القضاء ينفي «اتهامات مالية» من وزير الدفاع طالت قائد الجيش اللبناني

ديوان المحاسبة أكد «شفافية» توزيع المساعدات للضباط والعسكريين

قائد الجيش اللبناني يعزي عائلة أحد عناصر «حزب الله» الذي سقط في المواجهات مع إسرائيل (موقع الجيش على منصة «إكس»)
قائد الجيش اللبناني يعزي عائلة أحد عناصر «حزب الله» الذي سقط في المواجهات مع إسرائيل (موقع الجيش على منصة «إكس»)
TT

القضاء ينفي «اتهامات مالية» من وزير الدفاع طالت قائد الجيش اللبناني

قائد الجيش اللبناني يعزي عائلة أحد عناصر «حزب الله» الذي سقط في المواجهات مع إسرائيل (موقع الجيش على منصة «إكس»)
قائد الجيش اللبناني يعزي عائلة أحد عناصر «حزب الله» الذي سقط في المواجهات مع إسرائيل (موقع الجيش على منصة «إكس»)

أعطى القرار القضائي الذي أصدره ديوان المحاسبة في لبنان، قوّة دعم قانوني وسياسي لقرار التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون وقادة الأجهزة الأمنية سنة جديدة، بعد الحملات السياسية التي شنّها رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل ضد قائد الجيش، وأفرغت رسائل وزير الدفاع موريس سليم من مضامينها؛ إذ أهمل المدعي العام لدى ديوان المحاسبة القاضي فوزي خميس، جميع الكتب التي تقدم بها وزير الدفاع بما يتعلق بصرف الهبات المالية والعينية وبيع أسلحة فردية والتصرّف بالتبرعات العائدة للجيش.

يأتي قرار ديوان المحاسبة بعد ساعات على الهجوم العنيف الذي شنّه باسيل على قائد الجيش واتهمه بمخالفة القانون وصرف مخصصات عائدة للجيش من دون العودة إلى الحكومة، كما التصرف بمساعدات عينية، وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما جرى ستكون له مفاعيل إيجابية للمرحلة المقبلة، وسيعطي دافعاً للجهات المعنية بدعم الجيش بأن تعزز تقديماتها لهذه المؤسسة».

وعدَّ القاضي فوزي خميس في قراره، أن «كل التدابير التي اتخذها قائد الجيش متوافقة مع الأصول، وهي مشروعة ومباحة ومبرّرة ومناسبة مع حجم التحدّيات والظروف الاقتصادية والسياسية والاستثنائية المحدقة التي تمر بها البلاد، وأكدت حرص قيادة الجيش على أموال المؤسسة العامة، وعدم ثبوت ارتكاب عون أي مخالفة».

وشدد القاضي خميس على أنه «لدى التحقق من معطيات الملف ومستنداته فيما يتعلق بالمساعدة القطرية لعناصر الجيش اللبناني، وبعد أن أشار وزير الدفاع إلى أنه عملاً بالأحكام القانونية التي ترعى قبول الهبات والتبرعات، فإن صلاحية الهبات أيّاً كانت سواء منقولة أو ثابتة أو نوعية تنحصر باسم مجلس الوزراء الذي يُقرّر قبولها وإنفاقها بموجب مرسوم وفقاً للمادة 52 من قانون المحاسبة العمومية، فيما أجاب قائد الجيش إلى أن شروط المادة المذكورة غير متوافرة؛ لأن المساعدة القطرية لم تقدم للدولة اللبنانية بل لعناصر الجيش اللبناني، مروراً بمؤسسة الجيش اللبناني مباشرة، كي تحوّل من قطر على دفعات وتوزّع على الضباط والعسكريين على سبيل التعاضد والمساعدة، في سبيل استمرار المؤسسة العسكرية ودعم صمودها، وأضاف قائد الجيش أن مجلس الوزراء أخذ علماً بالمساعدة القطرية، ولم يعترض عليها بل رحّب بها».

وأكد قرار القاضي أن «الأموال النقدية موضوع الملف الراهن، حددت قيمتها وآلية دفعها من قبل الدولة القطرية، كذلك صدور بيانات رسمية من مديرية التوجيه في الجيش عن مواعيد التسليم، ما يعني أن تلك الأموال لا تعد بمثابة هبة مالية مقدمة لصالح الدولة كي يصار إلى قبولها من مجلس الوزراء ويتم فتح اعتمادات بها في الموازنة العامة». ورأى أن «الوصف القانوني الذي ينطبق عليها وعلى المساعدة المالية المقدمة من الولايات المتحدة الأميركية يجعلها بمثابة تبرعات لغايات التعاضد مع مؤسسة الجيش ومؤازرة عناصره للصمود في هذه الظروف الصعبة، وهي تعد أموالاً خاصة لا تنطبق عليها أحكام قانون المحاسبة العمومية والرقابات المالية التي تطال الأموال العمومية، وتمّ الاتفاق على أن تحوّل أموال مباشرة إلى العسكريين من خلال مبالغ مالية تساوي 100 دولار أميركي لكل ضابط وعسكري بغض النظر عن رتبته».

أما فيما يتعلق بصفقة شراء أحذية للعسكريين بالتراضي، فاعتبر القرار أن «عملية شرائها جرى تمويلها بالكامل من الأموال الخاصة العائدة للجيش اللبناني، وتحديداً من أموال التبرعات التي يقدمها الأفراد إلى قيادة الجيش، وليس من الأموال العمومية الملحوظة اعتماداتها في موازنة وزارة الدفاع الوطني، ولا تنطبق عليها أحكام قانون المحاسبة العمومية والرقابات المالية»، لافتاً إلى أن «قيادة الجيش أبدت حرصها على أموال المؤسسة العامة والخاصة، ذلك أن الشراء المذكور وإن كان من الأموال الخاصة فقد سبقته عملية استقصاء أسعار من موردين، وجرى الاتفاق مع الجهة التي قدّمت أفضل النوعيات بأفضل الأسعار»، معتبراً أن «اتفاقيات التراضي لشراء لوازم وعتاد للجيش من هبات مالية ونقدية والتي تبلغ قيمتها أربعين مليون دولار، والتي ذكر وزير الدفاع أنه جرى إنفاقها من الهبات النقدية والمالية، ولم ترفع عبر وزارة الدفاع، فتبين للنيابة العامة أنها اتفاقيات رضائية أجرتها قيادة الجيش ممثلة بشخص نائب رئيس الأركان للتجهيز، وتتضمن لوازم قطع غيار لآليات الجيش وزيوت وفلاتر وأنظمة توليد طاقة شمسية وغيرها».

وبناء على كلّ ما تقدّم، تبين لدى القاضي خميس أن «قيادة الجيش اتخذت التدابير المتوافقة مع الأصول»، وقررت النيابة العامة لدى ديوان المحاسبة بالنتيجة اتخاذ القرار بالحفظ لعدم ثبوت ارتكابها أي مخالفة.

من جهته، اعتبر الخبير القانوني والدستوري الدكتور سعيد مالك، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «قرار ديوان المحاسبة جاء نتيجة أبحاث ودراسات أجراها للوصول إلى هذه النتيجة». وقال: «القرار قضائي بامتياز، لكن ستكون له نتائج تعزز قوّة قائد الجيش على رأس المؤسسة العسكرية».



«صحة غزة» تحذر من انهيار الخدمات الطبية وسط استمرار القصف والإخلاءات

عائلة تبكي قريبها الذي قُتل بنيران إسرائيلية بالقرب من مركز توزيع مساعدات في رفح (رويترز)
عائلة تبكي قريبها الذي قُتل بنيران إسرائيلية بالقرب من مركز توزيع مساعدات في رفح (رويترز)
TT

«صحة غزة» تحذر من انهيار الخدمات الطبية وسط استمرار القصف والإخلاءات

عائلة تبكي قريبها الذي قُتل بنيران إسرائيلية بالقرب من مركز توزيع مساعدات في رفح (رويترز)
عائلة تبكي قريبها الذي قُتل بنيران إسرائيلية بالقرب من مركز توزيع مساعدات في رفح (رويترز)

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم الأحد، من أن التهديدات المتكررة بالإخلاء والقصف المستمر لمحيط المستشفيات تهدد بخروج ما تبقى من المرافق الطبية عن الخدمة، في ظل التدهور الحاد للوضع الصحي بفعل الحرب المستمرة في القطاع منذ أكثر من عام ونصف العام.

وقالت الوزارة، في بيان لها، إن المستشفيات العاملة تواجه صعوبات متفاقمة في تقديم الرعاية الصحية، بسبب نقص الإمدادات الطبية، وانعدام الأمان للطواقم الطبية والمرضى في الوصول إلى المرافق الصحية. وأضافت أن الأوضاع الأمنية غير المستقرة تعرقل عمل الفرق الطبية وتربك جهود الاستجابة للحالات الطارئة.

رجل وصبي مصابان يجلسان على الأرض في مستشفى الشفاء بمدينة غزة (أ.ف.ب)

وأشار البيان إلى أن مجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس يعد المركز الصحي الأساسي في جنوب القطاع، ويستقبل مئات المرضى والجرحى يومياً، محذراً من أن توقفه عن العمل سيكون له تداعيات كارثية لا يمكن التنبؤ بها.

ودعت الوزارة إلى تدخل عاجل لضمان حماية المرافق الصحية وتوفير ممرات آمنة لوصول الإمدادات والكوادر الطبية والمرضى، مؤكدة أن الحلول المؤقتة لم تعد كافية في ظل تصاعد الاحتياجات الطبية وغياب الاستقرار.

فلسطيني أصيب أثناء محاولته الحصول على مساعدات إنسانية ينتظر تلقي العلاج في مستشفى الشفاء بمدينة غزة (أ.ب)

كما عبَّرت الوزارة عن قلقها من تجاهل السلطات الإسرائيلية لمطالب المؤسسات الدولية المتعلقة بتأمين المستشفيات وضمان تدفق المساعدات الطبية والإنسانية إلى القطاع.

وفي سياق متصل، أعلنت وزارة الصحة أن المستشفيات استقبلت 100 قتيل و605 جرحى منذ يوم الجمعة الماضي، وحتى صباح اليوم، ما يرفع إجمالي عدد الضحايا في القطاع منذ بدء الحرب في السابع أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إلى 55 ألفاً و297 قتيلاً و128 ألفاً و426 مصاباً.

فلسطيني جريح على أرضية مستشفى الشفاء بغزة (رويترز)

وأوضحت الوزارة أن من بين هؤلاء، سقط خمسة آلاف و14 قتيلاً و16 ألفاً و385 مصاباً منذ انهيار اتفاق وقف إطلاق النار منتصف مارس (آذار) الماضي.

وذكرت الوزارة أن 42 شخصاً قتلوا وأصيب أكثر من 380 آخرين خلال اليومين الماضيين أثناء انتظارهم للحصول على مساعدات غذائية في مواقع توزيع بأنحاء القطاع، مما يسلط الضوء على المخاطر المتزايدة التي تواجه المدنيين حتى خارج مناطق المواجهات المباشرة.

في حين تواجه المنظومة الصحية في قطاع غزة خطر الانهيار الكامل نتيجة الحرب الإسرائيلية واسعة النطاق التي اندلعت في أكتوبر 2023، عقب هجوم مفاجئ نفذته حركة «حماس» داخل الأراضي الإسرائيلية. ومنذ ذلك الحين تعرضت البنية التحتية الصحية لأضرار جسيمة، بما في ذلك استهداف مباشر أو غير مباشر للمرافق الطبية، وخروج عدد كبير من المستشفيات عن الخدمة نتيجة القصف أو النقص الحاد في الوقود والمستلزمات الطبية.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أقل من 30 في المائة من المستشفيات لا تزال تقدم خدمات جزئية، في وقت يعاني فيه السكان من أوضاع صحية متدهورة، مع تفشي الأمراض، وتراجع حاد في خدمات رعاية الأمومة والطفولة، فضلاً عن العجز الكبير في استقبال الجرحى والمصابين جراء القصف المستمر.

وتحذر منظمات دولية من تفاقم الكارثة الصحية، في ظل الإغلاق شبه الكامل للمعابر ومنع دخول الإمدادات الأساسية، واستمرار العمليات العسكرية المكثفة في مناطق مأهولة بالسكان.