إقليم كردستان والحكومة العراقية يفشلان في حل أزمة الرواتب

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ورئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني خلال لقاء ببغداد (أرشيفية - المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ورئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني خلال لقاء ببغداد (أرشيفية - المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي)
TT

إقليم كردستان والحكومة العراقية يفشلان في حل أزمة الرواتب

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ورئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني خلال لقاء ببغداد (أرشيفية - المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ورئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني خلال لقاء ببغداد (أرشيفية - المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي)

فشل وفد من إقليم كردستان يزور بغداد، في إقناع الحكومة الاتحادية بفصل رواتب موظفي الإقليم الواقع في شمال العراق، عن حصته في الموازنة العامة، وفقاً لمصدر كردي.

وقال المصدر، وهو مسؤول رفيع في «الحزب الديمقراطي الكردستاني» تحدث إلى «وكالة أنباء العالم العربي» (AWP) الخميس (بشرط عدم ذكر اسمه)، إن وفد الإقليم برئاسة وزير المالية والاقتصاد، آوات شيخ جناب، «لم يتوصل لأي صيغة مع الحكومة الاتحادية حول فصل رواتب موظفي كردستان عن حصة الإقليم في الموازنة العامة المشروطة بتسليم الواردات النفطية وغير النفطية».

وفي الأسبوع الماضي، قال مصدر في مكتب رئيس الوزراء العراقي، إن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني «وافق على مقترح من البرلمان بأن تصرف الحكومة رواتب موظفي إقليم كردستان بشكل مباشر، وفصلها عن حصة الإقليم من الموازنة العامة».

حقل نفطي في كردستان العراق (رويترز)

وينص قانون الموازنة العامة الذي أقره البرلمان العراقي في وقت سابق من العام الحالي، على إلزام إقليم كردستان بتسليم الإيرادات غير النفطية للدولة، مقابل التزام وزارة المالية الاتحادية بتمويل مستحقات الإقليم شهرياً.

لكن الاتفاق بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان لم يُنفَّذ بصورة كاملة، وتطفو إلى السطح مشكلة تمويل رواتب الموظفين في الإقليم بين الحين والآخر.

وأضاف المصدر الكردي: «القضية الثانية التي لم يتفق عليها الطرفان هي التباين في تكلفة إنتاج النفط بين الشركات العاملة في الإقليم والأخرى العاملة في بقية المحافظات، وهناك عدة اقتراحات قدمت للدراسة، منها صيغة تقاسم الأرباح وفق نسب بين الدولة وشركات النفط في كردستان».

وحدد قانون الموازنة العامة الاتحادي 2023 - 2025 تكلفة إنتاج ونقل كل برميل نفط عند 6.9 دولار، بينما توضح بيانات وزارة الموارد الطبيعية في إقليم كردستان، أن تكاليف إنتاج النفط في الإقليم تصل إلى 32.91 دولار، بواقع 24.32 دولار لإنتاج برميل واحد من النفط و8.95 دولار للنقل والتصدير.


مقالات ذات صلة

العراق يرحب بوقف النار في لبنان ويتأهب لهجمات محتملة

المشرق العربي عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

العراق يرحب بوقف النار في لبنان ويتأهب لهجمات محتملة

في وقت رحبت فيه الحكومة العراقية بقرار وقف إطلاق النار في لبنان، أعلنت أنها «في حالة تأهب قصوى»؛ لمواجهة «أي تهديد خارجي».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)

«وحدة الساحات» في العراق... التباس بين الحكومة والفصائل

تسير حكومة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، منذ أشهر في خط متقاطع مع الفصائل المسلحة المنخرطة في «وحدة الساحات».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

رفض رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» انجرار العراق نحو الحرب، وحذر من مخاطر انسحاب القوات الأميركية خصوصاً في المناطق المتنازع عليها.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)

كردستان يرد على صهر صدام: إيران لم تقصف حلبجة بالكيماوي

تفاعلت أوساط عراقية مع المقابلة التي أجرتها «الشرق الأوسط» مع جمال مصطفى، صهر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وسكرتيره الثاني.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
خاص جنود أميركيون يُسقطون تمثال صدام حسين في بغداد 7 أبريل 2003 (رويترز) play-circle 07:43

خاص جمال مصطفى: عجزت عن تأمين الرشوة للقاضي فأبقوني محتجزاً 10 سنوات إضافية

في الحلقة الأخيرة من الحوار معه، يتحدث جمال مصطفى السلطان عن اعتقال عمّه صدام حسين، وسقوط «أمل المقاومة» ضد الأميركيين.

غسان شربل

استقطاع الرواتب لـ«دعم لبنان» يثير غضباً في العراق

الحكومة العراقية خلال اجتماع أقرت فيه بالتراجع عن استقطاع رواتب الموظفين (إعلام حكومي)
الحكومة العراقية خلال اجتماع أقرت فيه بالتراجع عن استقطاع رواتب الموظفين (إعلام حكومي)
TT

استقطاع الرواتب لـ«دعم لبنان» يثير غضباً في العراق

الحكومة العراقية خلال اجتماع أقرت فيه بالتراجع عن استقطاع رواتب الموظفين (إعلام حكومي)
الحكومة العراقية خلال اجتماع أقرت فيه بالتراجع عن استقطاع رواتب الموظفين (إعلام حكومي)

اضطرت الحكومة العراقية للتراجع عن قرارها باستقطاع واحد في المائة من مرتبات الموظفين في القطاع العام والمتقاعدين لتقديم مساعدات مالية إلى غزة ولبنان.

وجاء التراجع الحكومي بعد موجة انتقادات شعبية وقانونية عارمة، بعد تصويت مجلس الوزراء على قرار الاستقطاع، الأسبوع الماضي.

وخلال جلسة التصويت المذكورة على القرار، قال بيان لمجلس الوزراء إن ذلك يأتي في «إطار الدعم الرسمي والشعبي لأهلنا في غزة ولبنان، ومن أجل توفير المواد الإغاثية اللازمة لهم»، وخلص إلى الموافقة والتصويت على «فتح باب التبرع بشكل طوعي أمام موظفي ومنتسبي الدولة كافة، باستقطاع نسبة واحد في المائة، من الراتب والمخصصات، والراتب التقاعدي، لمن يرغب منهم، ويودع المبلغ في حسابات دعم غزة ولبنان بالتساوي».

ورغم الطابع غير الإلزامي في الاستقطاع، فإنه قوبل بانتقادات لاذعة، وعُد تجاوزاً لمجلس الوزراء على صلاحياته.

نسخة ضوئية من قرار الحكومة باستقطاع رواتب الموظفين لـ«دعم لبنان» (إكس)

الرافضون للتبرع

زاد الأمور تعقيداً كتاب ملحق بقرار الاستقطاع الذي يتحدث عن كيفية تفادي مبلغ الاستقطاع بالنسبة لغير الراغبين في التبرع بحصول «الرافض للتبرع على موافقة الوزير أو المسؤول المباشر»، ما أدى إلى انتقادات شديدة ضد الحكومة.

وحيال ذلك، تراجعت الحكومة خطوة إلى الوراء، خلال جلسة مجلس الوزراء اللاحقة، (الثلاثاء)، لتعيد صياغة القرار بطريقة أقل من السابقة، ومع ذلك تواصلت الانتقادات.

وطبقاً لبيان مجلس الوزراء حول الصيغة الجديدة للتبرع، فقد قرر «تعديل قراره بشأن الاستقطاع الطوعي بنسبة واحد في المائة من الراتب والمخصصات، والراتب التقاعدي، ليكون لمدة 6 أشهر فقط، ابتداءً من الأول من ديسمبر (كانون الأول) 2024، وللراغبين فقط في التبرّع، وذلك لدعم الشعبين الفلسطيني واللبناني».

وعن قيمة ما يمكن أن تبلغه أموال الاستقطاع لو عُمِل به، يقول النائب في البرلمان ماجد شنكالي، إن «مجموع رواتب الموظفين والمتقاعدين تبلغ نحو 80 تريليون دينار سنوياً، وإذا أخذنا منها نسبة الواحد في المائة فسيبلغ المبلغ 800 مليار دينار في السنة، أي ما يقارب 600 مليون دولار، وهذا مبلغ كبير جداً».

ورغم الصيغة «الاختيارية»، وتحديد فترة الاستقطاع لمدة 6 أشهر فقط، تعرضت الحكومة لاعتراضات وانتقادات شديدة، وركّز بعض تلك الانتقادات على مقارنة قرار الحكومة الحالية بقرارات «التبرع» شبه الإجبارية التي كانت تتخذ في مرحلة حكم «البعث» المنحل قبل عام 2003.

وضجت مواقع التواصل بشتى التعليقات والانتقادات الصادرة من جهات قانونية وقضائية وثقافية ومن موظفين عاديين.

علماً بأن عراقيين قدموا طوعاً، وبعيداً عن القنوات الحكومية، معونات غذائية وإغاثية إلى لبنان وغزة منذ أشهر، ويواصلون تقديمها حتى الآن من خلال حملات فردية.

في السياق، يقول رئيس هيئة النزاهة الأسبق القاضي رحيم العكيلي إن «مجلس الوزراء لا يملك سلطة اقتطاع دينار واحد من راتب أي موظف أو متقاعد بحجة التبرع، تلك مزايدة على حساب الموظفين والمتقاعدين، والقرار يعد انتهاكاً للقانون والدستور، وسيفتح الباب لتجاوزات وانتهاكات أخرى».

وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة نبيل المرسوي، إنه «على المديرين العامين ورؤساء الوحدات ألا يحوّلوا الاستقطاع الاختياري من رواتب الموظفين إلى إجباري لإرضاء الجهات العليا على حساب الموظفين الذين يعانون أصلاً من ضعف رواتبهم».

وتعليقاً على الوثيقة التي تداولتها وسائل إعلام وتتعلق بالطريقة التي يمكن للموظفين والمتقاعدين رفض عملية الاستقطاع، يقول الصحافي عبد الستار البيضاني، إن الوثيقة «تذكرني بأيام النظام السابق عندما كان يجمع الناس في قاعة، ويصعد المسؤول إلى المنصة ويقول إن التطوع اختياري وليس إجبارياً، ما يعني أنه فرض التطوع على الجميع وليس العكس».

ويضيف أن «الحكومة الحالية طبقت الشيء نفسه؛ لأن القرار فرض على الرافضين للتبرع تقديم طلب للموافقة على رفضه».

ويرى القانوني أحمد الزيادي، أن مجلس الوزراء «لا يمتلك الصلاحية القانونية والدستورية المباشرة لاستقطاع رواتب الموظفين بشكل مستقل، إلا إذا كان هناك تشريع قانوني يسمح بذلك»، إذ إن المسائل المالية المتعلقة برواتب الموظفين والمتقاعدين تخضع للقوانين النافذة، مثل قانون الموازنة العامة، وقانون رواتب موظفي الدولة.

ويؤكد أن «البرلمان هو الجهة المخولة بالموافقة على أي تغييرات مالية من خلال تشريع القوانين».

ويتحدث الزيادي عن بعض الاستثناءات التي تبيح لمجلس الوزراء أن يقدم مقترحاً لـ«إجراءات تقشفية أو إصلاحات مالية في حالة وجود أزمة اقتصادية أو عجز مالي، لكن هذه المقترحات يجب أن تُعرض على البرلمان للموافقة».