الإطار التنسيقي «سعيد جداً» بدعوة البيت الأبيض… وينتظر تخفيف القيود على الدولار

صورة نشرتها رئاسة الوزراء العراقية من مشاركة السوداني في أعمال قمّة أهداف التنمية المستدامة  في نيويورك
صورة نشرتها رئاسة الوزراء العراقية من مشاركة السوداني في أعمال قمّة أهداف التنمية المستدامة في نيويورك
TT

الإطار التنسيقي «سعيد جداً» بدعوة البيت الأبيض… وينتظر تخفيف القيود على الدولار

صورة نشرتها رئاسة الوزراء العراقية من مشاركة السوداني في أعمال قمّة أهداف التنمية المستدامة  في نيويورك
صورة نشرتها رئاسة الوزراء العراقية من مشاركة السوداني في أعمال قمّة أهداف التنمية المستدامة في نيويورك

ثمة أصوات تُسمع من مكاتب «الإطار التنسيقي» الحاكم في العراق؛ «وأخيراً السوداني يسافر إلى البيت الأبيض ويلتقي الرئيس جو بايدن»، بعد شهور من الاعتقاد بأن حكومة تسيطر عليها أحزاب مقرّبة من إيران لن تعترف بها الولايات المتحدة.

حتى القوى المتشددة، المعروفة برفضها للنفوذ الأميركي في العراق، بعضها هدد قبل سنوات بهجمات ضد قواعد عسكرية وبعثات دبلوماسية، تتراجع اليوم إلى أقصى حدود التهدئة، إلى درجة أن أعضاءً في «الإطار» عدّوا التسوية المالية الأخيرة مع إقليم كردستان، وقبلها الحكم بالسجن المؤبد على قَتَلة المواطن الأميركي ستيفن ترول «بادرة حسن نية لقطع تذكرة السوداني إلى واشنطن».

ولم تأتِ الدعوة الأميركية لزيارة البيت الأبيض ولقاء بايدن، إلا بعد أن وصل السوداني في زيارة عمل بروتوكولي إلى نيويورك، الاثنين الماضي، للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الثامنة والسبعين.

والتقى السوداني بوزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الذي أشاد «بالتزام حكومة بغداد باستقلال القضاء في إدانة العراق الأخيرة، والحكم على عدة أفراد بتهم الإرهاب، فيما يتعلق بمقتل المواطن الأميركي ستيفن ترويل»، وفقاً لبيان أميركي.

وحث بلينكن الحكومة العراقية على «مواصلة تعاونها مع حكومة إقليم كردستان لتعزيز استقرار حكومة الإقليم»، بينما نقل دعوة من الرئيس بايدن إلى رئيس الوزراء لزيارة البيت الأبيض قريباً».

والحال أن المواقف الأميركية المعلَنة هذا الأسبوع، التي يبدو أنها مهَّدت للدعوة، كانت تركز كثيراً على التسوية المالية بين بغداد وأربيل، إذ رحب مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، بالحوار البنّاء الذي أجري الأسبوع الماضي بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان، والذي يهدف إلى حل القضايا العالقة بما يتناسب مع الدستور العراقي»، مشيراً إلى أن واشنطن «دعمت جهود الحكومة العراقية وقرارها بإرسال أموال إضافية إلى حكومة إقليم كردستان للمساعدة في ضمان تسليم رواتب الموظفين وتعزيز الاستقرار والنمو الاقتصادي».

كما أثنت السفيرة الأميركية، آلينا رومانسكي، في منشور على منصة «إكس»، على قرار الحكومة العراقية تحويل المدفوعات خلال الأشهر المقبلة، وقالت إنها تتطلع إلى مواصلة الحوار للوصول إلى حل أكثر ديمومة لما يصبّ في مصلحة الشعب العراقي بأكمله.

في النهاية، تبدو الدعوة الأميركية مهمة لـ«الإطار التنسيقي»، ليس فقط لإنهاء التردد الأميركي في التعاطي مع حكومة تضم فصائل شملتها واشنطن بالعقوبات، بل لأن بغداد تدرك تماماً أن «أزمات مستعصية، مثل مبيعات الدولار، لن تُحسم إلا بقناة مفتوحة ومباشرة مع الرئيس الأميركي»، كما يقول عضو في «الإطار التنسيقي».

وقال قيادي في ائتلاف «دولة القانون» إن «الإطار التنسيقي» بدَّل كثيراً من استراتيجيته في التعامل مع واشنطن، تحت تأثير عاملين أساسيين؛ أولهما الوضع الدقيق والحساس للحكومة الحالية، التي تحتاج دون شك إلى ضبط التوازن بين إيران وأميركا، وثانيهما أن إيقاع المفاوضات بين هذين البلدين يفرض نفسه على التكتيك السياسي لبغداد، وهو الآن يتطلب حفظ التهدئة وفتح قنوات طبيعية للعلاقات.

لكن أهمية زيارة السوداني تعني شيئاً آخر لـ«الإطار التنسيقي»، الذي تؤرقه منذ شهور أزمة صرف الدولار، وشح السيولة النقدية المحلية، بعدما أقر البرلمان العراقي موازنة انفجارية بنحو 450 مليار دولار لثلاث سنوات.

وانخفضت مبيعات «البنك المركزي» للدولار، بعدما فرضت واشنطن قيوداً عليها، بسبب شكوك بأن جهات عراقية تهرّب العملة الصعبة إلى دول الجوار، على رأسها إيران، بغطاء سياسي من فصائل متنفِّذة، لكن العراق بحاجة إلى سيولة أكبر من الدينار العراقي لتأمين متطلبات الموازنة، وهو بحاجة إلى رفع سقف مبيعات الدولار.

وليس لدى فريق السوداني ضمانات بأن لقاءه المحتمل مع بايدن سيغير من قواعد اللعبة المالية، ويمنح وزارة الخزانة الأميركية الضوء الأخضر لتخفيف القيود، إلا إذا حدث «متغير جوهري في المفاوضات بين واشنطن وطهران»، وفقاً للقيادي في «دولة القانون» الذي أشار بوضوح إلى أن الحالة العراقية ليست نموذجاً مستقلاً في السياسة الدولية، بقدر ما هي انعكاس لتقلبات النزاع الإقليمي بين إيران وأميركا.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تحشد دعماً دولياً لتحرير امرأة يعتقد أنها مخطوفة في العراق

شؤون إقليمية الإسرائيلية - الروسية إليزابيث تسوركوف

إسرائيل تحشد دعماً دولياً لتحرير امرأة يعتقد أنها مخطوفة في العراق

قال مسؤول إسرائيلي كبير إن الحكومة تعمل مع الحلفاء في جهد متجدد لتحرير باحثة إسرائيلية - روسية يعتقد أنه تم خطفها في العراق قبل نحو عامين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي من اجتماع ولادة «ائتلاف القيادة السنية الموحدة»... (متداولة)

المشهداني يبدأ أولى خطوات توحيد «البيت السني» ويذكّر «الشيعة» بالتسوية الوطنية

مع أنه انتظر سنة كاملة لكي يصل إلى منصبه، فإن خطوات رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني الأولى بعد توليه المنصب، بدت لافتة للنظر، سواء داخل القوى السنية،…

حمزة مصطفى (بغداد)
شؤون إقليمية صورة نشرها موقع إيراني لعلي خامنئي لدى استقباله السوداني ويرافقه الرئيس مسعود بزشكيان play-circle 01:29

إيران والعراق يشتركان في «هاجس» سوريا

اتفقت إيران والعراق على أن سوريا هاجس مشترك بينهما، ودعا البلدان إلى حفظ سلامة الأراضي السورية، وضرورة العمل المشترك لإرساء الأمن والاستقرار فيها.

حمزة مصطفى (بغداد) «الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي إحدى جلسات برلمان إقليم كردستان (أ.ف.ب)

الحزبان الكرديان ينهيان جولة ثالثة من مفاوضات تشكيل حكومة الإقليم

أنهى الحزبان الكرديان الرئيسيان؛ «الديمقراطي» و«الاتحاد الوطني»، الثلاثاء، الجولة الثالثة من مفاوضات تشكيل حكومة إقليم كردستان، دون أن تسفر عن اتفاق جدي ومعلن.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي السوداني يتوسط وزير الدفاع ثابت العباسي ورئيس أركان الجيش الفريق أول عبد الأمير رشيد يار الله خلال مراسم إحياء ذكرى تأسيس الجيش العراقي (رئاسة الوزراء)

أنباء عن زيارة قاآني لبغداد قبل زيارة السوداني إلى طهران

حسم رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، الجدل بشأن ما أُشيع عن تلقيه رسالة تحذير أميركية تتعلّق بـ«الحشد الشعبي» والفصائل المسلحة.

حمزة مصطفى (بغداد)

ماكرون قريباً في لبنان... وتأكيد فرنسي على دعم «غير مشروط» بعد انتخاب عون

الرئيس الجديد جوزيف عون جالساً على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا لأول مرة بعد انتخابه الخميس (أ.ف.ب)
الرئيس الجديد جوزيف عون جالساً على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا لأول مرة بعد انتخابه الخميس (أ.ف.ب)
TT

ماكرون قريباً في لبنان... وتأكيد فرنسي على دعم «غير مشروط» بعد انتخاب عون

الرئيس الجديد جوزيف عون جالساً على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا لأول مرة بعد انتخابه الخميس (أ.ف.ب)
الرئيس الجديد جوزيف عون جالساً على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا لأول مرة بعد انتخابه الخميس (أ.ف.ب)

عجلت فرنسا في الإعراب عن سرورها بانتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية في الجولة الثانية من جلسة مجلس النواب، وعدّت أن وصوله إلى «قصر بعبدا» يأتي «في لحظة تاريخية وحاسمة بالنسبة إلى لبنان، هذا الانتخاب يضع حداً لسنتين من الشغور الرئاسي الذي أضعف لبنان. ويفتح صفحة جديدة للبنانيين، وينبغي أن يكون الانتخاب مصدر أمل لهم ولجميع شركاء لبنان وأصدقائه»، فيما أعلن «الإليزيه» أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيزور «لبنان قريبا جدا»، بعد اتصال هاتفي جمعه مع الرئيس عون وتمنّى فيه الرئيس الفرنسي «كل النجاح» لنظيره اللبناني.

وكانت وزارة الخارجية الفرنسية، قد قالت بعد دقائق قليلة من انتهاء العملية الانتخابية، في بيان قرأه كريستوف لوموان، الناطق باسمها، إن انتخاب الرئيس الجديد «مصدر تشجيع لفرنسا، التي عملت جاهدةً على إعادة تشغيل المؤسسات اللبنانية عبر التعبئة الكاملة للوزير جان نويل بارو، وبعثة المساعي الحميدة التي يقودها منذ يونيو (حزيران) 2023 الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية في لبنان، جان إيف لودريان، بالتعاون الوثيق، بالطبع، مع شركائنا في (اللجنة الخماسية)».

هذا وذكرت الرئاسة الفرنسية أن الرئيس ماكرون «أبلغ الرئيس عون بأنّ فرنسا ستواصل جهودها الرامية للتوصل سريعاً إلى تشكيل حكومة قادرة على جمع اللبنانيين وتلبية تطلعاتهم واحتياجاتهم وإجراء الإصلاحات اللازمة لتحقيق الانتعاش الاقتصادي وإعادة الإعمار والاستقرار والأمن وسيادة لبنان».

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً لسفراء بلده عبر العالم الاثنين الماضي... وقد لعب دوراً ميسِّراً ساهم في انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية (أ.ف.ب)

بيد أن الدور الفرنسي لم يتوقف عند بارو وبعثة لودريان؛ إذ إن الرئيس إيمانويل ماكرون أدى درواً خاصاً وفاعلاً عبر الاتصالات الكثيرة التي أجراها مع المسؤولين اللبنانيين، الذين دعا بعضهم إلى باريس، والبعض الآخر تواصل معه عبر الهاتف، حتى في الأيام الأخيرة. فضلاً عن ذلك، أجرى ماكرون مشاورات عدة مع الجانب الأميركي ومع أطراف عربية، خصوصاً مع المملكة العربية السعودية، وكذلك مع مصر والأردن وقطر والإمارات. كذلك لعبت الخلية الدبلوماسية في «قصر الإليزيه» دوراً مهماً، ممثلة في مانويل بون، مستشار الرئيس للشؤون الدبلوماسية، وآن كلير لو جاندر، مستشارته لشؤون الشرق الأوسط والعالم العربي.

باريس تدعو لتعجيل تشكيل حكومة داعمة للرئيس الجديد

لم تكتف باريس بالتهنئة؛ بل وجهت مجموعة من الرسائل؛ أولاها دعوة السلطات والسياسيين اللبنانيين إلى «الانخراط في إنهاض مستدام» للبنان الغارق منذ سنوات في أزمات متعددة الأشكال سياسياً واقتصادياً ومالياً واجتماعياً، فضلاً عن إعادة إعمار ما تهدم بسبب الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» وما نتج عنها من دمار مخيف. والطريق إلى ذلك، يمر، وفق «الخارجية» الفرنسية، عبر «تشكيل حكومة قوية، وداعمة لرئيس الجمهورية، وقادرة على لمّ شمل اللبنانيين والاستجابة لتطلعاتهم واحتياجاتهم، وإجراء الإصلاحات اللازمة لانتعاش لبنان الاقتصادي واستقراره وأمنه وسيادته».

وسبق لفرنسا أن أسدت، مع دول رئيسية أخرى، هذه النصائح للبنان منذ سنوات كثيرة وقبل الشغور الرئاسي؛ لا بل إنها دعت منذ عام 2018 السلطات اللبنانية إلى القيام بإصلاحات سياسية (الحوكمة) واقتصادية يحتاجها لبنان، ويطالب بها المجتمع الدولي والمؤسسات المالية والاقتصادية الإقليمية والدولية؛ لمد يد العون والمساعدة للبنان. ويتعين التذكير بأن مؤتمر «سيدر» الذي دعت إليه فرنسا واستضافته في عام 2018، وعد بتقديم 11 مليار دولار للبنان قروضاً ومساعدات؛ شرط إتمام الإصلاحات، وهو الأمر الذي لم يحدث.

الرئيس اللبناني الجديد مستعرضاً الحرس الجمهوري لدى وصوله إلى قصر بعبدا الخميس (د.ب.أ)

دعم غير مشروط للبنان

ترى باريس أن انتخاب العماد عون يمكن أن يساهم في أمرين؛ الأول: الذهاب إلى استقرار لبنان من جهة؛ وثانياً، من جهة أخرى، «التنفيذ السليم، في المستقبل القريب، لوقف إطلاق النار» بين لبنان وإسرائيل بموجب الاتفاق المبرم في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي دفعت باريس إليه بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية.

بيد أن الرسالة الأخرى التي شددت عليها وزارة الخارجية الفرنسية عنوانها أن باريس «ملتزمة بحزم» بتحقيق هذا الأمر (احترام وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار الدولي رقم «1701»)، وذلك «إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية و(قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان - يونيفيل)».

وزيرا خارجية فرنسا والولايات المتحدة يتحدثان للصحافة بمقر وزارة الخارجية الفرنسية الأربعاء (أ.ف.ب)

وبكلام قاطع، أرادت فرنسا أن تقول إنها إذا كان لها دور عبر مشاركتها في «اللجنة الخماسية» وفي دفع الطبقة السياسية اللبنانية إلى الوصول لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد، إلا إنها لن تتخلى عن لبنان مستقبلاً. وجاء في بيان «الخارجية» أن فرنسا «وقفت إلى جانب لبنان والشعب اللبناني، وستواصل القيام بذلك، وهو الأمر الذي يعلم به رئيس الجمهورية اللبنانية الجديد جوزيف عون».