السوداني يرفض اتخاذ قرارات منفردة بعيداً عن مصلحة العراق

رئيس الجمهورية يؤكد أن البلاد لم تعد مصدر تهديد لأي طرف

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (رويترز)
TT

السوداني يرفض اتخاذ قرارات منفردة بعيداً عن مصلحة العراق

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (رويترز)

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، يوم السبت، أن الدولة العراقية هي المسؤولة عن اتخاذ القرارات الكبيرة، انطلاقاً من مصلحة أبناء الشعب، في إشارة إلى ما باتت تعلنه بعض الفصائل العراقية المسلحة القريبة من إيران، من أنها باتت حرة في كيفية التعامل مع تطورات الأحداث في غزة.

وفي كلمة للسوداني خلال مُؤتمر سفراء العراق بنسخته السابعة الذي انعقد في العاصمة بغداد تحت عنوان «الدبلوماسيَّة العراقيَّة علاقات دوليَّة مُتوازنة وتنمية اقتصادية مُستدامة»، قال رئيس الوزراء العراقي إن «استقلال قرارنا الوطني يقع في طليعة المبادئ التي نتحدث عنها، وإن الدولة هي المسؤولة عن اتخاذ القرارات الكبيرة وفقاً للدستور، وانطلاقاً من المصلحة العليا للعراقيين التي يجب أن تكون حاضرة أمامنا في كل خطوة، وفي كل حدث».

وأضاف السوداني أن «هذه الصور والمواقف والمفاهيم المبدئية المبنية على إدراك المصلحة والحقوق المشروعة سوية هي في صلب خطاب الدبلوماسية العراقية». وبين أن «المجازر التي تُرتكبُ بحقِ الأطفال والنساء في غزة، تؤكد تقاعس المجتمع الدولي عن أداء دوره».

وتعد تصريحات السوداني بشأن حصرية السياسة الخارجية للعراق ورفضه انفراد أي طرف باتخاذ قرارات تحت أي ذريعة بمثابة أول رد على ما قامت به بعض الفصائل العراقية المسلحة من عمليات استهداف مستمرة للقواعد العراقية التي يوجد فيها الأميركيون، فضلاً عن إعلان حركة «النجباء» أنها قررت «تحرير العراق عسكرياً».

عناصر من «حركة النجباء» الشيعية العراقية خلال تجمع في بغداد 8 أكتوبر الماضي نصرةً لغزة (أ.ف.ب)

دعوة السوداني

كما تأتي تصريحات السوداني بهذا الشأن بعد أقل من يوم من التحية التي وجهها زعيم «حزب الله» اللبناني حسن نصرالله، إلى «الفصائل العراقية حيال الحرب في غزة». وبالإضافة إلى المواقف التي اتخذتها بعض الفصائل ضد ما تعلنه الحكومة العراقية بشأن مسؤوليتها عن الحفاظ على سلامة وأمن الأجانب في العراق، فإن تأكيدات السوداني جاءت أيضاً بعد يومين من دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر 4 دول عربية للسماح لأنصاره بالوقوف سلمياً على حدودها بهدف إرسال مساعدات إلى أهالي غزة.

في السياق نفسه، وبشأن الخلافات الحدودية مع الجيران، قال رئيس الوزراء العراقي إنه «عندما نؤكد قناعتنا عن حل الخلافات بالطرق الدبلوماسية، فإننا نعني خلافاتنا وخلافات المنطقة، ومن مصلحة العراق المباشرة أن تنخرط دول الجوار في حوار مدعوم يفتح الباب تلو الآخر على تمتين روابط الشعوب، فتغدو الحلول السياسية ممكنة، وقريبة المنال».

كما أشار إلى أن «أي خلاف حدودي أو إجرائي مع الأشقاء والأصدقاء سيجد لدى العراقيين سعة ورحابة صدر للنقاش وتبادل وجهات النظر، والنية والإرادة القوية للحل». وأردف السوداني قائلاً إنه «ومن هذا المنطلق، فإننا ماضون في إيجاد حلول تناسب تاريخ العلاقات، والأواصر القوية بين الشعب العراقي وشعوب الجوار التاريخي، حلول تؤكد الاحترام المتبادل للسيادة وتحفظ للعراق وحدة وسلامة أراضيه، وتنسجم بالوقت ذاته مع القانون الدولي، والقرارات الأممية».

أنصار الصدر يحملون علَمَي العراق وفلسطين في مسيرة قرب السفارة الأميركية ببغداد (إ.ب.أ)

تحذير من اندلاع حرب بالمنطقة

في السياق نفسه، حذر وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، يوم السبت، من اندلاع حرب في المنطقة على خلفية الصراع العسكري القائم بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة، مشدداً على ضرورة إبعاد البلاد عن شرارة تلك الحرب في حال اندلاعها. وقال حسين في كلمة له افتتح بها مُؤتمَر سفراء العراق بنسخته السابعة في بغداد: «نجتمع اليوم، وهذا لا يعني زوال التحديات التي تواجه بلادنا والمنطقة برمتها، بل إن هناك مخاطر داخلية، وتهديدات تنذر المنطقة بالحرب».

وأكد أن «المصلحة العراقية، وإبعاد البلاد عن شرارة الحرب والحفاظ على النظام والمسيرة الديمقراطية من أساسيات عمل الحكومة العراقية».

من جانبه، أكد رئيس الجمهورية العراقية عبد اللطيف جمال رشيد، أن البلاد لم تعد مصدر تهديد لأي طرف كما كانت عليه في زمن «الديكتاتورية»، في إشارة إلى نظام صدام حسين. وقال رشيد في كلمته، إن العراق حقق خلال السنوات الماضية تطورات مهمة في مجال العلاقات الدبلوماسية مع مختلف الدول، مردفاً بالقول: «نجحنا في تجاوز تراجع العلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية مع كثير من الدول الذي وقع بسبب حكم الديكتاتورية التي ورطت البلد بحروب ومشاكل لا حصر لها».

وأضاف أن «برنامج الحكومة يشدد على الاهتمام بعلاقاتنا مع دول العالم، وهو ما عملنا عليه وبجدية كبيرة في رئاسة الجمهورية»، منوهاً إلى أن الحكومة عملت بدقة وحرص من أجل إبعاد البلد عن سياسات المحاور.

وأكد رئيس الجمهورية: «اليوم لم يعد العراق مصدراً لتهديد أي طرف كما كان عليه في الحقبة الديكتاتورية، والعراق لم يعد بؤرة مصدّرة للأزمات».

جندي من مشاة البحرية الأميركية في قاعدة «عين الأسد» العراقية (أرشيفية - سنتكوم)

حل القضية الفلسطينية

وفي هذا السياق يقول الدكتور عصام فيلي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة المستنصرية في بغداد لـ«الشرق الأوسط»، إن «حديث رئيس الوزراء السوداني كان واضحاً حين شدد على أن حل القضية الفلسطينية من الأولويات لدى العراق، وبالتالي أهمية خلق مقاربة إنسانية بهدف تأمين إيصال الغذاء والدواء إلى أهالي غزة المحاصرين، لا سيما أن ذلك بات ضرورة ملحة ليس للعراق فقط وإنما لكل دول المنطقة». وأضاف فيلي أن «السوداني يؤمن بأن الحل يجب أن يكون بالطرق الدبلوماسية والحوارات البينية بين أطراف النزاع، بعيداً عن أي تدخلات، فضلاً عن أهمية أن تكون هناك قناعة لدى كل الأطراف بألا يكون هناك عدوان من دولة على أخرى في المنطقة، لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى انفلات الأمور». وأوضح فيلي أن «محور العلاقات الاقتصادية يجب أن يكون حاضراً في أي علاقة مع أي دولة، نظراً لأهمية البعد الاقتصادي في أي علاقات بين دول المنطقة والعالم»، عاداً أن «الشراكة الدبلوماسية مع دول المنطقة يجب أن تقوم على أسس مهمة هي إعادة الأموال المسروقة إلى العراق، وألا يتمتع السراق بجنسيات دول أخرى، حيث إن الفساد يمثل أولى الأولويات بالنسبة للحكومة العراقية».


مقالات ذات صلة

العراق: «كتائب سيد الشهداء» توقف عملياتها و«الفتح» يرفض حل «الحشد»

المشرق العربي عرض عسكري للجيش العراقي و«الحشد الشعبي» في الموصل مؤخراً (أ.ف.ب)

العراق: «كتائب سيد الشهداء» توقف عملياتها و«الفتح» يرفض حل «الحشد»

في حين أكدت كتائب «سيد الشهداء»، أحد الفصائل المسلحة المنضوية في «محور المقاومة»، توقف هجماتها ضد إسرائيل، رفض تحالف «الفتح» الذي يقوده هادي العامري حل «الحشد».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي المشهداني لدى استقباله السفير السعودي في بغداد (البرلمان العراقي)

المشهداني يدعو إلى تعزيز التعاون بين بغداد والرياض

دعا رئيس البرلمان العراقي الدكتور محمود المشهداني إلى إيلاء التعاون مع المملكة العربية السعودية أهمية قصوى في هذه المرحلة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي جنديان عراقيان مع آلية يقفان عند نقطة حراسة على الحدود العراقية - السورية 5 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

العراق: مساعٍ لتطوير المؤسسة العسكرية

كشفت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عن الحاجة لتطويع عشرات الآلاف بالجيش وسط تحديات أمنية إقليمية.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي تحذيرات عراقية من عودة «داعش»

تحذيرات عراقية من عودة «داعش»

تخشى بغداد أن يعيد «داعش» تنظيم صفوفه بعدما استولى على كميات من الأسلحة نتيجة انهيار الجيش السوري.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس وزراء العراقي محمد شياع السوداني (د.ب.أ)

السوداني يعلن استئناف عمل بعثة العراق الدبلوماسية في دمشق

أعلن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني مساء الخميس أن البعثة الدبلوماسية العراقية «فتحت أبوابها وباشرت مهامها في دمشق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)

الشرع يتعهد حل الفصائل المسلحة وإنشاء جيش سوري موحد

TT

الشرع يتعهد حل الفصائل المسلحة وإنشاء جيش سوري موحد

القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع (أ.ف.ب)
القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع (أ.ف.ب)

أكد القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، اليوم (الأحد)، أن كل الأسلحة في البلاد ستخضع لسيطرة الدولة بما فيها سلاح القوات التي يقودها الأكراد.

وقال الشرع خلال مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في دمشق «ستبدأ الفصائل بالاعلان عن حل نفسها والدخول تباعا في الجيش»، مضيفاً «لن نسمح على الإطلاق أن يكون هناك سلاح خارج الدولة سواء من الفصائل الثورية أو من الفصائل المتواجدة في منطقة قوات سوريا الديموقراطية (قسد)».

وتعهد الشرع، في وقت سابق اليوم، بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان، وستحترم سيادة هذا البلد المجاور، خلال استقباله وفداً برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط.

وكان الشرع أكد أن «سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان على الإطلاق، وستحترم سيادة لبنان ووحدة أراضيه، واستقلال قراره واستقراره الأمني»، مضيفاً أن بلاده «تقف على مسافة واحدة من الجميع». وتعهد بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان، وستحترم سيادة هذا البلد المجاور، خلال استقباله وفداً برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط.