هدوء على حدود لبنان الجنوبية تخرقه مسيّرات... و«اليونيفيل»: الوضع متقلب

الجدار الإسرائيلي لم يمنع تسلل فلسطينيين من بلدات استراتيجية

جنود إسرائيليون في بلدة المطلة كما بدوا من بلدة كفركلا اللبنانية على الجانب الآخر من الحدود (أ.ب)
جنود إسرائيليون في بلدة المطلة كما بدوا من بلدة كفركلا اللبنانية على الجانب الآخر من الحدود (أ.ب)
TT

هدوء على حدود لبنان الجنوبية تخرقه مسيّرات... و«اليونيفيل»: الوضع متقلب

جنود إسرائيليون في بلدة المطلة كما بدوا من بلدة كفركلا اللبنانية على الجانب الآخر من الحدود (أ.ب)
جنود إسرائيليون في بلدة المطلة كما بدوا من بلدة كفركلا اللبنانية على الجانب الآخر من الحدود (أ.ب)

حذّر قائد قوة «اليونيفيل» العاملة في جنوب لبنان اللواء أرولدو لاثارو، من أن الوضع الأمني في المنطقة الحدودية مع إسرائيل «متقلب»، رغم الهدوء الذي سيطر على المنطقة منذ بعد ظهر الأربعاء، على أثر قصف «حزب الله» لموقع إسرائيلي، ورد مقابل استهدف المناطق الحدودية اللبنانية، في إطار رد الحزب على مقتل ثلاثة من عناصره.

وسيطر هدوء حذر الخميس، على المناطق الحدودية جنوب لبنان، من غير أن تنتهي الطلعات الجوية الإسرائيلية في المنطقة وفق ما قالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط». وقالت المصادر إن المنطقة «شبه خالية من السكان، إذ لم يعد إليها من غادروها»، في إشارة إلى المنطقة الواقعة جنوب مدينة صور القريبة من الحدود مع إسرائيل، والتي كانت مسرحاً لثلاثة أحداث أمنية بين الاثنين والأربعاء.

وأشار الإعلام الإسرائيلي إلى أن الجيش ينشر قوات احتياط في بلدات على الحدود مع لبنان. كما دعت الولايات المتحدة الخميس شركاءها لاستخدام نفوذهم لدى «حماس» و«حزب الله» وإيران لوقف التصعيد. وشددت مصادر «رويترز» على أن تحركات الحزب حتى الآن «مصممة لتكون محدودة النطاق، ما يمنع امتدادها بشكل كبير إلى لبنان مع إبقاء الجيش الإسرائيلي مشغولا شمال إسرائيل». وأضافت «(حزب الله) يأخذ كل يوم بيومه».

عناصر من الوحدة الفنلندية التابعة لـ«اليونيفيل» في بلدة كفركلا الحدودية مع إسرائيل (أ.ب)

«اليونيفيل»

وقال اللواء أرولدو لاثارو في بيان إنه «على الرغم من الأحداث المثيرة للقلق في الأيام الماضية، فإن الوضع في منطقة عمليات (اليونيفيل) لا يزال مستقراً، ولكنه متقلب»، مضيفاً «من حسن الحظ أن تبادل إطلاق النار بين الأراضي اللبنانية وإسرائيل لم يتصاعد إلى نزاع».

وأضاف أن «حفظة السلام التابعين لنا يظلون في مواقعهم ويقومون بمهامهم. وقد قمنا بزيادة الدوريات والأنشطة الأخرى للحفاظ على الاستقرار، ونقوم بتنسيق هذا العمل مع القوات المسلحة اللبنانية».

وقال لاثارو: «لقد عملنا بنشاط مع السلطات على جانبي الخط الأزرق لتهدئة الوضع وتجنب سوء الفهم»، مضيفاً «يواصل حفظة السلام عملهم الأساسي. هدفنا الرئيسي هو المساعدة على تجنب المواجهة بين لبنان وإسرائيل، وأي حدث يجعل النزاع أقرب هو مصدر قلق، ونحن نعمل على مدار الساعة لضمان عدم حدوث ذلك».

وكانت القوات الإسرائيلية أطلقت ليل الأربعاء القنابل المضيئة فوق المناطق الحدودية وسط تحليق للطائرات المروحية والاستطلاعية على طول الخط الحدودي الممتد من الناقورة حتى عيتا الشعب.

وكانت أطلقت صواريخ من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل، وتبنى «حزب الله» عملية استهداف موقع إسرائيلي مقابل منطقة الضهيرة جنوب لبنان، بالصواريخ الموجهة، رداً على الاعتداءات الإسرائيلية يوم الاثنين الماضي على عناصر من «حزب الله» والتي أدت إلى مقتل ثلاثة منهم. وقصفت القوات الإسرائيلية أطراف بلدات الضهيرة ويارين، وأم التوت وصولاً حتى أطراف بلدة طيرحرفا جنوب لبنان، أمس الأربعاء، رداً على إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل.

الظهيرة ومروحين ويارين

وتتميز بلدات الظهيرة ويارين وأم التوت ومروحين الحدودية الواقعة جنوب مدينة صور، بتضاريس جغرافية تسمح بتسلل العناصر منها إلى المستوطنات القريبة من لبنان، وهي ملاصقة لمنطقة الحدود، وهو ما دفع القوات الإسرائيلية على مدى السنوات الخمس الأخيرة إلى إنشاء جدار إسمنتي على طول الحدود بارتفاع 8 أمتار.

ورغم الجدار، تمكنت عناصر من «الجهاد الإسلامي» يوم الاثنين من التسلل إلى الداخل، والاشتباك مع مجموعة إسرائيلية أسفرت عن مقتل عنصرين فلسطينيين، وأربعة جنود إسرائيليين. وقصفت القوات الإسرائيلية على أثر هذه العملية برج مراقبة لـ«حزب الله»، مما أدى إلى مقتل ثلاثة من عناصره.

كذلك، لم يمنع الجدار المرتفع من أن يوجه «حزب الله» صاروخاً باتجاه جنود إسرائيليين في موقع عسكري قبالة الظهيرة، مما أسفر عن وقوع إصابات بين قتيل وجريح، وفق ما قال بيان الحزب. وتتميز الأراضي اللبنانية بارتفاعاتها بما يتيح رصد الداخل وراء الحدود، وهو ما ظهر في مقطع الفيديو للاستهداف الذي نشره إعلام الحزب مساء الأربعاء.

والقرى تلك (مروحين والظهيرة ويارين) تسكنها أغلبية من المسلمين السنة، وهي بلدات زراعية، كان نزح القسم الأكبر من سكانها في عام 1978، واستقروا في منطقة ساحل الزهراني، ولم يعد القسم الأكبر من النازحين إليها بعد تحرير جنوب لبنان في عام 2000. وتقول مصادر ميدانية إن هذه القرى «لا توجد فيها كثافة سكانية»، وكانت تعرضت لقصف عنيف في حرب 2006، وارتكبت إسرائيل مجزرة بحق مجموعة مدنيين من مروحين أثناء نزوحهم من البلدة.

وفي أعقاب التطورات الأمنية في المنطقة، نزح من تبقى في تلك البلدات ومحيطها باتجاه مدينة صور ليل الاثنين. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن السكان النازحين «لم يعودوا إلى تلك القرى، تحسباً لأي تدهور جديد على الحدود».

وغالباً ما تتعرض تلك القرى لقصف مدفعي إسرائيلي عند أي حدث أمني، وخصوصاً عندما تُطلق صواريخ من الساحل الجنوبي في لبنان باتجاه إسرائيل، ويتكرر الأمر عندما تندلع حروب في الداخل الفلسطيني.

والخميس، أقفلت المدارس الرسمية والخاصة أبوابها لليوم الثالث على التوالي في الأقضية المتاخمة للحدود الجنوبية مع إسرائيل، وذلك نتيجة التوتر الذي تشهده القرى الواقعة في الأقضية. وكذلك أقفلت الجامعة اللبنانية فروعها في منطقة بنت جبيل الجنوبية، بسبب توتر الأوضاع الأمنية على الحدود الجنوبية.



كردستان ينتخب البرلمان السادس... ومحاولات لتغيير «ميزان القوى»

ناخبون كرديون يُدلون بأصواتهم في سادس انتخابات تشريعية بكردستان العراق (أ.ف.ب)
ناخبون كرديون يُدلون بأصواتهم في سادس انتخابات تشريعية بكردستان العراق (أ.ف.ب)
TT

كردستان ينتخب البرلمان السادس... ومحاولات لتغيير «ميزان القوى»

ناخبون كرديون يُدلون بأصواتهم في سادس انتخابات تشريعية بكردستان العراق (أ.ف.ب)
ناخبون كرديون يُدلون بأصواتهم في سادس انتخابات تشريعية بكردستان العراق (أ.ف.ب)

في سادس انتخابات يشهدها إقليم كردستان، صوَّت الناخبون الكرد لاختيار ممثليهم في البرلمان الجديد، بعد تأجيل وتأخير لموعد الاقتراع منذ العام الماضي، بينما تقول أحزاب ناشئة إنها تعمل على تغيير ميزان القوى.

ومِن شأن النتائج التي قد تعلَن بشكل أولي، غداً الاثنين، أن تفضي إلى حكومة جديدة، بعد مفاوضات بين القوى الفائزة، دون توقعات بتغيير جذري في ميزان القوى.

وخلال الدورات الانتخابية السابقة، سيطر الحزبان الرئيسيان على المناصب الحكومية، وهما «الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، و«الاتحاد الوطني الكردستاني» بزعامة بافل طالباني.

وتقول أحزاب ناشئة إنها تعمل لكسر هذه الثنائية، لكن ليس من الواضح إن كانت ستشارك في الحكومة الجديدة، أم تلتزم مقاعد المعارضة في البرلمان.

 

البرلمان السادس

ومنذ صباح الأحد، توجّه آلاف الناخبين إلى صناديق الاقتراع، دون تسجيل مخالفات كبيرة، وفقاً لمسؤولي مفوضية الانتخابات.

ويحقّ لأكثر من مليونين ونصف المليون ناخب في الانتخابات اختيار 100 نائب في البرلمان السادس. ووفقاً للمفوضية، فإن 16 قنصلية، و15 منظمة، و22 وسيلة إعلامية دولية، تتولى المراقبة والرصد.

وأغلقت مراكز الاقتراع، التي يزيد عددها على 1200، أبوابها عند الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، لانتخاب 100 عضو في البرلمان، ما لا يقلّ عن 30 في المائة منهم نساء.

وقال رئيس الحكومة الاتحادية، محمد شياع السوداني، إن إجراء الانتخابات في إقليم كردستان «ترسيخ للخيار الديمقراطي».

ووفق تقدير وسائل إعلام محلية، فإن نسبة التصويت في عموم الدوائر الأربع قد تتجاوز 50 في المائة. وقال عمر أحمد، رئيس مجلس المفوضين: «التصويت العام جرى على نحو جيد وسلس»، وأضاف: «النتائج الأولية ستعلَن بعد 24 ساعة».

ومع ذلك، أفاد صحافيون ومراقبون بأن عملية التصويت شهدت إشكاليات في عدد من المراكز، أبرزها عدم ظهور بصمة ناخبين، ولا سيما كبار السن.

وبلغت النسبة في انتخابات الأخيرة عام 2018 نحو 59 في المائة، وفقاً لموقع البرلمان الكردي.

رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني أبرز مرشحي «الحزب الديمقراطي» (أ.ف.ب)

رقابة دولية

وهذا أول اقتراع في كردستان تشرف عليه «المفوضية العليا المستقلة في الانتخابات»، التي تعمل تحت سلطة بغداد، في حين سجلت منظمات دولية حضورها للمراقبة.

وأكدت السفيرة الأميركية لدى العراق، إلينا رومانسكي، أن واشنطن تُراقب انتخابات إقليم كردستان. وقالت، في منشور على «إكس»، إن «متطوعين من البعثة الأميركية في العراق حضروا في مراكز الاقتراع بإقليم كردستان، برفقة خبراء دوليين في شؤون الانتخابات، وممثلين عن البعثات الدبلوماسية الأخرى؛ لمراقبة سير العملية الانتخابية».

وأعربت بعثة الأمم المتحدة في العراق عن أملها بأن تسير عملية الاقتراع في كردستان «بشكل سلمي». وقال ممثل البعثة محمد الحسان، في تصريح متلفز، إن «اليوم تاريخي في إقليم كردستان، ونأمل أن تجري العملية بشكلٍ سلمي ومنظم، بشكلٍ يعكس حضارة شعب كردستان».

وأعلنت وزارة الداخلية في الإقليم أنها شددت إجراءات التفتيش للناخبين قبل دخولهم مراكز الاقتراع، وسمحت للصحافيين المُجازين فقط بإدخال الهواتف الخلوية مراكز الاقتراع.

وقالت الوزارة إنها «منعت المرشحين من الاقتراب لأكثر من 150 متراً من مراكز الاقتراع، ووفق المسافة نفسها أُزيلت جميع صور وإعلانات القوائم والمرشحين».

قباد طالباني أبرز مرشحي «الاتحاد الوطني الكردستاني» (رويترز)

ميزان القوى

بعد الإدلاء بصوته، قال رئيس حكومة الإقليم، مسرور بارزاني، وهو أحد المرشحين في الانتخابات، إنه «يأمل أن يعاقب الناخبون من يحاول التلاعب بمصيرهم وحقوقهم».

وقال المنافس عن «الاتحاد الوطني الكردستاني»، قباد طالباني، إن «هذه الانتخابات يمكن أن تكون بداية التغيير الحقيقي في الإقليم الكردي، الذي يتمتع بالحكم الذاتي حتى قبل سقوط نظام صدام حسين عام 2003 بنحو عقد كامل». وتابع: «سنتمكن من تصحيح مسار الحكم، وبعد الانتخابات ستبدأ عملية تشكيل الحكومة الجديدة».

من جانبه، رأى الناطق الرسمي باسم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» محمود محمد أن تشكيل الحكومة المقبلة يتوقف على رؤية الأطراف الفائزة، بعد إعلان النتائج النهائية لهذه الانتخابات.

ودعا محمود محمد جميع القوى السياسية إلى «التعامل بحساسية ومسؤولية مع الانتخابات»، وقال: «لا يجوز النظر من خلال المصلحة الحزبية الضيقة فحسب». ومع ذلك شدَّد المتحدث الكردي على أن «الحزب الديمقراطي سيكون الأول بلا منافس».

التصويت الخاص بالعسكريين أُجري يوم 18 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

من جهتها، أكدت رئيسة كتلة حزب «الجيل الجديد» في البرلمان العراقي، سروة عبد الواحد، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، أن «انتخابات إقليم كردستان ستُنهي احتكار السلطة من قِبل الحزب الديمقراطي الكردستاني».

وأضافت عبد الواحد، التي تشير التوقعات إلى أن حزبها «الجيل الجديد» سوف يحتل المرتبة الثالثة في الانتخابات، أن هناك «احتمالات بتغيير في الخريطة السياسية بالإقليم». وتابعت: «لن يكون هناك حزب يحصل على (نصف زائد واحد)، وهذا ما يجعله مرناً في تعامله السياسي».

وأكدت أن «الانتخابات هي الأهم منذ عام 1992، ولن تتكرر الفرصة للقوى المعارضة».

وأوضحت أن «الحزب الديمقراطي لن يستطيع، بعد اليوم، التحكم بالمناصب المهمة، خاصة رئاستي الإقليم والحكومة، بالإضافة إلى خمس مناصب أخرى في الإقليم».

من جانبه، قال شالاو كوسرت، رئيس قائمة الاتحاد الوطني الكردستاني في أربيل، إنه يُعوّل على إجراء تغيير جذري في السلطة، عقب الانتخابات، بينما شدد رئیس جماعة العدل الكردستانية علي بابير، على «منع أي محاولة لتزوير النتائج»، على حد تعبيره.