اشتباكات ضارية ومتصاعدة في يوم الحرب على مستشفيات غزة

تطويق «الشفاء» يشل العمل الصحي... وإسرائيل تقول إنها دخلت قلب «الحي العسكري» لـ«حماس»

مرضى ونازحون في مستشفى «الشفاء» بمدينة غزة (أ.ف.ب)
مرضى ونازحون في مستشفى «الشفاء» بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

اشتباكات ضارية ومتصاعدة في يوم الحرب على مستشفيات غزة

مرضى ونازحون في مستشفى «الشفاء» بمدينة غزة (أ.ف.ب)
مرضى ونازحون في مستشفى «الشفاء» بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تواصل إسرائيل حربها على الرغم من الاعتراف بأن الضغط الدولي يزداد مع دخول الحرب أسبوعها السادس. ودخلت الاشتباكات المسلحة في قطاع غزة مرحلة جديدة، ضارية وعنيفة وحادة، في يوم المستشفيات الذي شهد محاصرة القوات الإسرائيلية مستشفيات عدة في مدينة غزة وسط القطاع، بينها مستشفى «الشفاء» الذي يقول الجيش إنه مركز قيادة «كتائب القسام»، الذراع المسلحة لحركة «حماس».

وقالت مصادر في الفصائل الفلسطينية لـ«الشرق الأوسط» إن اشتباكات ضارية وغير مسبوقة تجري في محيط مستشفى «الشفاء» ومحاور أخرى، بينها مخيم الشاطئ وحي الشيخ رضوان وحي النصر ومفرق الاتصالات وحي تل الهوى وبرج الوحدة. وأكدت المصادر أن الاشتباكات لا تتوقف على مدار 24 ساعة.

وتصاعدت الاشتباكات مع تطويق الجيش الإسرائيلي مستشفى «الشفاء» بعدما قصف الطيران محيط المستشفى مخلفاً المزيد من الضحايا، في محاولة لإجبار النازحين والأطباء والمرضى على مغادرته. وحاصر الجيش الإسرائيلي مجمع «الشفاء» الطبي فجر يوم السبت، وقصف معظم البنايات المجاورة له، وعدداً من المباني بداخله.

وقالت الوكالة الفلسطينية الرسمية إن «دبابات الاحتلال المتوغلة غرب مدينة غزة والطائرات المسيرة تستهدف كل جسم متحرك في المنطقة، وقصفت بعنف مجمع (الشفاء) الطبي في مدينة غزة، ما خلَّف عشرات الضحايا». وأكدت الوكالة أن القصف المدفعي طال قسم العناية المكثفة في المستشفى، واستمر القصف مخلفاً «عشرات جثامين الشهداء ملقاة في ساحة المجمع وفي محيطه».

فتاة فلسطينية تتلقى العلاج في مستشفى «الشفاء» بعد إصابتها خلال القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (رويترز)

«المربع الأمني»

وأكد الجيش الإسرائيلي أنه يخوض مواجهات في محيط «الشفاء» في الحي العسكري الذي سماه بـ«المربع الأمني» لاحتوائه على «الأنشطة الاستخباراتية والعملياتية لـ(حماس)»، لكنه نفى أنه يحاصر المستشفى، وذلك قبل أن يعلن «الهلال الأحمر الفلسطيني» أن الجيش يحاصر أيضاً مستشفى «القدس» التابع له في مدينة غزة، ويطلق النار بشكل مباشر على المستشفى.

وقبل ذلك حاصر الجيش الإسرائيلي مستشفيات الإندونيسي، والرنتيسي، والنصر، والعيون، والصحة النفسية، في مناطق شمال ووسط القطاع. وأعلنت وزارة الصحة في غزة يوم السبت عن توقف مجمع «الشفاء» الطبي، وهو الأكبر في القطاع المحاصر، عن العمل وخروجه تماماً عن الخدمة، كما حدث مع مستشفيات أخرى من قبله.

وقال المتحدث باسم الوزارة أشرف القدرة، إن العمل «توقف بالكامل في مجمع (الشفاء) الطبي الأكبر في قطاع غزة جراء استهدافه بغارات إسرائيل، ونفاد الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية». وأضاف القدرة أن «خروج المجمع الذي يضم مستشفيات عدة عن الخدمة يشكل كارثة صحية حقيقية، لا سيما توقف أقسام العناية المركزة والأطفال وأجهزة الأكسجين عن العمل».

الدخان يتصاعد مع لجوء النازحين الفلسطينيين إلى مستشفى «الشفاء» في غزة (رويترز)

موت المرضى داخل المستشفى

وحذر القدرة من «بدء موت الأطفال والمرضى داخل المستشفى»، مشيراً إلى وفاة «طفل في قسم الحضانة بسبب البرد جراء انقطاع الكهرباء و4 أشخاص آخرين في قسم العناية المركزة بسبب انقطاع الكهرباء». ويوجد في «الشفاء» نحو 600 مريض وجريح و39 طفلاً في حضانات الخدج، وأكثر من 500 طبيب و20 ألف نازح.

وقالت وزيرة الصحة مي الكيلة «إن استهداف المستشفيات والطواقم الطبية والإسعافية في قطاع غزة، في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل لليوم الـ36 على التوالي، جريمة حرب، وإبادة جماعية». وأضافت أن «الاحتلال قصف المستشفى المعمداني مخلفاً أكثر من 500 شهيد، وحاول التنصل من جريمته، لكن اليوم وفي بث حي ومباشر، واعتراف صريح وأمام العالم كله، يقصف المستشفيات، ويقطع عنها الوقود والأدوية والمستلزمات الطبية والكهرباء والماء لتكون النتيجة الموت المحقق للمرضى، إما عطشاً أو حرقاً أو نقصاً للدواء أو قصفاً بالأسلحة الفتاكة».

ومع احتدام القتال حول المستشفيات، أكد أبو عبيدة الناطق العسكري باسم «كتائب القسام»، أن مقاتلي الكتائب يخوضون اشتباكات ضارية، وفجروا آليات للعدو في كل محاور ونقاط تقدمه في غزة، واستهدفوا جنوداً، ودمروا دبابات وآليات، وقصفوا بئر السبع. ونشرت «القسام» فيديو يظهر مقاتليها يستهدفون بشكل مباشر جنوداً إسرائيليين داخل بناية في غزة بقذائف وإطلاق نار.

ضحايا بالقرب من سيارة إسعاف تضررت في غارة إسرائيلية أمام مستشفى «الشفاء» في مدينة غزة (أ.ف.ب)

مقتل أحمد صيام

وأعلن في إسرائيل عن مقتل جندي ليرتفع عدد الذين قُتلوا منذ بدء العملية البرية إلى 39 عسكرياً. ومقابل ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل أحمد صيام قائد سرية «النصر» و«حي الشيخ رضوان» في «كتائب القسام»، زاعماً أنه كان يحتجز في أثناء القتال نحو ألف من سكان قطاع غزة رهائن في مستشفى «الرنتيسي»، وحال دون خروجهم ونزوحهم إلى جنوب قطاع غزة.

وقال الجيش إنه أثناء قتله صيام داخل مدرسة «البراق»، قتل عدداً من نشطاء «حماس» الذين كانوا تحت قيادته. وأكد الجيش أنه استولى على 11 موقعاً عسكرياً لحركة «حماس» منذ بدء الحرب، ورصد ودمر فتحات أنفاق تحت الأرض، وهاجم مباني تستخدمها الحركة ضد الجيش في شمال قطاع غزة. كما قصف مخازن أسلحة وذخيرة توجد بداخلها معدات خاصة بالقوة البحرية التابعة لـ«حماس»، ومنصات لإطلاق قذائف صاروخية ومستودعات لوسائل قتالية ومواقع مراقبة.

وعلى الرغم من الاشتباكات الضارية على الأرض لم يتوقف القصف الإسرائيلي، وطال مناطق متفرقة في قطاع غزة، مخلفاً المزيد من الضحايا.

وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إنه منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قضى «أكثر من 11078 شهيداً، بينهم 4506 أطفال و3027 امرأة، إضافة إلى إصابة 27490 مواطناً، غالبيتهم من النساء والأطفال، في حصيلة غير نهائية». وأقر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، ليئور خياط، بأن الضغط الدولي الممارس على إسرائيل يزداد منذ دخول الحرب أسبوعها الخامس.

وقال خياط لإذاعة «كان» الإسرائيلية إن إسرائيل تعمل على إبقاء «نافذة الشرعية» مفتوحة عبر «تذكير العالم بمسألة المخطوفين واستحالة وقف الحرب دون إعادتهم». وأضاف: «الرسالة الأخرى التي يتم نقلها إلى العالم هي أن جيش الدفاع دخل قطاع غزة لتطهيره من حكم (حماس)».


مقالات ذات صلة

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال مؤتمر صحافي في بيروت (رويترز)

بوريل: لبنان على شفير الانهيار

حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، الأحد، من بيروت، بأن لبنان بات «على شفير الانهيار»، بعد شهرين من المواجهة المفتوحة بين «حزب الله» وإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أحد أفراد الدفاع المدني يسير بين أنقاض موقع دمرته غارة إسرائيلية ببيروت (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يهاجم أهدافاً في البقاع... ويطالب سكان قرى جنوبية بإخلائها

قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن الجيش هاجم بنى عسكرية مجاورة لمعبر جوسية الحدودي شمال البقاع، التي قال إن «حزب الله» اللبناني يستخدمها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من المباني بعد قصف سابق على حمص (أرشيفية - رويترز)

هجوم إسرائيلي يستهدف معبراً بريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية

ذكرت «وكالة الأنباء السورية»، السبت، أن الطائرات الإسرائيلية شنّت هجوماً استهدف معبر جوسية بمنطقة القصير في ريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

لبنان: مقتل 24 وإصابة 45 في غارات إسرائيلية على بعلبك الهرمل

أفادت وزارة الصحة اللبنانية اليوم (السبت)، بأن الغارات الإسرائيلية على بعلبك الهرمل اليوم، قتلت 24 وأصابت 45 آخرين في حصيلة غير نهائية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت

تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
TT

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت

تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)

تجددت الغارات الإسرائيلية العنيفة، مساء اليوم (الأحد)، على ضاحية بيروت الجنوبية، عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 12 موقعاً.

ووجَّه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، إنذار إخلاء مرفقاً بخرائط إلى سكان مناطق الغبيري وشويفات العمروسية والحدث وحارة حريك وبرج البراجنة.

وقال: «أنتم توجدون بالقرب من منشآت ومصالح تابعة لـ(حزب الله)»، محذّراً من ضربات وشيكة على منطقة الغبيري.

قال أدرعي، مساء اليوم، إن الجيش شن سلسلة غارات على الضاحية الجنوبية في بيروت استهدفت 12 مقر قيادة عسكرية لـ«حزب الله».

وأضاف أن الضربات الإسرائيلية استهدفت «مقرات لاستخبارات (حزب الله) ووحدة الصواريخ البحرية والوحدة 4400 المسؤولة عن نقل الوسائل القتالية من إيران مروراً بسوريا إلى (حزب الله)».

وفي وقت سابق اليوم قال أدرعي إن إسرائيل لن تسمح بفرض أي معادلات عليها، وطالب بتجنب «أبواق (حزب الله) الإعلامية».

وأضاف أدرعي على منصة «إكس» دون توضيح: «كل من يحاول فرض المعادلات عليه أن يقوم بجولة في الضاحية الجنوبية ببيروت وسيفهم ذلك الليلة على وجه التحديد».

وارتفعت وتيرة الغارات الإسرائيلية على مناطق عدة في لبنان منذ إنهاء المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، زيارته إلى بيروت، الأربعاء الماضي، في إطار وساطة يتولاها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل.

وبعد تبادل القصف مع «حزب الله» مدة عام تقريباً، بدأت إسرائيل منذ 23 سبتمبر (أيلول)، حملة جوية واسعة تستهدف خصوصاً معاقل الحزب في ضاحية بيروت الجنوبية وفي جنوب البلاد وشرقها.

وأعلنت منذ نهاية الشهر نفسه بدء عمليات توغل بري في جنوب لبنان. وأحصى لبنان مقتل 3583 شخصاً على الأقل بنيران إسرائيلية منذ بدء «حزب الله» وإسرائيل تبادل القصف.