قالت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم (الاثنين)، إن الدبابات الإسرائيلية تمركزت حول مجمع المستشفى الإندونيسي في شمال غزة، حيث قتل 12 فلسطينيا، وأصيب العشرات مع احتدام القتال وسط مؤشرات على وقف وشيك للأعمال القتالية، وفق ما أفادت به وكالة «رويترز». ولم يؤكد الجيش الإسرائيلي التقارير الواردة من المستشفى الإندونيسي، لكن وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) ذكرت أن المستشفى تعرض لقصف مدفعي.
ونددت وزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مرسودي، اليوم، «بهجوم» إسرائيل على المستشفى الإندونيسي في غزة. وقالت مرسودي في بيان: «الهجوم انتهاك واضح للقوانين الدولية الإنسانية. جميع الدول، وخصوصا الدول التي تربطها علاقات وثيقة بإسرائيل، لا بد أن تستخدم كامل نفوذها وقدراتها لحث إسرائيل على وقف فظائعها».
ومثل كثير من المرافق الصحية الأخرى في قطاع غزة المحاصر، توقف المستشفى الإندونيسي عن العمل. لكن المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة قال إن هناك نحو 700 شخص، بينهم فرق طبية وجرحى، موجودون داخل المنشأة التي شيدت في عام 2016 بتمويل من منظمات إندونيسية.
وعلى الجانب الآخر من قطاع غزة، الذي تسيطر عليه حركة «حماس»، قال مسؤولون في مجال الصحة إن 14 فلسطينيا على الأقل قتلوا في ضربتين جويتين إسرائيليتين على منازل في بلدة رفح القريبة من الحدود مع مصر.
وأصدر الجيش الإسرائيلي بيانا مصحوبا بلقطات مصورة تظهر ضربات جوية وقوات تتنقل من منزل إلى آخر، وقال إنه قتل ثلاثة من قادة «حماس» ومجموعة من المقاتلين الفلسطينيين من دون تحديد مواقع بعينها.
ورغم استمرار القتال بين مسلحي «حماس» والقوات الإسرائيلية، التي تشن هجوما، قال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون إنهم على وشك التوصل إلى اتفاق لتحرير بعض الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.
وذكرت الهيئة العامة للمعابر والحدود بغزة في بيان أن بعض المساعدات دخلت عبر معبر رفح التجاري مع مصر، حيث من المتوقع أن تصل في وقت لاحق 40 شاحنة محملة بمعدات للمستشفى الميداني الإماراتي.
وتحتجز «حماس» حوالي 240 رهينة منذ هجومها الدامي عبر الحدود على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، مما دفع إسرائيل إلى اجتياح القطاع للقضاء على الحركة بعد عدة حروب غير حاسمة منذ عام 2007.
وبحسب الإحصاءات الإسرائيلية، قُتل نحو 1200 إسرائيلي، معظمهم من المدنيين، في هجوم «حماس» الذي شكل أكثر الأيام دموية في تاريخ البلاد الممتد منذ 75 عاما.
وقالت الحكومة، التي تديرها «حماس» في غزة، إن ما لا يقل عن 13 ألف فلسطيني، بينهم 5500 طفل على الأقل، قتلوا بسبب القصف والضربات الجوية الإسرائيلية المستمرة منذ ذلك الحين.
ويقول الجيش الإسرائيلي إن دباباته وقواته التي اقتحمت غزة أواخر الشهر الماضي تسيطر على مناطق واسعة في الشمال والشمال الغربي والشرق حول مدينة غزة.
لكنّ «حماس» وشهودا محليين يقولون إن المسلحين يشنون حرب عصابات في جيوب بشمال القطاع المكتظ بالسكان، بما يشمل أجزاء من مدينة غزة ومخيمي جباليا والشاطئ للاجئين.
وذكر الجناح العسكري لـ«حركة الجهاد»، المتحالفة مع «حماس»، أن مقاتليه هاجموا سبع مركبات عسكرية إسرائيلية خلال اشتباكات في المناطق الشمالية من بيت حانون وبيت لاهيا والصفطاوي وغرب جباليا.
وانضم وزراء عرب ومسلمون في بكين إلى نداءات دولية تطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، بينما تزور وفود منهم عواصم عالمية كبرى للضغط من أجل إنهاء الأعمال العدائية والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المنكوبين.
آمال في اتفاق
على الرغم من استمرار القتال على الأرض في غزة، قال مايكل هرتسوغ السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة خلال مقابلة مع برنامج على شبكة «إيه بي سي» إن إسرائيل تأمل في أن تفرج «حماس» عن عدد كبير من الرهائن «في الأيام المقبلة».
وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مؤتمر صحافي في الدوحة أمس إن العقبات الرئيسية التي تحول دون التوصل إلى اتفاق «بسيطة للغاية»، إذ تتبقى مسائل «عملية ولوجيستية» بشكل رئيسي.
وذكر مسؤول في البيت الأبيض أن المفاوضات «المعقدة للغاية والحساسة للغاية» تحرز تقدما.
ويتصادف حدوث المفاوضات مع استعداد إسرائيل للتوسع في هجومها على «حماس» في جنوب قطاع غزة الذي تمهد له إسرائيل بتكثيف القصف الجوي على أهداف ترى أنها مخابئ لمسلحين.
لكن الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، حذرتها أمس من بدء عملياتها القتالية في الجنوب قبل أن يضع المخططون العسكريون في الحسبان سلامة المدنيين الفلسطينيين.
ولا يتوقف سكان غزة الذين يعانون عن النزوح منذ بدء الحرب، إذ لاذوا بمستشفيات أو مشوا مسافات من شمال القطاع إلى جنوبه، وفي بعض الأحيان عادوا من الجنوب إلى الشمال مجددا، في جهود يائسة للبقاء بعيدا عن مرمى النيران.
وقال أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة إن عدد القتلى في غزة «صادم وغير مقبول»، وناشد مجددا أمس فرض هدنة إنسانية فورية.
وأفاد شهود بوقوع قتال عنيف لفترات بين «حماس» والقوات الإسرائيلية التي تحاول التقدم إلى جباليا التي يقطنها 100 ألف شخص وتقول إسرائيل إنها معقل مهم للمسلحين.
ويقول مسعفون فلسطينيون إن تكرار القصف الإسرائيلي على جباليا أسفر عن مقتل عشرات المدنيين.
وحث الجيش الإسرائيلي أمس وباللغة العربية عبر وسائل التواصل الاجتماعي سكان عدة أحياء بجباليا على التحرك جنوبا «حفاظا على سلامتكم». وأضاف الجيش: «سنقوم بتعليق تكتيكي مؤقت للنشاطات العسكرية... وتحديدا بين العاشرة صباحا والثانية بعد الظهر».
وذكرت وزارة الصحة في غزة أنه بعد انتهاء «التعليق» أسفر قصف جوي إسرائيلي على منزل في جباليا عن مقتل 11 فلسطينيا.
ويقول فلسطينيون إن تكرار القصف الإسرائيلي لجنوب القطاع يجعل التعهدات الإسرائيلية بالحفاظ على سلامتهم أمرا عبثيا.
وقال الجيش الإسرائيلي في أحدث إحصاءاته إن 64 جنديا إسرائيليا في المجمل لقوا حتفهم خلال الصراع.