القصف الإسرائيلي يصل إلى عمق النبطية في جنوب لبنان

استهدف منظومة صواريخ لـ«حزب الله» رداً على إسقاطه مسيّرة

الدخان يتصاعد من المعمل بعد احتراقه (الوكالة الوطنية)
الدخان يتصاعد من المعمل بعد احتراقه (الوكالة الوطنية)
TT

القصف الإسرائيلي يصل إلى عمق النبطية في جنوب لبنان

الدخان يتصاعد من المعمل بعد احتراقه (الوكالة الوطنية)
الدخان يتصاعد من المعمل بعد احتراقه (الوكالة الوطنية)

وصل القصف الإسرائيلي إلى عمق مدينة النبطية، في جنوب لبنان، عبر استهدافه معمل ألومنيوم بصاروخين، في ضربة على بعد حوالي 15 كيلومتراً من الحدود الجنوبية. وكانت غارة إسرائيلية استهدفت في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مركبة في عمق الأراضي اللبنانية في منطقة الزهراني على مسافة حوالى 45 كيلومتراً من الشريط الحدودي في ضربة كانت الأولى في هذا العمق من نوعها منذ بدء التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله» على أثر عملية «حماس» في 7 أكتوبر.

جانب من معمل الألومنيوم بعد احتراقه نتيجة القصف الإسرائيلي (صورة متداولة على مواقع التواصل)

وأعلن «حزب الله» عن تنفيذه عدداً من العمليات وإسقاطه مسيّرة إسرائيلية، قبل أن يعود الجيش الإسرائيلي ويعلن عن قصف منظومة صواريخ أرض - جو تابعة للحزب.

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام بـ«أن الطيران الإسرائيلي استهدف فجر السبت عمق منطقة النبطية لأول مرة منذ حرب يوليو (تموز) 2006 بصاروخين أطلقتهما طائرة مسيّرة باتجاه معمل الألومنيوم ما أدى لاحتراقه بالكامل».

وبعدما كان «حزب الله» قد أعلن الجمعة تنفيذه 13 هجوماً ضد مواقع عسكرية وتجمعات جنود على الجانب الإسرائيلي من الحدود، أحدها باستخدام طائرتين مسيرتين هجوميتين، أعلن السبت أن مقاتليه أسقطوا فجراً مسيّرة إسرائيلية، إضافة إلى شن هجمات أخرى على مواقع عسكرية إسرائيلية وتجمعات لجنود إسرائيليين، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه اعترض صاروخاً أطلق على طائرة مسيرة إسرائيلية.

وأشار الجيش الإسرائيلي عبر منصة «إكس» إلى أن التقرير الأولي لانطلاق صافرات الإنذار في الشمال أشارت إلى اعتراض الصاروخ الذي انطلق من لبنان. وذكر أن الأنظمة الدفاعية لم تسجل اختراق الصاروخ لأراضي إسرائيل.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن نحو 20 قذيفة صاروخية أطلقت من مناطق في جنوب لبنان باتجاه شمال إسرائيل، مشيرة إلى أن إطلاق القذائف جاء بعد تفعيل صفارات الإنذار في مناطق الجليل شمال إسرائيل. وقالت إن الصواريخ سقطت في مناطق مفتوحة ولم تقع إصابات، فيما بدأ الجيش الإسرائيلي رداً على مصادر النيران.

وبعد الظهر قال المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إنّ «الجيش أغار قبل قليل على أهداف عدّة لـ(حزب الله) في الأراضي اللبنانيّة، من بينها مجمّعات عسكريّة». وكتب على حسابه على منصة «إكس» أنّ «مقاتلات سلاح الجوّ دمّرت منظومةً متقدّمةً لصواريخ أرض-جوّ، رداً على إطلاق صاروخ جو-أرض على طائرة للجيش اللّيلة الماضية، علماً بأنّه قد تمّ اعتراض الصّاروخ بنجاح».

وفي بيانه قال «حزب الله» إن المسيّرة التي تم إسقاطها من نوع «هيرميز 450»، ووصفها بأنها «مسيرة قتالية ‏متعددة المهام»، مشيراً إلى إسقاطها بواسطة صاروخ أرض-جو عند الساعة الثانية إلا الربع بعد منتصف الليل. وأشار البيان إلى أن حطام المسيّرة شُوهد يتساقط فوق منطقة إصبع الجليل شمال إسرائيل.

ونشر الإعلام الحربي في «​حزب الله​»، مشاهد من إسقاط الطائرة المسيرة.

وفي بيانات متفرقة أخرى، قال الحزب إن مقاتليه استهدفوا موقع بليدا وثكنة راميم (قرية هونين اللبنانية المحتلة) وموقع الراهب بالصواريخ والقذائف المدفعية، وحقّقوا فيها إصابات مباشرة.

وأعلن أيضاً عن استهداف مقاتليه تجمّعين لجنود إسرائيليين؛ الأول في حرج شتولا ‏والثاني في خلة وردة، إضافة إلى مقر القيادة العسكرية المستحدث في وادي سعسع، ‏بالنيران الصاروخية محققين إصابات مؤكدة.

كذلك نشر الإعلام الحربي لـ«حزب الله»، فيديو يظهر مشاهد من استهداف عدد المواقع التابعة للجيش الإسرائيلي.

ولم يهدأ القصف الإسرائيلي منذ ساعات الفجر الأولى باتجاه المناطق الجنوبية. وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن القصف المدفعي طاول أطراف بلدة الجبين، وبلدتي طيرحرفا وشيحين.

كما نفذ الطيران غارة جوية استهدفت رأس الناقورة وتواصل استخدام قذائف محرمة دولياً، حيث قصفت مدفعية الجيش الإسرائيلي قرابة العاشرة والثلث صباحاً أطراف بلدة مروحين بالقذائف الفوسفورية، كما نفّذ غارتين على شرق مروحين.

كما أطلق الجيش الإسرائيلي، حسب «الوطنية»، القنابل المضيئة فوق سماء المنطقة المتاخمة للخط الأزرق وعلى الساحل البحري جنوب صور، وأطلقت قوات اليونيفيل أكثر من مرة صفارات الإنذار في مركزها محيط بلدة طيرحرفا وشمع والناقورة.

واتسعت رقعة القصف الإسرائيلي حتى أطراف بلدة المنصوري بالقطاع الغربي، بعدما كان الطيران الاستطلاعي يحلق طيلة الليل وحتى الصباح فوق قرى القطاعين الغربي والأوسط.

ولفتت «الوطنية» بعد الظهر إلى أن صاروخ «باتريوت» انفجر فوق بلدة الحنية بالقطاع الغربي، كما انفجر صاروخان اعتراضيان فوق منطقة جب سويد خراج بلدة مجدلزون الجهة الشمالية الشرقية.

وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن الطيران الحربي نفذ قرابة العاشرة صباحاً غارة جوية استهدفت أطراف بلدة عيتا الشعب، وتبعتها غارة مماثلة على أطراف بلدة دبل، كما قصف أطراف بلدات عيتا الشعب ورامية ورميش وعيترون وجبل بلاط والقوزح ويارين وأطراف مارون الراس ويارون وطريق منطقة هرمون بقذائف من عيار 155ملم.

وفي مرجعيون، طال القصف بلدات كفركلا ومركبا وبني حيان، وامتد إلى حولا، كما تم استهداف منزل عند أطراف بلدة مارون الراس، حسب «الوطنية».



جنبلاط يلتقي الشرع في «قصر الشعب»: عاشت سوريا حرة أبية

رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور خلال اللقاء مع الشرع (أ.ف.ب)
رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور خلال اللقاء مع الشرع (أ.ف.ب)
TT

جنبلاط يلتقي الشرع في «قصر الشعب»: عاشت سوريا حرة أبية

رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور خلال اللقاء مع الشرع (أ.ف.ب)
رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور خلال اللقاء مع الشرع (أ.ف.ب)

في زيارة هي الأولى لزعيم ومسؤول لبناني إلى دمشق، بعد سقوط نظام بشار الأسد، التقى رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» السابق، وليد جنبلاط، القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع في «قصر الشعب».

وزار جنبلاط، الذي كان أول زعيم ومسؤول لبناني يبادر إلى التواصل مع الشرع، دمشق، على رأس وفد من الحزب وكتلة «اللقاء الديمقراطي»، يضم نجله تيمور، برفقة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، ووفد من المشايخ والإعلاميين.

لعودة العلاقات ومحاكمة عادلة

وتحمل هذه الزيارة، التي هنّأ خلالها جنبلاط، الشرع، بـ«انتصاره»، بعداً وطنياً يرتكز على مستقبل العلاقة بين لبنان وسوريا، فهي تحمل كذلك بعداً درزياً يرتبط بما ستكون عليه علاقة السلطة الجديدة في سوريا مع الأقليات، تحديداً الطائفة الدرزية، في ظل الضغوط الإسرائيلية التي تمارس عليها، وهو ما كان الشرع واضحاً بشأنه في لقائه مع الزعيم الدرزي بالقول: «سوريا لن تشهد بعد الآن استبعاداً لأي طائفة»، مضيفاً أن «عهداً جديداً بعيداً عن الحالة الطائفية بدأ».

وفي كلمة له أثناء لقائه الشرع، هنأ جنبلاط القيادة السورية الجديدة بـ«التحرّر من نظام حكم (بشار) الأسد، والتطلع نحو سوريا الموحدة... عاشت سوريا حرّة أبية كريمة».

أحمد الشرع والزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط (رويترز)

وقال جنبلاط: «من جبل لبنان، من جبل كمال جنبلاط، نحيي هذا الشعب الذي تخلص من الاستبداد والقهر، التحية لكم ولكل من ساهم في هذا النصر، ونتمنى أن تعود العلاقات اللبنانية - السورية من خلال السفارات، وأن يحاسب كل الذين أجرموا بحق اللبنانيين، وأن تقام محاكم عادلة لكل من أجرم بحق الشعب السوري، وأن تبقى بعض المعتقلات متاحف للتاريخ».

وأضاف: «الجرائم التي ارتبكت بحق الشعب تشابه جرائم غزة والبوسنة والهرسك، وهي جرائم ضد الإنسانية، ومن المفيد أن نتوجه إلى المحكمة الدولية لتتولى هذا الأمر والطريق طويل»، مشيراً إلى أنه سيتقدم بـ«مذكرة حول العلاقات اللبنانية السورية».

الشرع: النظام السابق قتل الحريري وجنبلاط والجميل

في المقابل، تعهد الشرع، الذي التقى جنبلاط للمرة الأولى مرتدياً بدلة وربطة عنق، بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان، وستحترم سيادة هذا البلد المجاور. وفيما لفت إلى أن «المعركة أنقذت المنطقة من حربٍ إقليميّة كبيرة، وربما من حرب عالمية»، أكد أن «سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان على الإطلاق، وستحترم سيادة لبنان ووحدة أراضيه واستقلال قراره واستقراره الأمني، وهي تقف على مسافة واحدة من الجميع».

ولفت الشرع إلى أن «النظام السابق كان مصدر قلق وإزعاج في لبنان، وهو عمل مع الميليشيات الإيرانية على تشتيت شمل السوريين»، مؤكداً أن «نظام الأسد قتل رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري وكمال جنبلاط وبشير الجميل». وتعهد بأن «يكون هناك تاريخ جديد في لبنان نبنيه سوية بدون حالات استخدام العنف والاغتيالات»، وقال: «أرجو أن تمحى الذاكرة السورية السابقة في لبنان».

أحمد الشرع خلال استقباله وفداً برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في دمشق (رويترز)

وشدد الشرع على حماية الأقليات، قائلاً: «مع اعتزازنا بثقافتنا وبديننا وإسلامنا... لا يعني وجود الإسلام إلغاء الطوائف الأخرى، بل على العكس هذا واجب علينا حمايتهم». وأضاف: «اليوم يا إخواننا نحن نقوم بواجب الدولة في حماية كل مكونات المجتمع السوري».

دروز سوريا

وتحدث عن دروز سوريا تحديداً، مذكراً بأن «الإدارة الجديدة أرسلت وفوداً حكومية إلى مدينة السويداء ذات الأغلبية الدرزية في جنوب غرب البلاد»، وقال: «أهلنا في السويداء كانوا سباقين في مشاركة أهلهم في الثورة، وساعدونا في تحرير منطقتهم في الآونة الأخيرة».

وأضاف: «سنقدم خدمات كثيرة، نراعي خصوصيتها، ونراعي مكانتها في سوريا»، وتعهد بتسليط الضوء على ما وصفه بأنه تنوع غني للطوائف في سوريا.

أبي المنى وشعار الدروز

من جهته، قال الشيخ أبي المنى إن «شعب سوريا يستحق هذا السلم، ويستحق الازدهار، لأن سوريا قلب العروبة النابض». وأشار إلى أن «الموحدين الدروز لهم تاريخ وحاضر يُستفاد منه، فهم مخلصون للوطن وشعارهم شعار سلطان باشا الأطرش وشعار الكرامة، وكرامتهم من كرامة الوطن، لذلك نحن واثقون أنكم تحترمون تضحياتهم وهم مرتبطون بوطنهم».

رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط في «قصر الشعب» بدمشق قبيل لقائه الشرع (أ.ف.ب)

ارتياح في السويداء

ولاقت زيارة الزعيم الدرزي إلى دمشق ارتياحاً في أوساط السوريين الدروز. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر أهلية متقاطعة في السويداء، جنوب سوريا، أن هناك توافقاً بين الزعامات الروحية حول الموقف من «إدارة العمليات» ممثلة بقائدها أحمد الشرع، والتأكيد على العمقين الإسلامي والعربي لطائفة الدروز الموحدين وخصوصية جبل العرب، ودورهم التاريخي في استقلال سوريا كمكون سوري أصيل، وتطلعهم إلى دستور جديد يجمع عليه السوريون.

وحسب المصادر، فإن «هذا الموقف كان مضمون الرسالة التي حملها الوفد الدرزي إلى قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع، الأحد، وقد كانت نتائج الاجتماع إيجابية»، واعتبر دروز السويداء أن زيارة جنبلاط «خطوة عقلانية وحكيمة باتجاه الحفاظ على وحدة سوريا، وقطع الطريق على كل من يحاول تخريب العيش المشترك بين جميع السوريين، ووأد الفتن ما ظهر منها وما بطن».

ووفق المصادر، كان وفد درزي من لبنان زار السويداء قبل يوم من زيارة جنبلاط إلى دمشق، والتقى مشيخة العقل في السويداء، حيث قال شيخ العقل حمود الحناوي إنهم يتطلعون إلى «مواقف جنبلاط وأهلنا في لبنان باعتبارها سنداً ومتنفساً للتعاون من أجل مصالحنا كمواطنين سوريين لنا دورنا التاريخي والمستقبلي».

بعد 13 عاماً

ودخل الجيش السوري، لبنان، عام 1976 كجزء آنذاك من قوات عربية للمساعدة على وقف الحرب الأهلية، لكنه تحوّل إلى طرف فاعل في المعارك، قبل أن تصبح دمشق «قوة الوصاية» على الحياة السياسية اللبنانية تتحكّم بكل مفاصلها، حتى عام 2005، تاريخ خروج قواتها من لبنان تحت ضغط شعبي بعد اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري في انفجار وجهت أصابع الاتهام فيه إليها ولاحقاً إلى حليفها «حزب الله»، قبل أن تحكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان على اثنين من قادة الحزب بالسجن مدى الحياة، على خلفية قتل 22 شخصاً بينهم الحريري.

ويتهم جنبلاط، دمشق، باغتيال والده كمال في عام 1977 خلال الحرب الأهلية، في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد.

ونُسبت اغتيالات العديد من المسؤولين اللبنانيين الآخرين المناهضين لسوريا إلى السلطة السورية السابقة.

وعلى خلفية هذه الاغتيالات، تأرجحت علاقة الزعيم الدرزي مع النظام السوري السابق، الذي كان قد قاطعه وشنّ هجوماً غير مسبوق على رئيسه المخلوع، واصفاً إياه بـ«القرد» في المظاهرات التي نظمها فريق «14 آذار» إثر اغتيال الحريري عام 2005، قبل أن تعاد هذه العلاقة وترمّم بشكل محدود في عام 2009، لتعود إلى مرحلة العداوة مجدداً مع مناصرة جنبلاط للثورة السورية التي انطلقت عام 2011.

أما اليوم، وبعد 13 عاماً، عاد الزعيم الدرزي إلى دمشق «شامخاً مظفراً بالنصر»، وفق ما وصفه أمين سر كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن، عبر حسابه على منصة «إكس»، مضيفاً: «ها قد عدنا إلى سوريا الحرة مع الأمل الكبير الواعد بأن تنعم سوريا وشعبها بالحرية والديمقراطية والتنوّع والاستقرار والازدهار»، داعياً إلى «بناء أفضل العلاقات التي تحفظ سيادة وحرية واستقلال وطننا الحبيب لبنان وتحفظ سوريا الواحدة الموحدة الأبية».

وتوجه إلى السوريين بالقول: «هنيئاً لكم ولنا الانتصار الكبير، ويبقى الانتصار الأكبر هو الحفاظ على الوحدة الوطنية والحرية والهوية».