إسرائيل تسعى إلى تغيير دائم على حدودها مع لبنان

تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تسعى إلى تغيير دائم على حدودها مع لبنان

تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل إلى تحييد التهديد الذي تشكله حركة «حماس» وسط الحرب المستمرة في قطاع غزة، قال مسؤول في الجيش الإسرائيلي لمجلة «نيوزويك» إن تل أبيب تتطلع أيضاً إلى تغيير طويل المدى على جبهتها الشمالية مع «حزب الله» في لبنان.

منذ أن شن الجيش الإسرائيلي هجومه واسع النطاق على غزة في أعقاب هجوم مفاجئ غير مسبوق شنَّته «حماس» وفصائل فلسطينية أخرى في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، انخرط «حزب الله» في سلسلة متصاعدة من الاشتباكات مع القوات الإسرائيلية، مستخدماً الصواريخ والطائرات دون طيار وقذائف «الهاون» والقذائف الصاروخية وأسلحة مضادة للدبابات.

ومع اقتراب العنف على الجبهة اللبنانية من مستويات لم نشهدها منذ الحرب الأخيرة بين إسرائيل و«حزب الله» في عام 2006، قال المسؤول للمجلة: «لن نعود إلى الوضع الذي كان عليه في السادس من أكتوبر في الشمال»، مضيفاً: «هذا يعني أننا لن نسمح للمدنيين لدينا لا في غلاف غزة ولا على الحدود اللبنانية بأن يكونوا تحت هذا التهديد».

وبينما أكد المسؤول أن «تركيزنا ينصبّ على غزة»، وأن العمليات لا تزال تركز على هزيمة «حماس»، قال إن تجنيد 350 ألف جندي إضافي في الجيش الإسرائيلي والقدرات الحالية لإسرائيل، بما في ذلك قواتها الجوية، لا تزال جاهزة للرد على صراع أوسع في الشمال، أو في أي مكان بالمنطقة إذا لزم الأمر.

وتابع: «نحن مستعدون لذلك. نحن في حالة تأهب لذلك. لدينا الأشخاص والأفراد المستعدون تماماً لذلك، لكننا لا نريد أن نفعل ذلك بعد».

كانت الحدود الإسرائيلية - اللبنانية متوترة منذ تأسيس إسرائيل كدولة في عام 1948، ولم يلعب لبنان، الدولة المنقسمة بشدة على أسس طائفية، دوراً يُذكر في هذه الصراعات، لكنه وجد نفسه في طليعة الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني المستمر منذ عقود بينما كان غارقاً في حربه الأهلية التي بدأت في عام 1975.

وفي أعقاب الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، الذي تم تنفيذه رداً على الهجمات الفلسطينية المتكررة، تأسس «حزب الله» بدعم من إيران. وقد حافظت الجماعة على ترسانتها الضخمة ووسَّعتها رغم الدعوات إلى نزع السلاح في كل من اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان عام 1990، وكذلك قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، الذي تم تبنيه بعد نهاية الحرب الثانية التي استمرت شهراً بين إسرائيل و«حزب الله» عام 2006.

وقال المسؤول العسكري الإسرائيلي للمجلة إن التقديرات تشير إلى أن «حزب الله» امتلك في عام 2006 نحو 10.000 صاروخ، وبحلول عام 2019، قفز هذا الرقم إلى 100.000 صاروخ.

هذا العام، تشير التقديرات إلى أن المجموعة تمتلك 200 ألف صاروخ، بالإضافة إلى مدافع «هاون» وطائرات دون طيار وصواريخ أرض - جو وأسلحة أخرى قادرة على الوصول إلى «إسرائيل بأكملها تقريباً»، وفقاً لمسؤول الجيش الإسرائيلي.

ومن المعروف أيضاً أن «حزب الله» يمتلك مجموعة من الذخائر الموجَّهة بدقة، التي حذَّر أمينه العام حسن نصر الله من إمكانية استخدامها في حالة اندلاع حرب شاملة أخرى.

ورغم أن الوضع لم يصل بعد إلى هذه النقطة، فإن وتيرة ونطاق الاشتباكات على طول ما يسمى «الخط الأزرق» الذي يحرسه 10 آلاف جندي من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل) من 47 دولة، تصاعدت بشكل مطرد منذ 7 أكتوبر.

وبعد الاتصال بممثل عن «حزب الله» للتعليق، أحال الممثل المتصلين إلى الموقع الإعلامي الرسمي للحزب، الذي نشر تقارير عن عدد من الهجمات المختلفة التي نفذت، اليوم، على مواقع عسكرية إسرائيلية مختلفة «دعماً لشعبنا الصامد في قطاع غزة، ودعماً لشجاعته الباسلة والمقاومة المشرفة».

كما ظهرت كلمات نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، الذي دافع، أمس، عن الحملة ضد إسرائيل بوصفها في مصلحة الشعبين اللبناني والفلسطيني، كما أنها «واجب، لأن هذا العدو لا يمكن أن يفهمها إلا بلغة القوة لردعها ومنعها من تحقيق أهدافها الآن وفي المستقبل».

وقال المتحدث باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي إن قوات حفظ السلام «تشعر بقلق عميق إزاء تصاعد العنف على طول الخط الأزرق». وأضاف: «نحن على اتصال دائم مع السلطات في لبنان وإسرائيل لمحاولة خفض حدة التوتر، ونواصل حث جميع الأطراف المعنية على وقف إطلاق النار والعمل من أجل التوصل إلى حل سياسي».

وتابع: «رغم التبادل اليومي لإطلاق النار، ظل الصراع محصوراً إلى حد كبير في المناطق القريبة من الخط الأزرق، وقال الجانبان إنهما لا يبحثان عن صراع أوسع نطاقاً، مما يعني أنهما ليس لديهما الرغبة في تصعيد الأمور بشكل أكبر». وأضاف: «ومع ذلك، فإن استمرار التبادل النشط لإطلاق النار يفتح احتمالاً حقيقياً للغاية بحدوث خطأ في الحسابات... هذا مصدر قلق حقيقي لنا، ولهذا السبب من المهم وقف تبادل إطلاق النار الآن».

وأبلغت «اليونيفيل» عن عدة هجمات أصابت مواقعها، فضلاً عن إصابة بعض أفراد قواتها. وتم إلقاء اللوم على إسرائيل في واحدة على الأقل من هذه الحوادث. كما أبلغ الجيش اللبناني الأسبوع الماضي عن أول وفاة لأحد جنوده نتيجة الضربات الإسرائيلية.

ومع خطر انتشار الصراع بين دولتين ليس لهما علاقات رسمية وتعيشان في حالة حرب دائمة، أكد تيننتي دعم «اليونيفيل» لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، الذي قال إنه «تحت الضغط، لكنه الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى» لأن «مبادئه المتعلقة بالأمن والاستقرار والتوصل إلى حل طويل الأمد لا تزال سارية حتى اليوم».

ودعا مسؤول الجيش الإسرائيلي إلى تنفيذ هذا القرار، مؤكداً «أننا بحاجة إلى رؤية أن تلك المنطقة التي يمكن أن تكون نقطة انطلاق لاحتلال الجليل تبدو مختلفة للغاية عندما نعيد مدنيينا إلى هناك».

وتم إجلاء نحو 200 ألف شخص من البلدات الإسرائيلية القريبة من غزة ولبنان، بما في ذلك منطقة الجليل الشمالية في إسرائيل. وبينما يواصل الجيش الإسرائيلي حربه التي أدَّت أيضاً إلى نزوح كثير من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، بالإضافة إلى عشرات الآلاف في جنوب لبنان، أصدر مسؤول الجيش الإسرائيلي نداءً للحصول على دعم عالمي.

وقال المسؤول في الجيش الإسرائيلي: «كيف سنصل إلى هذا الهدف؟ هناك خطوات يجب اتخاذها لصالح الجميع». وتساءل: «كيف سيواجه المجتمع الدولي ذلك؟ كيف ستواجه دولة لبنان ذلك؟ كيف ستواجه قوات (اليونيفيل) ذلك؟».


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي: اعتقال نحو 100 من «حماس» في مستشفى بشمال غزة

المشرق العربي الجيش الإسرائيلي اعتقل نحو 100 من المشتبه في انتمائهم لـ«حماس» خلال مداهمة لـ«مستشفى كمال عدوان» في غزة (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي: اعتقال نحو 100 من «حماس» في مستشفى بشمال غزة

قال الجيش الإسرائيلي اليوم (الاثنين) إن جنوده اعتقلوا نحو 100 من المشتبه في انتمائهم لحركة «حماس» خلال مداهمة لـ«مستشفى كمال عدوان» في غزة.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي آثار الدمار في موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية شمسطار في سهل البقاع الشرقي بلبنان (أ.ف.ب)

«حزب الله» يعلن استهداف جنود إسرائيليين قرب بلدة حدودية جنوب لبنان

أعلن «حزب الله» اليوم الاثنين استهداف جنود إسرائيليين قرب بلدة حدودية في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي سيارة مدمرة في حاصبيا بجنوب لبنان تحمل شعار «صحافة» بعد قصف إسرائيلي طال مقر إقامة صحافيين (د.ب.أ)

لبنان يقدم شكوى لمجلس الأمن بشأن اعتداءات إسرائيل على الصحافيين

أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية أنها قدمت شكوى إلى مجلس الأمن بشأن الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت صحافيين ومنشآت إعلامية في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جندي إسرائيلي يوجه بندقيته خلال مداهمة إسرائيلية في طولكرم شمال الضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

بينهم أشقاء... القوات الإسرائيلية تعتقل 12 فلسطينياً من الضفة الغربية

اعتقلت القوات الإسرائيلية، منذ مساء أمس حتى صباح اليوم الاثنين، 12 فلسطينياً، على الأقل، من الضفة، بينهم أشقاء.

«الشرق الأوسط» (رام الله )
شؤون إقليمية موظف بـ«أونروا» يتفقّد مدرسة مدمّرة تابعة للأمم المتحدة في أعقاب غارة جوية على مخيم النصيرات للاجئين الشهر الماضي (إ.ب.أ)

الكنيست الإسرائيلي يصوّت على مشروعيْ قانونين لتقييد «الأونروا»

من المقرر أن يصوّت البرلمان الإسرائيلي، اليوم الاثنين، على مشروعيْ قانونين مثيرين للجدل، من شأنهما أن يتسببا في فرض قيود هائلة على وكالة «الأونروا».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب )

البحر يلفظ 15 جثة على سواحل تونس الشرقية

مهاجرون اعتُرض قاربهم من طرف خفر السواحل التونسي (أرشيفية - أ.ف.ب)
مهاجرون اعتُرض قاربهم من طرف خفر السواحل التونسي (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

البحر يلفظ 15 جثة على سواحل تونس الشرقية

مهاجرون اعتُرض قاربهم من طرف خفر السواحل التونسي (أرشيفية - أ.ف.ب)
مهاجرون اعتُرض قاربهم من طرف خفر السواحل التونسي (أرشيفية - أ.ف.ب)

انتشل خفر السواحل التونسي نهاية الأسبوع 15 جثة لفظها البحر على شواطئ محافظة المهدية في شرق تونس التي تشهد عمليات هجرة غير نظامية كثيرة، على ما أفاد به متحدث قضائي «وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم (الاثنين).

وأوضح المتحدث الرسمي باسم محكمة المهدية والمستير، فريد بن جحا: «انتُشلت الجثث السبت والأحد، وأُخذت عينات منها للتعرف عليها؛ لأنها متآكلة».

وفُتح بحث قضائي لتحديد جنسيات أصحاب الجثث؛ «لأنه لا يمكن التعرف عليها نظراً إلى أنها متآكلة جداً، ومجهولة المعالم»، وفقاً لفريد بن جحا.

تعدّ تونس إلى جانب ليبيا نقطتَي الانطلاق الرئيسيتين في شمال أفريقيا للمهاجرين الساعين إلى عبور البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا.

ولقي 12 مهاجراً تونسياً حتفهم في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي، وأُنقذ 29 آخرون إثر غرق مركب كان يقلهم قبالة جزيرة جربة جنوب شرقي تونس.

ويبعد أقرب السواحل الإيطالية نحو 150 كيلومتراً عن سواحل تونس.

وكان قضى وفُقد أكثر من 1300 مهاجر خلال عام 2023 في غرق قوارب قبالة الساحل التونسي، وفق «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية».

ومنذ مطلع العام حتى منتصف مايو (أيار) الماضي، غرق 103 قوارب هجرة وفق وزارة الداخلية التونسية. وخلال الأشهر الأربعة الأولى من العام، قال الحرس الوطني إنه «اعترض أو أنقذ» 21545 مهاجراً، بزيادة تناهز 22.5 في المائة على أساس سنوي.

ووفق آخر الأرقام الصادرة عن «المنظمة الدولية للهجرة»، وخلال السنوات العشر الماضية، لقي أكثر من 30 ألف مهاجر حتفهم في البحر الأبيض المتوسط؛ أكثر من 3 آلاف منهم خلال العام الماضي فقط.

وقال وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو بيانتيدوسي، في نهاية سبتمبر الماضي على منصة «إكس»، إن تونس «منعت منذ بداية العام خروج أكثر من 61 ألف مهاجر كانوا يريدون الوصول إلى الشواطئ الأوروبية».

وتبين إحصاءات منظمة «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» غير الحكومية أن 400 شخص على الأقل لقوا حتفهم أو فُقدوا قبالة السواحل التونسية منذ يناير (كانون الثاني) حتى يونيو (حزيران) من العام الحالي.