«القوات» تقترح عقد جلسة برلمانية للتمديد لقائد الجيش اللبناني

«التيار» يرفض ويدعو مجلس النواب لانتخاب رئيس

سمير جعجع (موقع «القوات اللبنانية»)
سمير جعجع (موقع «القوات اللبنانية»)
TT

«القوات» تقترح عقد جلسة برلمانية للتمديد لقائد الجيش اللبناني

سمير جعجع (موقع «القوات اللبنانية»)
سمير جعجع (موقع «القوات اللبنانية»)

أعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عزم كتلة الحزب النيابية المشاركة في جلسة نيابية تشريعية لتمديد ولاية قائد الجيش العماد جوزيف عون لمدة عام، كون الجلسة «لها علاقة بالأمن القومي ومصير البلد والناس ككل»، ومنعاً «لأن نلعب بوضعية الجيش وهو من المؤسسات القليلة جداً التي ما زالت تقف على قدميها وتقوم بمهامها».

ويمثل إعلان جعجع خرقاً لموقف الحزب المبدئي بمقاطعة الجلسات التشريعية في ظل الشغور الرئاسي، علماً بأن ممثلي الحزب كانوا شاركوا في جلسة في الأسبوع الماضي لإعادة تكوين هيئة مكتب المجلس واللجان النيابية وانتخاب رؤسائها، لأن هذه الجلسة كانت لها علاقة بانتظام عمل المؤسسات الدستورية.

وتنتهي ولاية قائد الجيش في شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، وبات من الصعب أن تعين الحكومة بديلاً له قبل انتهاء ولايته، وذلك في ظل الشغور الرئاسي، وفي ظل حكومة تصريف الأعمال. وتقدمت كتلة «الجمهورية القوية» (القوات) يوم الثلاثاء باقتراح قانون للبرلمان لتمديد سن التقاعد لرتبة «عماد» في الجيش، وهي الممنوحة حصراً لقائد الجيش، عاماً إضافياً، بما يمكنه من البقاء في قيادة الجيش لمدة عام.

وقال جعجع في حديث إلى وكالة «أخبار اليوم»: «إننا ما زلنا عند موقفنا المبدئي نفسه برفض التشريع قبل إنجاز الانتخابات الرئاسية، لكن موضوع قيادة الجيش مسألة طارئة جداً ووجودية لها علاقة أيضاً بمصير لبنان كدولة، ومن هذا المنطلق طرحنا عقد الجلسة». ورأى أن المشكلة المتعلقة بقيادة الجيش مشابهة لكنها أكبر بكثير لأنها تتعلق بالكيان والأمن وتقتضي وجود الجيش بوصفه مؤسسة قائمة. كما شدد على أن «لبنان في خطر ويجب الحفاظ على المؤسسة العسكرية».

وأوضح: «إننا لم نطرح التمديد حين شغُرت مناصب أخرى، لأن الجيش ليس إدارة مثل باقي الإدارات»، موضحاً أن «الجيش قيادة لا يمكن أن تدار من خلال تسيير الأعمال، فهو كناية عن مقاتلين يحملون السلاح أو مجموعات مسلحة كبيرة، الأمر الذي يحتاج إلى قيادة فعلية، أي إلى قائد، لا سيما في الظرف الراهن»، وأضاف: «حتى ولو دستورياً يمكن أن يحل مكان القائد الأعلى رتبة لكن هل الأخير يمكن أن يأمر الجيش أو أن يقوده؟».

ويعارض «التيار الوطني الحر» التمديد لقائد الجيش، لكن بعض القوى السياسية الأخرى لا ترى مخرجاً لتجنب الشغور في قيادة الجيش من دون التمديد له في ظل تراجع احتمال إنجاز الاستحقاق الرئاسي قبل نهاية العام. وكان رئيس «التيار» جبران باسيل طرح هذا الملف في الأسبوع الماضي خلال جولته على قوى سياسية، وأبلغ بأن الحل الوحيد لمنع الشغور في قيادة الجيش، هو تسهيل إنجاز الاستحقاق الرئاسي.

وعما إذا كانت «القوات» توجه «صفعة» لباسيل في اقتراحها للتمديد لقائد الجيش، قال جعجع: «ليس هذا هدفنا إطلاقاً، بكل صراحة من خلال هذا الاقتراح لم نأخذ في الاعتبار توجيه صفعة لأحد أو فعل خير مع آخر، بل أخذنا بالاعتبار فقط الوضع السائد في لبنان، فمنذ خمس سنوات ولغاية اليوم يمر البلد بالعديد من المشاكل الاقتصادية والمالية والسياسية، لكن لم تتدهور الأمور أكثر ولم تحصل خضات لأن الجيش موجود، فكيف بالحري راهناً بعدما اندلعت حرب غزة مع كل تداعياتها وتفرعاتها... هذا ما دفعنا إلى التحرك دون تسجيل نقاط سياسية أو الحصول على مكاسب سياسية... نريد أن نستمر بالحد الأدنى من الهدوء من خلال وجود جيش يحافظ على الأمن».

باسيل يعارض

ولا يزال «الوطني الحر» على موقفه. وقالت الهيئة السياسية في «التيار» عقب اجتماعها الدوري برئاسة رئيس «التيار» النائب جبران باسيل، إن «حماية لبنان تتطلّب أيضاً وضعاً داخلياً متماسكاً وتبدأ بأن يتحمل المجلس النيابي مسؤولياته ويسرع في انتخاب رئيس للجمهورية، كأساس لإعادة تكوين السلطة وانتظام عملها، فتتشكل حكومة إصلاحية إنقاذية، تسدّ الفراغات والشغور في الدولة وتطلق عملية الإصلاح وتنعش الاقتصاد وتعيد الحياة إلى المؤسسات».

وأكد التيار رفض أي تمديد لأي مسؤول تنتهي ولاية خدمته «وهذا مبدأ يتبعه (التيار) منذ انخراطه في الحياة السياسية، وقد مارسه حتى ضدّ نفسه مرتين عندما رفض نوّابه التمديد لمجلس النواب، كما رفض التيار التمديد لعددٍ من الحالات في الإدارة والأجهزة الأمنية». وأضاف: «أمّا من يخرج عن مبادئه كتقديم اقتراح قانون للتمديد لشخص، بحجّة الخوف على الفراغ في وقت تتوفر فيه وسائل أخرى قانونية لمنع هذا الفراغ، ويكسر مبدأ رفضه لتشريع الضرورة، لا لسبب إلا للنكايات السياسية والمصالح الخاصة، فهذا شأنه ويبقى على الرأي العام أن يحكم على تقلباته وأدائه».



الجيش اللبناني يعزِّز انتشاره في عدد من المناطق خشية فتنةٍ داخلية

دورية للجيش اللبناني في أحد شوارع بيروت الأحد (رويترز)
دورية للجيش اللبناني في أحد شوارع بيروت الأحد (رويترز)
TT

الجيش اللبناني يعزِّز انتشاره في عدد من المناطق خشية فتنةٍ داخلية

دورية للجيش اللبناني في أحد شوارع بيروت الأحد (رويترز)
دورية للجيش اللبناني في أحد شوارع بيروت الأحد (رويترز)

بالتوازي مع إعطاء الحكومة اللبنانية الأولوية لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، وإغاثة الجرحى في المستشفيات، وتأمين أماكن إيواء للنازحين، تُستنفَر الأجهزة الأمنية، وعلى رأسها الجيش اللبناني، للتصدي للإشكالات الداخلية، على خلفية موجات النزوح العارمة، كما نتيجة الغضب الكبير المسيطر على نفوس مناصري «حزب الله» بعد اغتيال إسرائيل أمينه العام حسن نصر الله يوم الجمعة الماضي.

ولم يمنع فتح معظم المناطق أبوابها لمئات آلاف النازحين، ومعظمهم من الشيعة، بمشهد وطني جامع، حصول عدد من الإشكالات في بعض المناطق بين أهاليها ونازحين، نتيجة مشاجرات ذات طابع سياسي، كذلك سُجّلت احتكاكات بُعَيد الإعلان عن اغتيال نصر الله نجحت الأجهزة المعنية باستيعابها سريعاً.

مخاوف «المناطق الآمنة»

ولعل أبرز ما يخلق إشكالات مع النازحين هو خشية سكان المناطق التي تُعدّ نسبياً آمنة أن تصبح هدفاً للطيران الإسرائيلي في حال تبيّن أن من بين النازحين عناصر أو كوادر من «حزب الله»، وتصل مئات الشكاوى إلى بلديات قرى وبلدات تطالبها بالتأكد من هوية النازحين حديثاً إلى شقة ما.

وتقول نسرين ن (40 عاماً)، وهي من سكان منطقة بعبدا في جبل لبنان، إنها تواصلت مع البلدية طلباً منها لإخراج النازحين من شقة استأجروها في المبنى الذي تقطن فيه، خشية أن يكون بينهم هدف إسرائيلي، ما يؤدي لمقتلها وعائلتها بغارة ما. وتضيف نسرين لـ«الشرق الأوسط»: «ندرك أن وضع النازحين الإنساني صعب جداً، لكن سلامتي وعائلتي هي أولويتي راهناً».

انتشار عسكري

وينفّذ الجيش اللبناني منذ أيام عمليات انتشار واسعة، في عدد كبير من المناطق، وخصوصاً في تلك حيث اختلاط مذهبي وطائفي، ويوضح مصدر أمني أن «الهدف من هذا الانتشار تَفادي الإشكالات، وردّات الفعل بين أبناء الطائفة الشيعية وباقي المكوّنات اللبنانية، حتى لا تحصل فتنة مذهبية وطائفية»، لافتاً إلى أن «الجيش عزّز انتشاره في أماكن محدّدة، ويقيم دوريات ونقاطاً مستحدَثة، كما أنه متأهّب لحصول أي تطوّر».

ويشير المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الجيش يتدخّل حيث تحصل إشكالات، لكن ليس لديه عدد كافٍ من العناصر لينتشروا في كل مناطق ومراكز النزوح والإيواء».

وأصدرت قيادة الجيش، الأحد، بياناً حثّت فيه المواطنين على «الحفاظ على الوحدة الوطنية، وعدم الانجرار وراء أفعال قد تمسّ بالسلم الأهلي في هذه المرحلة الخطيرة والدقيقة من تاريخ وطننا»، منبّهة إلى أن «العدو الإسرائيلي يعمل على تنفيذ مخططاته التخريبية، وبث الانقسام بين اللبنانيين».

وأكّدت قيادة الجيش استمرارها في اتخاذ «التدابير الأمنية اللازمة، والقيام بواجبها الوطني؛ للحفاظ على السلم الأهلي»، داعيةً المواطنين لـ«التجاوب مع هذه التدابير، والعمل بمقتضى الوحدة الوطنية التي تبقى الضمانة الوحيدة للبنان».

خشية الفتنة

ولا ينفي العميد المتقاعد جورج نادر أن هناك «خوفاً من استخدام إسرائيل عملاءها في محاولة لإشعال فتنة داخلية تشكّل أكبر خدمة لها في المرحلة الراهنة»، مشدّداً على أنه «لا يمكن النوم على حرير والمسؤولية الأكبر تبقى على القوى الأمنية والجيش اللذَين يفترض أن يتنبّها للتصدي لأي محاولة لإشعال هكذا فتنة».

ويشدّد نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن «المطلوب الوعي من البيئة التي احتضنت النازحين، فلا يمكن احتضانهم وبنفس الوقت شتم رموزهم الدينية والسياسية، كما لا يمكن إجبارهم على إزالة صور أولادهم الشهداء عن سياراتهم»، لافتاً إلى أنه «وبنفس الوقت يجب أن يدرك (حزب الله) أن البيئة التي أدّى لتهجيرها يُفترض أن تحترم الآراء السياسية للبيئة التي احتضنتها، بمعنى أنه لا يمكن أن أكون مهجّراً إلى مكان معين وأسعى لفرض رأيي، وأضع ما يستفز البيئة التي استضافتني».