محكمة العدل الدولية: على سوريا وقف برنامج التعذيب

محكمة العدل الدولية في لاهاي (رويترز)
محكمة العدل الدولية في لاهاي (رويترز)
TT

محكمة العدل الدولية: على سوريا وقف برنامج التعذيب

محكمة العدل الدولية في لاهاي (رويترز)
محكمة العدل الدولية في لاهاي (رويترز)

قضت محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، الخميس، بضرورة وقف سوريا لبرنامج التعذيب الذي يقول المحققون إنه أدى إلى مقتل عشرات الآلاف، في أول قضية دولية بشأن الحرب التي اندلعت عام 2011.

وقالت محكمة العدل الدولية إن سوريا يجب أن «تتخذ كل التدابير التي في مقدورها لمنع أعمال التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو القصاص، القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة». كما يجب أن «تتخذ إجراءات فعالة لمنع إتلاف الأدلة وضمان الحفاظ على جميع الأدلة» المتعلقة بأعمال التعذيب وغيرها، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.يأتي القرار غداة إصدار محكمة فرنسية مذكرة توقيف دولية بحق الرئيس بشار الأسد وشقيقه ماهر، القائد الفعلي للفرقة الرابعة في الجيش السوري، وعميدين من الجيش، بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية على خلفية هجمات كيميائية اتُهمت دمشق بشنها صيف 2013.ودعا مقدما الشكوى، كندا وهولندا، المحكمة إلى إصدار أمر عاجل من أجل وقف التعذيب في السجون السورية، انطلاقاً من أن «كل يوم له أهميته» بالنسبة للمعتقلين.واستمع قضاة المحكمة الدولية في لاهاي خلال أكتوبر (تشرين الأول) إلى شهادات من معتقلين سوريين وصفوا فيها عمليات اغتصاب جماعي وتشويه وطريقة عقاب موحّدة تنطوي على وضع الأشخاص في إطار سيارة وضربهم بشكل مبرح.وطلبت كندا وهولندا من المحكمة اتخاذ «تدابير موقتة» من أجل وقف جميع أشكال التعذيب والاعتقال التعسّفي في سوريا، وفتح السجون أمام مفتّشين من الخارج، وتبادل المعلومات مع العائلات بشأن مصير أقاربهم.

وفقاً للشكوى المقدّمة من البلدين، فإن التعذيب في سوريا «منتشر ومتجذر ويستمر اليوم». ويتحمل الضحايا «آلاماً جسدية وعقلية لا يمكن تصوّرها، ويعانون جراء أعمال التعذيب، بما في ذلك المعاملة المقيتة في الاعتقال والعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي».وأضافت الدولتان نقلاً عن تقرير لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن «عشرات الآلاف ماتوا، أو يعتقد أنهم قضوا نتيجة التعذيب».وتجاهلت دمشق الجلسة الأولى في العاشر من أكتوبر، بعدما كانت قد رفضت القضية واصفة الاتهامات بأنها «تضليل وأكاذيب... وتفتقر إلى أدنى درجة من المصداقية».


مقالات ذات صلة

تصاعد العنف الاستيطاني في الضفة الغربية

المشرق العربي فلسطينيون في الضفة الغربية يشيعون أمس جثمان شاب قتلته القوات الإسرائيلية (أ.ب)

تصاعد العنف الاستيطاني في الضفة الغربية

يتعرض الفلسطينيون في الضفة الغربية إلى موجة من العنف والتهديدات المتزايدة من الإسرائيليين الذين يسعون لانتزاع أراضيهم تحت حماية الجيش.

أوروبا فلسطينيون يسيرون بين المباني المدمرة بعد انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من منطقتي بني سهيلا وعبسان (د.ب.أ)

رئيس أساقفة كانتربري يطالب باحترام رأي «العدل الدولية» بشأن الاحتلال الإسرائيلي

حث رئيس أساقفة كانتربري جاستن ويلبي الحكومات على احترام ما خلصت إليه محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي صبي فلسطيني صغير يسير حافي القدمين بالقرب من مياه الصرف الصحي الراكدة في دير البلح بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

«حماس» ترحب بموقف محكمة العدل وتطالب بإنهاء «فوري» للاحتلال الإسرائيلي

طالبت حركة «حماس»، الجمعة، بعمل دولي «فوري» لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بعدما رأت محكمة العدل الدولية أن هذا الاحتلال «غير قانوني».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي القاضي نواف سلام يتلو قرار محكمة العدل الدولية (أ.ف.ب)

«العدل الدولية»: الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية يجب أن ينتهي

رأت محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، الجمعة، أن الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ عقود للأراضي الفلسطينية «غير قانوني».

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
المشرق العربي رئيسة محكمة العدل الدولية قبل بدء جلسة الاستماع في قضية الإبادة التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بلاهاي يناير الماضي (إ.ب.أ)

تحديد موعد إعلان رأي محكمة «العدل الدولية» في العواقب القانونية للاحتلال الإسرائيلي

قالت محكمة العدل الدولية إنها ستبدي رأيها في العواقب القانونية التي تترتب على الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في 19 يوليو (تموز).

«الشرق الأوسط» (أمستردام)

القضاء العراقي: معلومات «شبكة التنصت» مبنية على «التحليل والاستنتاج»

رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (د.ب.أ)
رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (د.ب.أ)
TT

القضاء العراقي: معلومات «شبكة التنصت» مبنية على «التحليل والاستنتاج»

رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (د.ب.أ)
رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (د.ب.أ)

أعاد مجلس القضاء الأعلى العراقي، الأحد، التذكير بقضية «شبكة التنصت» التي تفجرت قبل نحو أسبوعين، وضمت مسؤولين وضباطاً متخصصين في الأمن الرقمي، يعملون في مكتب رئاسة الوزراء.

ووصف مجلس القضاء الأعلى المعلومات المتداولة بشأن القضية بأنها «غير دقيقة». وأكد في بيان «عدم دقة المعلومات المتداولة في بعض مواقع التواصل الاجتماعي، بخصوص التحقيق فيما تعرف بقضية (شبكة محمد جوحي) كون هذه المعلومات مبنية على التحليل والاستنتاج، بعيداً عن الحقيقة». وجوحي المشار إليه شغل منصب معاون مدير عام الدائرة الإدارية في مكتب رئيس الوزراء، وهو ابن أخٍ لرائد جوحي، مدير مكتب رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي.

وفي مقابل البيان القضائي الذي أشار إلى المتورط في «قضية التنصت» بصراحة، أصدر الناطق الرسمي باسم الحكومة، باسم العوادي، الأحد، بياناً يشير إلى القضية نفسها التي تتوالى فصولها منذ أيام.

وقال بيان الناطق إن حكومته «تتابع من منطلق التزامها ومسؤولياتها القانونية، الحملات المضللة التي تستهدف إعاقة عملها في مختلف المجالات، ومنها ما جرى تناوله من معلومات غير دقيقة تستبطن الغمز، وبعضها تضمن الاتهام المباشر للحكومة تجاه قضايا تخضع الآن لنظر القضاء؛ إذ تنتظر السلطة التنفيذية ما سيصدر عنه بهذا الصدد، مع تأكيد الحكومة المستمر على الالتزام بالقانون واحترام قرارات القضاء».

وأضاف أن «الحكومة تشدد على المضي في محاربة الفساد وكل أشكال التعدي على القانون، وذلك بالتعاون المستمر والوثيق مع السلطتين القضائية والتشريعية، كما أنها تعوّل في هذا المسار على يقظة المواطن ووعيه، حتى لا يكون ضحيّة لمن يشوه الحقائق ويتعمد تضليل الرأي العام».

وذكر بيان الناطق الحكومي أن «هناك من يعمل على جرّ الحكومة وإشغالها عن نهجها الوطني، عبر محاولات يائسة لا تصمد أمام الإجراءات القانونية الحقيقية والفعلية التي تعمل الحكومة على تنفيذها ودعمها. وقد أثبتت السنتان الماضيتان من عمر الحكومة قوة الإرادة في هذا الاتجاه، والتصميم المتواصل على تنفيذ الإصلاحات، وعدم التهاون في الحق العام، مهما كانت الضغوط والتبعات».

رد متأخر

بيان القضاء الجديد، وكذلك الحكومة، صدرا بعد 4 أيام من بيان مماثل أصدره القضاء، وقال فيه إنه «لا صحّة لما يجري تداوله على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بشأن وجود محاولات تنصت على القاضي فائق زيدان»، بالنظر إلى أن المعلومات التي رشحت عن عمل شبكة التنصت، ذهبت إلى أن زيدان كان ضمن لائحة المستهدفين.

ويضفي البيانان الجديدان مزيداً من الغموض على القضية بدلاً من تفكيك تفاصيلها، حسب مراقبين؛ خصوصاً مع ما يتردد عن تورط مسؤولين كبار في رئاسة الوزراء. وتشير بعض المصادر إلى صدور أوامر قبض جديدة على مسؤولين رفيعين في مكتب رئيس الوزراء.

وكان السوداني قد أمر في 20 أغسطس (آب) الماضي بـ«تشكيل لجنة تحقيقية بحقّ أحد الموظفين العاملين في مكتب رئيس مجلس الوزراء؛ لتبنّيه منشوراً مُسيئاً لبعض المسؤولين، وعدد من السادة أعضاء مجلس النواب، وإصدار أمر سحب يد لحين إكمال التحقيق».

وأبلغت مصادر مطلعة «الشرق الأوسط» الخميس الماضي، بأن «زعيمين بارزين في (الإطار التنسيقي) من ضحايا عملية التنصت التي قامت بها الشبكة المذكورة، وأنهما أبلغا القضاء بمعطيات القضية».

وحسب إفادات سابقة للنائب مصطفى سند، فإن محكمة تحقيق الكرخ، المختصة بقضايا الإرهاب، قامت، الأسبوع الماضي، بـ«اعتقال شبكة من القصر الحكومي لمكتب رئيس الوزراء؛ وعلى رأسهم المقرَّب (محمد جوحي)، وعدد من الضباط والموظفين».

وذكر أن الشبكة «كانت تمارس عدة أعمال غير نظيفة؛ ومنها التنصت على هواتف عدد من النواب والسياسيين (وعلى رأسهم رقم هاتفي)، كذلك تقوم الشبكة بتوجيه جيوش إلكترونية، وصناعة أخبار مزيفة، وانتحال صفات لسياسيين ورجال أعمال ومالكي قنوات».

حجاج شيعة على طريق كربلاء لإحياء «ذكرى عاشوراء» في أغسطس 2024 (رويترز)

«تمثيلية» أو تصفية حساب

وترى أوساط مقربة من السوداني أن تلك محاولات لتصفية الحسابات معه، نظراً إلى أن معلومات كهذه سوف تتسبب في إحراج كبير له، قد يؤثر على وضعه السياسي على مشارف الانتخابات. لكن القيادي السابق بالتيار الصدري، ونائب رئيس الوزراء الأسبق، بهاء الأعرجي، وصف الأمر بأنه لا يخرج عن إطار «التمثيلية».

الأعرجي -في لقاء متلفز- قال إن «(الإطار التنسيقي) قام بتمثيلية إعلامية ضد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، من أجل أن يعود إلى صفوفه في الانتخابات المقبلة». وأضاف الأعرجي أن «بعض الخلافات بين السوداني و(الإطار) قديمة، وظهرت الآن مع قرب الانتخابات»، مضيفاً أن «الهجمة الإعلامية ضد رئيس الوزراء هي تمثيلية، من أجل أن يعود إلى صفوف (التنسيقي) في التحالفات الانتخابية». وأكد الأعرجي أن «بعض الأطراف في (الإطار) كانت تتصور أن يكون السوداني سهلاً، ويمكن أن يمرر كثيراً من الأمور والعقود والمصالح، وأن يكون مديراً لهم؛ لكنه لا يقبل بذلك، وأصبح قائداً سياسياً».

ورقة ضغط انتخابية

في وقت بدأت فيه بعض الأطراف داخل «الإطار التنسيقي» الشيعي التي بدأت خلافاتها مع السوداني تظهر على السطح، ترفع سقف طموحاتها بشأن نتائج التحقيقات في قضية التنصت، والتي أشاعوا تسميتها «شبكة التجسس»، لا تزال هناك قوى ضمن دائرة «الإطار» نفسه، لا ترغب في هذا التصعيد؛ كونها داعمة للسوداني أصلاً، ولكونها ترى أن أي هزة في البيت الشيعي، وفي هذا الظرف، لن تتوقف تداعياتها عند منصب رئيس الوزراء.

وفي هذا السياق، ورغم عدم عقد اجتماع دوري لقوى «الإطار التنسيقي»، فإن قائدين بارزين، هما: زعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم، وزعيم «العصائب» قيس الخزعلي، التقيا مؤخراً ليصدرا بياناً يؤازران فيه حكومة السوداني.

لكن بالنسبة للأطراف التي تعتمد على تسريبات متداولة حول تقديم موعد الانتخابات البرلمانية، من نهاية العام المقبل إلى منتصفه، بعدما فشلت في إجراء انتخابات مبكرة نهاية العام الحالي، فإن تركيزها الآن ينصب على المطالبة بتغيير قانون الانتخابات، من الدائرة الواحدة إلى دوائر متعددة، للحد من قدرة السوداني والمتحالفين معه على الحصول على الأغلبية التي تؤهلهم لتشكيل الحكومة المقبلة.