ما انعكاسات التوترات الأمنية بالبحر الأحمر على قناة السويس؟

بعد إعلان شركات شحن كبرى تجنب الممر الملاحي

حاوية تنقل البضائع خلال مرورها في قناة السويس (موقع الهيئة)
حاوية تنقل البضائع خلال مرورها في قناة السويس (موقع الهيئة)
TT

ما انعكاسات التوترات الأمنية بالبحر الأحمر على قناة السويس؟

حاوية تنقل البضائع خلال مرورها في قناة السويس (موقع الهيئة)
حاوية تنقل البضائع خلال مرورها في قناة السويس (موقع الهيئة)

تترقب مصر تداعيات التوترات الجارية في البحر الأحمر، وتأثيرها على حركة الملاحة بقناة السويس. وفي حين أكدت القاهرة «انتظام» حركة الملاحة بالقناة، قالت، في الوقت ذاته، إنها تتابع قرار شركات شحن كبرى تحويل مسارها إلى طريق «رأس الرجاء الصالح»، إثر تهديدات أمنية.

وتبحر سفن الشحن المقبلة من أوروبا باتجاه الشرق الأقصى عبر البحر الأحمر مروراً بقناة السويس المصرية، تجنباً لإهدار الوقت وزيادة تكاليف الإبحار حول أفريقيا، حال استخدمت طريق «رأس الرجاء الصالح».

وفي إفادة رسمية، الأحد، أعلن رئيس «هيئة قناة السويس»، الفريق أسامة ربيع، أن الهيئة «تتابع عن كثب التوترات الجارية في البحر الأحمر، وتدرس مدى تأثيرها على حركة الملاحة بالقناة، في ظل إعلان بعض الخطوط الملاحية عن تحويل رحلاتها بشكل مؤقت إلى (رأس الرجاء الصالح)»، لكنه أكد «انتظام حركة الملاحة بالقناة».

وفي الأسابيع الأخيرة، شهدت السفن المارة في البحر الأحمر هجمات وعمليات توقيف من جانب جماعة «الحوثي» في اليمن، رداً على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؛ ما دفع شركات شحن كبرى، مثل «إم إس سي»، و«ميرسك»، و«سي إم إيه سي جي إم»، إلى إعلان «وقف رحلاتها عبر قناة السويس لفترة مؤقتة».

وقال ربيع إن «55 سفينة حوَّلت مسارها بالفعل للعبور عبر طريق (رأس الرجاء الصالح) خلال الفترة من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حتى الآن»، لكنه أكد أن «هذه نسبة ضئيلة مقارنة بعبور 2128 سفينة قناة السويس خلال الفترة نفسها».

وفي حين يؤكد أمين عام «اتحاد الموانئ البحرية العربية»، اللواء عصام الدين بدوي، «عدم تأثر القناة حتى الآن بالتهديدات الأمنية لجماعة (الحوثي)»، حذر من «إمكانية حدوث ذلك مستقبلاً، وتأثر حركة التجارة العالمية حال استمرار الأزمة فترة أطول».

ويقول بدوي لـ«الشرق الأوسط»: «حتى الآن، لا تزال معدلات الملاحة في قناة السويس كما هي، لا سيما أن عدداً من السفن يعبرها مرتين، ذهاباً وإياباً، حيث تأتي من أوروبا وتفرغ حمولتها في موانئ البحر الأحمر ثم تعود مرة أخرى إلى أوروبا دون أن تسير باتجاه الجنوب حيث مضيق باب المندب»، ويوضح: «السفن الكبرى عادة ما تكمل رحلتها من أوروبا إلى الشرق الأقصى مروراً بالقناة، لكن هناك أيضاً سفن تستهدف موانئ الدول المطلة على البحر الأحمر».

وباب المندب واحد من أهم الطرق في العالم لشحن السلع الأولية بحراً، خصوصاً النفط الخام والوقود من الخليج إلى البحر المتوسط عبر قناة السويس أو خط أنابيب سوميد القريب، بالإضافة إلى السلع المتجهة شرقاً إلى آسيا، ومنها النفط الروسي.

وعبرت، الأحد، 77 سفينة، بإجمالي حمولات قدرها 4 ملايين طن، بحسب رئيس «هيئة قناة السويس»، الذي أشار إلى أن «بعض تلك السفن تابع لخطوط ملاحية أعلنت تحويل رحلاتها مؤقتاً عن قناة السويس، بسبب وجود هذه السفن في منطقة البحر الأحمر، قبل الإعلان عن تحويل المسار».

ومن بين السفن التي عبرت، الأحد، السفينة «MAERSK SAIGON»، والسفينة «CMA CGM CHRISTOPHE COLOMB»، والسفينة «MSC FABIENNE»، بحسب الإفادة الرسمية لقناة السويس. لكن بدوي يخشى تأثر عائدات قناة السويس بالخروقات الأمنية لجماعة «الحوثي»، مع استمرار تحويل شركات الشحن الكبرى لمسارها.

ويوضح: «هذه الشركات كانت تحقق عوائد كبيرة للقناة، حيث تحمل السفينة ما يقرب من 120 حاوية؛ ما يعني حمولات ضخمة لعدد كبير من السفن»، متوقعاً أنه «حال استمرار الوضع ستنخفض عائدات قناة السويس عن معدلاتها في الشهر الماضي»، لكنه في الوقت ذاته أعرب عن أمله في تنتهي الأزمة سريعاً؛ ارتباطاً بحلحلة الأزمة في غزة.

وتُعد قناة السويس أحد مصادر العملة الصعبة الرئيسية لمصر. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أعلنت «هيئة قناة السويس» عن ارتفاع إيرادات القناة بنسبة 20.3 في المائة، وصولاً إلى نحو 854.7 مليون دولار، على أساس سنوي، من 710.3 مليون دولار، خلال نوفمبر 2022.

بدوره، شدد ربيع على أن «قناة السويس ستظل الطريق الأسرع والأقصر حيث تصل معدلات الوفر للرحلات المتجهة عبر قناة السويس بين قارة آسيا وأوروبا من 9 أيام إلى أسبوعين، وفقاً لميناءَي القيام والوصول».

وتؤدي الخروقات الأمنية في البحر الأحمر إلى زيادة تكلفة التأمين ضد المخاطر على السفن المارة عبره؛ ما يزيد من التكاليف التي تتكبدها شركات الشحن في رحلتها من الشمال إلى الجنوب عبر قناة السويس.


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية المصري: قد نكون الأكثر تضرراً من التصعيد في البحر الأحمر

المشرق العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يوقع في دفتر الشرف بمقر وزارة الخارجية الكويتية (صفحة الخارجية المصرية عبر «فيسبوك»)

وزير الخارجية المصري: قد نكون الأكثر تضرراً من التصعيد في البحر الأحمر

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اليوم الأحد، إن مصر قد تكون الأكثر تضرراً بالتصعيد الحالي في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
العالم العربي عبور الحوض العائم «دورادو» الجمعة الماضي كأكبر وحدة عائمة تعبر قناة السويس في تاريخها (هيئة قناة السويس)

مصر: تعويض خسائر قناة السويس عبر تنويع خدماتها

تتّجه قناة السويس المصرية إلى «تنويع مصادر دخلها»، عبر التوسع في تقديم الخدمات الملاحية والبحرية للسفن المارّة بالمجرى الملاحي، في محاولة لتعويض خسائرها.

أحمد إمبابي (القاهرة)
الاقتصاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وكريستالينا غورغييفا مديرة صندوق النقد (أرشيفية - رويترز)

السيسي يدعو مديرة صندوق النقد إلى «مراعاة التحديات»

أعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن تطلع بلاده لاستكمال التعاون مع صندوق النقد الدولي، والبناء على ما تَحقَّق «بهدف تعزيز استقرار الأوضاع الاقتصادية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سفينة شحن تابعة لـ«ميرسك» تمر عبر قناة السويس المصرية العام قبل الماضي (رويترز)

«ميرسك» تستبعد عودتها قريباً لقناة السويس بسبب تهديدات البحر الأحمر

قالت «ميرسك»، الخميس، إنها لا تتوقع استئناف الإبحار عبر قناة السويس حتى عام 2025.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
الاقتصاد رئيس المنطقة الاقتصادية بقناة السويس وليد جمال الدين يشهد توقيع عقد مع مجموعة «بيرل» لإنتاج البولي يوريثان (حساب مجلس الوزراء على فيسبوك)

مصر: «اقتصادية قناة السويس» توقّع عقد مشروع لإنتاج البولي يوريثان مع «بيرل»

أعلنت الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس في مصر، توقيع عقد مع مجموعة «بيرل» بشأن مشروع لإنتاج البولي يوريثان في المنطقة الصناعية بالعين السخنة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

سكان غزة يشعرون بالخوف بعد ظهور احتمال التوصل لاتفاق بين إسرائيل و«حزب الله»

فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في قطاع غزة (رويترز)
TT

سكان غزة يشعرون بالخوف بعد ظهور احتمال التوصل لاتفاق بين إسرائيل و«حزب الله»

فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في قطاع غزة (رويترز)

منبوذون بالعراء وخائفون يترقبون، هكذا يشعر الفلسطينيون في غزة، وهم أيضاً يخشون أن تصب إسرائيل كامل قوتها العسكرية على القطاع، بعد ظهور احتمال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني، دون بارقة في الأفق تبشر بالتوصل إلى اتفاق مماثل مع حركة «حماس» في القطاع.

وبدأ «حزب الله» المدعوم من إيران في إطلاق الصواريخ على إسرائيل تضامناً مع «حماس»، بعد أن هاجمت الحركة الفلسطينية إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مما أدى إلى اندلاع حرب غزة.

وتصاعدت أعمال القتال في لبنان بشدة الشهرين الماضيين، مع تكثيف إسرائيل ضرباتها الجوية، وإرسالها قوات برية إلى جنوب لبنان، بينما واصل «حزب الله» إطلاق الصواريخ على إسرائيل.

وإسرائيل مستعدة الآن فيما يبدو للموافقة على خطة أميركية لوقف إطلاق النار مع «حزب الله»، حين تجتمع حكومتها، اليوم (الثلاثاء). كما أعرب وزير الخارجية والمغتربين اللبناني عبد الله بو حبيب عن أمله في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بحلول ليل الثلاثاء.

وتنصب الجهود الدبلوماسية على لبنان، ولذا خاب أمل الفلسطينيين في المجتمع الدولي، بعد 14 شهراً من الصراع الذي دمر قطاع غزة، وأسفر عن مقتل أكثر من 44 ألف شخص.

وقال عبد الغني، وهو أب لخمسة أطفال اكتفى بذكر اسمه الأول: «هذا يُظهِر أن غزة يتيمة، من دون أي دعم ولا رحمة من قِبَل العالم الظالم»، مضيفاً: «أنا أشعر بالغضب تجاه العالم اللي فشل في أنه يعمل حل للمشكلة في المنطقتين سوا... يمكن أنه يكون في صفقة جاية لغزة، بقول يمكن».

وسيشكل وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» دون التوصل إلى اتفاق في غزة ضربة موجعة لـ«حماس» التي تشبث قادتها بأمل أن يؤدي توسع الحرب إلى لبنان إلى الضغط على إسرائيل، للتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار. وكان «حزب الله» يصر على أنه لن يوافق على وقف إطلاق النار قبل انتهاء الحرب في غزة، ولكنه تخلى عن هذا الشرط.

وقال تامر البرعي، وهو رجل أعمال من مدينة غزة نزح عن منزله مثل أغلب سكان غزة: «إحنا خايفين؛ لأنه الجيش الآن راح يكون له مطلق الحرية في غزة، وسمعنا قيادات في الجيش الإسرائيلي بتقول إنه بعد استتباب الهدوء في لبنان، القوات الإسرائيلية راح يتم إعادتها لتواصل العمل في غزة».

وأضاف: «كان عِنَّا (لدينا) أمل كبير أنه (حزب الله) يظل صامداً حتى النهاية؛ لكن يبدو أنه ما قدروش، لبنان يتدمر والدولة بتنهار والقصف الإسرائيلي توسع لما بعد الضاحية الجنوبية».

وقد يترك الاتفاق مع لبنان بعض قادة «حزب الله» في مواقعهم، بعد أن اغتالت إسرائيل أمين عام الحزب حسن نصر الله وخليفته؛ لكن إسرائيل تعهدت بالقضاء التام على «حماس».

وقالت زكية رزق (56 عاماً) وهي أم لستة أطفال: «بيكفي، بيكفي، إحنا تعبنا، قديش كمان (كم أيضاً) لازم يموت لتوقف الحرب؟ الحرب في غزة لازم توقف، الناس عمالة بتنباد (تتعرض للإبادة) وبيتم تجويعهم وقصفهم كل يوم».