هوكستين في بيروت لمنع تمدد حرب غزة إلى لبنان

قال إن بيروت وتل أبيب لا ترغبان بالتصعيد

الرئيس نجيب ميقاتي مستقبلاً هوكستين والسفيرة الأميركية دوروثي شيا (الوكالة الوطنية)
الرئيس نجيب ميقاتي مستقبلاً هوكستين والسفيرة الأميركية دوروثي شيا (الوكالة الوطنية)
TT

هوكستين في بيروت لمنع تمدد حرب غزة إلى لبنان

الرئيس نجيب ميقاتي مستقبلاً هوكستين والسفيرة الأميركية دوروثي شيا (الوكالة الوطنية)
الرئيس نجيب ميقاتي مستقبلاً هوكستين والسفيرة الأميركية دوروثي شيا (الوكالة الوطنية)

في زيارة مفاجئة، وصل مستشار الرئيس الأميركي أموس هوكستين، إلى بيروت، في مهمة جديدة للعمل على عدم تمدد الصراع إلى لبنان، وتطبيق القرار 1701، حسب ما قال بعد لقائه المسؤولين الذين أكدوا، بدورهم، أن «الكرة اليوم في الملعب الإسرائيلي».

كان هوكستين قد زار بيروت مرات عدة في السنتين الأخيرتين، كان آخرها في شهر أغسطس (آب) الماضي؛ للبحث في ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، بعدما كان قد نجح في مهمته السابقة التي ارتكزت على البحث في ترسيم الحدود البحرية والتوصل إلى اتفاق بين البلدين.

والتقى هوكستين، (الثلاثاء)، كلاً من رئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، اللذين اجتمعا صباحاً، وكان «تأكيد على وحدة الموقف فيما يتعلق بوقف إطلاق النار في قطاع غزة في أسرع وقت ممكن، ووقف نزيف الدم الذي يحصل، والضغط على إسرائيل لوقف استفزازاتها في الجنوب اللبناني وآخرها التعرض للمدنيين»، حسب ما أعلن ميقاتي بعد اللقاء.

وبعد الظهر، استقبل بري الموفد الأميركي والوفد المرافق، في حضور السفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا، حيث تم عرض الأوضاع العامة والمستجدات السياسية والميدانية على ضوء تصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان وقطاع غزة، حسب بيان رئاسة البرلمان.

وقال هوكستين بعد اللقاء: «حضرت إلى لبنان اليوم لأن الولايات المتحدة الأميركية تهتم كثيراً بلبنان وشعبه، خصوصاً في هذه الأيام الصعبة». وأضاف: «نقدم تعازينا للضحايا المدنيين، وكان لي حوار جيد مع رئيس مجلس النواب، واستمعت إلى وجهة نظره حيال ما يجري، كما أطلعته على ما تقوم به الولايات المتحدة الأميركية التي لا تريد لما يحصل في غزة أن يتصاعد ولا تريد له أن يتمدد إلى لبنان».

وشدد على «أن المحافظة على الهدوء على الحدود الجنوبية اللبنانية على درجة عالية من الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، وكذلك يجب أن يكون بالنسبة للبنان وإسرائيل كما ينص عليه القرار الأممي 1701 ولهذا صمم».

والموقف نفسه عبّر عنه هوكستين بعد لقائه ميقاتي. وقال هوكستين: «إنه يزور لبنان موفداً من الرئيس الأميركي جو بايدن، لبحث الوضع في جنوب لبنان، وإنه لمس من خلال محادثاته أن لبنان وإسرائيل لا يرغبان بتصعيد الوضع»، حسب بيان رئاسة الحكومة.

ودعا الموفد الأميركي جميع الأطراف إلى احترام القرار الأممي الرقم 1701 وتنفيذه كاملاً، كما أكد مجدداً دعم الجيش لبسط سيادة الدولة اللبنانية على كل أراضيها، مشيراً إلى أن البحث جار حالياً في سبيل التوصل إلى هدنة إنسانية في غزة، قبل الانتقال إلى مراحل الحل الأخرى.

وقالت مصادر نيابية مطلعة على لقاء هوكستين مع رئيس البرلمان إن «البحث تطرق إلى كل ما من شأنه أن يوقف العدوان على غزة وعدم تمدد الحرب إلى لبنان». وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «هناك حرص من قبل الجانبين على عدم تمدد الصراع إلى لبنان، وإعادة الهدوء إلى الجبهة الجنوبية وتطبيق القرار 1701، وهو ما يجب أن يكون أولوية لإسرائيل ولبنان على حد سواء». في المقابل، كان تأكيد من بري، حسب المصادر، لأن الكرة في الملعب الإسرائيلي، داعياً لممارسة الضغوط على إسرائيل لوقف التصعيد وعدم استهداف المدنيين، مذكراً بأن إسرائيل هي التي خرقت قواعد الاشتباك أكثر من مرة.

وفي رد على سؤال عما إذا كانت المعطيات تعكس احتمال التصعيد على الجبهة الجنوبية ودخول لبنان في حرب أوسع، تصف المصادر أجواء اللقاء بـ«الجيدة» وهو ما يعكسه المنحى الذي يسلكه الأميركي والمساعي التي يبذلونها لعدم تمدد الصراع، مضيفة: «كل المؤشرات في الجانب اللبناني تؤكد أن الأمور لا تزال تحت السيطرة، لكن لا يمكن أن نضمن إسرائيل».

إلى ذلك التقى هوكستين ترافقه السفيرة الأميركية دوروثي شيا، قائد الجيش العام جوزيف عون، والمدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.

تأتي زيارة هوكستين ضمن حراك دبلوماسي ناشط في لبنان منذ بدء الحرب على غزة، بحيث سجلت زيارات لمسؤولي عدد كبير من الدول إلى بيروت في موازاة الاجتماعات التي عقدها مع السفراء لدى لبنان كل من وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي قام أيضاً بجولة عربية في اليومين الأخيرين، وكان تأكيد لضرورة وقف إسرائيل لاستفزازاتها ومنع انزلاق لبنان في الحرب. وفي هذا الإطار، استقبل ميقاتي الثلاثاء سفير فرنسا لدى لبنان هيرفي ماغرو، وجرى بحث في العلاقات الثنائية بين لبنان وفرنسا ونتائج زيارة وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو لبنان الأسبوع الفائت.

كان مجلس الوزراء قد توجه برسالة إلى صناع القرار في العالم، وذلك بناء على اقتراح نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي وإعداده، وبعد اطلاع الوزراء وموافقة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.

واستنكرت الرسالة اللامبالاة وصمت مراكز القوى في العالم على الإبادة المروعة والتطهير العرقي في فلسطين، وسألت: «كيف يمكن لأي عقل بشري أن يتفهم الرعب أو يستوعب الوحشية التي يتعرض لها المدنيون الأبرياء في غزة وفي لبنان؟». وأضافت: «ما يحدث في غزة يجعلنا نتساءل: هل من ذرة إنسانية متبقية في هذا العالم؟ ما الذي ينتظره هذا العالم كي لا يبقى مكتوف الأيدي؟ هؤلاء الأطفال ليسوا ضحايا أفعالهم، بل ذنبهم الوحيد أنهم ولدوا في فلسطين».

وناشد «صناع القرار في هذا العالم القيام بكل ما يلزم من أجل وقف المجازر فوراً حفظاً لما تبقى من أرواح بريئة، وأن يبذلوا قصارى جهدهم من أجل إيجاد حل يمنح الفلسطينيين حقوقهم وحاجاتهم الأساسية... على قادة العالم ومراكز القرار أن يجدوا حلاً عادلاً للقضية الفلسطينية».



البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
TT

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي

على الرغم من خلو جدول أعمال جلسة البرلمان العراقي المقررة الاثنين من أي بند يتعلق بالضربة الإسرائيلية المحتملة على العراق، أفادت مصادر برلمانية بأن الجلسة ستشهد مناقشة هذا الموضوع في جلسة سرية.

وتسود الأوساط الرسمية والشعبية العراقية مخاوف متزايدة من احتمال وقوع الضربة في أي لحظة، وسط تداول واسع لعشرات الأهداف المحتملة للقصف، ويتبع معظمها فصائل مسلحة، بما في ذلك محطات فضائية مملوكة لهذه الفصائل.

وفي ظل غياب موقف رسمي حكومي واضح حيال التهديدات الإسرائيلية، خاصة بعد المذكرة التي وجهتها إسرائيل إلى الأمم المتحدة والتي تضمنت شكوى ضد العراق، هي الأولى منذ قصف مفاعل «تموز» العراقي عام 1981 خلال الحرب العراقية - الإيرانية؛ صرح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين بأن التهديدات الإسرائيلية أصبحت أكثر جدية من أي وقت مضى.

البرلمان العراقي الذي استأنف فصله التشريعي قبل أسبوعين عقب انتخاب رئيس جديد له، فشل في عقد جلسة بسبب الخلافات حول ما يُعرف بـ«القوانين الجدلية»، مثل قانون الأحوال الشخصية، وقانون العفو العام، وقضية عائدية العقارات إلى أصحابها الأصليين. إلا أن تصاعد مخاطر التهديدات الإسرائيلية ضد العراق دفع البرلمان إلى عقد جلسة يوم الاثنين، تضمنت بنوداً عادية دون التطرق إلى القوانين الخلافية.

وفي حين لم تتضح بعد طبيعة النقاشات التي سيجريها البرلمان، أو ما إذا كانت ستُتخذ قرارات محددة، أكدت رئاسة البرلمان أن أي قرارات تصدر ستكون داعمة لجهود الحكومة.

صمت على جبهة الفصائل

في وقت أعلن فيه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اتخاذ قرارات صارمة لحفظ سيادة البلاد، التزمت الفصائل المسلحة الموالية لإيران الصمت منذ أيام. وكان السوداني، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، قد أصدر أوامر صارمة بشأن التعامل مع أي ضربات صاروخية قد تنفذها الفصائل المسلحة التي دأبت على توجيه ضربات من الأراضي العراقية نحو إسرائيل.

ووفقاً لتعليمات السوداني، فإن مسؤولية إطلاق أي صاروخ تقع على عاتق القطعات العسكرية الماسكة للأرض، والتي ستتحمل تبعات ذلك.

وبينما يسود الصمت جبهة الفصائل المسلحة، تشير الأوساط السياسية العراقية إلى أن هذا الصمت يأتي بناء على أوامر إيرانية بالتزام الهدوء، خاصة بعدما وضعت إسرائيل إيران على قائمة أهدافها المحتملة في المستقبل القريب، رغم إشارات السلام التي بدأ كبار المسؤولين الإيرانيين بإصدارها.

وقال الباحث في الشأن السياسي الدكتور سيف السعدي لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار الحرب والسلم يجب أن يُتخذ ضمن المؤسسات الدستورية وفق المادة (61) من الدستور، عبر تقديم طلب من رئيس مجلس الوزراء وتصويت أغلبية أعضاء البرلمان ومصادقة رئيس الجمهورية، وبالتالي إعلان حالة الطوارئ».

وأضاف السعدي أن «الخطورة تكمن في أن الفصائل المسلحة غير مكترثة بتحذيرات رئيس الوزراء، وسيؤدي ذلك إلى تداعيات خطيرة على المدى المنظور، منها قد تكون اغتيالات لشخصيات ومعسكرات ومقرات تابعة لفصائل المقاومة».

وتوقع السعدي أن «يشهد العراق عمليات إسرائيلية قبل نهاية العام؛ مما قد يعقّد الوضع، خاصة أن العراق يقع في محيط إقليمي حساس وملتهب؛ مما سيؤدي إلى ارتدادات كبيرة داخل النظام السياسي العراقي».

وفيما يتعلق باتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تعهدت فيها الولايات المتحدة بحماية النظام السياسي العراقي، أوضح السعدي أن «الاتفاقية تهدف إلى الحفاظ على النظام السياسي وحماية مؤسسات الدولة والديمقراطية في العراق. ومن منظور الولايات المتحدة، تُعتبر الفصائل المسلحة خارج المؤسسات الرسمية؛ مما قد يوفر لإسرائيل مبرراً لضرب العراق بزعم أنها تدافع عن نفسها».

والجدير بالذكر أن فصائل «المقاومة» قد استهدفت إسرائيل خلال شهرَي أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بأكثر من مائة هجوم بالصواريخ والطائرات المسيّرة؛ مما دفع الولايات المتحدة للتدخل عدة مرات للوساطة مع الحكومة العراقية بهدف منع الفصائل من توجيه ضربات أخرى إلى إسرائيل.