مصر تحمّل «العراقيل الإسرائيلية» مسؤولية تباطؤ المساعدات إلى غزة

اتصالات بين القاهرة وواشنطن لفتح معبر «كرم أبو سالم»

شاحنة مساعدات تمر عائدة عبر معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر (إ.ب.أ)
شاحنة مساعدات تمر عائدة عبر معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر (إ.ب.أ)
TT

مصر تحمّل «العراقيل الإسرائيلية» مسؤولية تباطؤ المساعدات إلى غزة

شاحنة مساعدات تمر عائدة عبر معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر (إ.ب.أ)
شاحنة مساعدات تمر عائدة عبر معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر (إ.ب.أ)

جددت مصر دعوتها إلى ضرورة إزالة العوائق التي تحول دون نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ للقطاع وبصورة مستدامة، فيما يشهد معبر «رفح» البري تكدسا للشاحنات نتيجة بطء حركة عمليات فحص الشاحنات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في معبر نيتسانا المواجه لمعبر العوجة المصري (على بعد 40 كيلومترا جنوبي رفح).

وأكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، الذي يزور واشنطن، ضرورة تكثيف الجهود الدولية من أجل التوصل إلى وقف كامل ومستدام لإطلاق النار حمايةً لأرواح المدنيين، وإزالة العوائق التي تحول دون نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ للقطاع وبصورة مستدامة، بحسب بيان للخارجية المصرية.

وكشف مصدر مطلع أن اتصالات مصرية - أميركية مكثفة تجرى حاليا، وتستهدف الدفع باتجاه الحد من تأثير «العراقيل الإسرائيلية» التي تؤدي إلى تباطؤ عملية دخول شاحنات المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، خاصة بعد انهيار الهدنة الإنسانية في القطاع يوم الجمعة الماضي.

وأوضح المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن ما يدخل حاليا من مساعدات «لا يكفي لتلبية الاحتياجات المتزايدة لسكان غزة، في ظل التكدس نتيجة حركة النزوح من شمال ووسط القطاع إلى جنوبه»، لافتا إلى أن عمليات فحص الشاحنات في الجانب الإسرائيلي من معبر العوجة «تتسبب في تعطيل حركة تدفق المساعدات بشكل واضح نتيجة قصور إمكانات المعبر».

ولفت المصدر، الذي تحدث شريطة عدم نشر هويته، إلى أن ساعات طويلة وربما يوم كامل يمضي دون تحرك شاحنات من معبر رفح باتجاه العوجة نتيجة تكدس الشاحنات هناك، وأوضح أن «نحو 135 شاحنة، بينها ناقلات وقود تتكدس منذ يوم الأربعاء بانتظار دورها في عملية الفحص، في وقت يحتاج فيه سكان غزة لكل شاحنة غذاء أو جرعة دواء».

وأفاد المصدر بأن اتصالات مصرية - أميركية متواصلة للضغط على إسرائيل من أجل فتح مزيد من المعابر لإدخال المساعدات، ومنها معبر كرم أبو سالم، الذي «تتوافر به إمكانات أفضل للفحص، فضلا عن قربه من معبر رفح البري»، مشددا على ضرورة تحميل سلطات الاحتلال مسؤولياتها القانونية والإنسانية تجاه السكان المدنيين بقطاع غزة.

ويعد معبر كرم أبو سالم المعبر الأساسي بين إسرائيل وقطاع غزة، ويقع على بعد نحو 4 كيلومترات إلى الغرب من رفح في قطاع غزة، وتتم إدارة المعبر وتشغيله من قبل مديرية المعابر التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية، وهو مخصص لمرور البضائع بين الاحتلال وقطاع غزة.

واستخدم المعبر على مدى سنوات لإدخال شاحنات الوقود والسلع إلى قطاع غزة، قبل أن يجري إغلاقه بعد هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومنذ ذلك الحين تصر إسرائيل على عدم فتحه.

وتدخل شاحنات المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، منذ 21 أكتوبر الماضي عبر معبر رفح البري، حيث خصصت مصر المعبر لإدخال المساعدات الإنسانية، كما خصصت مطار وميناء العريش لاستقبال المساعدات الإغاثية الدولية، إلا أن دخول المساعدات يصطدم بإجراءات إسرائيلية متغيرة تؤدي إلى عرقلة انتظام تدفق المساعدات إلى داخل القطاع، بحسب تصريحات سابقة لمسؤولين مصريين.

من جانبها، أكدت عبير عطيفة المتحدث الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط باسم برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة الحاجة إلى اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بانتظام دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وزيادة الكميات الداخلة إلى القطاع، في ظل الاحتياجات المتزايدة التي تسجلها المؤسسات الإنسانية، والمطالبات المستمرة من جانب تلك المؤسسات لتقديم العون لمزيد من سكان القطاع.

وأضافت عطيفة لـ«الشرق الأوسط» أن التقارير الميدانية تشير إلى تفشي الجوع بين معظم سكان القطاع، في ظل محدودية الإمدادات الغذائية التي تدخل إلى غزة، وتوقف معظم مرافق الإنتاج بالقطاع مثل المخابز عن العمل، وهو ما يتطلب جهدا مضاعفا لإدخال الأغذية والوقود لمواجهة الأزمة الإنسانية المتفاقمة.

وأشارت إلى الحاجة الماسة إلى استعادة الهدنة الإنسانية التي أسهمت بشكل واضح في زيادة كميات المساعدات والقدرة على توزيعها في أنحاء قطاع غزة، والوصول إلى المناطق المحرومة، مضيفة أن تجدد القتال يحول دون وصول المساعدات للعديد من الأسر ومراكز الإيواء والأماكن التي يتواجد بها النازحون.

يشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعلن الأربعاء، في منشور على منصة «إكس» (تويتر سابقا) أن إسرائيل ستسمح بزيادة في «الحدّ الأدنى» لإمدادات الوقود إلى جنوب قطاع غزة بما يكفي «لتجنب انهيار إنساني» في القطاع، وفق ما أفادت به «وكالة الصحافة الفرنسية».

فيما نقل موقع «أكسيوس» الخميس، عن مسؤولين إسرائيليين لم يسمهم، أن قرار زيادة كميات الوقود المسموح بإدخالها يوميا إلى قطاع غزة «اتخذ بعد ضغوط قوية من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن».

وقال أحد المسؤولين الإسرائيليين للموقع إن إسرائيل ستزيد كمية الوقود التي تدخل غزة إلى 120 ألف لتر يوميا من 60 ألفاً، مشيرا إلى أن هذه هي الكمية ذاتها التي دخلت القطاع خلال الهدنة الإنسانية التي بدأت في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ودامت أسبوعا.

وحذرت الأمم المتحدة من «انهيار كامل وشيك للنظام العام» في القطاع الفلسطيني، وشدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الأربعاء، في رسالة غير مسبوقة إلى مجلس الأمن الدولي على وجوب إعلان وقف إنساني لإطلاق النار في غزة.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي ينشئ منتجعات لجنوده في غزة ومفاعلاً لتحلية مياه البحر

شؤون إقليمية جنديان من الجيش الإسرائيلي خلال العمليات العسكرية بقطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي ينشئ منتجعات لجنوده في غزة ومفاعلاً لتحلية مياه البحر

أنشأ الجيش الإسرائيلي 3 منتجعات لجنوده في مواقع عدة له بقطاع غزة، مما يدل على أنه يعمل ليبقى هناك مدة طويلة إذا احتاج الأمر.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية بالقرب من قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام» تعلن تفجير أحد عناصرها نفسه بقوة إسرائيلية في جباليا

أعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، اليوم (الجمعة)، أن أحد عناصرها فجّر نفسه بقوة إسرائيلية في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية صورة أرشيفية لجلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة تطلب رأي «العدل الدولية» حول التزامات إسرائيل بشأن المساعدات للفلسطينيين

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس، على مشروع قرار لطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل بتسهيل المساعدات للفلسطينيين من المنظمات الدولية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية جنديان إسرائيليان يحرسان معبراً في غزة الخميس (أ.ب)

جنود إسرائيليون يعترفون: قتلنا أطفالاً فلسطينيين ليسوا إرهابيين

تحقيق صحافي نشرته صحيفة «هآرتس»، الخميس، جاء فيه أن قوات الاحتلال المرابطة على محور «نتساريم»، رسموا خطاً واهياً، وقرروا حكم الموت على كل من يجتازه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيان ينقلان بسيارة إسعاف جثث قتلى سقطوا بضربة إسرائيلية في جباليا الخميس (أ.ف.ب)

مقتل العشرات بهجمات في قطاع غزة

تستغل إسرائيل المماطلة بإبرام اتفاق لوقف النار في قطاع غزة لشن هجمات تُودي بحياة العشرات كل يوم.

«الشرق الأوسط» (غزة)

ميقاتي يشدد على تطبيق «1701»... وقيام لجنة المراقبة بدورها

TT

ميقاتي يشدد على تطبيق «1701»... وقيام لجنة المراقبة بدورها

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزف عون وقائد قوات الـ«يونيفيل» الجنرال أرولدو لاثارو يتجولون في بلدة الخيام (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزف عون وقائد قوات الـ«يونيفيل» الجنرال أرولدو لاثارو يتجولون في بلدة الخيام (أ.ف.ب)

شدد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي على أولوية تطبيق القرار 1701، وقال إنه «ممنوع أن يكون هناك أي عائق أمام الجيش للقيام بواجباته، وعلى لجنة المراقبة القيام بدورها».

فيما أكد الجنرال أرولدو لاثارو قائد قوات الـ«يونيفيل» على استمرار اجتماعات اللجنة لتنفيذ المهام المطلوبة منها.

وجاءت مواقف الطرفين خلال اجتماعهما وقائد الجيش العماد جوزف عون في مقر قيادة القطاع الشرقي لقوات الـ«يونيفيل» في بلدة إبل السقي في جنوب لبنان، الاثنين، حيث زار ميقاتي أيضاً بلدة الخيام التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي أخيراً، وانتشر الجيش اللبناني فيها.

وأعلن رئيس الحكومة أنه سيجتمع الثلاثاء مع لجنة المراقبة، وقال «إننا نتطلع إلى استقرار طويل الأمد في الجنوب من خلال قيام الجيش بمهامه كاملة بالتعاون مع الـ(يونيفيل)».

من جهته شرح الجنرال أرولدو لاثارو قائد الـ«يونيفيل» المهام التي تقوم بها الـ«يونيفيل» بالتنسيق مع الجيش، مشيراً إلى استمرار اجتماعات لجنة مراقبة وقف إطلاق النار لتنفيذ المهام المطلوبة منها.

وحثّت قوات الـ«يونيفيل» في بيان صادر عنها على التسريع في انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان وانتشار الجيش اللبناني فيه.

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزف عون وقائد قوات الـ«يونيفيل» الجنرال أرولدو لاثارو خلال جولة لهم في بلدة الخيام (رويترز)

ودعت «يونيفيل» جميع الأطراف الفاعلة إلى «التوقف عن انتهاك القرار 1701، والامتناع عن أي أعمال من شأنها أن تعرض للخطر وقف الأعمال العدائية والاستقرار الهش السائد حالياً»، مشيرة إلى أن «حفظة السلام يواصلون رصد انتهاكات القرار 1701 والإبلاغ عنها، ودعم العودة إلى وقف الأعمال العدائية».

«ألم كبير»

وجال ميقاتي والعماد عون وقائد الـ«يونيفيل» في بلدة الخيام، مطلعاً على حجم الدمار الهائل في البلدة حيث قال «نشعر بألم كبير لهذا الدمار الحاصل في الجنوب وهناك أمل بالجيش ومعنوياته».

وأضاف: «علينا أن نكون صريحين وواضحين أنه لكي يقوم الجيش بمهامه كاملةً، على لجنة المراقبة التي تم تشكيلها لتنفيذ القرار 1701 أن تقوم بدورها الكامل، والضغط على العدو الإسرائيلي لوقف كل الخروقات الحاصلة، ووقف الدمار الذي نراه هنا».

وأكد ميقاتي على أهمية تنفيذ «الانسحاب الإسرائيلي الفوري من الأراضي اللبنانية»، موضحاً أن «هذه أمور أساسية من أجل أن يكون الجيش حاضراً للقيام بمهامه كاملة».

وشرح ميقاتي أن «التدابير المتعلقة بالقرار 1701 ستأخذ مجراها الطبيعي، وسينفذها الجيش بشكل كامل بضمانة أميركية - فرنسية».

وحمّل ميقاتي إسرائيل المسؤولية عن «التأخير والمماطلة في تنفيذ القرار الدولي»، وقال إنه «يجب أن نراجع أطراف اتفاق وقف إطلاق النار، وهم الفرنسيون والأميركيون لوضع حد لتلك المماطلة الإسرائيلية والإسراع قدر الإمكان قبل انتهاء مهلة الـ60 يوماً، المنصوص عليها في تفاهم وقف إطلاق النار لحصول انسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي اللبنانية».

وعن خطة لإعادة الإعمار قال «ندرس هذا الموضوع ضمن السرعة والشفافية الكاملة لتنفيذها. كذلك، نسعى مع البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والدول العربية خاصة والدول الصديقة للقيام بإنشاء صندوق ائتمان يشارك فيه الجميع من أجل القيام بإعادة إعمار كل ما تدمر في الجنوب اللبناني».

الخروقات مستمرة

بموازاة ذلك استمرت الخروقات الإسرائيلية في جنوب لبنان، حيث أقفل الجيش الإسرائيلي طريق مدينة بنت جبيل - مارون الراس بالسواتر الترابية والمكعبات الأسمنتية، ما يحول دخول الآليات والسيارات باتجاه بلدة مارون الراس.

وتعمد جنود إسرائيليون رفع العلم الإسرائيلي على تلة في منطقة إسكندرونا بين بلدتي البياضة والناقورة المشرفة على الساحل عند مدخل بلدة الناقورة الرئيس، وفجر آخرون عدداً من المنازل في بلدة الناقورة، ومنطقتي البستان والزلوطية في قضاء صور بالتزامن مع تحليق للطيران المروحي والاستطلاعي الإسرائيلي في الأجواء.

وأصدر الجيش الإسرائيلي تذكيراً إلى سكان جنوب لبنان أنه «حتى إشعار آخر يحظر عليكم الانتقال جنوباً إلى خط أكثر من 60 قرية جنوبية ومحيطها».

كما أفادت أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بسقوط شخصين قتيلين وجرح آخر في غارة استهدفت تجمعاً قرب المدرسة الرسمية في بدلة الطيبة بالجنوب.

المراكز الفلسطينية

في موازاة ذلك استكمل الجيش اللبناني تسلم المراكز الفلسطينية، حيث أعلن الاثنين، أنه تسلم «مركزاً سابقاً للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة في بلدة قوسايا – زحلة».

وقال في بيان له إن التسلم يأتي «استكمالاً لعملية تسلُّم الجيش مراكز عسكرية كانت تشغلها تنظيمات فلسطينية داخل الأراضي اللبنانية».

وأوضح أنه تسلم أيضاً «الأنفاق العائدة للجبهة الشعبية، وصادر كمية من الأسلحة والذخائر بالإضافة إلى أعتدة عسكرية، كما تعمل الوحدات المختصة على تفجير الألغام المزروعة في جوار المركز وتفكيك الذخائر الخطرة غير المنفجرة ومعالجتها». وأوضح أن «هذه المهمات تأتي ضمن إطار حفظ الأمن والاستقرار وبسط سلطة الدولة في مختلف المناطق».