بوادر خلاف بين بغداد وأربيل عقب قرار «الاتحادية» إنهاء عمل مجالس محافظات الإقليم

 بارزاني: الاستفتاء انتصار إرادة الشعب

مسرور بارزاني يتحدث على هامش معرض تجاري في أربيل اليوم (حكومة إقليم كردستان)
مسرور بارزاني يتحدث على هامش معرض تجاري في أربيل اليوم (حكومة إقليم كردستان)
TT

بوادر خلاف بين بغداد وأربيل عقب قرار «الاتحادية» إنهاء عمل مجالس محافظات الإقليم

مسرور بارزاني يتحدث على هامش معرض تجاري في أربيل اليوم (حكومة إقليم كردستان)
مسرور بارزاني يتحدث على هامش معرض تجاري في أربيل اليوم (حكومة إقليم كردستان)

في وقت وصف فيه محافظ أربيل أوميد خوشناو قرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق بشأن إنهاء عمل مجالس محافظات إقليم كردستان، بأنه «غير قانوني»، عمت الاحتفالات الرسمية المدن الكردية لمناسبة مرور 6 سنوات على ذكرى الاستفتاء الذي أجراه الإقليم الشمالي في سبتمبر (أيلول) عام 2017.

وفيما عد الزعيم الكردي مسعود بارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، أن يوم الاستفتاء كان بمثابة «انتصار إرادة الشعب»، فإن التداعيات التي ترتبت عليه فيما بعد أحدثت تغييراً في معادلة العلاقة بين بغداد وأربيل.

فبالإضافة إلى سيطرة القوات الاتحادية على كل المناطق المتنازع عليها بين الجانبين، وفق المادة 140 من الدستور، بما فيها محافظة كركوك، فإن قضية العلاقة المالية - النفطية بين الطرفين لا تزال دون حل بسبب الخلاف حول مبيعات النفط من داخل الإقليم، وحصته من الموازنة الاتحادية ورواتب موظفيه.

وفي هذا السياق، أكد مسرور بارزاني رئيس حكومة الإقليم، الاثنين، أن «يوم الاستفتاء بالنسبة لنا يوم تاريخي، وهو ذكرى انتصار إرادة شعب كردستان أمام الظلم الذي كان يمارس ضدنا، ومع الأسف، آثار هذا الظلم ما زالت موجودة، حيث هنا أشخاص وجهات تعتقد أن شعب كردستان يجب أن يُعاقَب بسبب تعبيره عن حقه».

هل أنتم ملتزمون بالعراق؟

وأضاف بارزاني: «خلال زيارتي إلى بغداد قبل أيام، سألني ـحدهم، هل أنتم ملتزمون بالعراق؟ فأجبته أن ذلك يتوقف على سلوككم، الالتزام والولاء للبلد لن يكون بالتخويف والتجويع والكراهية، بل يجب أن يكون على أساس المساواة والعدالة والحب، لذا فنحن نشدد على هذه المبادئ وعلى أن يتم احتساب الازدهار والتطور في منطقة، انتصاراً».

وأشار بارزاني إلى وجود «جو إيجابي» في الوقت الحالي. وقال: «نريد بناء بلد أكثر ازدهاراً مع الذين يؤمنون بالسلام والديمقراطية والحرية والتطور».

من جانبه، عد محافظ أربيل أوميد خوشناو قرار المحكمة الاتحادية العليا، بإنهاء عمل مجالس محافظات إقليم كردستان «غير قانوني».

وقال خوشناو في مؤتمر صحافي، إن «أغلب قرارات المحكمة الاتحادية العليا سياسية، ولدينا ملاحظات عليها». وأضاف أن «قرار المحكمة الذي يقضي بإنهاء عمل مجالس محافظات إقليم كردستان غير قانوني»، مشيراً إلى أن «السلطات في كردستان هي المعنية بالرد على قرار المحكمة الاتحادية».

وكانت المحكمة الاتحادية العليا أصدرت الأحد، قراراً بإنهاء عمل مجالس محافظات الإقليم. في هذا السياق، يقول الخبير القانوني علي التميمي لـ«الشرق الأوسط»، إن «قرار المحكمة الاتحادية الخاص بإبطال عمل مجالس المحافظات في إقليم كردستان دستوري، لأنه استند إلى حيثيات قانونية وواضحة من حيث المواد التي استند إليها قرار المحكمة الاتحادية الذي عد أن استمرار مجالس المحافظات لـ5 سنوات أخرى غير دستوري، حيث يخالف المادتين الثانية والسادسة من الدستور المتعلقتين بالتداول السلمي للسلطة وحقوق الإنسان والممارسات الديمقراطية وحق الناس في الانتخابات».

وأضاف التميمي أن «المحكمة الاتحادية ومثلما هو معروف لا تتحرك تلقائياً، إنما يكون دعوى ومدعٍ ومدعى عليه، وتعمل وفق قانون المرافعات وقانون الإثبات العراقي»، مبيناً أن «هذه الدعوى والقرار الذي صدر بموجبها هو قرار ملزم للسلطات كافة، سواء في كردستان أو باقي مناطق العراق، وفق المادة 94 من الدستور، وبالتالي فإن سلطات الإقليم باتت ملزمة بتطبيق هذا القرار».

ويرى التميمي أن «القرار لم يكتفِ بذلك، بل ألزم أعضاء هذه المجالس بإرجاع الأموال التي أنفقوها خلال السنوات الخمس الماضية إلى خزينة الدولة، علماً بأن هناك قرارات مشابهة له، حيث إن المحكمة الاتحادية سبق أن أصدرت قرارات بحل مجالس المحافظات الاتحادية، وكذلك حكومة إقليم كردستان التي تعد الآن وفق القانون حكومة تصريف أعمال».

وبشأن طعن محافظ أربيل في عدم قانونية قرار المحكمة الاتحادية، يقول التميمي: «هذا القول مردود، لأن المحكمة الاتحادية محكمة دستورية عليا تمثل كل أطياف الشعب العراقي وفيها اثنان من القضاة الأكراد ممن رشحتهم وزارة العدل في كردستان، والقرارات كما قلنا، ملزمة لكل الجهات».


مقالات ذات صلة

العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع

المشرق العربي جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)

العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع

قالت وزارة الخارجية العراقية إن بغداد وجهت رسائل لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية و«التعاون الإسلامي» بشأن «التهديدات» الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

قال مسؤول دفاعي أميركي إن قائداً كبيراً بـ«حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية خلال حرب العراق، قُتل بسوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين، الجمعة، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه القوات المسلحة باتخاذ إجراءات بحق كل من يشن هجمات باستخدام الأراضي العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام «منتدى السلام» في دهوك (شبكة روداو)

وزير الخارجية العراقي: تلقينا تهديدات إسرائيلية «واضحة»

قدّم مسؤولون عراقيون تصورات متشائمة عن مصير الحرب في منطقة الشرق الأوسط، لكنهم أكدوا أن الحكومة في بغداد لا تزال تشدّد على دعمها لإحلال الأمن والسلم.

«الشرق الأوسط» (أربيل)
المشرق العربي «تشاتام هاوس» البريطاني نظّم جلسات حول مصير العراق في ظل الحرب (الشرق الأوسط)

العراق بين حافتَي ترمب «المنتصر» و«إطار قوي»

في معهد «تشاتام هاوس» البريطاني، طُرحت أسئلة عن مصير العراق بعد العودة الدرامية لدونالد ترمب، في لحظة حرب متعددة الجبهات في الشرق الأوسط.

علي السراي (لندن)

مستشفيات غزة مهددة بالتوقف عن العمل... و19 قتيلاً في القصف الإسرائيلي

جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)
جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)
TT

مستشفيات غزة مهددة بالتوقف عن العمل... و19 قتيلاً في القصف الإسرائيلي

جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)
جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)

أفاد الدفاع المدني في غزة صباح السبت، بمقتل 19 شخصاً، بينهم أطفال، في غارات ليلية إسرائيلية وقصف مدفعي عنيف على مناطق مختلفة في القطاع الفلسطيني، فيما حذرت وزارة الصحة في القطاع أمس (الجمعة)، من توقف كل مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود؛ إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع المدمر الذي تشن عليه حرباً منذ أكثر من عام، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل لوكالة الصحافة الفرنسية «استشهد 19 مواطناً وأصيب أكثر من 40 آخرين وغالبيتهم في ثلاث مجازر في سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية العنيفة بعد منتصف الليل وحتى صباح اليوم على قطاع غزة».

وأفاد التلفزيون الفلسطيني في وقت سابق بمقتل ستة أشخاص وإصابة عدد آخر بجروح في قصف إسرائيلي استهدف منزلاً بحي الزيتون شرق مدينة غزة.

وذكرت وزارة الصحة في غزة أن القصف الإسرائيلي على مناطق متفرقة من القطاع منذ فجر يوم الجمعة قتل 38 شخصاً.

وتتواصل ردود الفعل الدولية بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية الخميس مذكرات توقيف في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق في حكومته يوآف غالانت، وقائد «كتائب عز الدين القسام» الجناح المسلح لـ«حماس» محمد الضيف، بشبهة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في النزاع الدائر في غزة منذ أن شنت «حماس» هجوماً غير مسبوق على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال المدير العام للمستشفيات الميدانية الطبيب مروان الهمص: «نوجه الإنذار العاجل ونحذر من أن مستشفيات قطاع غزة كاملة ستتوقف عن العمل أو تقلص من خدماتها خلال 48 ساعة بسبب عرقلة الاحتلال إدخال الوقود».

من جانبه، أعلن الدفاع المدني انتشال جثث اثني عشر قتيلاً وعشرات الجرحى إثر غارتين إسرائيليتين استهدفتا منزلين أحدهما شرق مدينة غزة والآخر في جنوبها.

وأعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة أنه قتل في القطاع خمسة من عناصر «حماس» ضالعين في هجوم 7 أكتوبر 2023.

وأدت هذه الضربة إلى مقتل وفقدان العشرات حسب مصادر طبية فلسطينية.

من جهتها، أبدت منظمة الصحة العالمية «قلقاً بالغاً» على وضع 80 مريضاً، بينهم ثمانية في العناية المركزة، وعلى العاملين في «مستشفى كمال عدوان»، أحد المستشفيين الوحيدين اللذين يعملان جزئياً في شمال غزة.

وبحسب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، فإن المستشفى استُهدف بهجوم بمسيّرة الخميس؛ ما أدى إلى إتلاف مولد كهرباء وخزان مياه.

وقال مدير المستشفى حسام أبو صفية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن مؤسسته استُهدفت مرة أخرى بغارات إسرائيلية الجمعة، حيث أصيب طبيب واحد ومرضى.

وباشر الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية برية كبيرة في شمال قطاع غزة في السادس من أكتوبر لمنع مقاتلي «حماس» من إعادة تشكيل صفوفهم على ما أفاد.

«أطفال أبرياء»

وقال بلال في إحدى قاعات «المستشفى الأهلي العربي» حيث نُقل الضحايا: «أهلي كلهم قُتلوا، أنا الوحيد المتبقي من العائلة. أوقفوا الظلم».

وقال رجل آخر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» وهو جالس قرب فتى ممدد بلا حراك على سرير مستشفى: «كان هناك أطفال أبرياء (...) ما ذنبهم؟!».

وأسفرت حملة الجيش الإسرائيلي في غزة حتى الآن عن ما لا يقل عن 44056 قتيلاً، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، وفق بيانات وزارة الصحة التي تديرها «حماس» وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.

وكان هجوم «حماس» على إسرائيل قد خلف 1206 قتلى، غالبيتهم مدنيون، حسب تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.

كذلك، احتُجز خلال الهجوم 251 شخصاً رهائن ونُقلوا إلى غزة، ولا يزال 97 منهم في القطاع، ويقدر الجيش الإسرائيلي أن 34 من هؤلاء الرهائن المتبقين ماتوا.

«سابقة خطيرة»

بعد مرور أكثر من عام على بدء الحرب، أثار قرار المحكمة الجنائية الدولية الخميس غضب إسرائيل.

وأكد نتنياهو مساء الخميس أنه «ما من قرار فاضح مُعادٍ لإسرائيل بإمكانه أن يمنعنا، وتحديداً أنا، من مواصلة الدفاع عن بلدنا بأيّ طريقة»، مضيفاً: «لن نستسلم للضغوط».

ورأى غالانت في القرار «سابقة خطيرة (...) تشجع على الإرهاب».

أما الرئيس الأميركي جو بايدن فندد بالقرار، معتبراً أنه «مشين»، في حين قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الجمعة إنه سيدعو نتنياهو إلى زيارة المجر، في «تحدٍّ» للقرار.

ورحب نتنياهو بموقف أوربان، معتبراً أنه ينم عن «وضوح أخلاقي».

وقالت فرنسا الجمعة إنها «أخذت علماً» بقرار المحكمة.

والدول الـ124 الأعضاء في «الجنائية الدولية»، وبينها المجر، ملزمة نظرياً بتوقيف المسؤولين الثلاثة في حال دخولهم أراضيها.

من جانبها، لمّحت الحكومة البريطانية الجمعة إلى أن نتنياهو يمكن أن يُعتقَل بموجب مذكرة التوقيف.

وأعلن رئيس الوزراء الآيرلندي سايمون هاريس أن بلاده ستعتقل نتنياهو إذا زار البلاد.

ورداً على سؤال للتلفزيون العام «آر تي آي» عما إذا كانت آيرلندا، عضو «الجنائية الدولية»، ستعتقل نتنياهو إذا زار البلاد، قال: «نعم، بالتأكيد».

وأعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الجمعة أن وزراء خارجية «مجموعة السبع» سيناقشون خلال اجتماعهم الاثنين والثلاثاء قرب روما مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة.

في المقابل، رأت إيران في القرار «موتاً سياسياً للكيان الصهيوني»، في حين دعت الصين المحكمة إلى «موقف موضوعي وعادل».

ورحبت «حماس» بقرار المحكمة، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».