«فك اختناقات بغداد» رهان السوداني أمام شركائه وخصومه معاً

ورشة مشروعات ضخمة أولها يُنجَز بعد شهرين

ساحة في بغداد (مواقع التواصل)
ساحة في بغداد (مواقع التواصل)
TT

«فك اختناقات بغداد» رهان السوداني أمام شركائه وخصومه معاً

ساحة في بغداد (مواقع التواصل)
ساحة في بغداد (مواقع التواصل)

«نعمل لخدمتكم... نأسف لإزعاجكم»، هذه اللافتة تتكرر كثيراً في شوارع وتقاطعات وساحات العاصمة العراقية بغداد المترامية الأطراف، والتي يقطنها أكثر من 12 مليون نسمة.

ويتعين على كل من يروم قَطع مسافة طويلة نسبياً في مدينة بغداد بجانبيها الكرخ والرصافة، المرور أكثر من مرة، بواحدة من مشروعات العمل الكبرى ضمن ما يسمى «مشروع فك الاختناقات المرورية في بغداد» الذي كان أحد التحديات المهمة التي وضعها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على نفسه عندما تولى رئاسة هذه الحكومة قبل عام وشهر وبضعة أيام.

السوداني خلال تفقده أحد المشروعات (الشرق الأوسط)

فخلال شهر مارس (آذار) الماضي أعلن السوداني، أن العام الحالي (2023) سوف يكون عام المشروعات. وقال في كلمة له بمناسبة إطلاق الحزمة الأولى من المشروعات الخاصة بفك الاختناقات المرورية في بغداد، خلال احتفالية أقامتها وزارة الإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة: إن «الحكومة وضعت أولويات الخدمات في مقدمة برنامجها، وبغداد اليوم في حاجة ماسة إلى مشروعات خدمية»، مشيراً إلى أن «اليوم كل موظف في حاجة إلى ساعتين للوصول إلى مكان عمله، بسبب الاختناقات المرورية».

وأكد، أن «عام 2023 سيكون عام المشروعات». وأشار إلى أن «مشروعات المجسرات تعد ضرورية في العاصمة، وبغداد تستحق تنفيذ حلول دائمة لمسألة الزحامات المرورية»، مبيناً، أن «المشروعات التي ستطلق اليوم تحصل للمرة الأولى في بغداد». وأردف، أن «الحلول موجودة رغم التأخير، والمركز وأطراف بغداد ستكون واحدة لسهولة التنقل»، مضيفاً أن «هذه المشروعات لن تذهب مع المشروعات المتلكئة، وأي جهة تعرقل تنفيذ المشروعات فأنا موجود». وأوضح، أن «هذه المشروعات تأتي التزاماً وإيفاءً بما وعدنا به شعبنا، وما سبق أن أدرجناه في البرنامج الحكومي، ضمن حزمة الخدمات التي هي جزء أساس من واجبنا، واستحقاقات شعبنا».

من بغداد (مواقع التواصل)

وكانت عملية إطلاق تلك الحزمة من المشروعات، بعد مرور أربعة أشهر على تشكيل حكومة السوداني، جرت وسط تحديات من الخصوم والشركاء معاً: خصوم الحكومة، وفي مقدمهم التيار الصدري والقوى المدنية، وجّهوا انتقادات إلى البرنامج الحكومي؛ بوصفه نسخة من البرامج السابقة، بالإضافة إلى المشكلات التي تتعلق بالموازنة المالية التي لم تُقرّ إلا في الشهر السابع من العام الحالي... أما الشركاء، فإن قسماً منهم مؤيد للحكومة بشكل يبدو كاملاً من أجل أن تنجح، بينما لا يبدو على قوى سياسية أخرى، رغبة كاملة في رؤية السوداني ينفذ كل ما وعد بتنفيذه من خطط وإجراءات؛ كي لا يتحول منافساً لهم في الانتخابات، سواء البرلمانية القادمة التي لم يحدد موعدها بعد، أو المحلية المقررة خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) 2023.

وطوال الأشهر الماضية، تحولت بغداد ورشة عمل كبيرة بسبب إطلاق نحو 16 مشروعاً تتضمن، بناء جسور وأنفاق، وتوسعة طرق وسواها من الإجراءات التي تهدف إلى تخفيف الزخم المروري الخانق في مدينة يبلغ عدد السيارات التي تسير في شوارعها مئات الآف يومياً، وفي طرق لم تشهد منذ ثمانينات القرن الماضي، أي عمليات صيانة أو تحديث.

قوات أمن عراقية في بغداد (أرشيفية - رويترز)

وكان وزير الإعمار والإسكان والبلديات العراقي بنكين ريكاني تحدث في وقتها لـ«الشرق الأوسط» بشأن أهمية تلك الخطوة وأهميتها، وعاد في لقاء غير رسمي معه في منزله قبل يومين، وأكد لـ«الشرق الأوسط» ثانية حجم «التحديات التي واجهتنا عند إطلاق هذا المشروع والصعوبات والمعوقات غير المتوقعة التي جابهتنا عند التنفيذ».

وقال: «وجدنا في بعض الساحات التي شملتها الخطة، تعارضات تتعلق بخطوط المياه والكهرباء والاتصالات وسواها، بحيث تحتاج كل واحدة منها إلى عمل منفصل من حيث الموافقات، وعدم التأثير عليها في وقت كان لا بد للعمل أن يمضي». وبيّن، أنه «كان يطلِع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على كل المعوقات غير المتوقعة، وكان (السوداني) يوجه فوراً بتذليلها بحيث يمضي العمل دون تلكؤ».

وبينما أكدت له، أن «العمل يمكن أن يكتمل في المشروعات المشمولة خلال النصف الأول من العام المقبل، سارع إلى التأكيد بأن «بعض المشروعات سوف ترى النور في غضون شهرين بحيث يلمس أهالي بغداد ذلك في وقت قصير؛ نظراً لكون العمل يجري ليلاً ونهاراً».

الحزمة الأولى من هذه الورشة الضخمة، تشمل 16 مشروعاً متعلقاً بتطوير واستحداث الطرق والجسور والمجسرات في مدينة بغداد في جانبي الكرخ والرصافة، فضلاً عن الطرق الخارجية التي تربط العاصمة بالمحافظات الوسطى والشمالية والغربية. والشركات التي أحيلت لها المشروعات هي: شركة «ترانس تك» الهندسية، وشركة «المجموعة السادسة للسكك الحديدية الصينية المحدودة»، وشركة «هندسة الدولة الصينية المحدودة»، وشركة «بناء المواصلات الصينية المحدودة الدولية»، وشركة «النهر الأصفر».


مقالات ذات صلة

العراق: «كتائب سيد الشهداء» توقف عملياتها و«الفتح» يرفض حل «الحشد»

المشرق العربي عرض عسكري للجيش العراقي و«الحشد الشعبي» في الموصل مؤخراً (أ.ف.ب)

العراق: «كتائب سيد الشهداء» توقف عملياتها و«الفتح» يرفض حل «الحشد»

في حين أكدت كتائب «سيد الشهداء»، أحد الفصائل المسلحة المنضوية في «محور المقاومة»، توقف هجماتها ضد إسرائيل، رفض تحالف «الفتح» الذي يقوده هادي العامري حل «الحشد».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي المشهداني لدى استقباله السفير السعودي في بغداد (البرلمان العراقي)

المشهداني يدعو إلى تعزيز التعاون بين بغداد والرياض

دعا رئيس البرلمان العراقي الدكتور محمود المشهداني إلى إيلاء التعاون مع المملكة العربية السعودية أهمية قصوى في هذه المرحلة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي جنديان عراقيان مع آلية يقفان عند نقطة حراسة على الحدود العراقية - السورية 5 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

العراق: مساعٍ لتطوير المؤسسة العسكرية

كشفت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عن الحاجة لتطويع عشرات الآلاف بالجيش وسط تحديات أمنية إقليمية.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي تحذيرات عراقية من عودة «داعش»

تحذيرات عراقية من عودة «داعش»

تخشى بغداد أن يعيد «داعش» تنظيم صفوفه بعدما استولى على كميات من الأسلحة نتيجة انهيار الجيش السوري.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس وزراء العراقي محمد شياع السوداني (د.ب.أ)

السوداني يعلن استئناف عمل بعثة العراق الدبلوماسية في دمشق

أعلن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني مساء الخميس أن البعثة الدبلوماسية العراقية «فتحت أبوابها وباشرت مهامها في دمشق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)

«مجلس سوريا الديمقراطية» يعول على وساطة واشنطن وباريس أمام حشد أنقرة

مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)
مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)
TT

«مجلس سوريا الديمقراطية» يعول على وساطة واشنطن وباريس أمام حشد أنقرة

مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)
مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)

أعلن «مجلس سوريا الديمقراطية» الجناح السياسي للإدارة الذاتية وقوات «قسد»، الاستعداد للحوار مع تركيا بعدما أظهر الصراع الذي يدور في الشمال السوري ما قال مسؤوله إنه «نيات تركيا السيئة»، وأن «قوات سوريا الديمقراطية» ستُدمج في الجيش السوري.

وفي مقابل الحشد والتوعد التركي ضد المسلحين الأكراد، كشف رياض درار رئيس المكتب الاستشاري لمجلس «مسد» في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن المبعوثين الأميركي سكوت بولز ونظيره الفرنسي فابريس ديبليشان، يعملان على نزع فتيل الحرب مع تركيا وقال: «لأننا نريد فعلاً الوصول إلى استقرار، بالنسبة لتركيا وفصائلها فإنها تهدد بقتال الكرد وقوات (قسد)، حيث إن فصائل (فجر الحرية) لم تشارك في حملة دمشق، واكتفت باحتلال تل رفعت بريف حلب، وحيي الأشرفية وشيخ مقصود بحلب، حيث الغالبية الكردية».

ويرى هذا المسؤول البارز أن «أفضل طريق للسلام مع تركيا هو نزع السلاح من المناطق المهددة، والدخول في حوارات سياسية مباشرة» في إشارة إلى مدينة عين العرب الواقعة بالريف الشرقي لمحافظة حلب شمالاً.

وقال درار: «حتى لا يبقى لدى تركيا حجج وذرائع لهجوم كوباني لأنها رمز للحرية والمقاومة، يريدون كسر إرادتها، وأنقرة تحرض هذه الفصائل على القتال، كما فعلوا في منبج عندما دخلوها ونهبوها».

أفراد من «قسد» خلال تشييع خمسة عناصر قُتلوا في منبج بمواجهات مع فصائل تدعمها تركيا (أ.ف.ب)

ولطالما هددت تركيا بسيطرة فصائل «فجر الحرية» الموالية لها على مدينة عين العرب «كوباني» الواقعة على بعد نحو 160 كيلومتراً شرق محافظة حلب، واستقطبت هذه المدينة الملاصقة للحدود السورية - التركية اهتماماً عالمياً بعد هجوم واسع نفذه «تنظيم داعش» في محاولته للسيطرة عليها في 2 يوليو (تموز) 2014، وباتت نقطة انطلاقة تعاون المقاتلين الأكراد مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي تشكل لقتال «داعش»، والذي نفذ أولى ضرباته على المدينة الكردية دعماً للمقاتلين، وتم إلحاق الهزيمة بالتنظيم المتشدّد بعد معارك عنيفة استمرت نحو 6 أشهر.

نزع فتيل الحرب

وأكد درار أن الوسيطين الأميركي والفرنسي «يعملان لنزع فتيل الحرب، لأننا نريد فعلاً الوصول إلى استقرار أولاً، ثم الذهاب إلى دمشق للتفاوض مع (هيئة تحرير الشام) للوصول إلى نوع من التفاهم لإدارة سوريا بشكل مشترك»، وأشار إلى أن تركيا تريد تقاسم الكعكة السورية «من خلال وجودها وتغييرها الديموغرافي للمناطق الشمالية، لكي تستطيع أن تسيطر على المشاركة، وتدير لعبة التدخل في سوريا من جديد».

وبعد عقود من التهميش، تصاعد نفوذ أكراد سوريا تدريجياً في شمال سوريا، خصوصاً بعد انسحاب قوات النظام السوري من مناطقهم نهاية عام 2012، وتمكنوا من إقامة إدارات ذاتية، وتأسيس قوات عسكرية وأمنية، فضلاً عن إنشاء مؤسسات عامة، وإعادة إحياء لغتهم وتراثهم، وافتتاح مدارس يتم فيها تدريس مناهج باللغة الكردية، غير أن المقاتلين الأكراد خسروا بلدات رئيسة منذ إطلاق عملية «ردع العدوان» في 8 من ديسمبر (كانون الأول)، بعد سيطرة فصائل «فجر الحرية» الموالية لتركيا على بلدة تل رفعت وقرى منطقة الشهباء ومدينة منبج بريف حلب الشرقي، وتتقدم نحو مدينة كوباني.

«غياب المجتمع الدولي»

ولفت رئيس المكتب الاستشاري لمجلس «مسد» إلى أن تركيا الوحيدة التي استفادت من هذه التغييرات المتسارعة في سوريا، وتابع درار: «تستطيع أنقرة أن تدخل بكل حرية عندما تكون ذاهبة باتجاه الجوار الحسن، لكنها الآن عبر أسلوب التحريض للفصائل السورية التي تقاتل معها، تفعل شيئاً غير مطلوب، وتغتنم الفرصة بغياب المجتمع الدولي لما يجري في سوريا».

وزير الدفاع التركي مع جنود من الوحدات العسكرية على الحدود التركية - السورية (الدفاع التركية)

ويعتقد المسؤول الكردي أن الولايات المتحدة «غير راضية عن السياسة التركية التصعيدية والعدائية تجاه أكراد سوريا»، ويقول إنه: «توجد إشارات خاصة من أميركا بأن هذا الفعل فاضح وغير مقبول، ولا يمكن أن يسمح به، لكن إردوغان استغل فرصة التشجيع من ترمب عندما مدح تركيا، كما مدح إردوغان بأنه ذكي ويفهم»، موضحاً أن الإدارة الذاتية، بجناحها السياسي «مسد»، شكلت وفداً للتواصل مع الحكومة الجديدة في دمشق.

وقال درار: «يمكننا أن نصل معها إلى نتائج عبر التفاوض، وتوحيد القرار السوري، ومشاركة كل السوريين في المرحلة الانتقالية والحكومة المقبلة»، ويعزو تأخر ذهاب الوفد إلى العاصمة السورية إلى «الحرب التي تجري الآن في مناطقنا، وتهديدات تركيا المتصاعدة، وعندما يتوقف هذا التهديد سيكون الوفد جاهزاً للذهاب إلى دمشق».

وأكد في ختام حديثه استعداد الإدارة الذاتية للاشتراك في الحكومة السورية المقبلة، وفي فعاليات المرحلة الانتقالية، وختم قائلاً: «قوات (قسد) سوف تكون جزءاً من الجيش السوري بعد التسوية، عندما يتشكل الجيش الوطني سنكون جزءاً منه».