باريس تبحث عن آلية لتنفيذ القرار «1701» في جنوب لبنان

وزيرة الخارجية والرئيس الفرنسي تباعاً في بيروت

الرئيس إيمانويل ماكرون الأربعاء متحدثاً إلى الصحافة في باحة قصر الإليزيه وإلى جانبه رئيس وزراء سلوفينيا (إ.ب.أ)
الرئيس إيمانويل ماكرون الأربعاء متحدثاً إلى الصحافة في باحة قصر الإليزيه وإلى جانبه رئيس وزراء سلوفينيا (إ.ب.أ)
TT

باريس تبحث عن آلية لتنفيذ القرار «1701» في جنوب لبنان

الرئيس إيمانويل ماكرون الأربعاء متحدثاً إلى الصحافة في باحة قصر الإليزيه وإلى جانبه رئيس وزراء سلوفينيا (إ.ب.أ)
الرئيس إيمانويل ماكرون الأربعاء متحدثاً إلى الصحافة في باحة قصر الإليزيه وإلى جانبه رئيس وزراء سلوفينيا (إ.ب.أ)

ترى مصادر دبلوماسية أوروبية في باريس أنه منذ اندلاع حرب غزة، انصب التركيز الغربي، إلى جانب التأكيد على دعم إسرائيل و«حقها المشروع في الدفاع عن النفس»، على منع تمددها إلى جبهات أخرى خصوصاً إلى الجبهة اللبنانية.

وتكاثرت التحذيرات من الانزلاق إلى حرب واسعة وهو ما سعت إليه واشنطن من خلال إرسال حاملتي طائرات وغواصة ومجموعة من القطع الحربية المصاحبة إلى مياه المتوسط قبالة الشاطئين الإسرائيلي واللبناني، الأمر الذي عد بمثابة رسالة ردع لـ«حزب الله». والأرجح أن الحرص الغربي لم يكن مصدره الخوف على لبنان الغارق في أزمات متعددة بل الحؤول دون تشتيت القوات الإسرائيلية وإجبارها على المحاربة على جبهتين. لكن التحشيد العسكري والتحذيرات السياسية والدبلوماسية لم تحل دون «اشتعال جزئي» ويومي للجبهة المذكورة، ولكن ضمن «قواعد الاشتباك» المعمول بها بين الجيش الإسرائيلي و«حزب الله».

بيد أن ارتفاع وتيرة المناوشات دفع الولايات المتحدة وخصوصا فرنسا إلى مضاعفة الجهود التي ركزت على سحب فتيل التصعيد العسكري من خلال التنفيذ الكامل لمضمون القرار الدولي رقم «1701» الصادر في أغسطس (آب) عام 2006، وتحديدا البند الثامن منه. وينص على إخلاء المنطقة الممتدة من الحدود وحتى نهر الليطاني من الأسلحة والمسلحين باستثناء الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل. ومارست إسرائيل ضغوطا كبرى على لسان كبار مسؤوليها ومنهم وزير الدفاع يوآف غالانت الذي وعد بدفع قوات «حزب الله» خارج المنطقة المذكورة دبلوماسيا إذا توافر ذلك وبالقوة في حال عدم توافره.

والحال أن الحزب يربط احتفاظه بسلاحه وقواته، رسميا، بتواصل احتلال إسرائيل لأراض لبنانية (كفرشوبا ومزارع شبعا وشمال بلدة الغجر)، وتصحيح النقاط الحدودية الخلافية الـ13 في الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة. من هنا، فإن المقاربة الأميركية - الفرنسية، وفق المصادر المشار إليها، ترى أن تخطي مخاطر التفجير يمر عبر إيجاد آلية مناسبة لتنفيذ واحترام القرار «1701» الذي هو مسؤولية الطرفين، إسرائيل و«حزب الله»، ومن خلال الجهود الدبلوماسية وعبر سحب حجج الحزب ووقف الانتهاكات الإسرائيلية للقرار المذكور. وسبق لوزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب أن أكد أن إسرائيل انتهكت 30 ألف مرة القرار «1701» منذ عام 2006.

وفي هذا السياق، تبرز المحاولات التي تقوم بها فرنسا التي بدأت بإرسال وزيرة الخارجية كاترين كولونا إلى لبنان في 16 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حاملة رسائل التحذير الإسرائيلية، ثم كرت السبحة بوصول جان إيف لودريان، الممثل الخاص للرئيس ماكرون إلى بيروت ليتبعه وزير الدفاع سيباستيان لوكورنو الذي لم يكد يركب الطائرة عائدا إلى باريس ليحط في العاصمة اللبنانية برنار إيميه، السفير السابق لدى لبنان ومدير المخابرات الخارجية الفرنسية. وآخر من زار لبنان الأسبوع الماضي وفد دبلوماسي - دفاعي مشترك برئاسة فريدريك موندوليني، المدير العام للشؤون السياسية والأمنية في وزارة الخارجية الذي وصل ووفده إلى بيروت قادمين من زيارة لإسرائيل. وخلال مشاركة الرئيس إيمانويل ماكرون بقمة المناخ «كوب 28» في دبي، التقى رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي وكان الملف الحدودي مع إسرائيل على رأس المواضيع التي تمت مناقشتها.

وتؤكد مصادر مطلعة في باريس أن هناك تنسيقا فرنسيا - أميركيا للغاية نفسها. إلا أن باريس تبدو أكثر انخراطا في الجهود الدبلوماسية من غير أن تكون الأكثر قدرة على التأثير على الأطراف المعنية. ومع زيارة الوزيرة كولونا إلى بيروت نهاية الأسبوع الحالي ثم الزيارة التي باتت شبه مؤكدة للرئيس الفرنسي للبنان يومي 21 و22 الحالي، بحجة لقاء الكتيبة الفرنسية العاملة في إطار «اليونيفيل» (القوة الدولية في جنوب لبنان) تكون الدبلوماسية الفرنسية قد ارتقت في مستوى التواصل وسرعت وتيرته. وكان لافتا مساء الثلاثاء التعميم الصادر إلى الصحافة عن قصر الإليزيه الذي أشار إلى زيارة ماكرون إلى جهة لم يحددها، منبها الصحافيين إلى ضرورة أن يقدموا، للحصول على تأشيرات، جوازات سفر خالية من ختم إسرائيلي، ما دل بقوة على أن وجهة ماكرون ستكون إلى لبنان وهو ما أكدته مصادر مستقلة لـ«الشرق الأوسط». والمعروف أن لبنان ما زال، رسميا، في حالة حرب مع إسرائيل ويمنع دخول أراضيه لمن زار إسرائيل.

السؤال المطروح بخصوص زيارة ماكرون يتناول الجديد الذي يحمله في جعبته لـ«المغامرة» بالذهاب إلى بلد تسبب له بكثير من الخيبات في السنوات الثلاث الأخيرة. وترى المصادر الدبلوماسية الأوروبية أن ما هو ثابت رغبة باريس في القيام بوساطة في ملف تعتقد أن لديها القدرة للتأثير فيه بعكس الحرب الدائرة في غزة. وما أصبح متعارفا عليه اليوم أن المطالبة بتعديل نص القرار «1701» قد سقطت، وأن المطلوب اليوم تنفيذه كما هو. كذلك يبدو، بوصفه ضربا من السراب، العمل على تسوية ملف الحدود اللبنانية - الإسرائيلية بعيدا عما ستؤول إليه الحرب الدائرة في غزة بسبب ما يمكن تسميته «ترابط الجبهتين». رغم الأفكار التي تكون باريس قد بلورتها ومنها زيادة عديد قوة «اليونيفيل» والخطوات المتبادلة المطلوبة من الدولة اللبنانية و«حزب الله» وإسرائيل وصورة «الآلية» التي يمكن اعتمادها ومنها وضع القرى والأراضي التي يطالب لبنان باستعادتها تحت رعاية دولية مؤقتة حتى البت بمصيرها إلى جانب طروحات أخرى غير مؤكدة، إلا أن وضعها موضع التنفيذ يحتاج لوساطة أكبر من قدرة فرنسا.

ويرى كثيرون أنه من الصعب إخراج إيران من الصورة وبالتالي يتعين التواصل معها. كذلك تطالب إسرائيل بـ«ضمانات» سابقة على قبولها بـ«تنازلات» ميدانية ولا تبدو فرنسا في وضع القادر على تقديمها. فضلا عن ذلك، يصعب تصور اتفاق لا يحظى بغطاء ودعم أميركيين. وسبق لمستشار الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة أموس هوكشتاين مهندس اتفاق رسم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل أن عرض خدماته بخجل وزار بيروت لهذا الغرض الشهر الماضي. إلا أن جهوده لم تتواصل.

وما هو ثابت اليوم أن باريس وواشنطن ومعها العواصم الأوروبية تريد تغليب المسار الدبلوماسي وهو ما يريده لبنان وقسم من السلطات الإسرائيلية فيما القسم الآخر وتحديدا جنرالات الجيش يرون أن الحرب مع «حزب الله» ستقع إن لم تكن اليوم فغدا. من هنا، فإن الدور الذي تريد باريس أن تلعبه يمكن أن يكون مفيدا، وإن لم يكن كافيا لأنه يمكن أن يساعد على توضيح صورة الحل والعقبات التي يتوقف عندها بانتظار انخراط أوسع للأطراف المؤثرة، وهو ما يرتبط مباشرة بما سترسو عليه حرب غزة.



البحر يلفظ 15 جثة على سواحل تونس الشرقية

مهاجرون اعتُرض قاربهم من طرف خفر السواحل التونسي (أرشيفية - أ.ف.ب)
مهاجرون اعتُرض قاربهم من طرف خفر السواحل التونسي (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

البحر يلفظ 15 جثة على سواحل تونس الشرقية

مهاجرون اعتُرض قاربهم من طرف خفر السواحل التونسي (أرشيفية - أ.ف.ب)
مهاجرون اعتُرض قاربهم من طرف خفر السواحل التونسي (أرشيفية - أ.ف.ب)

انتشل خفر السواحل التونسي نهاية الأسبوع 15 جثة لفظها البحر على شواطئ محافظة المهدية في شرق تونس التي تشهد عمليات هجرة غير نظامية كثيرة، على ما أفاد به متحدث قضائي «وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم (الاثنين).

وأوضح المتحدث الرسمي باسم محكمة المهدية والمستير، فريد بن جحا: «انتُشلت الجثث السبت والأحد، وأُخذت عينات منها للتعرف عليها؛ لأنها متآكلة».

وفُتح بحث قضائي لتحديد جنسيات أصحاب الجثث؛ «لأنه لا يمكن التعرف عليها نظراً إلى أنها متآكلة جداً، ومجهولة المعالم»، وفقاً لفريد بن جحا.

تعدّ تونس إلى جانب ليبيا نقطتَي الانطلاق الرئيسيتين في شمال أفريقيا للمهاجرين الساعين إلى عبور البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا.

ولقي 12 مهاجراً تونسياً حتفهم في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي، وأُنقذ 29 آخرون إثر غرق مركب كان يقلهم قبالة جزيرة جربة جنوب شرقي تونس.

ويبعد أقرب السواحل الإيطالية نحو 150 كيلومتراً عن سواحل تونس.

وكان قضى وفُقد أكثر من 1300 مهاجر خلال عام 2023 في غرق قوارب قبالة الساحل التونسي، وفق «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية».

ومنذ مطلع العام حتى منتصف مايو (أيار) الماضي، غرق 103 قوارب هجرة وفق وزارة الداخلية التونسية. وخلال الأشهر الأربعة الأولى من العام، قال الحرس الوطني إنه «اعترض أو أنقذ» 21545 مهاجراً، بزيادة تناهز 22.5 في المائة على أساس سنوي.

ووفق آخر الأرقام الصادرة عن «المنظمة الدولية للهجرة»، وخلال السنوات العشر الماضية، لقي أكثر من 30 ألف مهاجر حتفهم في البحر الأبيض المتوسط؛ أكثر من 3 آلاف منهم خلال العام الماضي فقط.

وقال وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو بيانتيدوسي، في نهاية سبتمبر الماضي على منصة «إكس»، إن تونس «منعت منذ بداية العام خروج أكثر من 61 ألف مهاجر كانوا يريدون الوصول إلى الشواطئ الأوروبية».

وتبين إحصاءات منظمة «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» غير الحكومية أن 400 شخص على الأقل لقوا حتفهم أو فُقدوا قبالة السواحل التونسية منذ يناير (كانون الثاني) حتى يونيو (حزيران) من العام الحالي.