دلالات الاتصالات الغربية باحتجاجات السويداء بينما تتجاهلها دمشق

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: قلق الحكومة ومحاولات لتفكيك الحراك من الداخل

الشيخ حكمت الهجري ضمن المتظاهرين في السويداء (السويداء 24)
الشيخ حكمت الهجري ضمن المتظاهرين في السويداء (السويداء 24)
TT

دلالات الاتصالات الغربية باحتجاجات السويداء بينما تتجاهلها دمشق

الشيخ حكمت الهجري ضمن المتظاهرين في السويداء (السويداء 24)
الشيخ حكمت الهجري ضمن المتظاهرين في السويداء (السويداء 24)

بينما يتوالى إعلان مسؤولين أميركيين وأوروبيين متابعة الاحتجاجات الشعبية في محافظة السويداء باهتمام، تمضي دمشق في تجاهلها الرسمي لتلك الاحتجاجات، لتقتصر مهمة الرد على ناشطين موالين للحكومة ومحسوبين على إيران.

فما هي دلالات الاتصالات الدولية الداعمة لحراك السويداء؟ وما هي سيناريوهات دمشق لمواجهتها؟

وفيما كان الإعلام الرسمي يبث، مساء الجمعة، مقابلة التلفزيون الصيني مع الرئيس السوري بشار الأسد الذي زار الصين، الأسبوع الماضي، ويؤكد وقوف الشعب السوري معه، تلقى شيخ العقل في السويداء حكمت الهجري اتصالاً من المبعوثة البريطانية لسوريا، آن سنو، أعلنت فيه التزام بلادها بتطبيق القرار الأممي 2254، وفق ما أعلنته المبعوثة، عبر حسابها على منصة «X» (تويتر سابقاً)، بأنها أجرت اتصالاً مطولاً مع الشيخ الهجري «تطرق إلى الاحتجاجات السلمية التي تشهدها محافظة السويداء منذ نحو 42 يوماً على التوالي».

المبعوثة البريطانية لسوريا آن سنو (حساب شخصي)

مصادر متابعة في دمشق قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن الاتصالات التي يتلقاها الشيخ حكمت الهجري تقلق دمشق وتزيد تعقيد الأمر، كونها تمثل اعترافاً دولياً بزعامة الهجري في المحافظة، ما يجعل إزاحته عن ساحة الاحتجاجات صعبة، بل محرجة وحساسة جداً.

وتضيف المصادر أن النظام منذ بدء الاحتجاجات، لجأ إلى «استخدام أدواته الاستخبارية القديمة» لتفريغ مكانة الهجري الروحية من عناصر قوتها، عبر تشويه صورته والنيل من هيبته والتشكيك بمواقفه الوطنية، بواسطة حملات يشنها نشطاء موالون عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

إلا أن الموقف الشعبي الداعم والتفاف المحتجين، بمن فيهم العلمانيون واليساريون حول الهجري، إضافة إلى وقوف المرجع الثاني في السويداء، حمود الحناوي، إلى جانبه، ومشاركة ممثلين عن العشائر البدوية في السويداء بالاحتجاجات، «صعّب الأمر» على دمشق التي لا تزال تظهر تجاهلها للحراك.

وتتابع المصادر أن دمشق لن توفر جهداً في محاولة تفكيك الحراك من الداخل، بديلاً عن استخدام القوة التي تبدو حتى اليوم مستبعدة عن قائمة الحلول، كما هو مستبعد أيضاً التفاوض مع الحراك.

الرئيس الأسد في مقابلة مع تلفزيون الصين المركزي (سانا)

تجاهل السويداء

وأظهرت النسخة التي بثها التلفزيون الرسمي السوري لمقابلة الرئيس الأسد مع تلفزيون الصين المركزي (CCTV)، تجنب المذيعة الإشارة إلى الاحتجاجات في السويداء، بل إن الأسد، ورداً على سؤال عن اللحظات الصعبة التي عاشها خلال الحرب، أكد أن الذي ساعده على الصمود هو وقوف الشعب معه.

ورغم إقرار الأسد بأن الوضع الحالي في بلاده «سيئ» لوجود أزمة معيشية، فإنه اتهم الدول الغربية بزيادة معاناة الشعب السوري، لافتاً إلى أن «الحرب لم تنته»، وأن المنطقة تواجه بهذه الحرب «نوعين من الخطر؛ خطر الليبرالية الحديثة الغربية التي نشأت في أميركا، وخطر التطرف»، معتبراً «التدخل الخارجي» هو العائق الكبير الذي يواجه سوريا. وتهرب الأسد من الرد على سؤال حول وجود خطة أو «وصفة» لإعادة بناء سوريا والتعامل مع الصعوبات التي قد تواجهها في مختلف الجوانب، بالقول، نحن الآن أمام تحدٍّ داخلي مرتبط بالحرب والحصار، ولكن أمام تحدٍ خارجي مرتبط بالوضع الاقتصادي العالمي.

أما «الوصفة الأساسية» لمثل هذه الحالة، بحسب الأسد، فهي «الانتقال من التعامل بالدولار إلى العملات الأخرى، وفي مقدمتها اليوان الصيني».

آلاف المحتجين في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء الجمعة 29 سبتمبر (السويداء 24)

كثافة اتصالات

اتصال المبعوثة البريطانية آن سنو، مع الشيخ حكمت الهجري، جاء بعد يومين من تلقي الأخير اتصالاً من نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي، إيثان غولدريتش، أكد فيه دعمه لـ«حرية التعبير» للسوريين، بما في ذلك الاحتجاج السلمي في السويداء، وفق ما أعلنته السفارة الأميركية على صفحتها الرسمية على منصة X»»، داعية إلى «سوريا عادلة وموحدة، وإلى حل سياسي يتوافق مع قرار مجلس الأمن رقم 2254».

وسبق ذلك ثلاثة اتصالات منفصلة من نواب في الكونغرس الأميركي، تلقاها الهجري خلال الأيام الماضية؛ أولها من النائب الجمهوري فرينش هيل، تلاها اتصال النائب الديمقراطي برندن بويل، وآخرها من النائب الجمهوري جو ويلسون، أكدوا فيها دعم الاحتجاجات السلمية في السويداء.

كما أعلنت النائبة في البرلمان الأوروبي، كاترين لانغزيبن، التي تشغل منصب رئيسة لجنة الشؤون الخارجية ومسؤولة الملف السوري في كتلة حزب «الخضر» بالبرلمان الألماني، اتصالها بالشيخ حكمت الهجري وإبلاغه أنهم يتابعون باهتمام ما يجري في السويداء ويدعمون الاحتجاجات السلمية هناك.

وأتمت الاحتجاجات في السويداء يومها الثاني والأربعين، بزخم متصاعد وتنظيم وتنسيق متزايد، في إصرار على مواصلة الاحتجاجات حتى تحقيق المطالب، برحيل الأسد وتطبيق القرار الأممي 2254. وذلك وسط ارتفاع وتيرة حملة الاتهامات بالعمالة والخيانة التي يشنها موالون للحكومة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فقد وصف بشار برهوم المشهور في الساحل السوري، الشيخ حكمت الهجري، بـ«الحاخام»، ليس لموقفه الداعم للحراك في السويداء، ولكن لإعلانه رفض انضمام أبناء السويداء إلى القوات الحكومية والمشاركة في معارك ضد سوريين آخرين. وقال: إن «هناك لواءً إسرائيلياً كاملاً اسمه جولاني، 80 في المائة منه من أبناء السويداء».

كما حذر الإعلامي رفيق لطف المقرب من طهران، في منشور على حسابه في «فيسبوك»، أهالي السويداء، ممن أسماهم بـ«أصحاب الفتن» والعملاء المأجورين الذين يعطون المال للفقراء والمحتاجين حتى يشاركوهم الحراك، وقال إنه لدى هؤلاء حلماً بإقامة «دويلة مصطنعة صهيونية وامتيازات واهية وهمية».


مقالات ذات صلة

باكستان تغلق الطرق الرئيسية وتنشر قوات الأمن لمنع احتجاجات معيشية

آسيا قوات الأمن تعتقل ناشطين من «حزب الجماعة الإسلامية» في أثناء احتجاجهم على التضخم بإسلام آباد في 26 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

باكستان تغلق الطرق الرئيسية وتنشر قوات الأمن لمنع احتجاجات معيشية

أغلقت السلطات الباكستانية، الجمعة، الطرق الرئيسية المؤدية إلى العاصمة إسلام آباد، ونشرت آلافاً من قوات الأمن لمنع الاحتجاجات ضد زيادة التضخم.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
آسيا مسيرة في بنغلاديش اليوم للاحتجاج على عمليات القتل العشوائية والاعتقال الجماعي في دكا (أ.ف.ب)

شرطة بنغلاديش تعتقل قادة الحركة الطلابية

اعتقلت الشرطة في بنغلاديش زعيم الحركة الرئيسية التي تنظّم الاحتجاجات المناهضة لحصص توزيع الوظائف الحكومية في بنغلاديش ناهد إسلام واثنين آخرين من مستشفى في دكا.

«الشرق الأوسط» (دكا)
الولايات المتحدة​ اتساع المظاهرات المؤيدة لغزة في الجامعات الأميركية

مظاهرات ضد برنامج تلفزيوني نظم احتجاجاً مزيفاً بجامعة أميركية

اجتمعت مجموعة من المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في حرم كلية «كوينز»، احتجاجاً على تصوير مشهد درامي وهمي نظمته دراما بوليسية تُبث على قناة «CBS».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
آسيا الشيخة حسينة باكية بين مرافقيها لدى تفقدها محطة المترو التي لحقت بها أضرار كبيرة خلال الاحتجاجات في دكا (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تطالب بالتحقيق في «قمع» المظاهرات ببنغلاديش

دعت الأمم المتحدة الخميس بنغلاديش إلى الكشف فوراً عن تفاصيل قمع المظاهرات الأسبوع الماضي وسط تقارير عن «أعمال عنف مروعة».

«الشرق الأوسط» (دكا)
الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لدى إلقاء خطابه أمام الكونغرس في واشنطن أمس (أ.ف.ب)

إلقاء يرقات داخل فندق نتنياهو في واشنطن (فيديو)

أطلق ناشطون مؤيدون لفلسطين آلاف اليرقات وديدان الطحين والصراصير داخل فندق ووترغيت في واشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

نتنياهو: «حزب الله» سيدفع ثمناً غالياً جراء الهجوم الصاروخي على الجولان

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (قناته على «تلغرام»)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (قناته على «تلغرام»)
TT

نتنياهو: «حزب الله» سيدفع ثمناً غالياً جراء الهجوم الصاروخي على الجولان

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (قناته على «تلغرام»)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (قناته على «تلغرام»)

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، السبت، إن «حزب الله سيدفع ثمناً غالياً مقابل الهجوم الصاروخي الذي قتل أطفالاً».

وسقط صاروخ على ملعب لكرة القدم في قرية مجدل شمس في هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل؛ ما أدى إلى مقتل 11 شخصاً، السبت، واتهمت إسرائيل «حزب الله» اللبناني بتنفيذ الهجوم، بينما نفى الأخير مسؤوليته عنه.

واتهم الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، السبت، تنظيم «حزب الله» اللبناني الموالي لإيران بأنه «هاجم وقتل بوحشية» أطفالاً في هجوم صاروخي على مرتفعات الجولان المحتلة.

وقال هرتسوغ، في بيان، إن «إرهابيي (حزب الله) هاجموا وقتلوا بوحشية أطفالاً اليوم، جريمتهم الوحيدة أنهم خرجوا لممارسة لعبة كرة القدم. لم يعودوا».