«حركة أمل» تنخرط في الحرب إلى جانب «حزب الله»

النائب علي خريس: جاهزون للمواجهة والدفاع رداً على اعتداء إسرائيل

منزل مدمر بقصف إسرائيلي في بلدة جبين في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
منزل مدمر بقصف إسرائيلي في بلدة جبين في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

«حركة أمل» تنخرط في الحرب إلى جانب «حزب الله»

منزل مدمر بقصف إسرائيلي في بلدة جبين في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
منزل مدمر بقصف إسرائيلي في بلدة جبين في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

طرح الإعلان عن مقتل القيادي علي داوود وإصابة عنصرين في «حركة أمل» خلال استهداف موقعهم العسكري في جنوب لبنان قبل نحو شهر، السؤال عن الدور الذي تلعبه «أمل» في المعركة، حيث يتولى «حزب الله» القيادة العسكرية في مواجهة إسرائيل.

وفي حين يبقى سقوط عناصر في «أمل»، الحليف الأساسي للحزب في لبنان، محدوداً مقارنة مع ما يعلنه الحزب عن عناصره، فإن النائب علي خريس في كتلة «التنمية والتحرير» التي تضم نواباً من «أمل» والمتحالفين معها، يؤكد أن «أمل» جاهزة «للمواجهة والدفاع إذا قامت إسرائيل بالاعتداء على لبنان وتنفيذ هجوم بري»، قائلاً: «سنكون في طليعة المقاومين».

وأعلنت «أفواج المقاومة اللبنانية» (أمل)، في بيان لها في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مقتل داوود أثناء قيامه بـ«واجبه الجهادي»، مشيرة إلى أنه «استشهد بعد تعرض أحد مواقع الحركة في بلدة رب ثلاثين الجنوبية إلى اعتداء مباشر من العدو الإسرائيلي، ما أدى إلى استشهاده وإصابة مجاهدَين آخرين».

وكان قد سبق مقتل داوود إصابة أربعة مسعفين في «كشافة الرسالة الإسلامية» التابعة لـ«أمل» إثر استهداف دبابة إسرائيلية سيارتهم خلال محاولتهم سحب جرحى القصف الإسرائيلي غرب بلدة طير حرفا الحدودية، ومن ثم استهداف منزل عضو هيئة الرئاسة في «أمل» النائب قبلان قبلان، بقذيفتين قبل الهدنة بأيام.

وفيما وضعت «أمل» استهداف المسعفين، في بيان لها، «برسم المجتمع الدولي الذي يجب أن يتحرك فوراً لردع إسرائيل ووقف جرائمها وخرقها للقوانين والأعراف والمواثيق الدولية التي تحظر على أي كان إعاقة عمل المسعفين»، اكتفت بنعي القيادي داوود في بيان كان خالياً من أي وعود بالثأر والتهديد ما يعكس البقاء في وضعية الدفاع، وهو ما بدا لافتاً أيضاً في الكلمة التي ألقاها النائب في «أمل» هاني قبيسي خلال تشييع داوود.

وقال قبيسي: «المقاومة اللبنانية تدافع عن سيادة لبنان في مواجهة إسرائيل التي لا تفهم إلا لغة المقاومة»، داعياً إلى «تمتين وحدة الصف الوطني اللبناني»، في وقت لم يعلن فيه حتى الآن عن عمليات عسكرية قامت بها «أمل» على غرار ما قامت به تنظيمات أخرى فلسطينية ولبنانية تدور في فلك حلفاء الحزب، مثل «قوات الفجر» التابعة لـ«الجماعة الإسلامية»، وحركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وغيرها.

ويعد مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر أن نأي الحركة عن الانخراط في الحرب اليوم «يظهر عدم تأييدها مبدأ وحدة الساحات على غرار (حزب الله) وحلفائه». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «(أمل) ليست (حزب الله) وليست ذراع إيران في المنطقة كمعظم الأحزاب التي تتحرك والتابعة بشكل أو بآخر للحرس الثوري الإيراني، بل هي حزب لبناني مثل باقي الأحزاب ولم يعلن أي من مسؤوليها قبل ذلك عن تأييدهم مبدأ وحدة الساحات».

وبعدما سبق لرئيس البرلمان ورئيس «أمل» نبيه بري أن قال خلال الاحتفال بذكرى تغييب موسى الصدر في شهر أغسطس (آب) الماضي، أن «(أمل) بكل مستوياتها الجهادية معنية إلى جانب (حزب الله) بأن يكون كل فرد منها فدائياً للدفاع عن حدود أرضنا المقدسة»، يؤكد النائب في «أمل» علي خريس، أن الحركة موجودة في جنوب لبنان عسكرياً ولوجستياً و«أن أي حماقة تقوم بها إسرائيل في الاعتداء على لبنان وتنفيذ هجوم بري سنكون في طليعة المقاومين». ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الحركة لم ولن تغيب يوماً عن دورها وواجبها في المقاومة ونحن موجودون على الأرض في كل المناطق والنقاط»، مشيراً إلى أن هناك تنسيقاً دائماً بين «أمل» و«حزب الله».

وفيما يرفض خريس الدخول في التفاصيل، لا سيما منها العسكرية، يلفت إلى أن مراكز الدفاع المدني التابع لـ«كشافة الرسالة» موجودة بشكل أساسي على الأرض في الجنوب، ويقومون بمهام إجلاء الجرحى بالتنسيق مع الصليب الأحمر الدولي واليونيفيل، مشيراً إلى أن هناك أكثر من 20 مركزاً يعمل في كل منها أكثر من 15 عنصراً تتوزع من منطقة الناقورة وصولاً إلى شبعا. هذا إضافة إلى العمل اللوجستي الذي تقوم به «أمل» على الأرض في القرى، لا سيما عبر مساعدة النازحين وتأمين أماكن إيواء ومساعدات لهم، حسب خريس.

من جهتها، تقول مصادر ميدانية في الجنوب لـ«الشرق الأوسط»، إنه منذ الأسبوع الأول لحرب غزة بدأ عناصر «أمل» في الوجود في مراكزهم العسكرية التي تتوزع في عدد من البلدات في الخطوط الأمامية، مشيرة كذلك إلى أن هناك تنسيقاً بين عناصر «أمل» و«حزب الله» في هذه الأماكن التي يوجدون فيها كون الحزب من يمسك بقيادة المعركة على الأرض.

وتلفت المصادر إلى أنه يظهر من خلال أعمار العناصر أن القسم الأكبر منهم يملك الخبرة القتالية، وسبق أن شارك في العمليات ضد إسرائيل قبل الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب عام 2000، هذا إضافة إلى عناصر «كشافة الرسالة» والدفاع المدني الذين يعملون بشكل علني ويساعدون في نقل المصابين بسيارات الإسعاف وإطفاء الحرائق التي تندلع نتيجة القصف.

أما لوجستياً، فقد أعلن رئيس الهيئة التنفيذية في حركة «أمل» مصطفى الفوعاني أن «(أمل) وضعت خطة طوارئ متكاملة منذ اليوم الأول لبدء عملية (طوفان الأقصى)، وتقوم بالتنسيق مع المعنيين في الحكومة التي وضعت بدورها خطة طوارئ»، مؤكداً أن «هناك جهوزية تامة لمواكبة أي تطور يمكن أن يحصل».



ما حدود الدعم العربي لسوريا بمواجهة الفصائل المسلحة؟

نازحون فروا من ريف حلب يركبون سيارة تحمل أمتعتهم بجوار إشارة طريق في حلب (رويترز)
نازحون فروا من ريف حلب يركبون سيارة تحمل أمتعتهم بجوار إشارة طريق في حلب (رويترز)
TT

ما حدود الدعم العربي لسوريا بمواجهة الفصائل المسلحة؟

نازحون فروا من ريف حلب يركبون سيارة تحمل أمتعتهم بجوار إشارة طريق في حلب (رويترز)
نازحون فروا من ريف حلب يركبون سيارة تحمل أمتعتهم بجوار إشارة طريق في حلب (رويترز)

اتصالات عربية مع دمشق تتواصل بشأن التطورات الميدانية في شمال سوريا، كان أحدثها مناقشات وزيري الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره السوري بسام صباغ، التي تناولت «سبل الدعم العربي للدولة السورية في ظل التطورات الأخيرة، خاصة في إطار جامعة الدول العربية» بعد سيطرة فصائل مسلحة على مناطق بمحافظتي حلب وإدلب.

مسؤول حكومي سوري، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، يؤكد «أهمية الاتصالات العربية السورية، وأن يشمل الدعم العربي، بخلاف إمكانية عقد اجتماعات بالجامعة العربية، عدم توفير ملاذات آمنة للإرهابيين وتقديم المعلومات ومساعدات عسكرية، سواء عبر خبراء أو بجهود منظمة كما حدث من قبل في الموصل»؛ في إشارة إلى تدخل دولي كالذي حدث سابقاً ضد تنظيم «داعش» الإرهابي في العراق.

تلك الاتصالات العربية - السورية تعد، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، الأكبر منذ 2011، وتتوافق بشكل مباشر على مساندة دمشق، متوقعين أن تحمل دعماً عبر مستويات سياسية وقانونية ودبلوماسية وإغاثية وإمكانية عقد اجتماع طارئ بالجامعة العربية. وأحد الخبراء استبعد التدخل العسكري العربي في ظل «عدم التوافق على هذه الآلية حالياً».

وعلى مدى الأيام الماضية، شنّت فصائل مسلّحة في شمال غربي سوريا، بقيادة «هيئة تحرير الشام»، هجوماً عسكرياً سيطرت خلاله على مناطق في محافظتي حلب وإدلب، خاضعة لسيطرة الحكومة، بعد أربع سنوات من الهدوء النسبي.

وتلقى عبد العاطي، الأربعاء، اتصالاً هاتفياً من صباغ «تناول آخر المستجدات والتطورات الميدانية في شمال سوريا، والتداعيات الوخيمة لهذه التطورات على أمن واستقرار سوريا والمنطقة بأسرها»، مجدداً «موقف القاهرة الثابت والداعم للدولة السورية وسيادتها ووحدة وسلامة أراضيها والأهمية البالغة لحماية المدنيين»، وفق بيان للخارجية المصرية.

وعن مستجدات المواقف العربية، قال مستشار مجلس الوزراء السوري عبد القادر عزوز، لـ«الشرق الأوسط» إن «المباحثات العربية - السورية مستمرة، وخاصة أن جميع الأشقاء العرب لهم دور كبير، لأن ما يحدث يهدد استقرار المنطقة وليس شأناً سورياً على الإطلاق»، موضحاً أنه «عندما تسيطر جبهة النصرة، فرع تنظيم (القاعدة)، على الشمال السوري، فهذا أمر يقوض الأمن والاستقرار، وسيجعل هناك تمكين أكبر للتنظيمات الإرهابية، وقد يحرك الخلايا النائمة في دول المنطقة».

ويعد هذا التحرك العربي الرسمي المباشر للدولة السورية، هو الأكبر منذ 2011، وفق تقدير الخبير في العلاقات الدولية، الدكتور بشير عبد الفتاح؛ في إشارة لمطالب الدول العربية بدعم استقرار الدولة ووحدة ترابها.

وبحث الاتصال الهاتفي بين وزيري خارجية مصر وسوريا أيضاً «سبل الدعم العربي للدولة السورية في ظل التطورات الأخيرة، خاصة في إطار جامعة الدول العربية»، وفق بيان صحافي للخارجية المصرية، الأربعاء، فيما أكد رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الأربعاء، في مؤتمر صحافي بالقاهرة «دعم مصر لدولة سوريا الشقيقة ووحدة أراضيها، في ضوء التحدي الراهن الذي تواجهه».

وبرأي مستشار مجلس الوزراء السوري عبد القادر عزوز، فإن «أشكال الدعم العربي بخلاف إمكانية عقد اجتماع بالجامعة العربية لبحث تقديم الدعم، تتمثل في تقديم المعلومات للدولة السورية، وعدم توفير ملاذات آمنة لهؤلاء الإرهابيين، وعدم السماح باستغلال الثروات السورية».

ولا يستبعد المسؤول السوري إمكانية أن «يصل الدعم للشكل العسكري، خاصة أن أحد صنوف مكافحة سيطرة الإرهاب على مدينة هو مواجهته عسكرياً، كما حدث في الموصل من قبل».

ويري نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور مختار غباشي، أنه قد يكون هناك اجتماع عربي طارئ بالجامعة العربية لدعم سوريا، غير أنه يرى أن الدعم الدبلوماسي لن يكون مفيداً بالشكل الذي يماثل وجود دعم حقيقي على الأرض بالمعدات العسكرية مثلاً.

وباعتقاد غباشي، فإن سوريا تريد دعماً حقيقياً عربياً لتأكيد عودتها التي تمت للجامعة العربية مؤخراً، بعيداً عن الحاضنة الإيرانية، وبالتالي تطورات الموقف العربي والدعم على الأرض هما الأهم حالياً، خاصة وأن الموقف شديد الخطورة، وقد «يجعل سوريا مختطفة مرة أخرى».

وعن إمكانية تفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك، التي تم توقيعها عام 1950، استبعد عبد الفتاح وصول الأمر لدعم عسكري؛ لأنه «لا توجد أي آلية عربية واضحة لهذا الإطار، ولا يوجد توافق بهذا الخصوص»، مؤكداً أن «الدعم سيكون على جميع المستويات سواء السياسية والقانونية والدبلوماسية والإغاثية لوقف إطلاق النار ومنع التدخلات الخارجية».

ويرى «أهمية النظر للبعد الإنساني في سوريا، حيث هناك 7 ملايين نازح و16 مليوناً يحتاجون للمساعدات والتركيز على هذا الجانب مع التحرك في المسارات القانونية والدبلوماسية الأخرى ضد التدخلات الخارجية، والعمل على دعم وحدة التراب السوري وتمسك الدولة السورية ومؤسساتها، خاصة أن هناك تداعيات كبيرة للأزمة».

وخلال جلسة لمجلس الأمن بشأن التطورات السورية، الثلاثاء، أكد ممثل الجزائر لدى مجلس الأمن، عمار بن جامع، أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة السورية، وطالب بضرورة التوصل إلى حل سياسي يحافظ على وحدة وسيادة سوريا.

وفي كلمته، وجه المندوب السوري لدى الأمم المتحدة قصي الضحاك، أصابع الاتهام إلى إسرائيل وتركيا قائلاً إن «الهجوم على شمال سوريا لم يكن من الممكن تنفيذه دون ضوء أخضر وأمر عمليات تركي إسرائيلي مشترك»، مطالباً بإلزام «الدول المشغلة لهذه التنظيمات» بالعدول عن سياساتها.

فيما أكدت نائبة السفير التركي لدى الأمم المتحدة سيرين أوزغور، خلال الجلسة، أن عودة النزاع للظهور مرة أخرى في سوريا تعكس التحديات العالقة. وقالت: «سوريا ستبقى في حلقة العنف دون إطلاق عملية حقيقية للمصالحة الوطنية»، مضيفة أن وجود التنظيمات «الإرهابية» في سوريا يقوض أمن تركيا، التي قالت إنها «ستواصل اتخاذ كل التدابير المطلوبة لحماية أراضيها ومصالحها».

وفي ظل تلك المتغيرات، حذر مستشار مجلس الوزراء السوري عبد القادر عزوز من «خطر إحياء تنظيمي (القاعدة) و(داعش)»، مطالباً «بتحرك عربي قبل فوات الأوان، وتهديد ذلك الخطر للمنطقة كلها».

ويتفق عبد الفتاح مع هذه المخاطر، قائلاً إن المشهد في شمال سوريا يحمل تداعيات خطيرة أبزرها عودة «داعش»، مثلما تحذر الولايات المتحدة، مع البيئة المتوفرة لظهور ذلك التنظيم الإرهابي مع هشاشة الحالة السورية، معتقداً أن تلك التداعيات قد تحمل ارتدادات سياسية واقتصادية وأمنية واسعة تهدد دول الجوار وتنقل اضطرابات لدول بالمنطقة.

وفي جلسة سرية للبرلمان العراقي، الأربعاء، أكد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني قدرة الأجهزة الأمنية على ضبط الحدود، ومنع أي اختراق أمني، في ظل التوترات السورية، وقالت مصادر برلمانية لـ«الشرق الأوسط»، إن «السوداني قدم عرضاً مفصلاً حول الوضع في سوريا، والاحترازات الأمنية التي يقوم بها العراق، خصوصاً على الحدود»، وأشارت إلى أن «رئيس الحكومة أكد انخراط الدبلوماسية العراقية في حوارات إقليمية ودولية لإعادة الاستقرار في سوريا».

وبرأي عبد الفتاح، فإن الموقف العراقي تحرك سريعاً منذ بداية الأحداث ولم ينتظر الموقف العربي، غير أنه غير متفائل بإمكانية إبداء الرئيس السوري أي تنازل في أي حوار مستقبلي قد يحدث.