سوريا تحظر ارتباط شركات الأمن الخاصة بفروع أجنبية

«مجلس الشعب» عدّل قانونها وقصر العمل بها على المواطنين

عناصر من شركة القلعة الخاصة للأمن في سوريا خلال مهمة عمل (صفحة الشركة على فيسبوك)
عناصر من شركة القلعة الخاصة للأمن في سوريا خلال مهمة عمل (صفحة الشركة على فيسبوك)
TT

سوريا تحظر ارتباط شركات الأمن الخاصة بفروع أجنبية

عناصر من شركة القلعة الخاصة للأمن في سوريا خلال مهمة عمل (صفحة الشركة على فيسبوك)
عناصر من شركة القلعة الخاصة للأمن في سوريا خلال مهمة عمل (صفحة الشركة على فيسبوك)

أقر «مجلس الشعب» السوري «تعديل قانون شركات الحماية والحراسة الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 55 لعام 2013»، وأصبح قانوناً. وحسب المشروع الذي وافق عليه المجلس في جلسته (مساء الاثنين) فإنه «يُحظر على شركة الحماية والحراسة الخاصة التعامل مع شركات خارجية، وأن تكون فرعاً لشركة عربية أو أجنبية».

وحدد المشروع الشروط الواجب توافرها في العامل والحارس بالشركة، وهي أن يكون «متمتعاً بالجنسية العربية السورية أو من في حكمه منذ خمس سنوات على الأقل، وأن يتجاوز الـ18 عاماً من عمره»، فضلاً عن شروط أخرى.

كما منعت التعديلات «نقل ملكية الشركات أو التنازل عن الترخيص الممنوح لها كلياً أو جزئياً إلا بموافقة مسبقة من وزير الداخلية شريطة أن تتوفر في المالك الجديد أو المتنازل له الشروط ذاتها الواجبة للترخيص»، فضلاً عن حظر تأمين السلاح من أي مصدر غير محدد في القانون، أو استخدام الشركات لحراس لم يتم منحهم رخصة مزاولة المهنة من قبل وزارة الداخلية.

سد الفراغ

ويوجد في سوريا نحو 70 شركة حماية وحراسة غالبيتها ظهرت بعد عام 2011، لسد الفراغ الأمني الناجم عن اضطراب الأوضاع والفلتان الأمني ونقص عناصر الأمن الداخلي جراء حركة الانشقاق التي شهدتها الأجهزة الأمنية إثر اندلاع الاحتجاجات ضد النظام السوري.

وجاءت واقعة تفجير حافلة إيرانية في «حي الكلاسة» بدمشق القديمة عام 2013 سبباً مباشراً لاستقدام إيران شركة أمنية إيرانية لحماية عناصرها في سوريا، ما اضطر دمشق إلى إصدار المرسوم 55 لعام 2013، الخاص بمنح الترخيص لشركات خدمات الحماية والحراسة الخاصة، وذلك بعد عقود طويلة من منع الترخيص للشركات الأمنية على مختلف أنواعها.

وذهبت مصادر سورية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «تعديل المرسوم وتنظيم عمل الشركات الأمنية قد يرتبطان بتصفية تركة شركة (فاغنر) الروسية، بعد مقتل زعيمها يفغيني بريغوجين، وذلك ارتباطاً بالنص على حظر التعامل مع شركات أجنبية».

وشرحت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها أن «الوضع القائم لشركات الحماية والحراسة يشير إلى تبعيتهم إلى رجال أعمال سعوا للاستثمار في قطاع الأمن لحماية مصالحهم التجارية وحركة البضائع على الطرق الرئيسية، لكنها واقعياً تتبع ثلاثة أطراف؛ وهي إيران وروسيا والسلطات السورية ممثلة بالفرقة الرابعة».

روسيا وإيران

وبحسب المصادر، فإن أبرز الشركات الأمنية المتعاونة مع روسيا شركة «المهام للحماية والحراسات الأمنية»، التي تملكها مجموعة القاطرجي، المكلفة استيراد النفط من مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»، وشركة «سند للحراسة والأمن»، المُكلفة حراسة المنشآت النفطية التي تسيطر عليها روسيا بشكل مباشر، مثل حقول: «التيم، والورد، والشعلة النفطية» في دير الزور، في حين تعمل شركة «الصياد» مع القوات الروسية لملاحقة تنظيم «داعش» في البادية السورية.

أما الشركات التي تتعاون مع الحرس الثوري الإيراني فهي، وفق المصادر، شركة «القلعة للحماية والحراسة» التي تأسست 2017، وأحد أبرز مديريها التنفيذين، أبو علي خضر، المقرب من النظام، وتنشط في مدينة البوكمال الخاضعة لسيطرة القوات الإيرانية في محافظة دير الزور، وترافق قوافل الإيرانيين والعراقيين المتجهين إلى سوريا. أما شركة «الفجر» فإنها تتولى حماية قوافل النفط التي تنتقل بين العراق ومصافي النفط في حمص وبانياس من هجمات «داعش» في البادية السورية.

وحدد المشروع العقوبات المتوجب فرضها بحق شركات الحماية والحراسة المخالفة كفرض غرامة عليها تقدر بـ5 ملايين ليرة سوريا في عدة حالات منها «العمل خارج المحافظات المرخص لها ممارسة أعمالها فيها أو ممارسة نشاط أو تقديم خدمة غير مرخص لها القيام بها أو عدم استقلالها في الإدارة أو المقر أو مجال العمل عن شركات أخرى أو حمل أسلحة في مواقع الحراسة غير مسلمة أو غير مشتراة عن طريق وزارة الداخلية أصولاً أو القيام بأعمال التحري وجمع المعلومات». وفق ما ذكرته وكالة الأنباء السورية (سانا).



«هدنة غزة»: حديث عن أيام حاسمة لـ«صفقة جزئية»

فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: حديث عن أيام حاسمة لـ«صفقة جزئية»

فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)

تتواصل مساعي الوسطاء في المفاوضات الرامية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، لسد «فجوات»، وسط حديث إسرائيلي عن «أيام حاسمة» لعقد صفقة جزئية.

وأفاد مصدر فلسطيني تحدث لـ«الشرق الأوسط» بأن «الفجوات لا تزال مستمرة على طاولة المفاوضات بسبب طرح رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو عراقيل جديدة، بطلب جديد خاص بالرهائن، يتمثل في إطلاق سراح 11 رهينة من عمر الشباب مع القائمة المتفق عليها والتي تضم 23 آخرين»، وسط تحفُّظ من «حماس» ومطالبتها بإعادة الحديث بشأن مقابلهم من الأسرى الفلسطينيين، الذي حددته بنحو 200 إلى 300 عن كل أسير بما يصل إجمالاً إلى 3 آلاف، وهو ما يلاقي رفضاً إسرائيلياً.

ويتوقع المصدر أن الصفقة الجزئية تنتظر «الحسم» هذا الأسبوع بين لقاءات بالقاهرة والدوحة، لسد الفجوات، وإنهاء عراقيل نتنياهو باتفاق يحدث قبل بدء الرئيس الأميركي المنتخب ولايته في 20 يناير (كانون الثاني) على أن يُعْلَن ويُنَفَّذ على الأرجح، بداية العام المقبل.

فلسطينيون يتفقدون الأضرار في موقع غارة إسرائيلية بدير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

وكشفت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، الأحد، أن إسرائيل قدمت قائمة تضم 34 محتجزاً تطالب بالإفراج عنهم في المرحلة الأولى من الاتفاق، بما في ذلك 11 اسماً لا تنطبق عليهم معايير «حماس» للاتفاق.

ونقلت الصحيفة عن مصادر، لم تسمِّها، أن المناقشات تركز على شروط الانسحاب الإسرائيلي التدريجي من ممر فيلادلفيا وكذلك «القائمة الإنسانية» التي تعطي الأولوية لإطلاق سراح الذين تتعرض حياتهم لخطر واضح وفوري، لافتة إلى بعض الأسماء الواردة في القائمة الإسرائيلية التي تضم محتجزين تعدهم «حماس» جنوداً، بينما تقول الأخيرة إنَّها ستفرج فقط عن المرضى وكبار السن والأطفال.

ووفق المصادر، ستشمل المرحلة الأولى من الصفقة إطلاق سراح 250 أسيراً فلسطينياً، ليس بينهم القيادي الفلسطيني مروان البرغوثي الذي يرفض الاحتلال الإفراج عنه، مقابل إطلاق سراح محتجزين إسرائيليين.

وتطالب «حماس» بضمانات لإنهاء الحرب في حال تم التوصل إلى صفقة مستدامة، لكن الإصرار الإسرائيلي على القضاء على حكم الحركة في غزة قد يعرقل هذه المطالب، ما يجعل المرحلة الثانية من الصفقة التي تشمل إطلاق سراح الجنود وبقية الرهائن أكثر تعقيداً، بينما تركز المرحلة الثالثة على إعادة الجثث، وفق المصادر نفسها.

وبرأي الخبير المختص بالشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، فإن «حماس» لو قدمت تنازلات أكثر إزاء هذه الضغوط الإسرائيلية، وقبلت بالانسحاب الرمزي الإسرائيلي وعدد الرهائن المطلوب، يمكن أن نرى اتفاقاً، لكن هذا غير مطروح من الحركة حالياً.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه كلما اقترب الاتفاق من مراحله الأخيرة اعتدنا أن نرى مثل تلك الضغوط الإسرائيلية لتعظيم المكاسب، متوقعاً أن تبذل القاهرة والدوحة جهوداً مكثفة لإنهاء أي فجوات أو شروط جديدة.

ووسط حالة الضبابية بشأن مخرجات المحادثات المستمرة في الدوحة، منذ الأسبوع الماضي، لا يزال التفاؤل يجد مكاناً بوسائل الإعلام الإسرائيلية، ونقلت «هيئة البث»، السبت عن مصدر مشارك في المفاوضات الجارية بشأن الصفقة قوله إن «المحادثات تسير في الاتجاه الصحيح»، على الرغم من مغادرة رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) ويليام بيرنز قطر، الخميس، موضحاً أن مغادرة بيرنز لا تعني بالضرورة أن المحادثات وصلت إلى طريق مسدود.

وكان بيرنز قد التقى رئيس وزراء قطر في الدوحة لمناقشة اتفاق لوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن، وفقاً لما نقلته وكالة «رويترز» بهدف تضييق الفجوات المتبقية بين إسرائيل و«حماس».

وكشف مسؤولون إسرائيليون مطَّلعون على المفاوضات أن «العملية في مراحلها النهائية، وأن الاتجاه إيجابي، لكن الأمور لا تزال غير محسومة»، مؤكدين أنه «لا يمكن أن تستمر إلى الأبد، وأنه سيجري تحديد المسار النهائي خلال أسبوع».

قضايا عالقة

رغم التقدم في المحادثات، فإن هناك قضايا خلافية لا تزال تعوق التوصل إلى اتفاق نهائي، وتشمل هذه القضايا: الوجود في محور «فيلادلفيا وبقطاع غزة، وعودة السكان إلى شمال القطاع، وآلية الإفراج عن الرهائن وعددهم، وإدارة المعابر الحدودية، وفق (هيئة البث)».

وإزاء التسريبات الإسرائيلية بشأن مدة الأسبوع والتقدم بالمحادثات، يرى عكاشة، أن «هناك ألغاماً كثيرة حالياً أمام الاتفاق، وبخلاف أن وسائل إعلام بإسرائيل تروج للتقدم فهناك أخرى تتحدث عن فشله»، معتقداً أن «المشكلة في حل تلك العراقيل أنها قد تقود إلى محاولة الذهاب لاتفاق هش غير منضبط بإطار ملزم، ويخرج في سياق عام، ومن ثم سيشهد خروقات كما رأينا في اتفاق الحرب بلبنان».

وبتقدير عكاشة، فإن هذا الاتفاق المحتمل لن يحدث قريباً، في ظل مخاوف نتنياهو بانهيار حكومته، واعتقاد «حماس» أن أي تنازل جديد سيكون بمثابة انتحار آيديولوجي، خصوصاً وهي لا تمتلك ما تخسره، وأفضل لها أن تذهب لتموت وهي تناضل كما تقول.

وبالمقابل، يتوقع الرقب أن تثمر جهود الوسطاء تجاوُزَ الخلافات، وإنضاج اتفاق يُنهي الفجوات التي تواجهه بحلول وسط في أقرب وقت، متوقعاً أن يحدث ذلك قبلة مهلة ترمب.

«تصريحات متناقضة»

توعد ترمب في منشور على منصة «تروث سوشيال» أوائل ديسمبر (كانون الأول) الحالي بـ«مشكلة خطيرة» في الشرق الأوسط ما لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في قطاع غزة قبل تنصيبه في 20 يناير المقبل.

لكن عكاشة يستبعد أن يكون هناك تأثير لمهلة ترمب في مسار عقد الاتفاق، وأرجع ذلك إلى أن تصريحه السابق بشأن المهلة إنشائي ومتناقض مع مساعيه لإبرام السلام بالمنطقة، متسائلاً: «كيف سيحقق السلام وهو يتوعد بإشعال المنطقة إن لم تتم الصفقة؟»، قبل أن يجيب: «قد لا نرى هذا الاتفاق بنسبة 60 أو 70 في المائة وننتظر لما بعد وصول ترمب».