الحكومة اللبنانية تتحاشى «لغم» تعيين أعضاء المجلس العسكري

ميقاتي: جلسات البرلمان الأخيرة أكدت الاستقرار التشريعي

الرئيس نجيب ميقاتي مترئساً جلسة الحكومة (الوكالة الوطنية)
الرئيس نجيب ميقاتي مترئساً جلسة الحكومة (الوكالة الوطنية)
TT

الحكومة اللبنانية تتحاشى «لغم» تعيين أعضاء المجلس العسكري

الرئيس نجيب ميقاتي مترئساً جلسة الحكومة (الوكالة الوطنية)
الرئيس نجيب ميقاتي مترئساً جلسة الحكومة (الوكالة الوطنية)

تحاشى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إدراج بند تعيين أعضاء المجلس العسكري في قيادة الجيش على طاولة مجلس الوزراء في جلسته يوم الثلاثاء، في محاولة منه لتضييق مساحة الخلاف مع «التيار الوطني الحرّ» ووزير الدفاع موريس سليم الذي ينتمي لهذا الفريق، غير أن الأجواء التي سبقت الجلسة ورافقتها أوحت بأن الخلاف أصبح مستحكماً بين الطرفين، خصوصاً بعد رفض وزير الدفاع الاستجابة لطلب ميقاتي برفع الاقتراحات اللازمة لتعيين أعضاء المجلس العسكري، وخصوصاً رئيس الأركان.

ويستدعي اكتمال عقد المجلس العسكري في قيادة الجيش اللبناني، تعيين ثلاثة أعضاء هم رئيس الأركان (درزي) ومطروح اسم العميد حسان عودة بعد ترقيته إلى رتبة لواء، ومدير الإدارة (شيعي)، ويرجّح أن يعيّن العميد رياض علّام بعد ترقيته إلى رتبة لواء، والمفتّش العام (أرثوذكسي) ويتوقّع أن يشغل العميد منصور نبهان هذا المنصب بعد ترفيعه إلى لواء أيضاً.

وكشفت مصادر مواكبة لجلسة الحكومة، أن «حركة اتصالات واسعة جرت يوم الاثنين مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، تمّ خلالها الاتفاق على إبقاء بند التعيينات العسكرية خارج مداولات مجلس الوزراء». وأشارت لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «أكثر من طرف دخل على خطّ الوساطة لتذليل العقد، وتأمين حضور وزراء التيار الوطني الحرّ الجلسة، أو أقلّه وزير الدفاع كونه معنياً مباشرة بهذا البند»، مؤكدة أن «رئيس الحكومة سيعطي فرصة للتوافق على التعيينات في أقرب وقت لعدم استفزاز أي طرف، لكنه لن يبقي الأمور متروكة إلى ما لا نهاية». وقالت: «عندما يحين موعد التعيينات، سيطرح الأمر على مجلس الوزراء، فإما يحصل التعيين من أجل مصلحة البلاد والمؤسسة العسكرية، وإما يتحمّل المعرقلون المسؤولية».

وعزز قانون التمديد سنة إضافية لقائد الجيش العماد جوزيف عون، حالة التباعد بين «التيار الوطني الحرّ» برئاسة جبران باسيل وبقية القوى السياسية، كما أضعف أكثر تحالفه مع «حزب الله» الذي يسعى لاستيعاب تداعيات جلسة التمديد على العلاقة بينهما، وقال فارس الجميّل المستشار الإعلامي لميقاتي لـ«الشرق الأوسط»، إن رئيس الحكومة «مصرّ على إجراء تعيينات المجلس العسكري وفق المعايير القانونية المعتمدة، إما وفق اقتراح يرفعه وزير الدفاع، أو عبر مجلس الوزراء». وشدد الجميّل، على أن «التعيينات ستحصل فور استكمال الاتصالات لأن رئيس الحكومة حريص على عدم اتخاذ أي قرار يخالف مبدأ التعيينات خلال مرحلة الشغور الرئاسي».

وسبق جلسة مجلس الوزراء، كتابٌ وجهه ميقاتي إلى وزير الدفاع موريس سليم، جاء في خلاصته: «حفاظاً على المؤسسة العسكرية وحرصاً على انتظام عملها وضماناً لدرء التهديدات المحدقة التي نواجهها في هذه الظروف الراهنة، يطلب إليكم وبالسرعة القصوى رفع الاقتراحات الواضحة، وتحديد الإجراءات العملية اللازمة لسدّ الشغور في المراكز الثلاثة الشاغرة في المجلس العسكري، خصوصاً مركز رئيس الأركان ليبنى على الشيء مقتضاه».

ولم يتأخر ردّ وزير الدفاع الذي بعث بكتاب إلى رئيس الحكومة، قال فيه: «بعد إقرار قانون رفع سنّ التقاعد لقائد الجيش في مجلس النواب، فإننا بانتظار نهائية وضع هذا القانون (في إشارة إلى المراجعة التي سيتقدّم بها التيار الوطني الحر، أمام المجلس الدستوري للطعن بهذا القانون)، نبقى جاهزين للعمل معكم على معالجة هذه المسألة».

ووقعت حكومة تصريف الأعمال على قانون التمديد لقائد الجيش، وأفادت معلومات بأن «19 وزيراً وقعوا خلال جلسة مجلس الوزراء على قانون التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون وقادة الأجهزة الأمنية الذي أقر الجمعة في مجلس النواب».

وعقد مجلس الوزراء جلسة عادية قبل الظهر، أقرت جدول أعمال عاديا، وتوقّف ميقاتي في مستهلّ الجلسة عند «مأساة الحرب الإسرائيلية على غزة والاعتداءات المتكررة على جنوب لبنان والإصابات في صفوف المدنيين والمعاناة الإنسانية جراء الإجرام والإبادة». وحيّا التضامن «الذي أثبت أن لبنان بلد صلب ومقاوم». وقال: «منّا مَن يُقاوم على الأرض، ومنا مَن يقاوم في السياسة والمواقف الوطنية والمنابر الدولية، والبرلمان والحكومة والقوى الأمنية والإدارة رغم كل ظروف الحياة».

وشدّد ميقاتي على أن «جلسات مجلس النواب الأخيرة أكدت الاستقرار التشريعي الذي يحكم العقلانية الواقعية لدور البرلمان، وأن الاحتكام إلى روح عمل المؤسسات هو الطريق الوحيدة لإنقاذ البلد من حالة المراوحة والمزايدات». وأمل في أن «ينسحب الاستقرار التشريعي على كل الأوضاع في البلد، مثل الاستقرار الأمني، مثل موضوع الجيش والقوى الأمنية، إضافة إلى التشريعات التي لها علاقة بشؤون الناس وانتظام عمل الدولة». وأضاف «نحن ما زلنا نصرُّ على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية وإعادة اكتمال عقد المؤسسات الدستورية. ويجب أن يستمر البرلمان بالتشريع، وأن تواصل الحكومة عملها، وإن شاء الله يكون للبنان رئيس عما قريب».



مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)
جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)
جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)

أمرت إسرائيل، اليوم (الأحد)، بإغلاق وإخلاء أحد آخر المستشفيات التي لا تزال تعمل جزئياً في منطقة محاصرة في شمال قطاع غزة، مما أجبر المسعفين على البحث عن طريقة لإجلاء مئات المرضى والموظفين بأمان، وفق ما أوردته وكالة «رويترز».

وقال مدير مستشفى «كمال عدوان» في بيت لاهيا، حسام أبو صفية، للوكالة في رسالة نصية إن الامتثال لأمر الإغلاق «شبه مستحيل» بسبب نقص سيارات الإسعاف اللازمة لنقل المرضى. وأضاف: «لدينا حالياً ما يقرب من 400 مدني داخل المستشفى، بما في ذلك الأطفال في وحدة حديثي الولادة الذين تعتمد حياتهم على الأكسجين والحاضنات. لا يمكننا إجلاء هؤلاء المرضى بأمان دون المساعدة والمعدات والوقت». وأوضح: «نرسل هذه الرسالة تحت القصف الشديد والاستهداف المباشر لخزانات الوقود، والتي إذا أصيبت ستتسبب في انفجار كبير وإصابات جماعية للمدنيين في الداخل».

ولم يرد الجيش الإسرائيلي على طلب للتعليق على تصريحات أبو صفية. وكان الجيش قال، أول من أمس، إنه أرسل وقوداً وإمدادات غذائية إلى المستشفى، وساعد في إجلاء أكثر من 100 مريض ومقدم رعاية إلى مستشفيات أخرى في غزة، بعضهم بالتنسيق مع الصليب الأحمر، حفاظاً على سلامتهم. والمستشفى هو أحد المستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل جزئياً في شمال قطاع غزة، وهي منطقة تحاصرها إسرائيل منذ ثلاثة أشهر تقريباً في واحدة من أكثر العمليات قسوة في الحرب المستمرة منذ 14 شهراً.

وقال أبو صفية إن الجيش الإسرائيلي أمر بإجلاء المرضى والموظفين إلى مستشفى آخر وضعه أسوأ. وأظهرت صور من داخل المستشفى تكدس المرضى على أسرّة في الممرات لإبعادهم عن النوافذ. ولم يتسنَّ للوكالة التحقق من صحة هذه الصور بعدُ.

وتقول إسرائيل إن حصارها لثلاث مناطق في شمال غزة، وهي بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا، يأتي في إطار عملية لاستهداف مسلحي «حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية» (حماس). ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بالسعي إلى إخلاء المنطقة بشكل دائم لإنشاء منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

قتال من أماكن قريبة

وبثت حركة «حماس»، اليوم، مقطعاً مصوراً قالت إنه جرى تصويره في شمال قطاع غزة. وظهر في المقطع مقاتلون متمركزون داخل مبانٍ مدمرة ووسط أكوام من الحطام، وكانوا يرتدون ملابس مدنية ويطلقون مقذوفات على قوات إسرائيلية. وقال الجيش الإسرائيلي، اليوم، إن القوات التي تنفذ عمليات في بيت حانون قصفت مسلحين وبنى تحتية تابعة للحركة. وقالت حركتا «حماس» و«الجهاد» إنهما تسببتا في خسائر بشرية في صفوف القوات الإسرائيلية.

من جهة أخرى، ذكرت البطريركية اللاتينية في القدس ووحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي وحدة تابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية، أن إسرائيل سمحت لبطريرك القدس للاتين بدخول غزة اليوم. وجاء ذلك بعد أن قال البابا فرنسيس بابا الفاتيكان أمس إن البطريرك مُنع من الدخول.

وفي مناطق أخرى في قطاع غزة، قال مسعفون إن غارات عسكرية إسرائيلية في أنحاء قطاع غزة أسفرت عن مقتل 24 فلسطينياً على الأقل. وقُتل ثمانية، بعضهم أطفال، في مدرسة تؤوي عائلات نازحة في مدينة غزة. وقال الجيش الإسرائيلي إن الضربة استهدفت مسلحين من «حماس» يعملون من مركز قيادة داخل المدرسة. وتنفي «حماس» وجود مقاتليها بين المدنيين.

وكثف الوسطاء جهودهم في الأسابيع القليلة الماضية للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بعد أشهر من تعطل المحادثات. وشنت إسرائيل الحملة العسكرية على غزة بعد أن اقتحم مقاتلون بقيادة «حماس» بلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في هجوم تقول الإحصاءات الإسرائيلية إنه أسفر عن مقتل 1200 واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

ويُعتقد أن نحو نصف عدد الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة، وعددهم 100، لم يلقوا حتفهم بعدُ. وتقول السلطات في قطاع غزة إن الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة قتلت حتى الآن أكثر من 45259 فلسطينياً، وأسفرت عن نزوح معظم السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة وتدمير أغلب القطاع الساحلي.