في الوقت الذي شكرت فيه حكومة إقليم كردستان رئيس الحكومة الاتحادية محمد شياع السوداني، بشأن تأمين مستلزمات انتخابات برلمان الإقليم الكردي، فإنها من جانب آخر طالبت بغداد بتأمين رواتب الموظفين للشهور الثلاثة الأخيرة.
وقال رئيس ديوان مجلس وزراء إقليم كردستان، أوميد صباح، خلال مؤتمر صحافي عقده (الأربعاء) في بغداد التي يزورها وفد من الإقليم، إن السوداني «قام بتأمين المتطلبات اللازمة للمضيّ في الانتخابات البرلمانية في الإقليم المزمع إجراؤها في شهر فبراير (شباط) من عام 2024». وأضاف أن «حكومة الإقليم تؤكد إجراء الانتخابات في موعدها المقرر، وهذا ما أبلغْنا به مفوضية الانتخابات رسمياً التي أبدت استعدادها التام لإجراء الاقتراع في شهر فبراير المقبل في كردستان». وأوضح أن «جميع الدوائر والمؤسسات الرسمية في إقليم كردستان ستكون في خدمة المفوضية العليا للانتخابات لإنجاح عملية الاقتراع العام والخاص، ونحن نثق بإجراءات المفوضية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة»، مبيناً أن «المفوضية أجرت استعدادات ووضعت جدولاً جيداً للغاية للمضيّ بالانتخابات في كردستان في توقيتاتها المحددة».
وفي حين أكد تأمين جميع الاحتياجات اللازمة لإجراء الانتخابات، أشار إلى أن «ما تبقى هي التخصيصات المالية التي حظيت بموافقة السوداني، والتي تحدثنا عنها كثيراً، وينبغي لوزارة المالية الاتحادية تأمينها في أسرع وقت ممكن».
لا نفط ولا تعداد
وفي سياق متصل، طالبت حكومة إقليم كردستان حكومة بغداد لتمويل مرتبات الموظفين والعاملين في القطاع العام بالإقليم للأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2023، وقال صباح في مؤتمره الصحافي في بغداد إن «رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، بعث رسالتين رسميتين إلى الحكومة الاتحادية، الأولى طلب فيها من رئيس الحكومة ومجلس الوزراء تمويل الرواتب الأشهر الثلاثة المتبقية من العام الحالي لتوزيعها في موعدها المحدد وضمان حقوق من يتقاضونها»، معرباً عن أمله أن «يصدر قرار من مجلس الوزراء بهذا الشأن خلال الجلسات المقبلة».
وحول الموازنة وحصة الإقليم منها، قال صباح: «بعثنا قبل قرابة 15 يوماً رسالة إلى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أعربنا فيها عن رأينا بشأن كيفية تعديل قانون الموازنة وعزل الرواتب عن المواد الأخرى وكذلك كيفية معالجة موضوع النفط والغاز».
كانت قضية الرواتب بين بغداد وأربيل قد دخلت حيز الجدل السياسي بين الطرفين منذ عام 2015 عندما برز الخلاف بين الجانبين حول ربط مستحقات موظفي الإقليم بتصدير النفط من أراضي الإقليم وعدم تسليم مستحقاته المالية إلى بغداد من جهة، والجدل الدائم منذ ما بعد التغيير عام 2003 بشأن حصة إقليم كردستان من الموازنة الاتحادية من جهة أخرى.
وفي حين ارتبطت قضية الخلاف بشأن حصة الإقليم من الموازنة الاتحادية بسبب عدم إجراء إحصاء سكاني في عموم العراق منذ عام 1997، فإن ربط رواتب موظفي الإقليم بصادرات الإقليم من النفط يعود إلى الخلاف السياسي الحاد بين الطرفين بشأن تشريع قانون النفط والغاز المؤجل منذ عام 2007 حتى اليوم. وفي الوقت الذي جرى الاتفاق فيه مؤقتاً بين بغداد وأربيل على احتساب عدد السكان بناءً على المعلومات الواردة في البطاقة التموينية التي تبلغ 13 في المائة من الموازنة بينما الإقليم يطالب بأكثر من 19 في المائة من الموازنة، فإن تأمين الرواتب بقي مرتبطاً بصيغة اتفاق هشة وهي قيام الإقليم بتصدير النفط المستخرج من أراضيه عبر شركة النفط الوطنية الاتحادية «سومو» مقابل قيام بغداد بتسديد رواتب الموظفين. ولأن أصل الخلاف مستمر، فإن هذا الاتفاق كثيراً ما يتعرض لخلافات جديدة تَحول دون تحويل الرواتب بانتظام وهو ما يجعل الحكومة الاتحادية تلجأ إلى حلول وسط وهي إرسال سلف مالية إلى الإقليم تجري تسويتها من مبيعات النفط.