أميركا تقدم أوضح تصوراتها لـ«اليوم التالي» بعد الحرب في غزة

«مجموعة السبع» تطالب بـ«هدنات إنسانية» وبلينكن يرفض عودة الاحتلال وتهجير الفلسطينيين

وزراء الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك والأميركي أنتوني بلينكن واليابانية يوكو كاميكاوا والفرنسية كاترين كولونا يرافقهم موظفون بعد جلسة تصوير جماعية خلال اجتماع وزراء خارجية «مجموعة السبع» في طوكيو (رويترز)
وزراء الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك والأميركي أنتوني بلينكن واليابانية يوكو كاميكاوا والفرنسية كاترين كولونا يرافقهم موظفون بعد جلسة تصوير جماعية خلال اجتماع وزراء خارجية «مجموعة السبع» في طوكيو (رويترز)
TT

أميركا تقدم أوضح تصوراتها لـ«اليوم التالي» بعد الحرب في غزة

وزراء الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك والأميركي أنتوني بلينكن واليابانية يوكو كاميكاوا والفرنسية كاترين كولونا يرافقهم موظفون بعد جلسة تصوير جماعية خلال اجتماع وزراء خارجية «مجموعة السبع» في طوكيو (رويترز)
وزراء الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك والأميركي أنتوني بلينكن واليابانية يوكو كاميكاوا والفرنسية كاترين كولونا يرافقهم موظفون بعد جلسة تصوير جماعية خلال اجتماع وزراء خارجية «مجموعة السبع» في طوكيو (رويترز)

طالب وزراء خارجية «مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى» بـ«هدنات إنسانية» تتيح إدخال المساعدات الإنسانية في غزة ودعم حماية المدنيين الفلسطينيين وإطلاق الرهائن المحتجزين لدى «حماس»، بينما قدم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أوضح تصورات إدارة الرئيس جو بايدن لما يسمى «اليوم التالي» في القطاع بعد انتهاء الحرب، محذراً حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من السعي إلى إعادة احتلال غزة، في أحدث مؤشر على زيادة الضغوط من الولايات المتحدة والدول الغربية على إسرائيل لوقف الهجوم الذي أدى حتى الآن إلى مقتل أكثر من عشرة آلاف شخص.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر صحافي بعد اجتماعات وزراء خارجية «مجموعة السبع» في طوكيو (أ.ب)

وبعد نحو أسبوعين من بدء الغزو البري الإسرائيلي لغزة رداً على هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تعالت الأصوات عبر الأمم المتحدة ودول العالم للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية الملحة لنحو 2.4 مليون من الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الحصار الخانق في غزة.

ويضم المجموعة الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان. وتتولى الأخيرة حالياً الرئاسة الدورية لهذا التكتل، الذي عقد اجتماعات استمرت يومين في طوكيو على مستوى وزراء الخارجية. ولم يرق البيان الختامي إلى حد الدعوة إلى وقف شامل لإطلاق النار، خشية أن يؤدي ذلك إلى المخاطرة ببقاء سلطة القطاع تحت سيطرة «حماس»، طبقاً لتصريحات الوزير بلينكن.

هدنات وممرات

وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا على الشاشة متحدثاً مع وزراء الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك والأميركي أنتوني بلينكن واليابانية يوكو كاميكاوا والكندية ميلاني جولي والفرنسية كاترين كولونا والإيطالي أنطونيو تاجاني والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل ووزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي خلال اجتماعات طوكيو (أ.ف.ب)

وأورد البيان الموحد لوزراء الخارجية: «نحن نؤيد الهدنات الإنسانية والممرات لتيسير المساعدة المطلوبة بشكل عاجل وحركة المدنيين وإطلاق الرهائن»، مؤكدين على «أهمية حماية المدنيين والامتثال للقانون الدولي، وخاصة القانون الإنساني الدولي».

وإذ كرر الوزراء تنديدهم بهجوم «حماس»، الذي أعلنت السلطات الإسرائيلية أنه أدى إلى مقتل نحو 1400 شخص، قالوا إن «هناك حاجة ملحة إلى مزيد من المساعدات الإنسانية للمدنيين» في غزة، حيث أدى الغزو والغارات الجوية وعمليات القصف إلى مقتل أكثر من عشرة آلاف شخص، وإصابة أكثر من 26 ألفاً، وفقاً لوزارة الصحة في غزة.

ورغم الدعم الكبير من إدارة الرئيس جو بايدن لما تسميه «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها» وهدفها القضاء على «حماس»، لكنها رفعت بشكل مطرد دعواتها لوقف مؤقت للقتال لأسباب إنسانية من أجل توصيل المساعدات إلى غزة. وخلال شهر كامل من الحرب، تمكنت الأمم المتحدة من إدخال نحو 520 شاحنة مساعدات إلى غزة، علماً أن هذا العدد من الشاحنات كان يرسل يومياً إلى القطاع المحاصر قبل بدء هذه الحرب.

عنف المستوطنين

وعبّر بيان وزراء «مجموعة السبع» عن قلقهم من «تصاعد عنف المستوطنين المتطرفين ضد الفلسطينيين» في الضفة الغربية، مؤكدين أنهم سيعملون سويّة من أجل «حرمان (حماس) من القدرة على جمع الأموال واستخدامها لارتكاب الفظائع»، بما في ذلك عبر فرض عقوبات جديدة. ودعا البيان أيضاً إلى العودة إلى «حل الدولتين» بوصفها «الطريق الوحيدة لتحقيق سلام عادل ودائم وآمن» في الشرق الأوسط. وحضّ إيران على «الامتناع عن تقديم الدعم لحركة «حماس»، وعن اتخاذ مزيد من الإجراءات التي تزعزع استقرار الشرق الأوسط، بما في ذلك دعم «حزب الله» اللبناني وغيره من الجهات غير الحكومية، داعياً طهران إلى «استخدام نفوذها لدى تلك المجموعات لتهدئة التوترات الإقليمية».

وزيرتا الخارجية الكندية ميلاني جولي والفرنسية كاترين كولونا في طوكيو (رويترز)

وحدة الموقف

ويبدو أن البيان يتوافق بشكل أوثق من البيانات السابقة لـ«مجموعة السبع» مع النهج الذي اتبعته اليابان منذ بداية الحرب. وفي حين أن معظم أقرانها في مجموعة السبع عرضوا دعماً كاملاً لإسرائيل، وميزت اليابان نفسها بإصدار بيانات عامة أكثر اعتدالاً تدعو «كل الأطراف» إلى «ممارسة أقصى درجات ضبط النفس» في النزاع، والتعبير عن القلق في شأن عدد ضحايا في كل من إسرائيل وغزة.

وخلال الاجتماعات في طوكيو، نبه بلينكن إلى أنه لا ينبغي لإسرائيل أن تعيد احتلال غزة، في رد مباشر على تصريحات نتنياهو بأن إسرائيل يمكن أن تتحمل المسؤولية عن أمن غزة «لفترة غير محددة». وقال: «نريد جميعاً إنهاء هذا النزاع في أقرب وقت ممكن، وفي الوقت نفسه تقليل معاناة المدنيين إلى الحد الأدنى. ولكن، كما ناقشت مع زملائي في «مجموعة السبع»، فإن أولئك الذين يطالبون بوقف فوري لإطلاق النار عليهم التزام شرح كيفية وقف إطلاق النار، ومعالجة النتيجة غير المقبولة التي من المرجح أن تؤدي إلى بقاء «حماس» في السلطة مع أكثر من 200 رهينة، مع القدرة والنية المعلنة على تكرار ما حدث في 7 أكتوبر مراراً وتكراراً».

وزيرا الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي والألمانية أنالينا بيربوك خلال جلسة لـ«مجموعة السبع» (رويترز)

فترة انتقالية

وأضاف بلينكن «نحن واضحون للغاية في شأن عدم إعادة الاحتلال، تماماً كما نحن واضحون للغاية في شأن عدم تهجير السكان الفلسطينيين في الهجوم الإسرائيلي على غزة». وأضاف أنه في المقابل «لا يمكن أن تستمر (حماس) في إدارة غزة»، موضحاً أن «الحقيقة الآن هي أنه قد تكون هناك حاجة لفترة انتقالية ما في نهاية النزاع، ولكن من الضروري أن يكون الشعب الفلسطيني محورياً في الحكم في غزة والضفة الغربية». ولفت إلى أن الزعماء الإسرائيليين أبلغوه «أنهم لا يعتزمون إعادة احتلال غزة»، من دون أن يسمي أياً من هؤلاء المسؤولين.

كرة من اللهب خلال القصف الإسرائيلي قرب حدود غزة مع إسرائيل (أ.ف.ب)

وجاء هذا الرد من كبير الدبلوماسيين الأميركيين ليكون أحدث مؤشر إلى التوتر المحتمل بين الحكومة الإسرائيلية والداعم العسكري الأكبر لها، الولايات المتحدة.

وقال مسؤولون أميركيون اشترطوا عدم نشر أسمائهم بسبب المناقشات الداخلية الحساسة، إن تصريحات نتنياهو «أطلقت إنذاراً لإدارة بايدن، التي يتمثل موقفها في أن إسرائيل بحاجة إلى تجنب أي إشارة إلى احتلال مفتوح لغزة». ويبدو أن المسؤولين الأميركيين يشعرون بقلق متزايد من خطط إسرائيل فيما يتعلق بغزة ما بعد النزاع. وقال بلينكن إن الإدارة «تريد أيضاً ضمان أشكال أخرى من الحماية لسكان غزة»، موضحاً أن العناصر الأساسية لإنهاء النزاع يجب أن تشمل «عدم التهجير القسري للفلسطينيين من غزة، لا الآن ولا بعد الحرب»، فضلاً عن أنه «لا ينبغي تقليص أراضي غزة».


مقالات ذات صلة

إيطاليا: هناك كثير من التحديات القانونية حول مذكرة اعتقال نتنياهو

أوروبا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

إيطاليا: هناك كثير من التحديات القانونية حول مذكرة اعتقال نتنياهو

قال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، الثلاثاء، إن هناك كثيراً من التحديات القانونية حول مذكرة اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (فيوجي (إيطاليا))
أوروبا وزير خارجية إيطاليا أنطونيو تاياني في مؤتمر صحافي بختام أعمال اجتماع وزراء «مجموعة السبع» في فيوجي الثلاثاء (أ.ف.ب)

«مجموعة السبع» لـ«حل دبلوماسي» في لبنان

أنهى وزراء خارجية «مجموعة السبع» اجتماعها الذي استمر يومين في فيوجي بإيطاليا، وقد بحثوا خلاله القضايا الساخنة في العالم.

«الشرق الأوسط» (روما)
أوروبا وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تتحدث في مؤتمر صحافي في ختام اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع (د.ب.أ)

مجموعة السبع: الآن الوقت المناسب لوقف إطلاق النار في لبنان

كثف وزراء خارجية مجموعة الدول السبع اليوم (الثلاثاء)، الضغوط على إسرائيل لقبول اتفاق وقف إطلاق النار مع «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (روما)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته بالجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع في إيطاليا (واس)

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

شددت السعودية، الاثنين، خلال الجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع (G7)، على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (فيوجي)
شؤون إقليمية رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

مجموعة السبع تسعى لاتخاذ موقف موحد بشأن أمر اعتقال نتنياهو

قال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، اليوم، إن دول مجموعة السبع تسعى لاتخاذ موقف موحد بشأن أمر الاعتقال الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (فيوجي (إيطاليا))

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تكريم أحد المقاتلين اليمنيين في صفوف القوات الروسية (إعلام محلي)
تكريم أحد المقاتلين اليمنيين في صفوف القوات الروسية (إعلام محلي)
TT

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تكريم أحد المقاتلين اليمنيين في صفوف القوات الروسية (إعلام محلي)
تكريم أحد المقاتلين اليمنيين في صفوف القوات الروسية (إعلام محلي)

في تسجيل مصور مدته نحو دقيقة، يروي شاب يمني أنه تم التغرير به وبزملائه الذين يظهرون معه في الفيديو، للذهاب إلى روسيا للعمل لدى شركات أمنية خاصة، ليجدوا أنفسهم في جبهات الحرب الروسية مع أوكرانيا.

وأبدى الشاب الذي غطى وجهه، وزملاؤه رغبتهم في العودة إلى اليمن، ورفضهم أن يقتلوا كما قُتِل زملاؤهم.

وتكشّف، أخيراً، كثير من التفاصيل حول تجنيد القوات المسلحة الروسية لمئات الرجال اليمنيين للقتال في أوكرانيا، من خلال عملية تهريب غامضة، تبين وجود كثير من أوجه التعاون المتنامية بين موسكو والجماعة الحوثية في اليمن.

كما كشفت صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية في تقرير لها، الأحد الماضي، عن تفاصيل تحويل مئات الرجال اليمنيين إلى مقاتلين في صفوف الجيش الروسي، من خلال «عملية تهريب غامضة».

وفي هذه التسجيلات تتكشف جوانب من تفاصيل ما تمارسه مجموعة من المهربين الحوثيين الذين يستغلون الظروف الاقتصادية الصعبة لليمنيين لتنفيذ حملة تجنيد للمئات منهم، وإرسالهم للقتال إلى جانب القوات الروسية، وتعمل هذه المجموعة من داخل اليمن ومن دول عربية أخرى، بالتعاون مع آخرين داخل الأراضي الروسية.

وتسهل الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية في اليمن قبل نحو عشرة أعوام، تجنيدَ كثير من الشباب اليمنيين الذين نزحوا خارج البلاد وفشلوا في البحث عن فرص عمل أو الوصول إلى دول أوروبا، سواء بالهجرة الشرعية أو غير الشرعية لتقديم طلبات لجوء.

وتمكن السماسرة من تجنيد المئات من هؤلاء وإرسالهم للقتال في روسيا، وفق ما أكدته مصادر مقربة من عائلاتهم وأخرى في الحكومة اليمنية.

وفي مقطع مصور آخر، يظهر مجموعة من الشبان اليمنيين، ويذكر أحدهم أنهم كانوا يعملون في سلطنة عمان، وأن شركة للمعدات الطبية تابعة للقيادي الحوثي عبد الولي الجابري أغرتهم بالحصول على عمل لدى شركة روسية في المجال الأمني وبرواتب مجزية.

مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

ويضيف: «غرورا بنا بأنهم سيدفعون رواتب شهرية تعادل 2500 دولار لكل فرد، وعند وصولنا إلى المطار في روسيا، استقبلنا مندوبون عن وزارة الدفاع الروسية، وأبلغونا أنه سيتم توظيفنا حراسَ أمن في منشآت».

وبعد يومين من وصولهم، تم إرسالهم إلى معسكرات للتدريب، حيث يجري إعدادهم للقتال منذ شهرين، ولم يتقاضوا من الرواتب التي وُعِدوا بها سوى ما بين 185 دولاراً و232 دولاراً (ما بين 20 إلى 25 ألف روبل فقط).

ويؤكد الشاب أن الروس أخذوا 25 من زملائه إلى الجبهات، وأن هؤلاء جميعاً لقوا مصرعهم؛ إما داخل العربات التي كانوا يستقلونها، أو داخل المباني التي كانوا يتمركزون فيها، بينما هو وبقية زملائه ينتظرون، بقلق، نقلهم من موقع وجودهم في معسكر قريب من الحدود الأوكرانية، إلى الجبهات. وطالب الحكومة اليمنية بالتدخل لإعادتهم إلى بلدهم.

شركة أدوية للسمسرة

لكن أحد اليمنيين، واسمه أحمد، وهو على معرفة بإحدى المجموعات التي تم تجنيدها، يوضح أنه وأصدقاء له حذروا هؤلاء الشبان من الذهاب إلى روسيا؛ لأن هناك حرباً قد يتورطون فيها، إلا أنهم ردوا عليه بأنهم قادرون على الفرار إلى أوروبا لطلب اللجوء كما فعل المئات من اليمنيين سابقاً، حين وصلوا إلى روسيا البيضاء، ومن هناك تم تسهيل نقلهم إلى الأراضي البولندية.

أحد الشباب اليمنيين داخل عربة عسكرية روسية وتفيد المعلومات بمصرعه داخل العربة (فيسبوك)

وبحسب ما أفاد به أحد أعضاء الجالية اليمنية في روسيا لـ«الشرق الأوسط»، فإن سماسرة يقومون بإغراء شبان يمنيين للذهاب إلى روسيا للعمل لدى شركات مقابل رواتب تصل إلى 2500 دولار شهرياً، ويتم نقل الراغبين إلى عواصم عربية؛ منها مسقط وبيروت ودمشق، ليجري نقلهم إلى الأراضي الروسية.

ويتابع أنه، وبعد وصولهم، تم إدخالهم معسكرات للتدريب على الأسلحة، بزعم أنهم موظفون لدى شركة أمنية، لكنهم بعد ذلك يرسلون إلى جبهات القتال في أوكرانيا، حيث يوجد شبان عرب من جنسيات أخرى ذهبوا إلى روسيا للغرض نفسه.

ويقدر ناشطون وأفراد في الجالية اليمنية في روسيا بأن هناك نحو 300 شاب يمني يرفضون الذهاب إلى جبهات القتال ويريدون العودة إلى بلدهم، وأن هؤلاء كانوا ضحية إغراءات بسبب الظروف الاقتصادية التي يعيشها اليمن نتيجة الحرب المستمرة منذ عشرة أعوام.

وطبقاً لأحد الضحايا الذين نشروا أسماء وأرقام المتورطين في هذه العملية، فإن أبرز المتهمين في عمليات التجنيد، عبد الولي الجابري، وهو عضو في البرلمان التابع للجماعة الحوثية، ويساعده في ذلك شقيقه عبد الواحد، الذي عينته الجماعة مديراً لمديرية المسراخ في محافظة تعز.

القيادي الحوثي الجابري المتهم الرئيسي بتجنيد الشبان اليمنيين خلال زيارة صالح الصماد رئيس مجلس الحكم الحوثي السابق له بعد إصابته في المعارك (إعلام حوثي)

وتضم المجموعة، وفقاً لهذه الرواية، شخصاً يدعى هاني الزريقي، ومقيم في روسيا منذ سنوات، ومحمد العلياني المقيم في دولة مجاورة لليمن.

تخفّي السماسرة

ويتهم اثنان من أقارب المجندين الجابري ومعاونيه بترتيب انتقال المجندين من اليمن إلى البلد المجاور، ومن هناك يتم إرسالهم إلى موسكو، بحجة العمل لدى شركات أمنية خاصة، وأن هؤلاء السماسرة يحصلون على مبالغ بين 10 إلى 15 ألف دولار عن الفرد الواحد.

وانتقل القيادي الحوثي الذي يدير الشركة أخيراً إلى مكان غير معروف، وبدّل أرقام هواتفه وانقطع تواصله مع الضحايا، بعد انتشار مقاطع مسجلة لمناشداتهم الحكومة اليمنية التدخل لإعادتهم إلى بلدهم.

وعينت الجماعة الحوثية الجابري، إلى جانب عضويته بالبرلمان التابع لها، قائداً لما يسمى بـ«اللواء 115 مشاة»، ومنحته رتبة عميد، بينما صدر بحقه حكم إعدام في عام 2020 من محكمة في مناطق سيطرة الحكومة، كما أن ابن أخيه، جميل هزاع، سبق وعُيِّن في اللواء نفسه، في منصب أركان عمليات، وهو حالياً عضو ما يسمى مجلس الشورى التابع للجماعة.

ولا تقتصر مهام سماسرة التجنيد على إرسال شبان من اليمن للقتال في روسيا، بل تتضمن تجنيد عدد من اليمنيين المقيمين هناك للقتال في صفوف الجيش الروسي.

وأُعْلِن منتصف العام الحالي عن مقتل الدبلوماسي اليمني السابق في موسكو، أحمد السهمي، في إحدى الجبهات، حيث كان يقاتل إلى جانب القوات الروسية، وبحسب رواية زملاء له، أنه وبعد انتهاء فترة عمله، أقدم على المشاركة في القتال من أجل الحصول على راتب يمكنه من مواجهة التزاماته لعائلته وأطفاله.

ومنذ شهر، كرّم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشاب اليمني، سعد الكناني، الذي قُتل في جبهة لوغانسك، وكان قد حصل على الجنسية الروسية قبل فترة قصيرة من التحاقه بالقتال في صفوف القوات الروسية.