دمشق تغيب عن أولى جلسات محاكمتها أمام «العدل الدولية»

عشرات السوريين تجمعوا أمامها... ومنظمة حقوقية توثق 136 ألف معتقل ومخفي قسرياً

محكمة العدل الدولية تعقد أولى جلساتها لمحاكمة سوريا بشكوى من كندا وهولندا (أ.ب)
محكمة العدل الدولية تعقد أولى جلساتها لمحاكمة سوريا بشكوى من كندا وهولندا (أ.ب)
TT

دمشق تغيب عن أولى جلسات محاكمتها أمام «العدل الدولية»

محكمة العدل الدولية تعقد أولى جلساتها لمحاكمة سوريا بشكوى من كندا وهولندا (أ.ب)
محكمة العدل الدولية تعقد أولى جلساتها لمحاكمة سوريا بشكوى من كندا وهولندا (أ.ب)

في سابقة تعد الأولى من نوعها لمحكمة العدل الدولية التي أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية للنظر في النزاعات بين الدول، عقدت المحكمة الثلاثاء أولى جلساتها للنظر في الشكوى المرفوعة من قِبل كندا وهولندا ضدّ الحكومة السورية؛ بناءً على اتهامات بتعذيب عشرات آلاف الأشخاص منذ عام 2011.

ممثلو كندا وهولندا خلال جلسة محكمة العدل الدولية الثلاثاء (أ.ب)

إلا أن غياب ممثلي الحكومة السورية (الجهة المدعى عليها) عن الجلسة أدى إلى تأجيلها ثلاثة أشهر. وأعربت رئيسة محكمة العدل الدولية القاضية، جوان دونوجو، عن أسفها لغياب ممثلين عن الحكومة السورية، مشيرة إلى أنه تم تأجيل الجلسة مدة ثلاثة أشهر بناءً على طلب سوريا، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء (د.ب.أ).

وكان مقرراً عقد محكمة العدل الدولية أولى جلساتها يومي الثلاثاء والأربعاء بحضور 15 قاضياً، بالإضافة إلى ممثلين عن كندا وهولندا، وممثّلين عن الحكومة السورية. إلا أن امتناع سوريا عن إرسال ممثلين لها لحضور الجلسة أدى إلى تأجيل الجلسات إلى موعد لاحق.

ومنذ الساعات الأولى تجمع عشرات السوريين ممن فرَّوا من البلاد قسراً، أمام مقرّ المحكمة رافعين صور أحبائهم من المختفين قسراً والمعتقلين، وطالبوا بتحقيق العدالة.

وقالت مصادر حقوقية سورية لـ«الشرق الأوسط»: إن المحكمة ستنظر في دعوة مدنية قدمتها حكومتا كندا وهولندا ضد الحكومة السورية، والقرار الذي سيصدر عن المحكمة سيفيد فقط في التأسيس لإدانة الحكومة السورية، بانتهاك معاهدة مناهضة التعذيب الدولية؛ لأن اختصاص محكمة العدل الدولية كهيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، النظر في النزاعات بين الدول وانتهاكات الدول للمعاهدات.

سورية ترفع أمام محكمة العدل الدولية لافتة عليها صور ذويها المخفيين (أ.ب)

ولفتت المصادر إلى أن أهمية هذه الدعوة إنسانياً هي في الإجراءات الاحترازية التي ستطلب جهة الادعاء من المحكمة اتخذاها أثناء النظر في الدعوة، وهي وقف التعذيب والانتهاكات ووقف أحكام الإعدام ومحاكم الميدان العسكرية.

واستندت كندا وهولندا في دعواهما إلى انتهاك المعاهدة لدولية لمناهضة التعذيب.

وجاء في الشكوى التي قدمتها هولندا وكندا، للمحكمة العدل الدولية، أن المعتقلين حالياً في السجون السورية يواجهون «خطر الموت الوشيك أو الأذى الجسدي أو العقلي الخطير». كما أدانت الدولتان العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي في المعتقلات السورية، والعنف ضد الأطفال لدى طلبهما من المحكمة اتخاذ إجراءات احترازية عاجلة من أجل وقف التعذيب والاعتقال التعسّفي، وفتح السجون أمام مفتّشين من الخارج، وتبادل المعلومات مع العائلات بشأن مصير أقاربهم.

يشار إلى أن الحكومة السورية ألغت مطلع شهر سبتمبر (أيلول) الماضي محاكم الميدان العسكرية، بموجب مرسوم رئاسي أنهى العمل بمرسوم تشريعي صادر عام 1968 وتعديلاته، المتعلق بإحداث محاكم الميدان العسـكرية. ونص المرسوم الجديد على إحالة جميع قضايا محاكم الميدان العسـكرية بحالتها الحاضرة إلى القضاء العسكري لإجراء الملاحقة فيها وفق أحكام قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسـكرية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 61 لعام 1950 وتعديلاته.

سوريون يضعون صور سجناء ومغيبين قسراً أمام المحكمة الدولية (أ.ب)

وبالتزامن مع موعد الجلسة الأولى لمحكمة العدل الدولية، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً، قالت فيه: إن نحو 136 ألفاً ما بين معتقل ومخفي قسرياً ما زالوا يتعرضون للتعذيب في سوريا. وقد حصلت على بيانات وفاة لنحو 1250 شخصاً كانوا في عداد المختفين قسرياً، قُتلوا تحت التعذيب ولم يُبلّغ ذووهم بذلك حتى تاريخ صدور تقرير الشبكة.

وأكدت أن 14 ألفاً و843 حكماً بالإعدام صدرت عن محاكم ميدانية عسكرية في سوريا منذ مارس (آذار) 2011 حتى أغسطس (آب) 2023، وأن 7 آلاف و872 شخصاً ممن صدرت بحقهم تلك الأحكام أُعدموا، ولم تُسلَّم جثامينهم لذويهم، كما لم يُخطروا بإعدامهم بشكل رسمي.

وبحسب التقرير، هناك أكثر من 15 ألف شخص قُتلوا تحت التعذيب في السجون ومراكز الاحتجاز في سوريا منذ مارس 2011، بينهم 190 طفلاً و94 امرأة قضوا تحت التعذيب في مراكز الاحتجاز منذ مارس 2011. ولفتت الشبكة إلى أن عمليات تعذيب الضحايا جرت في مراكز الاعتقال التابعة لقوات النظام السوري، وسارت وفق سياسة مركزية وشاملة تورطت في ممارستها الغالبية العظمى من مراكز الاحتجاز، وشاركت في تنفيذها عناصر الأجهزة الأمنية من مختلف المستويات.

وأشار تقرير الشبكة إلى أن الأجهزة الأمنية السورية تمارس أكثر من 80 أسلوباً للتعذيب متباينة الشدة والقسوة؛ لدوافع وأهداف مختلفة، من أبرزها انتزاع الاعترافات عبر التعذيب لإدانة المعتقلين ممن لا تملك أدلة مادية تدينهم، إضافة إلى التخويف والانتقام من المعارضين النظام.

وفي محافظة السويداء (جنوب سوريا)، خصص المحتجون في مدينة شهبا وقفتهم المسائية، الثلاثاء، للتذكير بأسماء عدد من المغيبين قسرياً وضحايا تعذيب المعتقلات السورية، ووضعوا لافتات تتضمن أسماء الضحايا مع تاريخ ولادة كل منهم وتاريخ اعتقاله وتاريخ التبلغ بمقتله.


مقالات ذات صلة

تركيا تؤكد بقاء قواتها وتتحدث عن تعيين مستشارين عسكريين للجيش السوري

المشرق العربي المتحدث الإعلامي لوزارة الدفاع التركية زكي أكتورك (الدفاع التركية)

تركيا تؤكد بقاء قواتها وتتحدث عن تعيين مستشارين عسكريين للجيش السوري

قالت وزارة الدفاع التركية إن الفترة المقبلة قد تشهد تعيين مستشارين عسكريين للجيش السوري أو أفراد اتصال في وزارتي الدفاع لتحديد الاحتياجات العاجلة وتلبيتها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي جنود عراقيون ينتشرون عند سياج خرساني ممتد على أجزاء من الحدود مع سوريا (إعلام أمني)

«خلية أزمة» عراقية للتنسيق مع سوريا... برئاسة السوداني

شكّل العراق «خلية أزمة» أمنية تنسق مع الإدارة الجديدة في سوريا، في حين نفى الجيش العراقي حصول اشتباكات في مناطق الشريط الحدودي.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي الشرع مستقبلاً الوفد الألماني في قصر الشعب (سانا) play-circle 00:48

الشرع يستقبل بيربوك... وافتتاح سفارة ألمانيا في دمشق

استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني، اليوم (الخميس)، وفداً من ألمانيا على رأسه وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي سجن رومية في لبنان (متداولة)

بيروت مستعدّة لتسليم أكثر من 700 سجين سوري إلى دمشق

أفاد مسؤول قضائي لبناني بأن بيروت مستعدّة لتسليم أكثر من 700 سجين سوري، من أصل أكثر من ألفين يقبعون داخل السجون اللبنانية المكتظة، في ملفّ شائك بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق تؤكد شخصية بسام كوسا أنّ الدنيا لا تزال بخير (مشهد من المسلسل)

مسلسل «البطل» السوري... الحرب بائسة وأقدارها بلا رحمة

وجوه الشخصيات تُشبه التلبُّد غير المُنذِر بانفراجٍ آتٍ. الجميع تقريباً يجرُّ جرحاً. مسلسل «البطل» عما تُشوّهه الحروب. كأنه توثيق مرحلة وبوحٌ يناجي الشفاء.

فاطمة عبد الله (بيروت)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صواريخ أُطلقت من لبنان وكاتس يتوعّد بـ«ردّ مناسب»

دبابة إسرائيلية قرب الحدود اللبنانية (رويترز)
دبابة إسرائيلية قرب الحدود اللبنانية (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صواريخ أُطلقت من لبنان وكاتس يتوعّد بـ«ردّ مناسب»

دبابة إسرائيلية قرب الحدود اللبنانية (رويترز)
دبابة إسرائيلية قرب الحدود اللبنانية (رويترز)

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم السبت، أن سلاح الجو اعترض ثلاث قذائف صاروخية أطلقت من لبنان نحو إسرائيل، وإنه جرى تفعيل صفارات الإنذار.

وهذه المرة الأولى منذ ثلاثة أشهر ونصف التي تنطلق فيها صواريخ من لبنان على شمال إسرائيل.

وأفاد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، عبر منصة «إكس»، بأن سلاح الجو اعترض، صباح اليوم، ثلاث قذائف صاروخية أُطلقت من الأراضي اللبنانية باتجاه بلدة المطلة الحدودية شمال إسرائيل حيث دوّت صفارات الإنذار.

وأكدت الجبهة الداخلية الإسرائيلية تفعيل الإنذارات في المطلة، دون تقديم تفاصيل إضافية.

وأشارت إذاعة الجيش الإسرائيلي إلى أن «إطلاق القذائف من لبنان هو الأول منذ 3 أشهر ويشكّل انتهاكاً خطيراً من حزب الله».

دورية لقوات الطوارئ الدولية (يونيفيل) في بلدة الناقورة الحدودية اللبنانية (أ.ف.ب)

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي اليوم السبت إن الحكومة اللبنانية تتحمل مسؤولية أي صاروخ يطلق من أراضيها. وأكد أنه أصدر تعليمات للجيش بالرد «على نحو مناسب» على إطلاق الصواريخ. وأضاف: «لن نسمح بواقع إطلاق النار من لبنان على بلدات الجليل. لقد وعدنا بأمن بلدات الجليل، وهذا ما سيحدث بالضبط»، وفق ما أوردته وكالة «رويترز».

بدوره، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إن الجيش «سيرد بشدة» على إطلاق صواريخ من لبنان. وصرح الجنرال إيال زامير الذي عقد اجتماعا لتقييم الوضع أن « الجيش سيردّ بشدة على هجمات هذا الصباح». وأضاف في بيان «يتحمل لبنان مسؤولية احترام اتفاق» الهدنة الذي أوقف في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الحرب مع «حزب الله».

وفي التطورات الميدانية، أطلقت المدفعية الإسرائيلية 13 قذيفة على بلدات في جنوب لبنان. وأوردت «الوكالة الوطنية للاعلام» أن بلدة «يحمر الشقيف في قضاء النبطية تعرضت صباح اليوم لقصف مدفعي إسرائيلي متقطع». وأضافت أن «القصف طاول أيضا أطراف بلدتي أرنون وكفرتبنيت».

وتابعت الوكالة أن «قصفا مدفعيا معاديا يستهدف بلدة الخيام، وأن ثلاث قذائف (من دبابة) ميركافا استهدفت البلدة»، فيما تعرضت «بلدات حولا ومركبا وكفركلا لرشقات رشاشة».