شظايا «حرب غزة» تتكاثف في سوريا والعراق

أميركا تُقر بتعرضها لـ23 هجوماً خلال أسبوعين... وتحذيرات أممية من التداعيات

TT

شظايا «حرب غزة» تتكاثف في سوريا والعراق

دورية أمريكية تتجول في منطقة رميلان النفطية الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
دورية أمريكية تتجول في منطقة رميلان النفطية الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

تكاثفت شظايا التداعيات الإقليمية للحرب المشتعلة في قطاع غزة، في أجواء دول الجوار، وأظهرت عمليات قصف متكررة نفذتها إسرائيل وأميركا، وكذلك فصائل موالية لإيران في كل من سوريا والعراق، اتجاهاً متصاعداً لإعادة تسخين التحركات العسكرية بالمنطقة بعد هدوء نسبي مؤقت في عدد العمليات المشابهة خلال الشهور القليلة السابقة على اشتعال الجبهة الفلسطينية.

وجاء «معبر القائم» على الحدود السورية - العراقية الذي تسيطر عليه إيران، ليكون أحدث الساحات المنضمة إلى سباق «إعادة التسخين»، إلى جانب مطاري حلب ودمشق الدوليين. ووفق ما أفاد مسؤول عراقي (الاثنين) فإن «طائرة مجهولة استهدفت قافلة شاحنات كانت متوقفة على الجانب السوري من الحدود مع بلاده مساء (الأحد)».

وأوضح المسؤول في حرس الحدود أن «ضربات جوية عدة دمرت جزءاً من قافلة من 10 شاحنات استخدمت (معبر القائم) يوم (السبت)». ويقع المعبر الحدودي بالقرب من بلدة البوكمال السورية القريبة من الموقع الذي نفذ فيه الجيش الأميركي غارات جوية يوم (الجمعة) على منشأتين قال إن «الحرس الثوري الإيراني وجماعات يدعمها تستخدمهما».

جنود أميركيون في الحسكة شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

كما ذكرت مصادر أمنية أن 4 صواريخ «كاتيوشا» أُطلقت (الاثنين) على قاعدة «عين الأسد» الجوية العراقية التي تستضيف قوات أميركية ودولية أخرى في غرب العراق. وقال مسؤولان في الجيش إن الصواريخ ربما سقطت بعيداً عن القاعدة. بينما أشار مصدران أمنيان إلى أن «الصواريخ أُطلقت من منطقة صحراوية على بعد نحو 25 كيلومتراً شمال القاعدة».

ضربات إسرائيلية

ومنذ بدء الحرب في غزة، تعرض مطارا حلب ودمشق لعدد من الضربات الجوية الإسرائيلية لمنع هبوط طائرات قادمة من طهران، وما أن يتم إزالة آثار الضربة ويعلن عن إعادتهما إلى الخدمة حتى يتلقيا ضربة تُخرجهما من الخدمة مجدداً، في تحركات تقول إسرائيل إنها تستهدف «خط الإمداد الإيراني» بعد نشر للميليشيات التابعة لـ«الحرس الثوري الإيراني» و«حزب الله» اللبناني على الجبهة الجنوبية بمحاذاة الجولان على الحدود مع إسرائيل منذ بدء التصعيد في غزة.

ونفذت إسرائيل (فجر الاثنين) ضربة جوية ضد موقعين عسكريين بريف درعا (جنوب سوريا). وقال مصدر عسكري سوري إن «العدو الإسرائيلي شن عدواناً جوياً من اتجاه الجولان السوري المحتل مستهدفاً موقعين لقواتنا المسلحة في ريف درعا»، لافتاً إلى أن «العدوان أدى إلى وقوع بعض الخسائر المادية».

ويذهب مراقبون سوريون، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «رسالة إسرائيل هي قطع طرق الإمداد وضرب مخازن السلاح والمقرات والمواقع العسكرية التي تتبع إيران، لكي لا تتدخل في حرب غزة».

23 هجوماً

ووفق إفادة رسمية، (الاثنين) فإن القوات الأميركية، وقوات «التحالف الدولي» في العراق وسوريا تعرضت لهجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ 23 مرة خلال الشهر الحالي، حسب مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية

وألقت واشنطن باللوم في زيادة الهجمات على «التنظيمات المدعومة من إيران»، وقال المسؤول الأميركي للصحافيين إنه خلال الفترة من 17 أكتوبر (تشرين الأول) وحتى 30 من الشهر نفسه، تعرضت القوات الأميركية وقوات التحالف للهجوم 14 مرة على الأقل بشكل منفصل في العراق، و9 مرات بشكل منفصل في سوريا.

متظاهرون عراقيون في شوارع بغداد (السبت الماضي) ينددون بالهجمات الإسرائيلية ضد قطاع غزة (رويترز)

وأوضح أن الهجمات نُفِّذت «بطائرات مسيّرة هجومية وصواريخ»، لكن «معظمها فشل في بلوغ أهدافه بفضل دفاعاتنا المتينة».

ووقعت 3 هجمات في سوريا منذ الجمعة، تزامناً مع تقارير عن استهداف قوات أميركية في البلاد خلال عطلة نهاية الأسبوع في هجمات تبناها فصيل يطلق على نفسه اسم «المقاومة الإسلامية في العراق» سبق أن أعلن مسؤوليته عن العديد من الهجمات الأخيرة.

وكان البنتاغون قال في وقت سابق إن الهجمات أدت لإصابة 21 عنصراً أميركياً بجروح طفيفة، بينما توفي متعهد عسكري بنوبة قلبية خلال إنذار كاذب.

تحذيرات أممية

ودفع التسخين العسكري، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، إلى دق «ناقوس الخطر» من انتقال عدوى الحرب في غزة إلى سوريا، معترفاً بـ«الحقيقة الصعبة» المتمثلة في «غياب المشاركة الحقيقية والتقدم نحو الحل السياسي المنشود في هذا البلد على رغم سنوات الحرب الطاحنة فيها».

واستمع أعضاء المجلس إلى إحاطة من المبعوث الأممي الذي لاحظ أنه منذ مارس (آذار) 2020 «دخل الصراع السوري في حالة من الجمود الاستراتيجي» بالتزامن مع وجود 5 جيوش أجنبية تنشط على الأراضي السورية، مذكراً بأنه حذر منذ سنوات من أن «هذا الوضع الراهن يعرض سوريا لخطر الانجراف إلى حالة أعمق وأطول أمداً من التفتت، وأن ذلك ينطوي على مخاطر تصعيد أكثر خطورة»، لا سيما «بسبب غياب عملية سياسية ذات صدقية». ودق ناقوس الخطر مجدداً بأن «الوضع أصبح الأكثر خطورة منذ فترة طويلة».

ورأى بيدرسن الذي تسلم منصبه مبعوثاً أممياً إلى سوريا منذ 5 سنوات تماماً من دون أن يحرز أي تقدم، أن «الشعب السوري يواجه الآن احتمالاً مرعباً بتصعيد محتمل وأوسع نطاقاً، نظراً للتطورات المثيرة للقلق في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة والمنطقة»، منبهاً إلى أن «انتقال العدوى إلى سوريا ليس مجرد خطر، بل هو أمر بدأ بالفعل».

وإذ لفت كذلك إلى إعلان الولايات المتحدة أن قواتها تعرضت لهجمات متعددة من مجموعات تزعم أنها مدعومة من إيران، بما في ذلك على الأراضي السورية، أشار إلى تصاعد الهجمات المتبادلة بين القوات النظامية السورية والقوى المناوئة لها في العديد من المناطق. وعدَّ كذلك أن سوريا والشعب السوري والمنطقة ككل «ليست في وضع يسمح لها بتحمل انفجارات جديدة للصراع العنيف».

وقال بيدرسن إن لديه «أربع رسائل فورية» لمجلس الأمن أولها «وقف التصعيد داخل سوريا بشكل عاجل»، ثم أن «تمارس كافة الأطراف الفاعلة – السورية وغير السورية – أقصى درجات ضبط النفس» لأنه «من غير المقبول أن يتم التعامل مع سوريا باعتبارها ساحة مفتوحة للجميع تقوم الجهات الفاعلة المختلفة بتصفية حساباتها مع بعضها البعض فيها».

وطلب بيدرسن ثالثاً أن تعمل الجهات الفاعلة «في إطار الامتثال الكامل لأحكام القانون الدولي الإنساني»، وأخيراً أن «تبقي قنوات التواصل والتعاون مفتوحة بين جميع الجهات الفاعلة الدولية الرئيسية». وعبّر عن خشيته أنه في حال عدم تلبية هذه المطالب، فإن «الوضع المتوتر الراهن قد ينهار بالكامل».


مقالات ذات صلة

أين أصبحت «حماس» بعد 15 شهراً من الحرب؟

المشرق العربي جانب من الدمار الذي خلفته غارات إسرائيلية سابقة بمدينة غزة... يوم 16 يناير 2025 (رويترز)

أين أصبحت «حماس» بعد 15 شهراً من الحرب؟

رغم تلقيها ضربات كبيرة من الجيش الإسرائيلي على مدار 15 شهراً، فإن «حماس» تبقى القوة الفلسطينية الأقوى بقطاع غزة، وفق صحيفتَي «لوموند» و«لوفيغارو» الفرنسيتين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد في أعقاب غارة إسرائيلية على قطاع غزة بعد إعلان التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار (أ.ب) play-circle 00:21

«حماس»: إسرائيل استهدفت مكان احتجاز رهينة بعد إعلان اتفاق غزة

قالت «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس»، الخميس، إن غارة إسرائيلية استهدفت موقعاً تتواجد فيه امرأة رهينة بعد إعلان التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية احتفالات في إسطنبول بإعلان التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة (أ.ب)

تركيا ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في غزة

رحبت تركيا بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وعبرت عن شكرها للدور الذي قامت به مصر وقطر في هذا الصدد وطالبت المجتمع الدولي بضمان التزام إسرائيل بتنفيذه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي فلسطينيون يسيرون قرب مبانٍ هدمها القصف الإسرائيلي في خان يونس جنوب قطاع غزة الخميس (رويترز) play-circle 00:55

سكان غزة يأملون بنجاح الاتفاق وإنهاء معاناتهم

أعرب كثير من سكان غزة لـ«الشرق الأوسط» عن أملهم في أن تنجح جهود الوسطاء في تكليل الاتفاق المعلن عنه، بنجاح المراحل الأخرى، لتتوقف الحرب نهائياً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية إسرائيليون يتظاهرون في القدس مطالبين بإطلاق الرهائن (أ.ف.ب) play-circle 01:42

الإسرائيليون لا يصدقون نتنياهو في تأخير الصفقة

أقدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على تأجيل اجتماعات الحكومة والكابينت اللذين كانا سيصادقان على صفقة وقف النار وتبادل الأسرى مع «حماس».

نظير مجلي (تل ابيب)

تشديد مصري - إماراتي على إدخال المساعدات لقطاع غزة دون عراقيل

الرئيس المصري ونظيره الإماراتي رحبا بالإعلان عن وقف إطلاق النار في قطاع غزة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري ونظيره الإماراتي رحبا بالإعلان عن وقف إطلاق النار في قطاع غزة (الرئاسة المصرية)
TT

تشديد مصري - إماراتي على إدخال المساعدات لقطاع غزة دون عراقيل

الرئيس المصري ونظيره الإماراتي رحبا بالإعلان عن وقف إطلاق النار في قطاع غزة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري ونظيره الإماراتي رحبا بالإعلان عن وقف إطلاق النار في قطاع غزة (الرئاسة المصرية)

شددت مصر والإمارات على «ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة دون عراقيل».

ورحب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال محادثات مع نظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الخميس، بالإعلان عن وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين.

وأكد الرئيسان حرصهما على «تنفيذ الاتفاق بشكل يحقن دماء الشعب الفلسطيني». وأشارا إلى «ضرورة مواصلة المساعي الحثيثة لتطبيق حل الدولتين بوصفه السبيل الوحيد الذي يضمن التوصل إلى السلام المستدام والاستقرار في الشرق الأوسط».

واستقبل بن زايد، السيسي، في مطار أبوظبي الدولي، الخميس. وعقب مراسم الاستقبال، عقد الرئيسان اجتماعاً تناول العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وسبل تعزيزها بما يحقق مصالح الدولتين وتطلعات شعبيهما الشقيقين، وبشكل خاص في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.

ووفق إفادة للمتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، فإن «اللقاء تناول أيضاً الأوضاع الإقليمية وسبل استعادة الأمن والاستقرار في المنطقة».

بن زايد أشاد بالجهود المصرية الدؤوبة على مدار العام الماضي لحماية أهالي قطاع غزة (الرئاسة المصرية)

وأشاد بن زايد بالجهود المصرية الدؤوبة على مدار العام الماضي لحماية أهالي قطاع غزة، وفي إطار الوساطة للتوصل إلى الاتفاق. كما شدد الرئيسان على «ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية بالكميات الكافية دون عراقيل لأهالي القطاع لإنقاذهم من المأساة الإنسانية التي يواجهونها».

وأعلنت مصر وقطر والولايات المتحدة الأميركية، مساء الأربعاء، توصل طرفي النزاع في غزة إلى اتفاق لتبادل الأسرى والمحتجزين والعودة إلى الهدوء المستدام بما يحقق وقفاً دائماً لإطلاق النار بين الطرفين، ومن المتوقع أن يبدأ سريان الاتفاق بدءاً من 19 يناير (كانون الثاني) الحالي.

ورحب السيسي، مساء الأربعاء، بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة بعد جهود مضنية على مدار أكثر من عام بوساطة مصرية - قطرية - أميركية. وأكد على أهمية الإسراع في إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة لأهل غزة لمواجهة الوضع الإنساني الكارثي الراهن، وذلك دون أي عراقيل، لحين تحقق السلام المستدام من خلال حل الدولتين، ولكي تنعم المنطقة بالاستقرار والأمن والتنمية في عالم يتسع للجميع.

وذكر الرئيس المصري أن بلاده ستظل دائماً وفية لعهدها، وداعمة للسلام العادل، وشريكاً مخلصاً في تحقيقه، ومدافعة عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

لقاء السيسي وبن زايد في الإمارات ناقش الأوضاع بسوريا (الرئاسة المصرية)

وتناولت محادثات السيسي وبن زايد في أبوظبي، الخميس، الأوضاع في لبنان، ورحبا بانتخاب الرئيس جوزيف عون، آملين أن يسهم ذلك في «استعادة الاستقرار في لبنان الشقيق»، وأكدا ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في لبنان لحماية شعبه وتحقيق تطلعاته.

وكان السيسي قد أكد في اتصال هاتفي مع عون، قبل أيام، «إيمان مصر بقدرة الرئيس اللبناني على قيادة البلاد خلال هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان والمنطقة، وتحقيق تطلعات الشعب اللبناني الشقيق». وأشار إلى أن مصر ستظل دائماً داعمة للبنان الشقيق وسيادته، وأنها مستعدة لتقديم المساعدة وكل سُبل الدعم الممكنة للبنان بما يضمن استقراره، ويعزز من قدرته على مواجهة التحديات، وبحيث يبدأ لبنان مرحلة جديدة ينعم فيها بالأمن والاستقرار.

لقاء «السيسي - بن زايد» في الإمارات ناقش أيضاً الأوضاع في سوريا، وأكد الرئيسان حرصهما على «وحدة سوريا واستقرارها وسلامة أراضيها»، مشددين على «أهمية بدء عملية سياسية شاملة تتضمن جميع مكونات الشعب السوري وبملكية سورية».

وبحسب متحدث الرئاسة المصرية فإن اللقاء تناول كذلك سبل استعادة الاستقرار في السودان وليبيا واليمن والصومال، حيث شدد السيسي وبن زايد على «أهمية حماية أمن وسيادة تلك الدول الشقيقة بما يحقق مصالح وتطلعات شعوبها نحو الاستقرار والرخاء».

ودشّن الرئيس المصري، ونظيره الإماراتي، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مشروع مدينة «رأس الحكمة» (على الساحل الشمالي المصري)، حيث شهد الرئيسان إطلاق المشروع، واصفين إياه بأنه «يمثل نموذجاً للشراكة التنموية البناءة بين مصر والإمارات».

ووقعت مصر اتفاقاً لتطوير وتنمية مدينة «رأس الحكمة» بشراكة إماراتية، في فبراير (شباط) الماضي، بـ«استثمارات قدرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة المشروع»، (الدولار الأميركي يساوي 50.38 جنيه في البنوك المصرية).