المستوطنون المتطرفون يديرون «حرباً ثانية» في القدس والضفة

الجيش يمارس ضغوطاً خانقة على الفلسطينيين بدعوى منع الاشتباك

تشييع جثمان الشاب الفلسطيني كرم أيمن دويكات الذي قُتل في اشتباكات مع مستوطنين في الضفة الغربية (د.ب.أ)
تشييع جثمان الشاب الفلسطيني كرم أيمن دويكات الذي قُتل في اشتباكات مع مستوطنين في الضفة الغربية (د.ب.أ)
TT

المستوطنون المتطرفون يديرون «حرباً ثانية» في القدس والضفة

تشييع جثمان الشاب الفلسطيني كرم أيمن دويكات الذي قُتل في اشتباكات مع مستوطنين في الضفة الغربية (د.ب.أ)
تشييع جثمان الشاب الفلسطيني كرم أيمن دويكات الذي قُتل في اشتباكات مع مستوطنين في الضفة الغربية (د.ب.أ)

في الوقت الذي يحاول فيه الجيش الإسرائيلي قصر الحرب على قطاع غزة، ومنع اتساعها أو فتح جبهة شمالية مع لبنان وسوريا، يقدم نشطاء في اليمين المتطرف في المستوطنات على ممارسات قد تفضي إلى فتح جبهة حرب في الضفة الغربية أيضاً. ومع أن الجيش يدعي أنه ليس مَعنياً بهذه المعركة، فإنه يمارس ضغوطاً خانقة على الفلسطينيين بشكل خاص، ويواصل نهجه في مسايرة المستوطنين.

وقد حصدت هذه المواجهات حتى الآن في الضفة الغربية والقدس 56 شخصاً قُتلوا بأيدي الجيش والمستوطنين، بينهم 17 طفلاً، و500 معتقل، منذ بدء عملية «طوفان الأقصى»، بالإضافة إلى إحداث أضرار بالغة بالممتلكات وبالإنتاج الزراعي، كما تسببت في طرد وترحيل عدد من الفلسطينيين من بيوتهم وأراضيهم.

فرق طبية تسعف شاباً فلسطينياً في نابلس أصيب إبان مواجهات مع مستوطنين (إ.ب.أ)

حملة اعتقالات واسعة

ووفق مؤسسة «نادي الأسير» في رام الله، فإن «قوات الاحتلال شنّت مساء السبت وفجر الأحد، حملة اعتقالات واسعة طالت 65 فلسطينياً على الأقل، وتوزعت عمليات الاعتقال في أغلب محافظات الضفة، بما فيها القدس». وقالت المؤسسة إنه منذ مطلع العام الحالي، سجلت نحو 6000 حالة اعتقال، لكن الاعتقالات منذ بداية الحرب تحدث وسط عمليات تنكيل أكثر وحشية من الماضي.

وجاء في تقرير لصحيفة «هآرتس» أنه «لا توجد سبيل أخرى إلا القول بأن هناك عدداً غير قليل من المستوطنين يحاولون جر إسرائيل إلى حرب في الضفة الغربية أيضاً. وارتفع عدد الاعتداءات على الفلسطينيين من المستوطنين في الضفة منذ بدأت الحرب في غزة. وقُتل 6 فلسطينيون في حدثين الأسبوع الماضي في قرية قصرة. ووفق السكان قُتل 5 منهم على أيدي المستوطنين. وأوضح تحقيق للجيش الإسرائيلي أن قوة عسكرية سمعت صوت إطلاق النار فوصلت إلى المكان مع فرقة تأهب من رجال الأمن في إحدى المستوطنات. ووفق رواية الجنود، فإنهم لم يطلقوا النار نحو القرية بل نحو أرض مفتوحة.

وقال مصدر في جهاز الأمن إن القوة لاحظت ملثمين خرجوا من القرية على «تراكتور صغير»، وفي توثيق من الجو ظهر كيف كانوا يطلقون النار في أراضي القرية. وفي الأيام التي سبقت ذلك نشر مستوطنون على تطبيق «واتساب» إعلاناً توجهوا فيه إلى أهالي قصرة يقولون فيه: «ليس لنا خطوط حمراء. سنُحدث العجائب فيكم كي يرى الناس ويرهبون».

منزل أسرة فلسطينية أحرقه مستوطنون في 23 يونيو 2023 (د.ب.أ)

توثيق منظمة «بتسيلم»

وقال التقرير إن هناك توثيقاً يظهر مستوطناً وهو يطلق النار على فلسطيني من مسافة قريبة في قرية التواني. ووفق توثيق لمنظمة «بتسيلم» الإسرائيلية الحقوقية، بدا المستوطن يقترب من الفلسطيني ويدفعه ويطلق النار عليه، بينما وقف إلى جانبه جندي من الجيش الإسرائيلي، وقال: «صحيح أن الجيش صادر السلاح بعد إطلاق النار وهو يحقق مع المستوطن في الشرطة، لكن الجيش أعلن الأسبوع الماضي أنه سيعزز بـ1000 قطعة سلاح منظومة الدفاع عن المستوطنات».

وتابع: «في أعقاب اعتداءات المستوطنين دعا الناطق باسم الجيش الإسرائيلي المستوطنين لئلا «يعرقلوا عمليات الإحباط للإرهاب التي يقومون بها، فالمسؤولية عن الأمن هي للجيش الإسرائيلي فقط، لكن هذا بعيد عن أن يكون كافياً. في الحكومة يوجد وزراء موالون قبل كل شيء لمشروع الاستيطان».

وقالت الصحيفة إن «المستوطنين ورفاقهم في الائتلاف شجعوا التعدي والسيطرة على الأراضي، وأيدوا عنف المستوطنين. الحكومة ورئيسها بنيامين نتنياهو تركوا بلدات الجنوب لمصيرهم، وأبقوها بلا حماية. وبالتوازي وفّر الجيش الإسرائيلي الحماية لكل نزوة استيطانية سواء كان هذا لحماية عريشة أقامها النائب تسفي سوكوت أم مستوطنين أرادوا الصلاة في قبر يوسف أو في جبل عيبال. وحين يُسأل أين كان الجيش، فإن جزءاً من الجواب هو: في المناطق».

إسرائيليون يحتلون بؤرة استيطانية قرب بلدة «كريات» بمدينة الخليل في الضفة يوليو الماضي (إ.ب.أ)

استغلال الحرب للترحيل

وكشف تقرير آخر لحركات السلام الإسرائيلية عن قيام مستوطنين باستغلال الحرب لتصعيد مخطط ترحيل الفلسطينيين القاطنين في مناطق نائية عن بيوتهم، وقال: «منذ اندلاع الحرب بدأت موجة هرب لفلسطينيين يغادرون تجمعات الرعاة في الضفة الغربية بسبب عنف المستوطنين. وفي بعض الحالات يدور الحديث عن تجمعات أُفْرِغت من السكان، وفي حالات أخرى بمغادرة عائلات عدة أو إخلاء النساء والأطفال. ويبلغ السكان عن تهديدات للمستوطنين المسلحين. وفي إحدى الحالات، تلقى أحد السكان مكالمات تهديد من شخص انتحل شخصية مسؤول في «الموساد» (المخابرات الإسرائيلية)، ومن شخص قال إنه شرطي، وطالبه بالرحيل خلال يومين، وقام بشتمه».

وقال التقرير إن معظم سكان قرية عين شبلي في غور الأردن التي يوجد فيها بضع عشرات من السكان، هربوا في الأيام الأخيرة. ونقل عن عائشة أشتية (70 سنة) وهي إحدى سكان القرية، أن ابنها محمد سجل مكالمة من شخص عرف نفسه على أنه يعمل في «الشاباك». وفي مكالمة أخرى تحدث شخص باللغة العربية مدعياً أنه شرطي اسمه ساعر. وقال: «أنا سأقول لك شيئاً واحداً... هناك حرب والدم يغلي لدى الجميع. أنا أنصحك نصيحة مجانية. معك يومان لمغادرة المكان الذي توجد فيه والعودة إلى القرية، وإلا فيا ويلك!».


مقالات ذات صلة

بايدن: مقتل السنوار فرصة لـ«إطلاق مسار نحو السلام»

المشرق العربي بايدن مغادراً البيت الأبيض الخميس في طريقه إلى ألمانيا (إ.ب.أ)

بايدن: مقتل السنوار فرصة لـ«إطلاق مسار نحو السلام»

قال الرئيس الأميركي جو بايدن، (الجمعة) من برلين، إن مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» يحيى السنوار يشكّل فرصة أمام «إطلاق مسار للسلام».

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في جنين بالضفة الغربية سبتمبر الماضي (أ.ب)

«الأمم المتحدة» تندد باستخدام إسرائيل أساليب «تُشبه الحرب» في الضفة الغربية

ندّد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الجمعة، باستخدام إسرائيل لما وصفها بأساليب «تُشبه الحرب» ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي بيسكوف

الكرملين يعرب عن «القلق» من تداعيات مقتل السنوار على المدنيين

أعرب الكرملين الجمعة عن «القلق» من تداعيات مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار في عملية إسرائيلية بغزة، على «السكان المدنيين».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي تصاعد الدخان نتيجة القتال الدائر بين إسرائيل و«حزب الله» في قرية العديسة بجنوب لبنان على الحدود مع إسرائيل - 16 أكتوبر2024 (إ.ب.أ)

القصف يتجدد على قرى جنوب لبنان... و«حزب الله» يستهدف مستوطنة وجنوداً إسرائيليين

أعلن «حزب الله» اللبناني، اليوم (الجمعة)، استهداف تجمعات لجنود إسرائيليين في محيط بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان بالصواريخ

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مظاهرة في الجامع الأزهر بالقاهرة لرفض تهجير الفلسطينيين ودعم القضية (أ.ب)

الأزهر ينعى «شهداء المقاومة الفلسطينية» ويصفهم بـ«الأبطال»

نعى الأزهر الشريف في مصر اليوم الجمعة «شهداء المقاومة الفلسطينية»، الذين وصفهم بـ«الأبطال، الذين طالتهم يد صهيونية مجرمة، عاثت في أرضنا العربية فساداً».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

بعد زعم الجيش الإسرائيلي «تحييد» مهاجمَين عبرا من الأردن... عمان تنفي اجتياز عسكريين الحدود

جنود إسرائيليون يراقبون الحدود مع الأردن (أرشيفية - الجيش الإسرائيلي)
جنود إسرائيليون يراقبون الحدود مع الأردن (أرشيفية - الجيش الإسرائيلي)
TT

بعد زعم الجيش الإسرائيلي «تحييد» مهاجمَين عبرا من الأردن... عمان تنفي اجتياز عسكريين الحدود

جنود إسرائيليون يراقبون الحدود مع الأردن (أرشيفية - الجيش الإسرائيلي)
جنود إسرائيليون يراقبون الحدود مع الأردن (أرشيفية - الجيش الإسرائيلي)

بعدما أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم (الجمعة) أن قواته تمكنّت من «تحييد مهاجمين عبرا من الأردن إلى الأراضي الإسرائيلية» جنوب البحر الميت وأطلقا النار على الجنود، نفى مصدر عسكري مسؤول في القوات المسلحة الأردنية صحة الاخبار المتداولة في الإعلام العبري باجتياز عسكريين أردنيين الحدود الغربية وفق ما نشرت وكالة الانباء الأردنية الرسمية «بترا».

ويستخدم الجيش كلمة «تحييد» في معظم الأحيان ليقول إنه تمّ قتل المهاجمين، وفي أحيان أخرى إذا تمّ اعتقالهم أو إذا أصيبوا بجروح، أي إنهم أصبحوا خارج القدرة على إلحاق الأذى.

وكان أفيخاي أدرعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي قد قال في منشور على منصة «إكس» أن قوات الجيش «رصدت قبل قليل عددا من المخربين الذين اجتازوا من الأردن نحو الأراضي الإسرائيلية جنوب بحر الميت. لقد هرعت قوات جيش الدفاع إلى المكان وتمكنت من تحييد مخربين اثنين أطلقا النار نحوها».