المستوطنون يهددون بنكبة ثانية بالضفة والجنود الإسرائيليون يقتلون 4 شبان

منع عشرات آلاف المصلين من الوصول إلى الأقصى للأسبوع الثاني

شرطية إسرائيلية تمنع فلسطينية من الصلاة الى المسجد الأقصى الجمعة (أ.ف.ب)
شرطية إسرائيلية تمنع فلسطينية من الصلاة الى المسجد الأقصى الجمعة (أ.ف.ب)
TT

المستوطنون يهددون بنكبة ثانية بالضفة والجنود الإسرائيليون يقتلون 4 شبان

شرطية إسرائيلية تمنع فلسطينية من الصلاة الى المسجد الأقصى الجمعة (أ.ف.ب)
شرطية إسرائيلية تمنع فلسطينية من الصلاة الى المسجد الأقصى الجمعة (أ.ف.ب)

جنبا إلى جنب مع الحرب على قطاع غزة، تواصل قوات الشرطة والجيش حربا شرسة على سكان القدس الشرقية والضفة الغربية، أسفرت الجمعة عن مقتل أربعة شبان فلسطينيين في جنين وقلقيلية، كما مُنع عشرات الآلاف من الوصول إلى المسجد الأقصى لإقامة صلاة الجمعة فيه.

وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، إن 5 آلاف شخص فقط أدوا صلاة الجمعة، في المسجد الأقصى، بسبب الإجراءات العسكرية المشددة التي فرضتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في محيطه، وعلى زائريه. وقد منعت المصلين ممن هم دون الـ70 عاما من الدخول إلى المسجد، وبدلا من 50 ألفا يؤدون الصلاة في الأسبوع انخسف العدد إلى 5 آلاف. كما اعتدت على عدد من القادمين عند باب المجلس أحد أبواب المسجد. وأكدت أن ذلك تسبب في انخفاض كبير بعدد المصلين الذين تمكنوا من الوصول إليه.

باحة المسجد الأقصى قبيل صلاة الجمعة (رويترز)

وكانت السلطات الإسرائيلية اتخذت إجراءات المنع بسبب الحرب على غزة، يوم الجمعة الماضي، وعادت لفرض قيودها هذا الأسبوع. وقد حاول مئات الشبان في كل حي أداء صلاة جماعية في الشوارع، مقابل الأسوار وخارج البلدة القديمة في القدس الشرقية، لكن القوات أطلقت صوبهم الرصاص المعدني المغلف بالمطاط والغاز السام المسيل للدموع ولاحقتهم في شوارع وادي الجوز وغيره من الأحياء.

ومن جهة ثانية، توعّد مستوطنون في الضفّة الغربيّة الفلسطينيين بـ«نكبة جديدة» على غرار عام 1948، تشمل القتل والتهجير. وقد فعلوا ذلك بوضع منشورات على مركبات المزارعين الفلسطينيين قرب بلدة ديراستيا، شمال غربي سلفيت (شمال). وتضمّنت تهديد المواطنين الفلسطينيين في الضفّة الغربيّة، وأنّ عليهم مغادرة قراهم وبلداتهم والتوجّه إلى الأردنّ، وإذا لم يغادروها فسيتمّ الهجوم وتهجير الفلسطينيين بالقوّة.

جنود إسرائيليون يصوبون باتجاه محتجين فلسطينيين خلال مواجهات في البيرة الجمعة (أ.ف.ب)

وقال رئيس بلديّة ديراستيا، فراس ذياب، معقبا، إنّ «ما قام به المستعمرون هو أسلوب قديم وواضح للعيان»، داعياً المواطنين «إلى اتّخاذ الحيطة والحذر من اعتداءات المستعمرين التي تهدف إلى تهجير الفلسطيني من أرضه».

وتداول نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي صورة المنشور على إحدى المركبات، ومما جاء فيه: «أردتم (الكلام موجّه للفلسطينيين) نكبة مثيلة بعام 1948 فواللّه ستنزل على رؤوسكم الطامّة الكبرى قريباً، لديكم آخر فرصة للهروب إلى الأردن بشكل منظّم وبعدها سنجهز على كلّ عدوّ وسنطردكم بقوّة من أرضنا المقدّسة التي كتبها اللّه لنا».

شبان فلسطينيون يحتمون خلف حاوية نفايات خلال مواجهات مع جنود إسرائيليين في الحليل الجمعة (أ.ف.ب)

وعلى صعيد القمع الدامي تم قتل أربعة شبان فلسطينيين، الجمعة، في جنين وقلقيلية. فقد قتل الشاب عبد الله أبو الهيجاء من بلدة اليامون، والشاب أيسر محمد العامر (24 عاما) من مخيم جنين، وعُثر على جثمان جواد التركي في محيط مخيم جنين، الذي قتل خلال الاشتباكات المسلحة التي اندلعت بمحيط مخيم جنين مع قوات الجيش، فجر الجمعة، كما أصيب آخرون بجروح إثر الاشتباكات التي وقعت بعد منتصف ليل الخميس - الجمعة مع قوات الاحتلال إثر اقتحامها لعدة مدن وبلدات في الضفة الغربية المحتلة.

وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني، بأنه «جرى نقل 3 إصابات بالرصاص الحي إحداها وصفت بالخطيرة جدا خلال المواجهات في جنين، قبل أن يتم إقرار استشهاد الشابين في المستشفى». وذكر أن طواقمه تعرضت لإطلاق نار من جنود الاحتلال في أثناء إسعافها أحد المصابين في طوباس.

شبان في شارع شيرين أبو عاقلة الذي دمره جنود إسرائيليون في مخيم جنين بالضفة الجمعة (رويترز)

وأعلنت فصائل المقاومة في جنين عن اشتباكات واستهداف قوات الاحتلال وآلياتها بالرصاص وعبوات ناسفة في عدة مواقع، بينها محيط مستشفى ابن سينا وحي الزهراء. ودفع الجيش بقوات وآليات معززة إلى جنين، كما شوهدت مسيّرات في سماء المدينة فيما أقدمت جرافات الاحتلال على تخريب وحفر شوارع في محيط المخيم. كما اقتحمت قوات الجيش مدن نابلس والخليل وأريحا وبلدات فلسطينية أخرى فجر الجمعة.

وفي نابلس، اقتحمت القوات المدينة من الجهتين الشرقية والغربية، وسيّرت آلياتها في شوارعها. وقال الهلال الأحمر، إن 3 إصابات بالرصاص الحي إحداها بالصدر والظهر وقعت خلال المواجهات مع قوات الجيش في المدينة.

وفي الخليل، اقتحمت القوات المدينة وسيّرت آلياتها العسكرية في شوارعها، واقتحمت أحد المنازل في المنطقة الجنوبية من المدينة.

وفي أريحا، اقتحمت قوات كبيرة المدينة من مدخلها الشرقي بعدة آليات؛ حيث داهمت مخيمي عين السلطان وعقبة جبر المحاذيين للمدينة، وقد وقعت اشتباكات عنيفة بين الشبان وقوات الاحتلال في المخيمين.

كما قتل شاب في مواجهات اندلعت بين فلسطينيين وقوات من الجيش الإسرائيلي خلال اقتحامها لمدينة قلقيلية في الضفة الغربية، فجر اليوم الجمعة. وأفادت مصادر فلسطينية بأن القتيل هو الأسير المحرر قسام عبد الحافظ، وقد قتله الجيش بإطلاق النار في المواجهات. وأعلنت القوى الوطنية والإسلامية في قلقيلية عن إضراب شامل حدادا على روح القتيل.



فولكنر لـ«الشرق الأوسط»: سنواصل دعم بغداد لمكافحة الإرهاب

السوداني وحسين يغادران مقر رئاسة الوزراء في لندن يوم 14 يناير (أ.ف.ب)
السوداني وحسين يغادران مقر رئاسة الوزراء في لندن يوم 14 يناير (أ.ف.ب)
TT

فولكنر لـ«الشرق الأوسط»: سنواصل دعم بغداد لمكافحة الإرهاب

السوداني وحسين يغادران مقر رئاسة الوزراء في لندن يوم 14 يناير (أ.ف.ب)
السوداني وحسين يغادران مقر رئاسة الوزراء في لندن يوم 14 يناير (أ.ف.ب)

أكّد هيمش فولكنر، وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني، استمرار وجود بلاده في العراق لدعم جهود مواجهة تنظيم «داعش»، فضلاً عن مكافحة عصابات تهريب البشر.

وأشاد فولكنر، في حديث مع «الشرق الأوسط»، بالاتفاقيات واسعة النطاق التي وقّعها البلدان هذا الأسبوع في إطار زيارة رسمية من رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إلى لندن، انطلقت مساء الاثنين وتستمرّ 3 أيام.

ووصف فولكنر الزيارة بـ«المهمة حقاً»، لافتاً إلى نطاقها الواسع، الذي يشمل اتفاقيات مرتبطة بالهجرة، والتعاون الأمني، واستثمارات مليارية.

وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني هيمش فولكنر

قضية الهجرة

عدّ فولكنر قضية الهجرة غير النظامية «مشكلة مشتركة» بين لندن وبغداد، مؤكّداً حرص بريطانيا على تقديم الدعم الفني للأجهزة العراقية التي تتعامل مع مسائل الهجرة.

وقال إن الهجرة غير النظامية «مشكلة مشتركة، لا سيّما أن كثيراً من العراقيين يقومون برحلات خطرة عبر القنال الإنجليزي، وبعضها ينتهي بشكل مأساوي حقاً. لقد التقيت أشخاصاً فقدوا أحباءهم خلال محاولتهم عبور القنال».

وحدّد الوزير عنصرين أساسيين في اتفاق الهجرة؛ «يتعلّق الأول بالعمل الذي يمكننا فعله لمواجهة عصابات تهريب البشر الاستغلالية، التي ينقل كثير منها العراقيين عبر القنال في رحلة خطرة وغير قانونية، فضلاً عن عصابات أخرى متورطة داخل العراق في هذه الممارسة الفظيعة والاستغلالية للاتجار بالبشر».

أما العنصر الثاني، وفق فولكنر، فيرتبط بإعادة المهاجرين العراقيين غير النظاميين إلى بلدهم. وقال: «حيثما يأتي الناس إلى المملكة المتحدة بشكل غير قانوني، فينبغي إعادتهم. وهذا ما تبحثه وزيرة الداخلية (إيفيت كوبر) مع وزير خارجية العراق (فؤاد حسين)»، بعد ظهر اليوم (الأربعاء).

السوداني وحسين يغادران مقر رئاسة الوزراء في لندن يوم 14 يناير (أ.ف.ب)

«تعاون تقني»

وفي ما يتعلّق بالوجود البريطاني المرتبط بمكافحة التهريب والهجرة غير النظامية، قال فولكنر إن «هناك وجوداً لـ(الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة) وغيرها، وذلك تحت رعاية السفارة البريطانية لدى العراق، وسيستمرون في الوجود هناك». وتابع: «نحن نريد توفير التعاون في مجال إنفاذ القانون والتعاون التقني المطلوب لتمكين العراقيين من العمل معنا في هذه المجموعة المهمة حقاً من القضايا».

أما بشأن تمويل إعادة المهاجرين غير النظاميين، فتحفّظ فولكنر عن التفاصيل، مترقّباً نتائج اللقاء بين كوبر وحسين. واكتفى بالقول إن «هذه التزامات مشتركة، وهي تحديات مشتركة». وتابع: «إنني مدرك تماماً مدى أهمية بقاء كثير من شباب العراق النابغين في العراق ومساهمتهم في اقتصاد ينمو ولديه كثير من الفرص، كما يدل على ذلك حجم بعض اتفاقيات التصدير التي تمكنا من الإعلان عنها خلال هذه الزيارة».

مؤشرات إيجابية

واتفق رئيسا الوزراء العراقي ونظيره البريطاني كير ستارمر، الثلاثاء، على حزمة تجارية تصل قيمتها إلى 12.3 مليار جنيه إسترليني. وتشمل هذه الحزمة «التاريخية» مشروعاً بقيمة 1.2 مليار جنيه إسترليني للربط البيني لشبكة الكهرباء بين العراق والسعودية باستخدام «أنظمة نقل الطاقة بريطانية الصنع»، إضافة إلى مشروع إعادة تأهيل قاعدة القيارة الجوية العراقية بقيمة 500 مليون جنيه إسترليني. كما سيقود «تحالف شركات بريطانية» مشروعاً كبيراً للبنية التحتية للمياه، بقيمة تصل إلى 5.3 مليار جنيه استرليني، وسيؤدي ذلك إلى تحسين جودة المياه وري الأراضي الزراعية وتوفير المياه النظيفة في جنوب وغرب العراق.

وعند سؤاله عن مدى استعداد أصحاب الأعمال البريطانيين للاستثمار في العراق، وسط مخاوف مرتبطة بالنفوذ الإيراني في البلاد وتداعيات التطورات الأخيرة في سوريا، جاء ردّ فولكنر متفائلاً.

ويرى الوزير أن «الالتزامات التي قدّمتها الشركات البريطانية على مدار هذا العام مؤشر على أنهم يرون العراق مكاناً جذاباً ومثيراً لمواصلة الاستثمار. ويسرني أن أرى ذلك». واستدرك بأنه «من الواضح أن هناك تساؤلات حقيقية حول ضمان أمن وسلامة المنطقة عموماً».

السوداني خلال لقائه الملك تشارلز الثالث في «قصر باكنغهام» بلندن يوم 14 يناير (أ.ف.ب)

الوضع في سوريا

وتوقّف الوزير عند الوضع في سوريا، ورأى أن «سوريا التي لا تشكل تهديداً لجيرانها، ولا تهديداً للاستقرار الإقليمي، لن ينتهي بها الأمر أن تكون قناة لأنشطة ضارة (كما كانت الحال) مع نظام الأسد. من الواضح أن نظام الأسد لم يكن نظاماً استبدادياً يؤذي شعبه فقط، بل سمح كذلك بنمو (داعش) بشكل كبير جداً على أراضيه. كما سهّل تهريب الأسلحة ومجموعة متنوعة من الأنشطة غير القانونية الأخرى التي تهدد أمن جيرانه وتنميتهم».

ولفت فولكنر إلى أن التطورات في سوريا كانت جزءاً من «المحادثات المستفيضة» التي أجراها البريطانيون مع «أصدقائنا العراقيين، ومع الجميع في المنطقة، بشأن ما يجب القيام به لضمان أن تكون سوريا الجديدة جارة جيدة وفاعلاً دولياً مسؤولاً». وتابع أن كثيراً من تصريحات القيادة السورية المؤقتة «مرحب بها للغاية»، مؤكّداً مراقبة الوضع «من كثب».

الوجود البريطاني في العراق

إلى جانب الوجود البريطاني المندرج تحت رعاية سفارة لندن في بغداد، أكّد فولكنر استمرار الوجود العسكري لدعم جهود مكافحة «داعش».

وشدد فولكنر على أن استمرار تمركز قوات بريطانية في العراق يأتي «بدعوة من السلطات العراقية»، موضّحاً أن دورها يتمثّل في دعم جهود «مكافحة (داعش) الذي لا يزال يشكل تهديداً للعراق، ولا يزال يشكل تهديداً إقليمياً وعالمياً».

وتابع: «نعمل بشكل وثيق مع القوات العراقية في تلك المهمة، ونتطلّع إلى مواصلة ذلك. وبالطبع، هناك مناقشات مستمرة بشأن كيفية ضمان أننا نساعد العراق على أن يكون في وضع يمكنه وحده من الحفاظ على استقرار وأمن البلاد».

وفي حين تحفّظ الوزير عن تحديد عدد القوات البريطانية المنتشرة في البلاد، ذكرت وزارة الدفاع في يناير (كانون الثاني) 2024 أن 200 جندي بريطاني يشاركون في عمليات مختلفة بالعراق.

ووقّع السوداني وستارمر «بياناً» مشتركاً بشأن العلاقات الدفاعية والأمنية الاستراتيجية الثنائية، «يضع الأساس لحقبة جديدة في التعاون الأمني». ويأتي الاتفاق البريطاني - العراقي لتطوير العلاقات العسكرية الثنائية، بعد الإعلان الذي صدر العام الماضي ونصّ على أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم «داعش» سينهي مهامه في العراق عام 2026.