا قامت بإطلاق نار أسلحتها تجاه قوات حرس الحدود المشتبكة مع المهربين».

وعدَّ الرداد أن تلقي الجيش النار من الخلف «أكبر دليل على تمدد عصابات المخدرات داخل المملكة»، الأمر الذي يتطلب في رأيه من الأجهزة الأمنية المختصة العمل على مكافحة المخدرات في الداخل بدرجة تأهب الجيش في التعامل مع مهربي المخدرات والسلاح.

ووفقاً للأرقام الرسمية الصادرة عن القوات المسلحة الأردنية، فقد أفضت عملياتها على الواجهة الشمالية الشرقية إلى ضبط كميات كبيرة جداً من المخدرات، بينها أكثر 60 مليون حبة كبتاغون منذ عام 2021 حتى 19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بالإضافة إلى مئات الآلاف من الحبوب المخدرة الأخرى، فضلاً عن مئات الكيلوغرامات من المخدرات مثل الحشيش وبودرة (مسحوق) الكريستال.

وتعليقاً على التقارير الاستخباراتية التي كشفت عن شن سلاح الجو الأردني عدة غارات جوية داخل سوريا استهدفت مخابئ لمهربي المخدرات رداً على عملية التهريب، توقع الطيار الحربي السابق أحمد أبو نوار أن تكون هذه الضربات الجوية جاءت بالتنسيق مع الدولة السورية، خاصة أن الحكومة هناك تنفي على الدوام أي صلة أو علاقة لها بما يجري على حدودها الجنوبية.

وأضاف أبو نوار في حوار مع وكالة «أنباء العالم العربي» أن الأردن، الذي كان عضواً في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش»، «يعرف سوريا جيداً»، ولديه الأدوات الاستخباراتية القادرة على تحديد أهدافه بدقة عالية، وتحديداً ضد الجماعات النشطة في تصنيع المخدرات وتهريبها.

وأكد الطيار الحربي السابق أن من شأن هذه الضربات الجوية «الحد من عمليات المهربين؛ لأنها في الغالب تستهدف معامل التصنيع ومخازن المخدرات، إضافة إلى استهداف قادة جماعات التهريب تلك».

وسبق لعَمّان إيصال رسالة لدمشق عن طريق وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش السوري العماد علي أيوب في أثناء زيارته للمملكة عام 2021، والتي اضطلع خلالها على تفاصيل تحديات عمليات تهريب المخدرات من الجنوب. وتضمنت تلك الرسالة تحذيراً بضرورة التحرك لوقف الفوضى الأمنية داخل مناطقه الحدودية وإلا تحرك الجيش الأردني لحماية حدوده دون تردد.


مقالات ذات صلة

الأردن... رئيس لا يجامل في مواجهة مجلس نواب برؤوس حامية

حصاد الأسبوع تشكيلة الحكومة الأردنية الجديدة بحضور الملك عبدالله الثاني (وكالة الأنباء الأردنية بترا)

الأردن... رئيس لا يجامل في مواجهة مجلس نواب برؤوس حامية

لم يُفسّر أحد «قلة اكتراث» الشارع الأردني أمام حدثين مهمين على المستوى المحلي: إذ بعد نتائج الانتخابات النيابية التي أُجريت في العاشر من سبتمبر (أيلول) الحالي…

«الشرق الأوسط» (عمان)
أوروبا لوحة مفاتيح كومبيوتر مضاءة بواسطة رمز إلكتروني معروض في هذه الصورة التوضيحية الملتقطة في الأول من مارس 2017 (رويترز)

سرقة كومبيوتر يحوي بيانات حساسة من السفارة الأردنية في فرنسا 

تعرضت السفارة الأردنية في فرنسا لعملية سرقة ليل الأربعاء - الخميس، بحسب ما أعلن مصدر قضائي، الجمعة، واختفى جهاز كومبيوتر يحوي بيانات حساسة، بحسب مصدر في الشرطة.

«الشرق الأوسط» (نانتير)
المشرق العربي وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي (إ.ب.أ)

الأردن: إسرائيل تدفع المنطقة برمتها إلى هاوية حرب إقليمية

قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي اليوم الأربعاء إن إسرائيل «تدفع المنطقة برمتها إلى هاوية حرب إقليمية» من خلال مواصلة التصعيد الخطير على عدة جبهات.

«الشرق الأوسط» (عمان)
المشرق العربي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني (أ.ب)

الحكومة الجديدة في الأردن تؤدي اليمين الدستورية أمام الملك عبد الله

الديوان الملكي الأردني يعلن أن رئيس الوزراء والوزراء الجدد يؤدون اليمين الدستورية أمام الملك عبد الله.

«الشرق الأوسط» (عمان)
المشرق العربي علم الأردن في العاصمة عمان (أ.ف.ب)

الأردن يحبط محاولة طائرة مسيّرة اجتياز أراضيه

قالت وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، اليوم الثلاثاء، إن القوات المسلحة الأردنية أحبطت محاولة «اجتياز طائرة مسيرة إلى الأراضي الأردنية».

«الشرق الأوسط» (عمان)

تقرير: إسرائيل تطلب من الولايات المتحدة ردع إيران بعد اغتيال نصر الله

TT

تقرير: إسرائيل تطلب من الولايات المتحدة ردع إيران بعد اغتيال نصر الله

الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - رويترز)

كشف مسؤولون إسرائيليون وأميركيون، لموقع «أكسيوس» الأميركي، السبت، أن إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة اتخاذ خطوات لردع إيران عن مهاجمة إسرائيل رداً على الغارة الجوية الإسرائيلية في بيروت التي قتلت زعيم «حزب الله» حسن نصر الله، وجنرالاً إيرانياً كبيراً.

وأوضح الموقع أهمية الطلب لأن الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» يتصاعد بالفعل إلى حرب شاملة في المنطقة.

وكانت إيران حريصة على تجنب أي هجوم على إسرائيل يمكن أن يجرها إلى مثل هذه الحرب، لكن المسؤولين في واشنطن وتل أبيب قلقون من أن اغتيال نصر الله قد يدفع طهران إلى حافة الهاوية.

ويأتي الطلب الإسرائيلي للدعم الأميركي بعد أن تراجع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» وشن الهجوم الضخم دون التشاور المسبق على الرغم من حث الولايات المتحدة على خفض التصعيد.

وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن وإدارته على عدم علمهم المسبق بالهجوم الذي أدى إلى مقتل نصر الله، لكنهم لم ينتقدوه أيضاً وأصدروا بيانات تدعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس.

وقال أحد المسؤولين الأميركيين لـ«أكسيوس»: «كان نصر الله رجلاً سيئاً، لكن من المحبط أن يفعل الإسرائيليون هذا دون استشارتنا ثم يطلبون منا الدعم عندما يتعلق الأمر بردع إيران».

وذكر ثلاثة مسؤولين أميركيين لـ«أكسيوس» أن إدارة بايدن تدعم مقتل نصر الله، لكنها تشعر بالإحباط إزاء الافتقار إلى التشاور والشفافية من الجانب الإسرائيلي.

وقال المسؤولون الأميركيون إن أوستن ومدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز وقائد القيادة المركزية الجنرال مايكل كوريلا تلقوا إحاطة من نظرائهم الإسرائيليين، حيث كانت العملية جارية بالفعل، دون إمكانية حقيقية للتدخل أو التعبير عن آرائهم.

وأضاف أحد المسؤولين الأميركيين أن الأولوية القصوى لإدارة بايدن الآن هي تجنب قيام إسرائيل بعملية برية في لبنان، فضلاً عن منع التدخل الإيراني المباشر في القتال والتوصل إلى حل دبلوماسي يسمح للمدنيين على جانبي الحدود الإسرائيلية اللبنانية بالعودة إلى ديارهم.

وفي أبريل (نيسان) الماضي، هاجمت إيران إسرائيل بشكل مباشر لأول مرة في التاريخ، رداً على غارة جوية إسرائيلية قتلت أعلى جنرال إيراني في سوريا، وأحبط الهجومَ تحالف دولي وإقليمي بقيادة الولايات المتحدة وإسرائيل.

وتعهدت إيران بالرد على اغتيال إسرائيل لزعيم «حماس» إسماعيل هنية في طهران قبل شهرين، لكنها لم تفعل ذلك بعد.

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت طلب في محادثة مع نظيره الأميركي لويد أوستن بعد اغتيال نصر الله اتخاذ خطوات عملية وإصدار بيانات لردع إيران عن شن هجوم ضد إسرائيل، بحسب مسؤولين أميركيين وإسرائيليين.

وأصدرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) السبت بياناً قالت فيه إن أوستن «أعرب عن دعمه الكامل لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران، وإن الولايات المتحدة عازمة على منع إيران والشركاء والوكلاء المدعومين منها من استغلال الوضع أو توسيع الصراع».

وقال المتحدث باسم البنتاغون، بات رايدر، إن أوستن أوضح أن الولايات المتحدة «تظل على استعداد لحماية القوات والمرافق الأميركية في المنطقة وملتزمة بالدفاع عن إسرائيل».