المسلمون في أوروبا يستشعرون الخطر مع تزايد العداء بسبب حرب غزة

جانب من المظاهرات التي خرجت للتنديد بالحرب على غزة في برلين (د.ب.أ)
جانب من المظاهرات التي خرجت للتنديد بالحرب على غزة في برلين (د.ب.أ)
TT

المسلمون في أوروبا يستشعرون الخطر مع تزايد العداء بسبب حرب غزة

جانب من المظاهرات التي خرجت للتنديد بالحرب على غزة في برلين (د.ب.أ)
جانب من المظاهرات التي خرجت للتنديد بالحرب على غزة في برلين (د.ب.أ)

يشعر جيان عمر، عضو البرلمان في برلين من أصول كردية سورية، بأنه لا يحظى بحماية الشرطة بعد استهدافه بمنشورات مليئة بالكراهية ممزوجة بالزجاج والبراز، ونافذة مكسورة واعتداء بمطرقة منذ هجوم حركة «حماس» الفلسطينية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل.

وقال أكثر من 30 من زعماء المجتمع المحلي والمناصرين الذين استشارتهم «رويترز» إن الحوادث الثلاث التي وقعت في مكتب عمر الانتخابي تشكل جزءا من العداء المتزايد للمسلمين في أوروبا والذي أججه السياسيون في بعض الأحيان منذ هجوم «حماس». وأضافوا أن حوادث أخرى لم يتم الإبلاغ عنها بسبب ضعف الثقة في الشرطة.

وقال عمر: «أشعر بأني وحيد حقا، وإذا لم يكن من الممكن حماية شخص يتمتع بوضع مسؤول منتخب، فكيف يجب أن يشعر الآخرون؟»، وأضاف أن الشرطة تحقق في الأمر، لكنها أخبرته أنها لا تستطيع توفير مزيد من الأمن في مقره.

وتابع «تخيل لو تعرض سياسي ألماني أبيض لهجوم من مهاجر أو لاجئ»، في إشارة إلى أن قوات الأمن ستفعل المزيد في مثل هذه الحالات. ولم ترد شرطة برلين على طلب للتعليق.

وزادت جرائم الكراهية بشكل كبير في أوروبا منذ هجوم السابع من أكتوبر الذي تقول إسرائيل إنه أسفر عن مقتل حوالي 1200، والاجتياح والقصف الإسرائيلي اللاحق لغزة الذي أدى لمقتل أكثر من 15 ألف فلسطيني، مع ارتفاع الحوادث المعادية للسامية المسجلة بنسبة 1240 في المائة في لندن، كما شهدت ارتفاعات حادة في فرنسا وألمانيا.

وتظهر البيانات الرسمية زيادة واضحة وأصغر في الحوادث المعادية للمسلمين في بريطانيا، وهي متفاوتة بالنسبة للبلدين الآخرين. ولا تصور البيانات بشكل كامل مدى الهجمات والعداء ضد الأفراد والمساجد، بما في ذلك أطفال تم استهدافهم في المدارس، وذلك وفقاً للأشخاص الذين استشارتهم «رويترز» وطلب بعضهم عدم الكشف عن هويته بسبب الخوف من الانتقام.

وقالت جماعات يهودية وقادة يهود في الدول الثلاث إن عدم الإبلاغ عن كل الحوادث أمر شائع أيضا بين ضحايا معاداة السامية.

وقالت زارا محمد، الأمينة العامة للمجلس الإسلامي في بريطانيا، إن اللغة التي تستخدمها الحكومة، مثل وصف الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين بأنها «مسيرات كراهية»، جعلت الحرب ضد معاداة السامية ومن أجل حقوق المسلمين أو الفلسطينيين لعبة محصلتها صفر في ذهن كثير من الناس.

وأضافت «لقد كان الوزراء متهورين حقاً، وهذا الترويج للحروب الثقافية وتحريض المجتمعات على بعضها بعضاً غير مفيد حقيقة، وهو أمر مثير للانقسام وخطير للغاية». ولم ترد الحكومة البريطانية على سؤال حول الاستخدام الرسمي لهذه اللغة.

">http://

وقد تفاقم شعور المسلمين الأوروبيين بالضعف مع الفوز الانتخابي الذي حققه الهولندي الشعبوي اليميني المتطرف خيرت فيلدرز الأسبوع الماضي، والذي دعا في السابق إلى حظر المساجد والقرآن في هولندا. وفي الولايات المتحدة، وقعت أعمال عنف مميتة ضد الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر.

في مسجد ابن بن باديس في نانتير بباريس، يخشى المصلون كبار السن حضور صلاة الفجر في الظلام، حسبما قال اثنان من المصلين هناك، وذلك بعد تهديد كتابي بإحراق المسجد في أواخر أكتوبر من متعاطف مع اليمين المتطرف على ما يبدو.

وقال رشيد عبدوني، رئيس الجمعية المشرفة على المسجد، إن طلب توفير حماية إضافية من الشرطة لم يتم تلبيته. وقالت الشرطة المحلية إنها تقوم بدوريات في المنطقة لكن مواردها قليلة. ولم ترد الشرطة على الفور على طلب التعليق.

وقال سائق سيارة أجرة فرنسي مغربي يدعى خليل ربعون (42 عاما) خارج المسجد بعد صلاة الجمعة: «هل أريد أن تكبر ابنتي في هذا المناخ؟».

وقالت حملة «تِل ماما»، أو «أخبر ماما» إن محاولات الحرق العمد والإساءة اللفظية والتخريب وترك رأس خنزير في موقع مسجد كانت من بين أكثر من 700 تقرير عن حوادث معادية للإسلام في بريطانيا في الشهر التالي لهجوم «حماس»، بزيادة سبعة أضعاف عن الشهر السابق. وتبلغ حملة «أخبر ماما» الشرطة ببعض الحوادث فقط مع اشتراط موافقة صاحب الشكوى على الإجراء.

">http://

وقال عبد الله ذكري نائب رئيس المجلس الإسلامي الفرنسي، إن المجلس تلقى 42 رسالة تنطوي على تهديدات أو إهانات في الفترة ما بين السابع من أكتوبر والأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، لكنه لم يبلغ عن أي منها، وسط موجة من رسائل الكراهية والكتابات العنصرية على المساجد.

وأضاف «الغالبية العظمى من المسلمين لا يقدمون شكوى عندما يقعون ضحايا لمثل هذه الأفعال. حتى أئمة المساجد لا يريدون ذلك. فهم لا يريدون قضاء ساعتين أو أكثر في مركز الشرطة لتقديم شكوى غالبا ما سيتم حفظها في النهاية».

وفي ألمانيا، تقول ريما هنانو من منظمة (كليم) غير الحكومية إن الشرطة لا تسجل أيضا في كثير من الأحيان الجرائم المعادية للإسلام تحت هذه التسمية بسبب نقص الوعي. فعلى سبيل المثال، يتم تسجيل الهجمات على المساجد أحيانا على أنها ببساطة إضرار بالممتلكات.

وأضافت «الأشخاص المتضررون بسبب العنصرية مثل المسلمين وأولئك الذين يُتصور أنهم مسلمون يقلقون غالباً من التوجه إلى السلطات لأنهم يخشون التعرض لإيذاء إضافي أو عدم تصديقهم أو تصويرهم على أنهم الجناة».

وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية «يجب عدم التسامح مطلقا مع معاداة السامية أو الكراهية ضد المسلمين أو أي شكل آخر من أشكال الكراهية»، مضيفا أنه من المتوقع أن تجري الشرطة تحقيقا كاملا في مثل هذه الهجمات.

وقالت وزارة الداخلية الألمانية إنها «تتصدى لكل أنواع الكراهية بما فيها كراهية الإسلام بشكل صريح»، وأشارت إلى أنها أجرت استطلاعا هذا العام قدم فهما أكبر للعنصرية المناهضة للمسلمين.

وفي فرنسا، أقر وزير الداخلية جيرالد دارمانان بارتكاب مزيد من الأفعال المناهضة للمسلمين منذ السابع من أكتوبر، رغم أن الأرقام الرسمية الفرنسية لعام 2023 بدت في طريقها للتراجع في ظل تسجيل 130 حادثة حتى 14 نوفمبر مقارنة مع 188 حادثة مسجلة طوال العام الماضي. ولم ترد الوزارة على طلب التعليق.

كما أقر متحدث باسم الشرطة الوطنية الفرنسية بأن البيانات المتعلقة بالحوادث المعادية للمسلمين «غير كاملة»، واعتمدت على تقديم الضحايا لشكاوى. وأضاف أن الأجهزة الأمنية تراقب بنشاط الحوادث المعادية للسامية.

طورت فرنسا وألمانيا آليات مؤسسية للتعامل مع الأفعال المعادية للسامية في أعقاب المحرقة (الهولوكوست) في فترة الحرب العالمية الثانية وردا على التحيز المستمر ضد اليهود.

وقال رضا ضياء إبراهيمي المؤرخ في جامعة كينجز كوليدج لندن ومؤلف كتاب «معاداة السامية ورهاب الإسلام: تاريخ متشابك»، إن الماضي الاستعماري والديني لأوروبا الغربية صور الإسلام أيضا على أنه رجعي وغريب مما أسهم في ترسيخ التحيز بين قطاعات من السكان وفي المؤسسات.

وغالبا ما تؤدي الهجمات التي يشنها متشددون إسلاميون في أوروبا أو في الخارج إلى تداعيات على عموم السكان المسلمين.

وبعد تشويه مساجد وانتشار تعليقات مناهضة للمسلمين من مثقفين على شاشات التلفزيون، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي إن «حماية الفرنسيين من معتنقي الديانة اليهودية لا ينبغي أن يقابلها تشويه للفرنسيين من معتنقي الديانة الإسلامية».

مع ذلك، قال المؤرخ ضياء إبراهيمي إن قرار وزارة الداخلية الفرنسية حظر الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين باعتبارها خطرا على النظام العام في أعقاب هجمات «حماس» حفز وجهة نظر مفادها أن العرب معتدون، وأن أنصار الفلسطينيين مدفوعون بمعاداة السامية.

ووصفت منظمة العفو الدولية الحظر الشامل بأنه غير متكافئ.

وقال أيمن مزيك من المجلس الإسلامي الألماني إن هناك حاجة إلى تعيين مفوض حكومي اتحادي معني بمسألة كراهية الإسلام لاستكمال المفوضين الحاليين المعنيين بمعاداة السامية والعنصرية المناهضة للغجر.

وأضاف «حقيقة أن لدينا هذا العدد الكبير من المفوضين في ألمانيا مع عدم وجود مفوض معني بالإسلام بصفة خاصة هو بمثابة تمييز في حد ذاته».

وأقرت ريم العبلي - رادوفان المفوضة الألمانية المعينة حديثا لشؤون العنصرية بالحاجة إلى القيام بمراقبة أفضل بعدما أظهر استطلاع أجرته وزارة الداخلية أن واحدا من بين كل اثنين من الألمان لديه آراء معادية للإسلام.

وبالنسبة لبعض المسلمين في ألمانيا، التي استقبلت حوالي مليون سوري وأقل قليلا من 400 ألف أفغاني في السنوات القليلة الماضية، يُعد العداء المتزايد بمثابة مفاجأة.

وقدمت غالية زغل إلى ألمانيا من سوريا في عام 2015، وقالت إنها لم تواجه قط أي مشاكل كبيرة تتعلق بالتمييز. لكن بعد السابع من أكتوبر بفترة قصيرة تعرضت للدفع مرتين في يوم واحد، وصرخ رجل فيها قائلا: «هذا شارعي، وليس شارعك».

وأضافت زغل التي تمتلك صالون تجميل في برلين «صُدمت جدا لدرجة أنني لم أتمكن من التوجه إلى الشرطة».


مقالات ذات صلة

إسرائيل: الرهائن قتلوا من مسافة قريبة جداً بين الخميس وصباح الجمعة

شؤون إقليمية جانب من جنازة ألموغ ساروسي في مدينة رعنانا الإسرائيلية اليوم (أ.ف.ب)

إسرائيل: الرهائن قتلوا من مسافة قريبة جداً بين الخميس وصباح الجمعة

أفادت وزارة الصحة الإسرائيلية بأن التشريح الذي أجري صباح اليوم (الأحد) لجثث الرهائن الـ6 أظهر أنهم قتلوا «من مسافة قريبة جداً بين الخميس وصباح الجمعة».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)

مصر تدين سياسة «الأرض المحروقة» في الضفة الغربية

أدانت مصر «استمرار الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، التي أدت لاستشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين على مدار الأيام الماضية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية صورة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال احتجاجات عائلات الرهائن في تل أبيب (رويترز)

نتنياهو يعتذر لأسرة رهينة لقي حتفه... واتحاد العمال الإسرائيلي يعلن الإضراب العام

في خطوة نادرة، قدّم رئيس الوزراء الإسرائيلي، الأحد، اعتذاراً لأسرة الرهينة الراحل ألكسندر لوبانوف، لعدم إنقاذه هو و5 رهائن آخرين كانوا محتجزين في غزة أحياءً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

رئيس الوزراء البريطاني يعرب عن «صدمته» لمقتل الرهائن الإسرائيليين الست

أعرب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، اليوم الأحد، عن «صدمته الشديدة» إزاء مقتل ست رهائن إسرائيليين «بشكل مروِّع وغير مبرَّر» بعدما عُثر على جثثهم في غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية متظاهر في تل أبيب مساء السبت يرتدى قناعاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتنديد بسياسته في ملف المحتجزين لدى «حماس» (د.ب.أ)

جثث المختطفين الستة تؤجج الغضب ضد نتنياهو

في أعقاب تباهي الجيش الإسرائيلي والحكومة باسترداد «ستة جثامين» لمحتجزين لدى «حماس»، خرجت عائلات في موجة مظاهرات شوّشت الحياة الاقتصادية في شتى أنحاء البلاد.

نظير مجلي (تل أبيب)

طريق «أبيض - أبيض» تربط محافظتَي الحسكة والرقة بمناطق نفوذ دمشق

تصل «طريق أبيض» إلى بلدة الطبقة ونقطة العبور إلى المناطق الخاضعة للنظام والداخل السوري (الشرق الأوسط)
تصل «طريق أبيض» إلى بلدة الطبقة ونقطة العبور إلى المناطق الخاضعة للنظام والداخل السوري (الشرق الأوسط)
TT

طريق «أبيض - أبيض» تربط محافظتَي الحسكة والرقة بمناطق نفوذ دمشق

تصل «طريق أبيض» إلى بلدة الطبقة ونقطة العبور إلى المناطق الخاضعة للنظام والداخل السوري (الشرق الأوسط)
تصل «طريق أبيض» إلى بلدة الطبقة ونقطة العبور إلى المناطق الخاضعة للنظام والداخل السوري (الشرق الأوسط)

تمكنت سلطات «الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا» من إعادة افتتاح طريق رئيسية حيوية تربط محافظتَي الحسكة والرقة مع مناطق الداخل السوري، بإمكانات وجهود محلية، بعد توقف الطريق الرئيسية «إم4 (M4)» وخروجها عن الخدمة نهائياً بسبب التصعيد والقصف المتبادل بين الجيش التركي و«قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، في أعقاب سيطرة الجيش التركي وفصائل سورية مسلحة على مدينتَي رأس العين وتل أبيض في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وهي المنطقة التي باتت تُعرف بمنطقة عملية «نبع السلام».

«طريق أبيض» قديمة، وعمرها يتجاوز 70 سنة، وعندما أعيد افتتاحها مؤخراً، أُطلق عليها اسم «طريق أبيض - أبيض»، أو ما تُعرف محلياً بـ«طريق السلام»، وهي تصل محافظتَي الحسكة والرقة بمناطق ومحافظات الداخل السوري، وتمتد على طول 170 كيلومتراً؛ تبدأ من دوار حي الغويران جنوب الحسكة، حتى «باب بغداد» الأثري شرق الرقة، وتستمر حتى معبر بلدة الطبقة، مروراً بالرقة، ومنها تكمل نحو محافظتَي حماة وحمص عبر بلدة السلمية وسط سوريا.

وكان «معبر الطبقة» تحول إلى منطقة تماس تفصل مناطق سيطرة القوات الموالية للرئيس السوري، عن مناطق سيطرة «قسد» المدعومة من تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة الأميركية.

«باب بغداد» الأثري في المدخل الشرقي لمحافظة الرقة شمالاً (الشرق الأوسط)

يقول هفال ريدور، وهو أحد المسؤولين عن الدوريات الأمنية المنتشرة على هذه الطريق، إن قوى الأمن الداخلي، وبالتنسيق مع قيادة المرور لشمال شرقي سوريا، «نصبت 16 حاجزاً ونقطة تفتيش على طول هذه الطريق لتأمينها والتدقيق في هوية العابرين، ولدينا نقطة كل 10 كيلومترات»؛ نظراً إلى أن المناطق صحراوية مترامية الأطراف ومتداخلة مع مناطق سيطرة القوات التركية وفصائلها الموالية من جهتها الشمالية، ومناطق سيطرة النظام السوري من الجهة الجنوبية.

وأضاف المسؤول الكردي أن الحواجز «متعاونة مع كل الوافدين أو المسافرين بين مناطق الإدارة، فالغرض هو حماية أرواح وممتلكات الأهالي الذين يسلكون هذه الطريق الحيوية وتأمينها»، بعد أن أُغلقت طريق «إم4 (M4)» بشكل كلي أمام حركة المسافرين.

السوق المركزية لمدينة القامشلي التابعة لمحافظة الحسكة (الشرق الأوسط)

وتعدّ «طريق أبيض» طريقاً حيوية تربط مناطق نفوذ «الإدارة الذاتية» في شمال شرقي البلاد وأقاليمها السبعة الخاضعة لسيطرتها، حيث تصل مدينتَي الحسكة والرقة ببلدة الطبقة، وتشكل عقدة مواصلات تربط باقي مناطق الإدارة، وتتفرع منها طريق إلى بلدة عين عيسى في الرقة، ومنها إلى مدينتَي منبج وعين العرب أو «كوباني»، وفق تسميتها الكردية، الواقعتين في الريف الشرقي لمحافظة حلب، كما تتصل بالطريق التي تربط بلدات ريف دير الزور الشرقي بمركز مدينة دير الزور، ومناطق سيطرة القوات النظامية في الضفة الجنوبية من نهر الفرات.

«طريق أبيض» الرئيسية تربط محافظتَي الحسكة والرقة شمال شرقي سوريا بطول 170 كيلومتراً (الشرق الأوسط)

ويفضل سائقو السيارات المدنية والشاحنات التجارية وحافلات نقل الركاب بين الحسكة والرقة والعاصمة دمشق، استخدام «طريق أبيض» لسلامتها. يقول لقمان (58 سنة)، وهو سائق حافلة «بولمان» ينقل الركاب من مناطق الجزيرة السورية إلى دمشق: «نسلك هذه الطريق ليلاً ونهاراً لضمان سلامتنا وسلامة الركاب، وهي أسرع طريق بعد إغلاق طريق حلب ودير الزور، حيث تستغرق الرحلة من الحسكة إلى دمشق نحو 16 ساعة»، بعد أن كانت هذه الرحلة تستغرق 24 ساعة؛ أي يوماً كاملاً في أوقات سابقة.

لافتة مرورية على «جسر الرشيد» بالرقة تشير إلى مناطق الداخل السوري (الشرق الأوسط)

ووفق «مركز جسور للدراسات»، تسيطر القوات النظامية على نحو 75 في المائة من الشبكة الطرقية في عموم سوريا، التي تُقدّر بـ53431.4 كيلومتر، بطول هو الأكبر مقارنة مع بقية أطراف النزاع.

أما «قسد» فتسيطر على نحو 16 في المائة من الشبكة الطرقية، بطول 11581.4 كيلومتر، فيما تسيطر فصائل المعارضة المسلحة و«هيئة تحرير الشام» على 12 في المائة من الشبكة الطرقية، بطول هو الأصغر ويقدّر بـ8842.4 كيلومتر.

لافتة مرورية تشير إلى مدينة حلب شمال سوريا على «طريق أبيض»... (الشرق الأوسط)

يذكر أن «طريق أبيض» يعود تاريخها إلى خمسينات القرن الماضي، وكانت طريقاً رئيسية تربط محافظتَي الحسكة والرقة، لكنها خرجت عن الخدمة بعد دخول طريق «إم4 (M4)» الخدمة، وكانت تصل محافظة حلب شمالاً بمدينة القامشلي شرقاً، وكانت شرياناً اقتصادياً يصل سوريا بالعراق وتركيا وشواطئ البحر الأبيض المتوسط، وباتت اليوم شريطاً حدودياً فاصلاً ومنطقة تماس بين المناطق الخاضعة لفصائل «درع الفرات» و«نبع السلام» الموالية لتركيا من جهة، و«قسد» المدعومة من التحالف الدولي من جهة ثانية، والقوات النظامية المدعومة من روسيا من جهة ثالثة.