الفصائل غاضبة من بدء ملاحقة السوداني مُطلقي الصواريخ

واشنطن تحرج الحكومة العراقية بخفض وجودها الدبلوماسي

السوداني يلقي كلمته في مؤتمر السلام بالقاهرة السبت الماضي (أ.ف.ب)
السوداني يلقي كلمته في مؤتمر السلام بالقاهرة السبت الماضي (أ.ف.ب)
TT

الفصائل غاضبة من بدء ملاحقة السوداني مُطلقي الصواريخ

السوداني يلقي كلمته في مؤتمر السلام بالقاهرة السبت الماضي (أ.ف.ب)
السوداني يلقي كلمته في مؤتمر السلام بالقاهرة السبت الماضي (أ.ف.ب)

بعد التأييد الواسع الذي حظي به خطاب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في مؤتمر السلام بالقاهرة من القوى السياسية المكونة لـ«الإطار التنسيقي»، بما في ذلك الفصائل المسلحة، انقلبت الأوضاع رأساً على عقب. ففي حين استنتجت القوى المناوئة للوجود الأميركي في العراق والمنضوية في «محور المقاومة» الذي تقوده إيران، من كلام السوداني تأييداً للعمليات ضد إسرائيل، فإن البيان الذي أصدره الناطق العسكري باسمه بشأن ملاحقة مُطلقي الصواريخ ضد وجود مستشارين أميركيين في قواعد عسكرية عراقية فجّر خلافاً حاداً بين حكومة السوداني والفصائل المسلحة.

وبدأت بعض الفصائل المسلحة استهداف ما عدّته قواعد أميركية في العراق، وهي «عين الأسد» في محافظة الأنبار غربي العراق، و«حرير» في أربيل ضمن إقليم كردستان العراق، فضلاً عن مشاركة الفصائل العراقية المسلحة في استهداف قاعدة «التنف» على الحدود بين العراق وسوريا، لكنها فوجئت برفض السوداني هذه الممارسات، لا سيما أن خطابه في القاهرة بدا كأنه بمثابة ضوء أخضر لانخراطها في المواجهة مع إسرائيل بعد أحداث غزة التي بدأت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

الخلاف شيعي - شيعي

وطبقاً لما يدور في الغرف السرية المغلقة داخل الأروقة السياسية، فإنه في الوقت الذي كان مقرراً عقد اجتماع لائتلاف إدارة الدولة مساء الاثنين، فضلاً عن اجتماع مماثل يضم فقط قوى الإطار التنسيقي الشيعي، فإن الخلافات بين الجانبين أدت إلى تأجيل الاجتماع. وفي حين تتوقع أطراف سياسية أن يعقد اجتماع اليوم الثلاثاء مساء سواء على مستوى ائتلاف إدارة الدولة الذي يضم بالإضافة إلى قوى الإطار التنسيقي الشيعي كلاً من الكرد والسنة، أو يقتصر فقط على قوى الإطار نفسها من منطلق أن الخلاف محصور حتى الآن داخل البيت الشيعي. وبينما تريد الحكومة العراقية إدارة هذا الملف المعقد بنفسها دون أن يتدخل أي طرف محلي، بما في ذلك الفصائل المسلحة، من خلال الإجراءات التي تقوم بها بما في ذلك إرسال المساعدات إلى غزة، فضلاً عن التواصل مع المحيطين العربي والدولي بشأن تداعيات الحرب، تبدو أطراف في قوى «الإطار التنسيقي» محرجة من جمهورها بشأن عدم اتخاذها موقفاً حيال ما يجري في غزة على يد إسرائيل.

قلق أميركي وغضب ميليشياوي

واتحذت واشنطن التي عبّرت عن قلقها من قيام بعض الفصائل المسلحة باستهداف طواقمها وأهدافها في العراق، بما في ذلك سفارتها في بغداد، جملة إجراءات بدت محرجة لحكومة السوداني، مثل تقليص وجودها الدبلوماسي في بغداد وتحذير رعاياها من زيارة العراق وتجنّب السفر من مطار بغداد.

أنصار «الحشد الشعبي» يتظاهرون تضامناً مع غزة أمام السفارة الأميركية في بغداد (إ.ب.أ)

قلق واشنطن قابله غضب الفصائل المسلحة التي يبدو أنها ليست في وارد قبول وساطة من قِبل أطراف محايدة تدعوها إلى تحييد موقفها من النزاع حالياً حتى يتضح الموقف النهائي، لا سيما أن كلاً من إيران و«حزب الله» في لبنان لم يدخلا بعد طرفاً في المواجهة. لكن حركة «النجباء» وهي إحدى الفصائل المسلحة أصدرت مساء الاثنين بياناً غاضباً ضد بيان السوداني بشأن ملاحقة مطلقي الصواريخ.

وجاء في البيان: «يؤسفنا ما صدر من بيان من المكتب الإعلامي للحكومة، والذي يصف فيه القواعد العسكرية التي تضم القوات الأميركية العسكرية المحتلة بقولهم بأنها (قواعد) عراقية تضم مقار مستشاري التحالف الدولي الموجودين بالعراق بدعوة رسمية من الحكومة». وأضاف أن هذه القوات «تعيث بالعراق تخريباً وفساداً، وتنتهك السيادة كل يوم، بل كل ساعة، براً وجواً، والتي دخلت إلى العراق بطريقة التحايل والالتفاف على الاتفاق، كما ذكر رئيس الوزراء الأسبق السيد حيدر العبادي، وما زالت طائراتهم المروحية والمسيّرة القتالية تنتهك سماء بغداد والمحافظات من غير إذن ولا موافقة الحكومة». وتابع: «إن الحكومة لا تعلم مقدار عددهم ونوعية قواتهم الموجودة، ولا تحركاتهم بين الأردن وسوريا والكويت والعراق، وكذلك، فإن الصهاينة موجودون في العراق ضمن هذه القوات، ولهم مراكز ومقار دائمة ضمن قواعدهم. إن بيانات كهذه تقوم بتبرير وشرعنة وجود الاحتلال إعلامياً، وإبراز صورة تخالف الواقع المرير، تدل على عدم وجود جدية في إخراج القوات المحتلة، وإنهاء وجودهم بالعراق كما تعهدت الحكومة بذلك قبل تشكليها».

حتى أنتِ يا كَندا؟

موظفون من الهلال الأحمر العراقي يجهّزون مساعدة إنسانية لغزة في بغداد الثلاثاء (أ.ف.ب)

إلى ذلك، وبعد يوم من تحذير الولايات المتحدة الأميركية رعاياها بعدم السفر إلى العراق والتخفيف من الوجود الدبلوماسي في هذا البلد، حذّرت السفارة الكندية الثلاثاء رعاياها من تدهور الوضع الأمني في العراق جراء الهجمات التي تشنّها الفصائل المسلحة والتي تستهدف القوات الأجنبية المتواجدة في البلاد إثر تصاعد الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة «حماس» في غزة.

وقالت السفارة في بيان مخاطبة الكنديين المتواجدين حالياً في ‫العراق بأنه «يمكن أن يتدهور الوضع الأمني في البلاد دون سابق إنذار». وحثّ البيان الرعايا الكنديين على تجنب السفر إلى المناطق الحدودية؛ مما قد يؤدي إلى مشكلات خطيرة مع السلطات المحلية عند عبور الحدود أو خطر الإصابة أو الوفاة نتيجة للاشتباكات المستمرة أو الغارات الجوية أو غيرها من حوادث العنف الشائعة في المناطق الحدودية في العراق.

وشددت السفارة في بيانها على أن التهديد بشن هجمات ضد المصالح الغربية والهجمات الإرهابية لا يزال بشكل عام حقيقياً، و يمكن أن يكون الأجانب أهدافاً رئيسية للاختطاف مقابل المال بالنسبة للجماعات الإجرامية والإرهابية.


مقالات ذات صلة

«وحدة الساحات» في العراق... التباس بين الحكومة والفصائل

المشرق العربي رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)

«وحدة الساحات» في العراق... التباس بين الحكومة والفصائل

تسير حكومة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، منذ أشهر في خط متقاطع مع الفصائل المسلحة المنخرطة في «وحدة الساحات».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

رفض رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» انجرار العراق نحو الحرب، وحذر من مخاطر انسحاب القوات الأميركية خصوصاً في المناطق المتنازع عليها.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)

كردستان يرد على صهر صدام: إيران لم تقصف حلبجة بالكيماوي

تفاعلت أوساط عراقية مع المقابلة التي أجرتها «الشرق الأوسط» مع جمال مصطفى، صهر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وسكرتيره الثاني.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
خاص جنود أميركيون يُسقطون تمثال صدام حسين في بغداد 7 أبريل 2003 (رويترز) play-circle 07:43

خاص جمال مصطفى: عجزت عن تأمين الرشوة للقاضي فأبقوني محتجزاً 10 سنوات إضافية

في الحلقة الأخيرة من الحوار معه، يتحدث جمال مصطفى السلطان عن اعتقال عمّه صدام حسين، وسقوط «أمل المقاومة» ضد الأميركيين.

غسان شربل
المشرق العربي جمال مصطفى السلطان

صدام: عبد الكريم قاسم نزيه لكن الحزب كلّفنا محاولة اغتياله

نقل جمال مصطفى السلطان، صهر صدام حسين وسكرتيره الثاني، عن الرئيس العراقي الراحل قوله في جلسة لمجلس الوزراء إن الزعيم العراقي الراحل عبد الكريم قاسم «كان نزيهاً.

غسان شربل (لندن)

اللبنانيون يحتفلون بوقف إطلاق النار... ونازحون يعودون إلى الجنوب والبقاع رغم التحذيرات

يلوِّح الناس بالأعلام اللبنانية وأعلام حركة «أمل» في مدينة صور بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (رويترز)
يلوِّح الناس بالأعلام اللبنانية وأعلام حركة «أمل» في مدينة صور بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (رويترز)
TT

اللبنانيون يحتفلون بوقف إطلاق النار... ونازحون يعودون إلى الجنوب والبقاع رغم التحذيرات

يلوِّح الناس بالأعلام اللبنانية وأعلام حركة «أمل» في مدينة صور بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (رويترز)
يلوِّح الناس بالأعلام اللبنانية وأعلام حركة «أمل» في مدينة صور بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (رويترز)

مع دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» حيز التنفيذ في الساعة الرابعة من صباح اليوم (الأربعاء) بالتوقيت المحلي (02:00 بتوقيت غرينتش)، نزل آلاف اللبنانيين إلى شوارع في بيروت، احتفالاً.

وسُمع دوي طلقات نارية في أنحاء العاصمة بيروت، بعد سريان وقف إطلاق النار؛ لكن لم يتضح بعد ما إذا كان ذلك احتفالًا.

أما في النبطية، فأطلق مواطنون مفرقعات نارية، ابتهاجاً بعودتهم إلى الجنوب.

ومع دخول وقف إطلاق النار حيِّز التنفيذ، بدأ أهالي الجنوب والبقاع العودة إلى قراهم. وتشهد الطرق المؤدية إلى هاتين المنطقتين مواكب للسيارات التي تنقل العائلات.

رجل يلوِّح بعلم لبنان في مدينة صيدا بالجنوب بينما يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار (أ.ف.ب)

وتوجهت مئات السيارات نحو الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، مع انعدام حركة الطيران الحربي والمُسيَّرات الإسرائيلية في الأجواء اللبنانية، رغم تحذير الجيش الإسرائيلي النازحين من العودة إلى مناطقهم.

امرأة تحمل صورة حسن نصر الله أثناء عودتها إلى الضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ب)

وكان الجيش الإسرائيلي قد وجَّه -فجر الأربعاء، إثر بدء سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بينه وبين «حزب الله»- تحذيراً إلى النازحين من جنوب لبنان من العودة إلى منازلهم، والاقتراب من مواقعه في هذه المنطقة.

وقال المتحدث باسم الجيش، أفيخاي أدرعي، عبر حسابه في منصة «إكس»: «إنذار عاجل إلى سكان جنوب لبنان: مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيِّز التنفيذ، وبناء على بنوده، يبقى الجيش الإسرائيلي منتشراً في مواقعه داخل جنوب لبنان. يحظر عليكم التوجه نحو القرى التي طالب جيش الدفاع بإخلائها، أو باتجاه قوات جيش الدفاع في المنطقة».