الخلاف ينفجر بين وزير الداخلية اللبناني ومدير قوى الأمن

مولوي يطلب ملاحقة عثمان والقضاء العدلي تنصّل من المهمّة

صورة من حساب مولوي في حديث مع اللواء عثمان عام 2021
صورة من حساب مولوي في حديث مع اللواء عثمان عام 2021
TT

الخلاف ينفجر بين وزير الداخلية اللبناني ومدير قوى الأمن

صورة من حساب مولوي في حديث مع اللواء عثمان عام 2021
صورة من حساب مولوي في حديث مع اللواء عثمان عام 2021

انفجر الخلاف بين وزير الداخلية اللبناني بسّام المولوي والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان على نطاق واسع، على أثر تسريب معلومات من الداخلية تفيد بأن المولوي أعطى الإذن بملاحقة عثمان في جميع القضايا المرفوعة ضدّه أمام القضاءين العدلي والعسكري.

وأكد مصدر مطلع على جوانب الخلاف المستفحل بين الرجلين، أن «الكيمياء بدت مفقودة بينهما منذ تعيين المولوي وزيراً للداخلية». وأوضح المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «الافتراق الفعلي بدأ مع القرار الذي اتخذه عثمان بإلحاق شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي بالمدير العام شخصياً، وفصلها عن وحدة الأركان التي كانت تتبع لها، حتى لا يفقد قائد الشعبة (العميد خالد حمود) منصبه لكونه صاحب أقدمية على العميد الذي كلّف بقيادة الأركان بالوكالة».

مولوي متحدثاً في إحدى المناسبات واللواء عثمان (يسار) إلى جانبه (موقع قوى الأمن)

لم تفلح كلّ مساعي رأب الصدع بين الطرفين، حتى تلك التي رعاها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وأكد المصدر الذي رفض ذكر اسمه، أن «البرقيات التي أصدرها اللواء عثمان قبل أيام وعيّن بموجبها رؤساء لوحدات في مؤسسة قوى الأمن بالوكالة من دون التشاور مع الوزير، جاءت بمثابة القشّة التي قصمت ظهر البعير، بغض النظر عن صواب الخيار الذي ذهب إليه عثمان، خصوصاً وأن الأخير تخطّى الأعراف التي كانت سائدة في السابق، والتي تقضي بأخذ موافقة وزير الداخلية على التشكيلات، ونيل رضى المرجعيات السياسية والزعامات التي يتبع رؤساء الوحدات إلى طوائفها».

خطوة وزير الداخلية المفاجئة أحدثت ضجّة سياسية وإعلامية، لكنّ وقعها لم يصل إلى القضاء الذي أولاه المولوي مهمّة ملاحقة عثمان، وأكد مرجع قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن النيابة العامة التمييزية «لم تتسلّم أي كتاب من وزير الداخلية يطلب ملاحقة مدير قوى الأمن». وفي رفض مبطّن لأي إجراء يطال مدير قوى الأمن، قال المرجع القضائي: «لا توجد أي دعوى قضائية على عثمان عالقة أمام القضاء وتنتظر إذن وزير الداخلية». ولفت إلى أن «هناك ملفّاً واحداً حرّكته المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون ضدّ اللواء عثمان قبل عامين تقريباً، على خلفية منع دورية لأمن الدولة من دخول منزل حاكم مصرف لبنان (السابق) رياض سلامة واعتقاله، وطلبت الإذن من مولوي لملاحقته لكنّ الأخير رفض هذا الطلب، ولا يستطيع بحسب القانون أن يتراجع الآن عن قراره».

مولوي واللواء عثمان في مناسبة سابقة (موقع قوى الأمن)

ومع انسداد أفق أي ملاحقة أمام القضاء العدلي، قالت مصادر مقربة من وزير الداخلية إن الأخير أعطى الإذن بملاحقة عثمان في دعاوى مقامة ضدّه أمام القضاء العسكري بـ«شبهات فساد»، وإن هذه الدعاوى ستسلك مسارها القانوني، وإن عثمان سيمثل للتحقيق قريباً، إلّا أن مصدراً مطلعاً في المحكمة العسكرية، أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي «ادعى منذ فترة طويلة على عثمان بجرم إعطاء تراخيص لبعض الأشخاص بحفر آبار ارتوازية في بعض المناطق، بالإضافة إلى مخالفات بناء». ولفت المصدر إلى أن عقيقي «حرّك الدعوى من دون أن يطلب من وزير الداخلية إعطاء الإذن للادعاء على مدير قوى الأمن وملاحقته وفق المقتضى القانوني»، لافتاً إلى أن عقيقي «رمى الكرة في ملعب قاضي التحقيق العسكري الأول فادي صوّان، بعدما أحال الادعاء على الأخير وطلب منه أن يتقدم بمذكرة لإعطائه الإذن بملاحقة عثمان وهذا ما رفضه صوّان، الذي اعتبر أنه كان يجدر بعقيقي أن يحصل على موافقة وزير الداخلية قبل الادعاء على عثمان، بدل أن يلقى المسؤولية على قاضي التحقيق».

ومن غير المعروف ما إذا كانت خطوة مولوي تشكّل حافزاً لدى مفوض الحكومة لطلب الإذن بملاحقة عثمان، إلا أن مصدراً أمنياً اعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «وزير الداخلية افتعل زوبعة إعلامية وسياسية ليس لها أي تبعات قانونية». وذكّر المصدر بأنه «إذا مضى وزير الداخلية بقرار ملاحقة عثمان، وامتثل بعض القضاء لهذا التوجّه، فإن أي قرار يتخذ يبقى بلا جدوى، إذ إن الضابطة العدلية المفترض بها أن تنفذ أي مذكرة، تخضع لسلطة مدير عام قوى الأمن الداخلي، أي اللواء عماد عثمان، وبالتالي تصبح عديمة الفائدة».

غضب «المستقبل»

واكتسبت خطوة مولوي بعداً سياسياً، أثارت غضب تيّار «المستقبل»، وشنّ موقع «مستقبل ويب» هجوماً عنيفاً على وزير الداخلية، وقال في افتتاحيته: «كلما خلت اللوائح المتداولة بأسماء المرشحين لرئاسة الحكومة العتيدة من اسمه، لجأ وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي إلى (قميص عثمان)، وصولاً إلى رفض مشاركة مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان في جلسة مجلس الوزراء المخصصة لبحث ملف النازحين، رغم مشاركة مديرين آخرين تابعين لوزارته مثل مدير عام الأمن العام اللواء إلياس البيسري، بالإضافة إلى قائد الجيش العماد جوزف عون».

وأضاف: «إذا فشل الأوصياء الجدد على إدارات الدولة، أي (حزب الله) و(التيار الوطني الحر)، في النيل من اللواء عثمان على مدى ست سنوات، سارع وزير الوصاية على المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي إلى التطوّع لهذه المهمة، وصولاً إلى التهديد الدائم بتوقيف عثمان نفسه، في سابقة لم يشهد مثلها تاريخ المؤسسة ولا تاريخ مؤسسة الجيش».


مقالات ذات صلة

المعارضة تنتظر «تواضع الثنائي الشيعي» في مقاربة الانتخابات الرئاسية

المشرق العربي اجتماع نواب المعارضة في معراب -مقر «القوات»- الأسبوع الماضي لتباحث الاستحقاق الرئاسي (القوات اللبنانية)

المعارضة تنتظر «تواضع الثنائي الشيعي» في مقاربة الانتخابات الرئاسية

يُجمع كل الأفرقاء في لبنان على أهمية الاتصالات واللقاءات الحاصلة اليوم فيما بينهم بشكل مباشر أو غير مباشر، للتوصل إلى نتيجة إيجابية في الملف الرئاسي.

كارولين عاكوم (بيروت)
تحليل إخباري مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في لبنان (أرشيفية)

تحليل إخباري سقوط الأسد يعيد خلط الأوراق الفلسطينية في لبنان

الضربة القاسية التي مني بها محور الممانعة بقيادة إيران تستدعي السؤال عن إمكانية تنظيم الوجود الفلسطيني في لبنان.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي لقاء رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل مع «اللقاء النيابي التشاوري المستقل»... (الكتائب)

بري يستبعد تأثير التغيير السوري سلباً على لبنان

استبعد رئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري «تأثيرات سلبية» لما يحدث في سوريا على لبنان، ورأى أن «المستفيد الأول حتى الآن هو إسرائيل، والثاني هو تركيا».

ثائر عباس (بيروت)
المشرق العربي البطريرك بشارة الراعي (رويترز)

البطريرك الماروني «واثق» بأنه سيكون للبنان رئيس في 9 يناير

أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي «ثقته» بأنه سيكون للبنان رئيس في 9 يناير المقبل.

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي خلال مشاركته في أعمال اليوم الأول للمنتدى العشرين للأمن الإقليمي «حوار المنامة 2024» (واس)

السعودية: على المجتمع الدولي ترجمة الأقوال لأفعال وتَجسيد حل الدولتين واقعياً

شددت السعودية على دعوتها للمجتمع الدولي إلى ترجمة أقواله لأفعال، وتجسيد حل الدولتين على أرض الواقع، خلال «حوار المنامة» المنعقد بالبحرين.

«الشرق الأوسط» (المنامة)

تقرير: أعضاء بالمخابرات الأوكرانية دعموا المعارضة السورية بمُسيرات

رجلان مسلحان يراقبان طريقًا من جسر في دمشق 11 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)
رجلان مسلحان يراقبان طريقًا من جسر في دمشق 11 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

تقرير: أعضاء بالمخابرات الأوكرانية دعموا المعارضة السورية بمُسيرات

رجلان مسلحان يراقبان طريقًا من جسر في دمشق 11 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)
رجلان مسلحان يراقبان طريقًا من جسر في دمشق 11 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

ذكرت صحيفة «واشنطن بوست»، اليوم (الأربعاء)، أن مقاتلين سوريين تسلموا نحو 150 طائرة مسيرة، فضلا عن دعم سري آخر من أعضاء في المخابرات الأوكرانية الشهر الماضي قبل أسابيع من تقدم قوات المعارضة التي أطاحت بالرئيس بشار الأسد في مطلع الأسبوع.

ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة على الأنشطة العسكرية الأوكرانية لم تسمها أن المخابرات الأوكرانية أرسلت نحو 20 مشغلاً للطائرات المسيرة ونحو 150 طائرة مسيرة تعمل بتقنية منظور الشخص الأول قبل ما أربعة أو خمسة أسابيع تقريباً لمساعدة «هيئة تحرير الشام».

وكانت وزارة الخارجية الروسية قالت في وقت سابق، دون تقديم أدلة، إن مقاتلي المعارضة حصلوا على طائرات مسيرة من أوكرانيا وتلقوا تدريباً على كيفية تشغيلها، وهو ما قالت وزارة الخارجية الأوكرانية حينئذ إنها ترفضه «رفضاً قاطعاً».

تحركت «هيئة تحرير الشام»، التي كانت تابعة لتنظيم «القاعدة» سابقاً، لتنصيب إدارة مؤقتة بعد أن أدت الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ 13 عاما إلى تقسيم البلاد.

وروسيا حليف رئيسي للرئيس المخلوع بشار الأسد وتدخلت لتزويده بالدعم العسكري في الحرب الأهلية في البلاد في عام 2015، كما تخوض موسكو صراعاً مع كييف بعد غزو أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وساعدت القوات العسكرية الروسية قوات الأسد في شن غارات جوية على المعارضة في وقت سابق هذا الشهر. لكن مدوني حرب روسيين حذروا من أن الإطاحة بالأسد لا تهدد فقط منشأتين عسكريتين روسيتين مهمتين استراتيجياً في سوريا، وإنما تهدد أيضا وجود موسكو في الشرق الأوسط.