السوداني ينجح في تحييد قواعد الاشتباك بين واشنطن والفصائل العراقية المسلحة

وصفه أعمالها بالإرهابية أكسبه قوةً داخلية ورضاً خارجي

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (رويترز)
TT

السوداني ينجح في تحييد قواعد الاشتباك بين واشنطن والفصائل العراقية المسلحة

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (رويترز)

حسم رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني العلاقة الملتبسة بين الحكومات العراقية المتعاقبة وبين الفصائل المسلحة التي ترتبط بعضها بعلاقات تحالفية مع إيران. فالوصف الذي أطلقه على عمليات القصف بالصواريخ والطائرات المسيرة التي استهدفت المواقع التي يوجد فيها الأميركان وفي مقدمتها السفارة الأميركية داخل المنطقة الخضراء بـ«الأعمال الإرهابية» وضع حدا حاسما لهذا الالتباس.

فعلى عهد كل الحكومات السابقة كانت قواعد الاشتباك بين الولايات المتحدة الأميركية والفصائل المسلحة يستند على فكرة الرفض الكامل من قبل هذه الفصائل للوجود الأميركي في العراق بوصفه احتلالا رغم توقيع (اتفاقية الإطار الاستراتيجي) بين بغداد وواشنطن عام 2008 تنظم العلاقة بين الطرفين.

جنود أميركيون يتحلقون حول قذيفة صاروخية قرب قاعدة عسكرية غرب العراق (أرشيفية - رويترز)

وبينما كانت تتحدد العلاقة بين الطرفين في سياق العلاقة الكلية بين الولايات المتحدة وإيران، حيث أصبحت الأرض العراقية ساحة لتصفية الحسابات بين الطرفين، لكنها كانت محكومة بقواعد اشتباك تحددها قرب تلك الفصائل مع الحكومة ورئيس الوزراء تحديدا أو بعدها عنه.

وحتى حين أقدمت واشنطن على ما عدته كل الأطراف والجهات سواء كانت داخلية أم خارجية أقوى ضربة للنفوذ الإيراني في العراق حين قامت باغتيال قائد فيلق القدس في «الحرس الثوري الإيراني» قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس قرب مطار بغداد أوائل عام 2020 على أواخر عهد رئيس الوزراء آنذاك عادل عبد المهدي فإن قواعد الاشتباك بقيت ملتبسة. بل زادت التباسا بعد تسلم مصطفى الكاظمي رئاسة الحكومة العراقية، حيث بدأت حرب مفتوحة بين أميركا وكثير من تلك الفصائل المسلحة من جهة وبينها وبين الكاظمي نفسه من جهة أخرى بلغت حد استهدافه شخصيا حين قامت بقصف منزله داخل المنطقة الخضراء، الأمر الذي أدى إلى إصابته بجروح مثلما أظهرته صورة شهيرة عندما ظهر في إحدى اللقطات وهو «مشدود» اليد بضمادة دلالة على جرحه جراء القصف.

ومع كل تلك الحرب المفتوحة بينه وبين الفصائل المسلحة والتي بلغت حد التظاهر ضده داخل المنطقة الخضراء دون أن تواجهها القوات الماسكة للأرض في المنطقة وهي فرقة عسكرية خاصة تأتمر بأمر رئيس الوزراء بوصفه القائد العام للقوات المسلحة، لكنه لم يجرؤ على إطلاق عبارة «الأعمال الإرهابية» على ما تقوم به من عمليات، حيث كانت السفارة الأميركية هدفا مفتوحا لهجمات شبه يومية بالصواريخ والمدفعية.

من الإطار وإليه

بعد فشل التحالف الثلاثي الذي شكله زعيم التيار الصدري «إنقاذ وطن» في تشكيل حكومة لا شرقية ولا غربية مثلما أطلق عليها أكسب قوى الإطار التنسيقي الشيعي قوة إضافية جعلها تنجح في الحكومة الحالية التي يترأسها محمد شياع السوداني.

فبعد ظهور نتائج انتخابات 2021 وفوز التيار الصدري بالمرتبة الأولى (73 مقعدا)، قرر الصدر تشكيل حكومة أغلبية وطنية عبر تحالفه مع حزب «التقدم» السني بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي والحزب «الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني.

لكن الثلث المعطل الذي نجحت قوى الإطار التنسيقي التي تضم خصوم الصدر من القوى الشيعية (ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وبدر بزعامة هادي العامري، والعصائب بزعامة قيس الخزعلي، والنصر بزعامة حيدر العبادي، والحكمة بزعامة عمار الحكيم وغيره) في تشكيله عبر التحالف مع السنة والكرد الذين بقوا خارج التحالف الثلاثي حال دون تحقيق طموح الصدر.

جراء ذلك وبعد انسحاب الصدر من البرلمان والعملية السياسية تشكلت حكومة السوداني بوصفه مرشح الإطار التنسيقي، والتي جرى دعمها من قبل ائتلاف برلماني كبير هو ائتلاف إدارة الدولة.

ومع أن العلاقة استمرت طبيعية بين رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني والفصائل المسلحة من منطلق أنها قريبة من الحكومة وهو ما أدى إلى حصول هدنة طويلة استمرت سنة تقريبا فإن حرب غزة أحدثت فرزا في المواقف والتوجهات تم خلاله خرق الهدنة لأكثر من مرة من قبل بعض تلك الفصائل.

السوداني بوصفه رئيسا للوزراء وقائدا عاما للقوات المسلحة حاول فرض مساحة للمناورة بين موقف الحكومة العراقية الذي بدا قويا من حرب غزة لجهة باتجاه دعم «حركة حماس» وبين ما قامت به الفصائل من عمليات مسلحة هنا وهناك. وكانت أول سمات فرض تلك المساحة أن كثيراً من الفصائل المسلحة التي أسهمت في تشكيل الحكومة والتي لديها تمثيل برلماني وحكومي، وأبرزها «بدر» بزعامة هادي العامري، و«العصائب» بزعامة قيس الخزعلي بقي موقفها مؤيداً ومنسجماً مع موقف الحكومة وإجراءات السوداني.

«الصاروخ» الذي قصم ظهر البعير

وبينما اختلف موقف الفصائل الأخرى وفي المقدمة منها «النجباء» و«كتائب حزب الله العراقي» التي استمرت في قصف القواعد التي يوجد فيها الأميركان في قاعدة «عين الأسد» في محافظة الأنبار غرب العراق، و«حرير» في أربيل بإقليم كردستان، فإن الصاروخ الذي قصم ظهر العلاقة بين السوداني والفصائل المسلحة التي لم تلتزم بموقف الحكومة هو القصف الذي طال السفارة الأميركية. فالموقف هنا اختلف والإجراءات اللاحقة له.

جندي أميركي يقف في قاعدة عسكرية تؤوي قوات أميركية في العراق (أرشيفية - رويترز)

واشنطن عبرت عن غضبها حيال ذلك، علما أن بغداد كانت تقول لها دائما إن حماية البعثات الدبلوماسية من مسؤوليتها.

وفيما بدا أن هناك خلافا واضحا وربما يبدو حادا بين بغداد وواشنطن، فإن إطلاق السوداني في بيان رسمي وصف «الأعمال الإرهابية» على ما قامت به الفصائل غيّر قواعد الاشتباك تماما، وأدى إلى حصول خلاف آخر بين تلك الفصائل حين أعلن فصيل «الوعد الصادق» رفضه استهداف البعثات الدبلوماسية.

وبهذا الموقف تكون شقة الخلاف داخل تلك الفصائل اتسعت لا سيما أن السوداني حصل على تأييد داخلي واسع النطاق، فضلا عن رضا خارجي تمثل في موقف مغاير عبرت عنه الحكومة الأميركية حين أيدت تلك الإجراءات التي قام بها السوداني ونجح في فرضها برغم استمرار الخلافات.



الأحداث الكبرى خلال 15 شهراً من الحرب في قطاع غزة (تسلسل زمني)

فلسطينيون فرحون بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون فرحون بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة (أ.ب)
TT

الأحداث الكبرى خلال 15 شهراً من الحرب في قطاع غزة (تسلسل زمني)

فلسطينيون فرحون بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون فرحون بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة (أ.ب)

قال مسؤول مطلع على المفاوضات لوكالة «رويترز»، اليوم (الأربعاء)، إن إسرائيل وحركة «حماس» اتفقتا على وقف القتال في غزة وتبادل الرهائن الإسرائيليين بسجناء فلسطينيين، مما يمهد الطريق أمام نهاية محتملة للحرب المدمرة المستمرة منذ 15 شهراً.

وتخوض إسرائيل و«حماس» حرباً في غزة منذ هجوم للحركة الفلسطينية على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) تقول إحصاءات إسرائيلية إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وردت إسرائيل بحملة عسكرية قال مسؤولون طبيون فلسطينيون في القطاع إنها قتلت أكثر من 46 ألف فلسطيني ويخشى أنها طمرت الآلاف تحت الأنقاض.

وفيما يلي تسلسل زمني للحرب:

* السابع من أكتوبر 2023: اقتحم مسلحون من «حماس» جنوب إسرائيل وهاجموا بلدات. وبدأت غارات جوية إسرائيلية مكثفة على قطاع غزة إلى جانب حصار كامل للقطاع الساحلي.

* الثامن من أكتوبر: «حزب الله» اللبناني يهاجم إسرائيل، قائلاً إنه يستهدف دعم الفلسطينيين في غزة، مما أدى إلى استمرار أعمال القتال.

* 13 أكتوبر: إسرائيل تطلب من سكان مدينة غزة التي يعيش فيها أكثر من مليون نسمة الإخلاء والتحرك جنوباً ليبدأ بذلك نزوح لكل سكان قطاع غزة تقريباً.

* 19 أكتوبر: سفينة حربية تابعة للبحرية الأميركية تعترض صواريخ وطائرات مسيّرة أُطلقت من اليمن فوق البحر الأحمر صوب إسرائيل. وتواصل جماعة الحوثي اليمنية، المتحالفة مع إيران مثل «حماس»، شن هجمات متفرقة طويلة المدى على إسرائيل وعلى حركة الشحن في البحر الأحمر.

* 21 أكتوبر: السماح لشاحنات المساعدات بالعبور من معبر رفح الحدودي من مصر إلى غزة بعد خلافات دبلوماسية لعدة أيام. ولم يكن هذا سوى نزر يسير مما تحتاج إليه غزة، حيث ينفد الغذاء والمياه والدواء والوقود. وعلى مدار الأشهر التالية، تتفاقم الأزمة الإنسانية مع مطالبة منظمات الإغاثة والحكومات الغربية إسرائيل ببذل مزيد من الجهود للسماح بدخول المساعدات.

* 27 أكتوبر: إسرائيل تشن هجومها البري في غزة.

* 15 نوفمبر (تشرين الثاني): اقتحمت القوات الإسرائيلية مستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في غزة، بعد حصار دام بضعة أيام. وفي غضون بضعة أسابيع، خرجت جميع المستشفيات التي تخدم النصف الشمالي من غزة عن الخدمة.

* 21 نوفمبر: إسرائيل و«حماس» تعلنان هدنة لمدة سبعة أيام وإطلاق سراح نحو نصف الرهائن، لكن الحرب استؤنفت في الأول من ديسمبر (كانون الأول).

* الرابع من ديسمبر: بعد أيام من انتهاء الهدنة، شنت القوات الإسرائيلية أول هجوم بري كبير لها في جنوب قطاع غزة، على مشارف خان يونس، المدينة الجنوبية الرئيسية.

* بدءاً من أول يناير (كانون الثاني) 2024: تشير إسرائيل إلى أنها ستبدأ في سحب قواتها من الأجزاء الشمالية من غزة، ولكن بعد أشهر بدأت تقاتل المسلحين مرة أخرى في المناطق نفسها.

* 26 يناير: محكمة العدل الدولية في لاهاي تأمر إسرائيل بمنع أعمال الإبادة الجماعية، في قضية رفعتها جنوب أفريقيا.

* 29 فبراير (شباط): مقتل أكثر من 100 من سكان غزة كانوا يقفون في طوابير للحصول على المساعدات في وجود القوات الإسرائيلية التي فتحت النار في واحدة من أكثر الوقائع دموية في أثناء الحرب.

* السابع من مارس (آذار): في مواجهة الضغوط السياسية بسبب الجوع في غزة، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن عن البدء في العمل على بناء رصيف عائم لتوصيل المساعدات. وسيقام الرصيف في مايو (أيار)، لكنه لن يستمر إلا حتى يوليو (تموز)، وستظل الإمدادات محدودة جداً.

* أول أبريل (نيسان): مجمع السفارة الإيرانية في دمشق يتعرض لهجوم جوي يشتبه في أنه إسرائيلي ويسفر عن مقتل عدد من الضباط من بينهم جنرال بارز. وردت طهران بعد أسبوعين بإطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة على إسرائيل.

* السادس من مايو: «حماس» تقول إنها قبلت مقترحاً لوقف إطلاق النار، لكن إسرائيل قالت إنها لم توافق على هذا النص. وإسرائيل تأمر الفلسطينيين بإخلاء أجزاء من رفح بعد سيطرة قواتها على منطقة عازلة على طول الحدود بين غزة ومصر، مما يمنح إسرائيل سلطة فعلية على كامل الحدود البرية للأرض الفلسطينية.

* 23 يونيو (حزيران): نتنياهو يقول إن مرحلة القتال العنيف ضد «حماس» في غزة تقترب من نهايتها، لكن الحرب لن تنتهي إلا بعد أن تفقد «حماس» سيطرتها على القطاع. ومع ذلك، استمرت جولات القتال العنيف في مختلف أنحاء غزة لعدة أشهر أخرى.

* 25 يونيو: التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي وهو مرصد عالمي للجوع يقول إن غزة ما زالت معرضة لخطر المجاعة بدرجة كبيرة.

* الثاني من يوليو: إسرائيل تعلن عن أوامر إخلاء جديدة لمدينتي خان يونس ورفح في الجنوب، وهو ما وصفته الأمم المتحدة بأنه أكبر أمر إخلاء منذ بداية الحرب.

* 27 يوليو: صاروخ أطلقه «حزب الله» يقتل مجموعة من 12 طفلاً ومراهقاً في هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل، مما دفع إسرائيل إلى التعهد بالرد.

* أول أغسطس (آب): الجيش الإسرائيلي يعلن قتله محمد دياب إبراهيم المصري المعروف باسم محمد الضيف، القائد العسكري لـ«حماس»، في ضربة جوية في 13 يوليو. ولم تؤكد «حماس» أو تنف وفاة الضيف. وقال مسؤولون فلسطينيون إن الغارة أسفرت عن مقتل 90 شخصاً.

* 23 أغسطس: منظمة الصحة العالمية تعلن تأكيد أول إصابة بشلل الأطفال من النوع الثاني في غزة منذ 25 عاماً، مما أدى إلى إصابة طفل بالشلل.

* 17 سبتمبر (أيلول): إسرائيل تفجر آلافاً من أجهزة اتصال لاسلكية (بيجر) مفخخة كان يستخدمها أعضاء من «حزب الله» في لبنان، مما أدى إلى إصابة المئات.

* 28 سبتمبر: ضربة جوية إسرائيلية على بيروت تقتل حسن نصر الله، الأمين العام لـ«حزب الله»، ضمن عدد من الضربات التي استهدفت القيادة العليا للجماعة.

* الخامس من أكتوبر: القوات الإسرائيلية تدشن عملية كبيرة ضد «حماس» في شمال غزة ركزت على مخيم جباليا للاجئين بالقرب من مدينة غزة وبلدتي بيت حانون وبيت لاهيا. واستمرت العملية حتى عام 2025. وأخليت معظم المنطقة المحيطة من السكان وتم هدمها.

* 16 أكتوبر: إسرائيل تقتل زعيم «حماس» يحيى السنوار في تبادل لإطلاق النار في رفح.

* 21 نوفمبر (تشرين الثاني): المحكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، ومحمد الضيف، لاتهامهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حرب غزة.

* 27 نوفمبر: إسرائيل و«حزب الله» يتفقان على وقف إطلاق النار في لبنان. وفي اليوم نفسه، شنت قوات المعارضة في سوريا هجوماً أطاح سريعاً بالرئيس بشار الأسد، الحليف الرئيسي لـ«حزب الله» وداعمه الإيراني.

* الثاني من ديسمبر: الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يقول إن الشرق الأوسط سيشهد عواقب وخيمة إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن في غزة قبل تنصيبه في 20 يناير. وباستخدام لغة مماثلة، كرر ترمب المطلب في 16 ديسمبر والسابع من يناير.

* 15 يناير: أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في حرب غزة بين إسرائيل و«حماس»،بعد 15 شهراً من الصراع الذي أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وأثار التوتر في الشرق الأوسط.