فجّر البنك المركزي العراقي مفاجأة من العيار الثقيل بعدما أوقف الحوالات الواردة من الخارج بالدولار، وسط إرباك غير مسبوق في الأسواق العراقية، فيما قالت مصادر مسؤولة إن البنك الفيدرالي الأميركي قلص كمية النقد الأجنبي المحول إلى العراق بنحو 50 في المائة.
ومن شأن هذه الخطوة غير المسبوقة أن تدفع أصحاب الأرصدة إلى سحب أموالهم بالدولار من المصارف، بحسب مصرفيين عراقيين توقعوا «موجة سحوبات هائلة يوم الأحد المقبل».
ونقلت وكالة «رويترز» عن مازن أحمد، مسؤول الاستثمار والتحويلات في البنك المركزي، أن العراق سيحظر السحب النقدي والمعاملات بالدولار الأميركي اعتباراً من الأول من يناير (كانون الثاني) 2024، للحد من سوء استخدام احتياطياته من العملة الصعبة في الجرائم المالية والتهرب من العقوبات الأميركية على إيران.
وبعد ساعة من نشر التقرير، أصدر المسؤول العراقي بياناً لتصحيح ما أوردته الوكالة، وقال إن «التصريح عن أن تاريخ 1 يناير 2024 سيكون بداية إيقاف السحب النقدي يشمل الحوالات الواردة فقط من خارج العراق وفق ترتيبات معينة تضمن استدامة الأعمال ولا يشمل بأي حال من الأحوال أرصدة المواطنين بالدولار الأميركي».
وأكد مازن أحمد أن البنك المركزي يضمن ودائع الدولار للمواطن، الذي أودع أمواله بالدولار لدى أي مصرف عراقي سابقاً، أو بحلول عام 2024، حقاً أصيلاً في تسلّم هذه المبالغ نقداً بالدولار الأميركي.
ونفى المسؤول التوقعات التي تفيد بأن سعر الصرف سيصل إلى 1700، مشيراً إلى أن البنك المركزي يملك أدوات لتخفيض الفارق بين السعرين، وليست هناك أي مؤشرات إلى وصول سعر الصرف في السوق الموازية إلى هذا المستوى.
وبحسب البيان، فإن «الإصلاحات التي يقوم بها البنك المركزي العراقي تستهدف تحقيق امتثال البنك والنظام المصرفي عموماً لمعايير الامتثال الدولية، بما يحول دون وصول الدولار إلى جهات ممنوعة من الحصول عليه أو المضاربة به».
واحتج عشرات من العراقيين أمام مبنى البنك المركزي في بغداد للمطالبة بالسيطرة على سعر صرف الدولار.
ورغم الإجراءات الحكومية التي تقول إنها ستساهم في ضبط سعر الصرف، يبدو أنه من الصعب وقف التدهور في قيمة الدينار، الذي وصل حتى الخميس إلى 1550 لكل دولار.
وقال متظاهرون، وهم من أصحاب شركات الصرافة في بغداد، إن الفشل في ضبط سعر الصرف أربك الأسواق، ورفع من قيمة البضائع الأساسية.
ومنذ أشهر، يفرض البنك المركزي العراقي قيوداً على مبيعات نافذة الدولار، استجابة لشروط البنك الفيدرالي الأميركي، الذي رصد بحسب بيانات رسمية «عمليات مشبوهة لتهريب الدولار إلى الخراج»، ولا سيما الدول المشمولة بعقوبات اقتصادية، على رأسها إيران.
ويقول مسؤولو البنك إن الانخفاض الذي تعرض له الدينار يرجع إلى الطلب المتزايد على الدولار، وكثرة المضاربين الذين توعدتهم بعقوبات شديدة.
ويواصل سعر الصرف تحقيق قفزات غير مسبوقة في سعر الصرف، إذ بلغ حتى الخميس 1550 لكل دولار، رافق ذلك ارتفاعاً حاداً في أسعار السلع والخدمات الأساسية.
وبدأت الأزمة قبل شهور، حين أعلن البنك المركزي وضع ضوابط للسيطرة على أسعار صرف الدولار، بعد أن فرضت وزارة الخزانة الأميركية قيوداً على 14 مصرفاً عراقياً لمنعها من التعامل بالدولار على خلفية شبهات بتهريبه إلى الخارج.
ومؤخراً، قال البنك المركزي إن المصارف المعاقبة بدأت تستجيب إلى تعليمات الشفافية المطلوبة، فيما أشار إلى أن العراق يدرس حالياً اعتماد الليرة التركية والدرهم الإماراتي، والروبية الهندية، واليورو كجزء من عملية تسهيل التحويل الخارجي عن طريق فتح منافذ مباشرة.