توقيف متورطين في قضية فساد كبيرة في اللاذقية

الفرقة الرابعة والجمارك تصادر بضائع شركة رجل أعمال بارز

لقطة عامة لمدينة اللاذقية (موقع اقتصاد)
لقطة عامة لمدينة اللاذقية (موقع اقتصاد)
TT

توقيف متورطين في قضية فساد كبيرة في اللاذقية

لقطة عامة لمدينة اللاذقية (موقع اقتصاد)
لقطة عامة لمدينة اللاذقية (موقع اقتصاد)

تتجه أنظار السوريين إلى الساحل السوري مع توارد أنباء حول توقيف متورطين بقضايا فساد كبيرة في محافظة اللاذقية، بينهم مسؤولون وأصحاب نفوذ ومخاتير أحياء ومتعهدو بناء، تم الحجز على أموال عدد منهم ومنعهم من مغادرة البلاد.

وقُدّرت قيمة المبالغ المصادرة والمحتجزة بنحو 40 مليون دولار، بحسب ما أفادت به مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، لفتت إلى أن الحملة بدأت قبل أسبوعين بتوقيف عدد كبير من مخاتير الأحياء في اللاذقية، وأعضاء في مجالس الإدارة المحلية.

وقالت المصادر: إن التحقيقات قادت إلى شبكة كبيرة تضم عدداً من المسؤولين الحاليين والسابقين، وأعضاء في اللجنة الإقليمية في المحافظة، وتجاراً ومتعهدي بناء وعضواً في مجلس الشعب. وقد تم توقيف بعضهم وإذاعة البحث عن المتوارين منهم؛ على خلفية الكشف عن تلاعب في المخططات التنظيمية لمحافظة اللاذقية، وفق المصادر، التي أشارت إلى تركيز التحقيقات على صفقات واتفاقات مشبوهة في مجال البناء والتعهدات وتجارة العقارات والمصالح العقارية، ونشاطات أخرى.

لقطة عامة لشواطئ اللاذقية (مواقع تواصل)

من جانبها، أكدت صحيفة «الوطن» المحلية المقربة من الحكومة «توقيف مسؤولين حاليين وأصحاب نفوذ، وقرارات منع مغادرة وحجزاً على أموال عدد منهم». ونقلت عن مصادرها «الخاصة»، أنه تم توقيف مسؤولين سابقين وحاليين لا يزالون على رأس عملهم ومخاتير أحياء ومتعهدين وأصحاب نفوذ؛ وذلك للتحقيق في ملفات فساد «تشمل مخالفات بخصوص البناء والتعهدات وهدر أموال عامة ومجالات أخرى سيتم كشفها لاحقاً»، بحسب الصحيفة.

وتابعت، أن «الجهات المختصة مستمرة بملاحقة الفاسدين والمتورطين بمخالفات مرتكبة ضمن المحافظة، وتمت إذاعة البحث عن بعض الشخصيات المتوارية حالياً، مع التشديد على مواصلة مكافحة الفساد وفرض هيبة الدولة».

وتشهد مناطق الساحل السوري، حالة احتقان متزايدة جراء استفحال الفساد وتحكم شبكاته بإدارة المؤسسات والدوائر الرسمية. وظهر أكثر من ناشط من أبناء الساحل بتسجيلات مصورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، موجهين النداءات لوضع حد لعصابات الفساد.

الشاعر الشعبي حسين حيدر (مواقع)

هذا، وجرى اعتقال كل من الناشط أيمن الفارس، والشاعر الشعبي حسين حيدر، والناشط أحمد إسماعيل، والإعلامية لمى عباس، في حين لم يُعرَف بعد مصير قائد ميليشيا «أسود الجبل» الرديفة، بسام عيسى حسام الدين، الذي ظهر نهاية شهر يوليو (تموز) الماضي، بتسجيل مصور وجّه فيه اتهامات بالفساد لمسؤولين في وزارتي الداخلية والعدل، وقضاة ورئيس فرع الأمن الجنائي في اللاذقية، وعدد من الضباط برتب عسكرية عالية في اللاذقية وجبلة.

وقال: إنهم «زعماء عصابات ومنهم من يتقاضى الرشى بالدولار أو الذهب حصراً». وتوعد القيادة السورية في حال لم تحاسبهم، أنه سيأخذ ثأره بيده. وأنه انتظر سنوات كي يعاد إليه الحق بالقانون، بعد أن طُلب منه «عدم إثارة القلق في المناطق الآمنة»، لكن الآن وبعد استفحال الفساد، سيأخذ حقه بيده إن لم تتحرك الدولة، وفق ما قاله في التسجيل المصور.

تجدر الإشارة، إلى أنه بالتوازي مع تطورات حملة مكافحة الفساد التي تشنّها الأجهزة الرقابية في اللاذقية على الساحل السوري، شنّت إدارة الجمارك العامة والفرقة الرابعة التي يقودها شقيق الرئيس ماهر الأسد، حملة على سوق السومرية بريف دمشق، مستهدفة بضائع شركة «الميرا» التجارية. ونقل موقع «صوت العاصمة» المعارض عن شهود عيان، قولهم: إن الدورية طوّقت خلال يومي الأحد والاثنين، الماضيين، حي السومرية، ونفذت حملات دهم وتفتيش على محال ومستودعات تجارية. وتمت مصادرة منتجات مهربة كالسجائر والمعسل والمشروبات الكحولية والعصائر والمعلبات ومواد غذائية، التي تطرحها شركة «الميرا» التجارية التي تعود ملكيتها لرجل الأعمال السوري المعروف، باسم أبو علي خضر.

ويحاط اسم أبو علي خضر، بكثير من الغموض، سيما وأنه برز كرجل أعمال في الأعوام الأخيرة، بديلاً لرجل الأعمال رامي مخلوف، ابن خال الرئيس، الذي تمت إزاحته عن الساحة الاقتصادية. وحصل أبو علي خضر على ترخيص لشركتي اتصالات باسم «إيماتيل»، والتي احتكر بموجبها استيراد وتصدير أجهزة الهواتف المحمولة بجميع أنواعها، وتوزيعها، إضافة إلى أجهزة الحواسيب والأجهزة الإلكترونية ودخول المناقصات والمزايدات.

احتفاءً في شركة «إيماتيل» للمحمول في دمشق بحضور رجل الأعمال أبو علي خضر (وسط)

وتؤكد مصادر متقاطعة، أن أبو علي خضر، مدعوم من عقيلة الرئيس السوري، وقد أسس شركات أخرى تعمل في تجارة مواد البناء والإكساء، كما سمح لشركته الأمنية «القلعة»، بإقامة حواجز عند المعابر الحدودية البرية لمنع تهريب المواد التي تتاجر بها شركاته، كالمواد الغذائية والمشروبات الروحية والهواتف المحمولة والدخان.

وبعد خلافات مع الفرقة الرابعة أزيلت حواجز «القلعة»، وتولت الأخيرة مهمة منع التهريب بموجب عقود تجدد كل عام مقابل حصة معلومة من الأرباح. لتعود وتتجدد الخلافات بعد انتهاء مدة العقد هذا العام، وسحب حواجز «الرابعة» التي كانت مكلفة هذه المهمة.

ورجحت مصادر متابعة في دمشق، أن تكون الحملة الأخيرة على سوق السومرية الشهيرة بوصفها سوقاً للبضائع المهربة، ضمن إطار هذه الخلافات التي يتم تصديرها في الإعلام على أنها «حملات لمكافحة الفساد».

وأشارت المصادر، إلى أن الحملة شملت، يوم الأربعاء، بسطات الدخان والمواد المهربة في غالبية أحياء العاصمة، والتي لوحظ اختفاؤها من الشوارع لبضع ساعات قبل أن تعود مجدداً.


مقالات ذات صلة

محامون دوليون يلاحقون ثروات آل الأسد

المشرق العربي رجل يعبر صورة للرئيس حافظ الأسد معروضة عند المدخل الرئيس لمبنى في العاصمة دمشق 9 ديسمبر (أ.ف.ب)

محامون دوليون يلاحقون ثروات آل الأسد

يقود محامو حقوق الإنسان الجهود للعثور على أصول ثروات قامت عائلة الأسد بتخزينها على مدى نصف قرن من الحكم الاستبدادي، بغرض استردادها لصالح الشعب السوري.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الخليج الهيئة أكدت استمرارها في رصد وضبط المتعدين على المال العام ومستغلي الوظيفة لمصالحهم (الشرق الأوسط)

«الرقابة» السعودية: إيقاف قاض وضباط وموظفين تورطوا بقضايا فساد

أعلنت «هيئة الرقابة ومكافحة الفساد» السعودية إيقاف قاض وكاتب عدل وضباط وموظفين في جهات حكومية وخاصة بعد مباشرتها عدة قضايا جنائية خلال الفترة الماضية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة عالمية حُكم على ليو يي بالسجن لمدة 11 عاماً وغرامة مالية 497 ألف دولار أميركي بتهمة تلقي الرشى (الاتحاد الصيني)

الصين تسجن مسؤولين سابقين آخرين في كرة القدم بتهمة الرشوة

سجنت الصين الأربعاء مسؤولَين سابقَين في كرة القدم بتهم تلقي الرشى، وفقا لبيانات صادرة عن محكمتين، وذلك في إطار حملة واسعة النطاق لمكافحة الفساد في كرة القدم.

«الشرق الأوسط» (بكين)
المشرق العربي الرئيس السوري السابق بشار الأسد وزوجته أسماء عام 2010 (أ.ف.ب)

كدّسا الملايين والسِّلَع الفاخرة... على ماذا أنفق بشار وأسماء الأسد ثروتهما المليارية؟

بسقوط النظام السوري، سقطت الستائر عن ثرواته المكدّسة وعن افتتان بشار وأسماء الأسد بالمقتنيات الباهظة، من منازل وسيارات وأثاث وملابس.

كريستين حبيب (بيروت)
شؤون إقليمية نتنياهو لدى وصوله إلى المحكمة في إطار محاكمته الطويلة بتهم فساد (أ.ب)

لأول مرة... نتنياهو يدلي بشهادته في محاكمته بالفساد

أدلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشهادته اليوم (الثلاثاء)، لأول مرة في محاكمته المستمرة منذ فترة طويلة في قضايا فساد.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

جنبلاط يلتقي الشرع في «قصر الشعب»: عاشت سوريا حرة أبية

رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور خلال اللقاء مع الشرع (أ.ف.ب)
رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور خلال اللقاء مع الشرع (أ.ف.ب)
TT

جنبلاط يلتقي الشرع في «قصر الشعب»: عاشت سوريا حرة أبية

رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور خلال اللقاء مع الشرع (أ.ف.ب)
رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور خلال اللقاء مع الشرع (أ.ف.ب)

في زيارة هي الأولى لزعيم ومسؤول لبناني إلى دمشق، بعد سقوط نظام بشار الأسد، التقى رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» السابق، وليد جنبلاط، القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع في «قصر الشعب».

وزار جنبلاط، الذي كان أول زعيم ومسؤول لبناني يبادر إلى التواصل مع الشرع، دمشق، على رأس وفد من الحزب وكتلة «اللقاء الديمقراطي»، يضم نجله تيمور، برفقة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، ووفد من المشايخ والإعلاميين.

لعودة العلاقات ومحاكمة عادلة

وتحمل هذه الزيارة، التي هنّأ خلالها جنبلاط، الشرع، بـ«انتصاره»، بعداً وطنياً يرتكز على مستقبل العلاقة بين لبنان وسوريا، فهي تحمل كذلك بعداً درزياً يرتبط بما ستكون عليه علاقة السلطة الجديدة في سوريا مع الأقليات، تحديداً الطائفة الدرزية، في ظل الضغوط الإسرائيلية التي تمارس عليها، وهو ما كان الشرع واضحاً بشأنه في لقائه مع الزعيم الدرزي بالقول: «سوريا لن تشهد بعد الآن استبعاداً لأي طائفة»، مضيفاً أن «عهداً جديداً بعيداً عن الحالة الطائفية بدأ».

وفي كلمة له أثناء لقائه الشرع، هنأ جنبلاط القيادة السورية الجديدة بـ«التحرّر من نظام حكم (بشار) الأسد، والتطلع نحو سوريا الموحدة... عاشت سوريا حرّة أبية كريمة».

أحمد الشرع والزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط (رويترز)

وقال جنبلاط: «من جبل لبنان، من جبل كمال جنبلاط، نحيي هذا الشعب الذي تخلص من الاستبداد والقهر، التحية لكم ولكل من ساهم في هذا النصر، ونتمنى أن تعود العلاقات اللبنانية - السورية من خلال السفارات، وأن يحاسب كل الذين أجرموا بحق اللبنانيين، وأن تقام محاكم عادلة لكل من أجرم بحق الشعب السوري، وأن تبقى بعض المعتقلات متاحف للتاريخ».

وأضاف: «الجرائم التي ارتبكت بحق الشعب تشابه جرائم غزة والبوسنة والهرسك، وهي جرائم ضد الإنسانية، ومن المفيد أن نتوجه إلى المحكمة الدولية لتتولى هذا الأمر والطريق طويل»، مشيراً إلى أنه سيتقدم بـ«مذكرة حول العلاقات اللبنانية السورية».

الشرع: النظام السابق قتل الحريري وجنبلاط والجميل

في المقابل، تعهد الشرع، الذي التقى جنبلاط للمرة الأولى مرتدياً بدلة وربطة عنق، بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان، وستحترم سيادة هذا البلد المجاور. وفيما لفت إلى أن «المعركة أنقذت المنطقة من حربٍ إقليميّة كبيرة، وربما من حرب عالمية»، أكد أن «سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان على الإطلاق، وستحترم سيادة لبنان ووحدة أراضيه واستقلال قراره واستقراره الأمني، وهي تقف على مسافة واحدة من الجميع».

ولفت الشرع إلى أن «النظام السابق كان مصدر قلق وإزعاج في لبنان، وهو عمل مع الميليشيات الإيرانية على تشتيت شمل السوريين»، مؤكداً أن «نظام الأسد قتل رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري وكمال جنبلاط وبشير الجميل». وتعهد بأن «يكون هناك تاريخ جديد في لبنان نبنيه سوية بدون حالات استخدام العنف والاغتيالات»، وقال: «أرجو أن تمحى الذاكرة السورية السابقة في لبنان».

أحمد الشرع خلال استقباله وفداً برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في دمشق (رويترز)

وشدد الشرع على حماية الأقليات، قائلاً: «مع اعتزازنا بثقافتنا وبديننا وإسلامنا... لا يعني وجود الإسلام إلغاء الطوائف الأخرى، بل على العكس هذا واجب علينا حمايتهم». وأضاف: «اليوم يا إخواننا نحن نقوم بواجب الدولة في حماية كل مكونات المجتمع السوري».

دروز سوريا

وتحدث عن دروز سوريا تحديداً، مذكراً بأن «الإدارة الجديدة أرسلت وفوداً حكومية إلى مدينة السويداء ذات الأغلبية الدرزية في جنوب غرب البلاد»، وقال: «أهلنا في السويداء كانوا سباقين في مشاركة أهلهم في الثورة، وساعدونا في تحرير منطقتهم في الآونة الأخيرة».

وأضاف: «سنقدم خدمات كثيرة، نراعي خصوصيتها، ونراعي مكانتها في سوريا»، وتعهد بتسليط الضوء على ما وصفه بأنه تنوع غني للطوائف في سوريا.

أبي المنى وشعار الدروز

من جهته، قال الشيخ أبي المنى إن «شعب سوريا يستحق هذا السلم، ويستحق الازدهار، لأن سوريا قلب العروبة النابض». وأشار إلى أن «الموحدين الدروز لهم تاريخ وحاضر يُستفاد منه، فهم مخلصون للوطن وشعارهم شعار سلطان باشا الأطرش وشعار الكرامة، وكرامتهم من كرامة الوطن، لذلك نحن واثقون أنكم تحترمون تضحياتهم وهم مرتبطون بوطنهم».

رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط في «قصر الشعب» بدمشق قبيل لقائه الشرع (أ.ف.ب)

ارتياح في السويداء

ولاقت زيارة الزعيم الدرزي إلى دمشق ارتياحاً في أوساط السوريين الدروز. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر أهلية متقاطعة في السويداء، جنوب سوريا، أن هناك توافقاً بين الزعامات الروحية حول الموقف من «إدارة العمليات» ممثلة بقائدها أحمد الشرع، والتأكيد على العمقين الإسلامي والعربي لطائفة الدروز الموحدين وخصوصية جبل العرب، ودورهم التاريخي في استقلال سوريا كمكون سوري أصيل، وتطلعهم إلى دستور جديد يجمع عليه السوريون.

وحسب المصادر، فإن «هذا الموقف كان مضمون الرسالة التي حملها الوفد الدرزي إلى قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع، الأحد، وقد كانت نتائج الاجتماع إيجابية»، واعتبر دروز السويداء أن زيارة جنبلاط «خطوة عقلانية وحكيمة باتجاه الحفاظ على وحدة سوريا، وقطع الطريق على كل من يحاول تخريب العيش المشترك بين جميع السوريين، ووأد الفتن ما ظهر منها وما بطن».

ووفق المصادر، كان وفد درزي من لبنان زار السويداء قبل يوم من زيارة جنبلاط إلى دمشق، والتقى مشيخة العقل في السويداء، حيث قال شيخ العقل حمود الحناوي إنهم يتطلعون إلى «مواقف جنبلاط وأهلنا في لبنان باعتبارها سنداً ومتنفساً للتعاون من أجل مصالحنا كمواطنين سوريين لنا دورنا التاريخي والمستقبلي».

بعد 13 عاماً

ودخل الجيش السوري، لبنان، عام 1976 كجزء آنذاك من قوات عربية للمساعدة على وقف الحرب الأهلية، لكنه تحوّل إلى طرف فاعل في المعارك، قبل أن تصبح دمشق «قوة الوصاية» على الحياة السياسية اللبنانية تتحكّم بكل مفاصلها، حتى عام 2005، تاريخ خروج قواتها من لبنان تحت ضغط شعبي بعد اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري في انفجار وجهت أصابع الاتهام فيه إليها ولاحقاً إلى حليفها «حزب الله»، قبل أن تحكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان على اثنين من قادة الحزب بالسجن مدى الحياة، على خلفية قتل 22 شخصاً بينهم الحريري.

ويتهم جنبلاط، دمشق، باغتيال والده كمال في عام 1977 خلال الحرب الأهلية، في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد.

ونُسبت اغتيالات العديد من المسؤولين اللبنانيين الآخرين المناهضين لسوريا إلى السلطة السورية السابقة.

وعلى خلفية هذه الاغتيالات، تأرجحت علاقة الزعيم الدرزي مع النظام السوري السابق، الذي كان قد قاطعه وشنّ هجوماً غير مسبوق على رئيسه المخلوع، واصفاً إياه بـ«القرد» في المظاهرات التي نظمها فريق «14 آذار» إثر اغتيال الحريري عام 2005، قبل أن تعاد هذه العلاقة وترمّم بشكل محدود في عام 2009، لتعود إلى مرحلة العداوة مجدداً مع مناصرة جنبلاط للثورة السورية التي انطلقت عام 2011.

أما اليوم، وبعد 13 عاماً، عاد الزعيم الدرزي إلى دمشق «شامخاً مظفراً بالنصر»، وفق ما وصفه أمين سر كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن، عبر حسابه على منصة «إكس»، مضيفاً: «ها قد عدنا إلى سوريا الحرة مع الأمل الكبير الواعد بأن تنعم سوريا وشعبها بالحرية والديمقراطية والتنوّع والاستقرار والازدهار»، داعياً إلى «بناء أفضل العلاقات التي تحفظ سيادة وحرية واستقلال وطننا الحبيب لبنان وتحفظ سوريا الواحدة الموحدة الأبية».

وتوجه إلى السوريين بالقول: «هنيئاً لكم ولنا الانتصار الكبير، ويبقى الانتصار الأكبر هو الحفاظ على الوحدة الوطنية والحرية والهوية».