تصريحات العبادي بشأن الحرب ضد «داعش» في العراق تثير سجالاً

عناصر من تنظيم «داعش» (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من تنظيم «داعش» (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

تصريحات العبادي بشأن الحرب ضد «داعش» في العراق تثير سجالاً

عناصر من تنظيم «داعش» (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من تنظيم «داعش» (أرشيفية - أ.ف.ب)

تحوّلت تصريحات أطلقها، الأسبوع الماضي، رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي إلى سجال سني - شيعي، بعدما أثارت في أول الأمر خلافات داخل قوى «الإطار التنسيقي».

وكان العبادي الذي حكم البلاد بين عامي 2014 و2018، في ذروة المعارك ضد تنظيم «داعش»، أعلن أن ما يجري الآن هو أشبه بـ«حكم عصابات». وأضاف في تصريحات متلفزة، قبل أيام، أن ورقة الاتفاق السياسي التي أُلفت بموجبها الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني، «تضمنت طلباً بعدم تجريم المنتمي لـ(داعش)»، مؤكداً «أنه وهادي العامري (زعيم منظمة بدر) لم يوقعا وثيقة الاتفاق».

وفي السياق نفسه، دافع العبادي عن ميليشيات مسلحة، منتقداً عضو مجلس النواب، هيبت الحلبوسي؛ لاعتراضه على بعض تصرفاتها، قائلاً إنه «يهاجم الميليشيات التي أرجعته إلى بيته بعد القتال» ضد تنظيم «داعش» الذي كان يسيطر في أوج نفوذه على 4 محافظات عراقية.

العبادي ورئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي خلال لقاء في سبتمبر 2018 (أرشيفية - رئاسة الوزراء العراقية)

وفي البداية، اعترضت قوى شيعية داخل «الإطار التنسيقي» الذي يضم «ائتلاف النصر» بزعامة العبادي، و«دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، و«الفتح» بزعامة هادي العامري، و«العصائب» بزعامة قيس الخزعلي وقوى وفصائل أخرى، على تصريحات العبادي، ورأت أنه يحاول إعادة تسويق نفسه مع قرب بدء الحملة الدعائية للانتخابات المحلية (مجالس المحافظات) نهاية العام الحالي. لكن الرد الناري من النائب عن «حزب تقدم» ورئيس كتلته البرلمانية هيبت الحلبوسي على العبادي حوّل البوصلة من اتهامات ضد رئيس الوزراء السابق للعبادي داخل «الإطار التنسيقي» الذي ينتمي إليه، إلى سجال سني – شيعي، بعدما أصدر «الإطار» بياناً هاجم فيه الحلبوسي، وهدد بمقاضاته كونه استهدف أحد قادته.

رتل لقوات من الجيش العراقي (رويترز)

الحلبوسي يهاجم العبادي بعنف

وكان هيبت الحلبوسي، القيادي البارز في «حزب تقدم» الذي يتزعمه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، هاجم العبادي بعنف قائلاً عنه إنه «لم يكن يصلح لمنصب رئيس الوزراء». وقال الحلبوسي في تصريحات تلفزيونية، إن «الجميع يذكر ما تعرض له أبناء هذه المحافظات بعد انسحاب القوات الأمنية وسيطرة (داعش) على مدن كاملة، ومن ثم التضييق على المدنيين الذين يريدون الهرب من سطوة هذا التنظيم»، في إشارة إلى المحافظات السنيّة التي سيطر عليها التنظيم الإرهابي قبل القضاء عليه. وأضاف الحلبوسي أن «جميع المنافذ لخروجهم (المدنيين) إلى بغداد وبقية المحافظات كانت قد أغلقت خلال تلك الفترة، ومنفذ بزيبز (قرية تابعة لعامرية الفلوجة في محافظة الأنبار) خير دليل على الكوارث التي يندى لها الضمير الإنساني، ناهيك عن اختطاف وتغييب الآلاف من مواطني تلك المحافظات».

وأشار الحلبوسي إلى أن «منصب العبادي في حينها، كان يُلزمه بالمساءلة القانونية والشرعية والأخلاقية عن هذا الكم الهائل من الضحايا». ورأى أن «ما تعرّض له مواطنو تلك المحافظات من ظلم وجور على يد تنظيم (داعش) الإرهابي، يدفع اليوم للوقوف بوجه كل من يحاول النيل من سمعتهم ويتهمهم باتهامات باطلة، غير آبهين بالتصريحات المغلوطة والكاذبة». وخلص إلى القول إن «رجال السياسة غير مقدسين وغير معصومين، ولا يمكن المجاملة في الدفاع عن الأبرياء».

مقاتلون من الحشد الشعبي يستعدون لمقاتلة «داعش» غرب الموصل عام 2017 (غيتي)

«الإطار التنسيقي» ينتصر للعبادي

وبينما كان العبادي موضع لوم وهجوم من القوى السياسية التي يُحسب عليها، فإن ما تعرض له من هجوم شخصي من قبل النائب الحلبوسي جعل «الإطار التنسيقي» ينتصر له. ورد «الإطار» في بيان شديد اللهجة على الحلبوسي، قائلاً: «يستغرب (الإطار) من التصريحات غير الصحيحة لأحد النواب في أحد البرامج التلفزيونية، والتي أساء فيها إلى شخص رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي» أحد قيادات «الإطار التنسيقي».

وأضاف البيان أن «الإطار إذ يرفض هذه اللغة غير المهذبة بحق العبادي، فإنه يرفض التخرصات التي أدلى بها النائب، ويحتفظ بحقه في اللجوء إلى القضاء لوقف هكذا أكاذيب رخيصة»، على حد وصف البيان.

من جهته، عدَّ «ائتلاف النصر» بزعامة العبادي ما صرّح به النائب هيبت الحلبوسي بأنه مجرد «صراخ على قدر الألم». وقالت المتحدثة باسم «النصر» آيات مظفر، في بيان، إن «صراخه كان على قدر الألم، ألم الحقائق التي أوجعته وغيره ممن يدعي الوطنية والدفاع عن أهله الذين، وبجردة حساب بسيطة، يتبين حالهم وثراؤهم قبل وبعد (داعش)، وذلك على حساب أهلنا في الأنبار». ودانت مظفر ما وصفته بـ«هبوط اللغة وخفة المستوى في تصريحات الحلبوسي، وتقوّله عن العبادي والإطار التنسيقي بالادعاء والكذب، والتي ننفيها نفياً قاطعاً». وأكدت المتحدثة باسم «ائتلاف النصر» أن العبادي يحتفظ بحق الرد القانوني لمقاضاة الحلبوسي على اتهاماته «الباطلة».

صورة نشرها الجيش العراقي لرتل عسكري خلال مطاردة خلايا «داعش» في الأنبار 9 سبتمبر الماضي

«حزب تقدم» ينتصر للحلبوسي

من جهتها، ردت كتلة «حزب تقدم» في البرلمان العراقي ببيان شديد اللهجة ضد العبادي. وقالت الكتلة في بيانها إنه «في الوقت الذي نسعى فيه إلى تعزيز الأمن والاستقرار في بلدنا العزيز، وتعزيز الأواصر والتلاحم بين أبناء شعبنا، وإبعاد كل أشكال الغلو والتطرف الدخيلة على مجتمعاتنا، يعود الخطاب المتشنج والمؤسف والمعيب إلى الساحة السياسية من بعض الذين يحاولون تدوير أنفسهم عبر القفز على الواقع، وتبني خطاب الكراهية وتصريحات إعلامية سيئة، وهذا ما تابعناه خلال التصريحات الإعلامية المرفوضة رفضاً قاطعاً التي صدرت من رئيس مجلس الوزراء الأسبق حيدر العبادي وممثلين عنه، من خلال المواقع الإعلامية والمحطات الفضائية».

وأضافت الكتلة: «لم ولن نتناسى جميع الجرائم والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي رافقت عمليات التحرير التي راح ضحيتها الآلاف من المغيبين والمفقودين والمعتقلين الأبرياء الذين لم يقترفوا ذنباً سوى أنهم كانوا أسرى لدى التنظيمات الإرهابية المجرمة، وأُغلقت أبواب عاصمتهم بغداد بوجوههم، وهم فارون من جحيم الموت واحتلال الإرهاب لمناطقهم». وأشارت إلى أن «العراقيين يتذكرون تلك الأيام المظلمة في المحافظات المحررة، ومن أبرز مشاهدها جسر بزيبز الذي تكدست عليه حشود الأطفال والنساء والشيوخ الكهلة وعامة المواطنين، منتظرين رحمة الله بعد صدور أوامر القائد العام للقوات المسلحة الأسبق حيدر العبادي بمنعهم من الدخول إلى عاصمتهم، والذاكرة مليئة بالمشاهد والجرائم الأخرى في الرزازة وبيجي والصقلاوية وسامراء، فضلاً عن العديد من الانتهاكات التي ارتُكبت بحق المواطنين في محافظات ديالى وصلاح الدين ونينوى والأنبار وكركوك وجرف الصخر التي لم يعد أهلها إلى يومنا هذا».

ودعت الكتلة النيابية العبادي إلى «مراجعة خطاباته وعدم الاستمرار بهذا الخطاب المتشنج، وأن يعيد حساباته في إطلاق الأحكام جزافاً بحق الأبرياء (الأحياء منهم والأموات) المدققين أمنياً والمزكين من الفعاليات الاجتماعية والدينية».


مقالات ذات صلة

بايدن: لا ملاذ آمناً لتنظيم «داعش» في أميركا

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن (رويترز)

بايدن: لا ملاذ آمناً لتنظيم «داعش» في أميركا

قال الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن، الخميس، إنه «لا ملاذ آمناً لتنظيم داعش في أميركا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة من موقع الهجوم الإرهابي بشارع بوربون في نيو أورليانز بلويزيانا بالولايات المتحدة الأميركية أمس (إ.ب.أ)

«التحقيقات الفيدرالي»: منفّذ عملية الدهس في نيو أورليانز تصرّف بمفرده

أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي «إف بي آي»، الخميس، أن منفّذ عملية الدهس في نيو أورليانز، التي أسفرت عن مقتل 15 شخصاً على الأقل، تصرّف بشكل منفرد.

«الشرق الأوسط» (نيو أورليانز (الولايات المتحدة))
المشرق العربي أحمد الشرع أثناء استقباله هاكان فيدان في دمشق (رويترز)

تركيا: على الإدارة السورية الإشراف على معسكرات احتجاز عناصر «داعش»

قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، اليوم الخميس، إن الإدارة السورية الجديدة يجب أن تتولى إدارة المعسكرات والسجون التي يحتجز فيها عناصر تنظيم «داعش» وأسرهم.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الولايات المتحدة​ عنصران من شرطة ولاية لويزيانا في شارع بوربون بالحي الفرنسي 2 يناير 2025 بنيو أورليانز بعد هجوم إرهابي (أ.ف.ب)

هل من صلة بين هجوم نيو أورليانز والانفجار أمام فندق «ترمب إنترناشيونال»؟

يبحث المحققون الأميركيون احتمال وجود صلة بين هجوم الدهس المميت الذي وقع في نيو أورليانز، وانفجار شاحنة أمام فندق «ترمب إنترناشيونال» في لاس فيغاس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ تقف سيارات الشرطة في منطقة مغلقة بعد أن صدم سائق شاحنة صغيرة حشداً في نيو أورليانز في الحي الفرنسي في وقت مبكر من يوم رأس السنة الجديدة مما أسفر عن مقتل 15 شخصاً قبل أن تقتله الشرطة بالرصاص (د.ب.أ) play-circle 00:31

تقرير: نيو أورليانز كانت تفتقر إلى الحواجز الأمنية قبل الهجوم المميت

ذكرت تقارير أن مدينة نيو أورليانز كانت تفتقر إلى الحواجز الأمنية التي كان من الممكن أن تمنع السائق من تنفيذ الهجوم المميت صباح يوم رأس السنة الجديدة.

«الشرق الأوسط» (نيو أورليانز)

نتنياهو يجيز للمفاوضين استكمال محادثات وقف إطلاق النار في غزة

رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)
رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)
TT

نتنياهو يجيز للمفاوضين استكمال محادثات وقف إطلاق النار في غزة

رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)
رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

أجاز رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الخميس، للمفاوضين مواصلة المباحثات في الدوحة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم «حماس» منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال مكتب رئيس الوزراء، في بيان، إن نتنياهو «أجاز لوفد من الموساد (جهاز الاستخبارات الخارجية) والشين بيت (جهاز الاستخبارات الداخلية) والجيش، مواصلة المفاوضات في الدوحة»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ويأتي ذلك عقب تبادل إسرائيل والحركة الفلسطينية الاتهامات بشأن عرقلة مساعي التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب المستمرّة منذ أكثر من عام في القطاع المدمّر.

وتقول الإحصاءات الإسرائيلية إن الهجوم الذي شنه مسلحون بقيادة حركة «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 أسفر عن مقتل 1200 شخص واختطاف 251 رهينة والعودة بهم إلى قطاع غزة.