اتساع الاحتجاجات في السويداء... وتشديد على سلميتها

«الائتلاف» المعارض يدين إطلاق «الرصاص الحي» على متظاهرين

شارك آلاف المحتجين في تظاهرة مركزية بوسط مدينة السويداء في جنوب سوريا الجمعة (موقع السويداء 24 - أ.ب)
شارك آلاف المحتجين في تظاهرة مركزية بوسط مدينة السويداء في جنوب سوريا الجمعة (موقع السويداء 24 - أ.ب)
TT

اتساع الاحتجاجات في السويداء... وتشديد على سلميتها

شارك آلاف المحتجين في تظاهرة مركزية بوسط مدينة السويداء في جنوب سوريا الجمعة (موقع السويداء 24 - أ.ب)
شارك آلاف المحتجين في تظاهرة مركزية بوسط مدينة السويداء في جنوب سوريا الجمعة (موقع السويداء 24 - أ.ب)

توافد الآلاف من أهالي محافظة السويداء إلى «ساحة السير»، وسط مدينة السويداء، للمشاركة في المظاهرة المركزية، الجمعة، وهو يوم الجمعة الرابع للاحتجاجات المتواصلة في هذه المحافظة بجنوب سوريا. وأفادت تقديرات بأن أعداد المحتجين اليوم سجّلت ازدياداً مضاعفاً عما كانت عليه في الاحتجاجات المركزية الثلاثة السابقة.

وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن حادثة إطلاق النار على المتظاهرين في السويداء، قبل يومين، أججت الغضب كما يبدو، كما أسهمت مواقف الشيخ حكمت الهجري والشيخ حمود الحناوي ضد الوجود الإيراني في اتساع الاحتجاجات، وسط تأكيد لافت على سلميتها. ولفتت المصادر إلى طرح شعارات ترتكز على ما شرّعه الدستور والقانون السوري، مشيرة إلى أن ذلك ربما يعكس اقتناعاً بأن مطلب «إسقاط النظام» الذي رُفع في الاحتجاجات السابقة، ليس قراراً محلياً بقدر ما هو قرار دولي إقليمي، كما أن المطالبة بحقوق كفلها الدستور قد تكون أكثر جدوى من المطالبة بإسقاط النظام، على الأقل في المدى المنظور.

من الاحتجاجات في الساحة المركزية بمدينة السويداء الجمعة (موقع السويداء 24 - أ.ب)

واحتشد الآلاف من أهالي محافظة السويداء في ساحة السير وسط المدينة قادمين من بلدات وقرى منها أم الرمان والغارية والمغير والقريا ورساس وعنز وخربة عواد، وأمتان وقنوات وشهبا وريمة حازم وسليم وأم الزيتون وشقا... وغيرها.

ورفع المتظاهرون لافتات تضمنت مواد من الدستور كالمادة 40 الخاصة بربط الأسعار مع الأجور كحق لجميع المواطنين، والمادة 14 من الدستور التي تنص على أن أملاك الدولة هي ملك للشعب ولا يحق لأحد المتاجرة والمساس بها. وتضمنت لافتات أخرى خريطة لسوريا واحدة مكتوباً عليها «ليست للبيع»، ولافتات أخرى طالبت بالوصول إلى حل للأزمة السورية، وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254 حول سوريا، ومواجهة الفساد الذي تسبب بالانهيار الاقتصادي.

وبعد أيام من حادثة إطلاق النار على محتجين في السويداء، رفع مشاركون في تظاهرات، الجمعة، شعارات تشدد على سلميتها. وفيما أهدت إحدى السيدات الشيخ حمود الحناوي غصن زيتون تعبيراً عن سلمية الاحتجاج، استنهض محتجون في ساحة الاحتجاج المركزية قيم الشهامة والكرم التي تميز بها دروز جبل العرب. كما تبرّع أحد أبناء الجبل بوليمة مناسف لحم، وهي وجبة تقليدية من لحم الضأن مع برغل ولبن وسمن عربي، للمحتجين في ساحة السير. كذلك حُمل منسف إلى مقر قيادة الشرطة القريب من الساحة، تأكيداً على سلمية الاحتجاج وعدم الرغبة في صدام مع العسكريين.

ويشار في هذا الإطار إلى تعرض متظاهرين لإطلاق نار أمام فرع «حزب البعث» يوم الثلاثاء الماضي، ما أدى إلى إصابة 3 أشخاص، وذلك لدى محاولة المحتجين إعادة إغلاق مبنى فرع الحزب الذي سبق أن أغلقوه بالحديد قبل أسبوع. وبررت «قيادة فرع السويداء لحزب (البعث)»، في بيان بثته، يوم الخميس، إطلاق النار على المحتجين بأن «مجموعة من المطلوبين والتابعين لفصائل محلية بادرت الثلاثاء إلى الهجوم على مقر حزب (البعث) وسط المدينة، بحثاً عن استفزاز وإشكال مباشر مع عناصر حراسة المقر، الأمر الذي دفع بعناصر الحراسة إلى طردهم».

جانب من الشعارات التي رفعها مشاركون في احتجاجات السويداء - الجمعة (موقع السويداء 24 - أ.ب)

وأثارت الحادثة غضب شيخ العقل حكمت الهجري الذي ظهر في مقطع فيديو يدعو إلى «ضبط النفس» وإلى البقاء في الشارع وعدم التنازل عن المطالب، قائلاً: «نحن على حق ومطالبنا لا نتنازل عنها... والشارع لنا ليوم ويومين وشهر وشهرين وسنوات. شعارنا السلمي للبلد والسلطة ولكل العالم والأمم المتحدة». كما وصف الشيخ الهجري البعثيين بـ«الساقطين»، ودعا إلى «الجهاد» ضد الوجود الإيراني بعد وصول معلومات إليه بأن من أطلق النار هم من «الميليشيات الإيرانية».

أما الشيح حمود الحناوي فقال بدوره أمام جموع المتظاهرين الخميس: «سكتنا طويلاً لنحافظ على وحدة الوطن ودم الأبناء. دوام الحال من المحال، والعروش لا تدوم بالعبث والقهر والظلم والتعديات».

وفي غضون ذلك، أدان الائتلاف الوطني السوري المعارض، الجمعة، ما وصفه بإطلاق قوات الأمن السورية «الرصاص الحي» على متظاهرين سلميين بمدينة السويداء في جنوب البلاد. وطالب الائتلاف، في بيان نقلته «وكالة أنباء العالم العربي»، مجلس الأمن الدولي بإيجاد «آليات» تلزم الحكم السوري بـ«وقف استخدام العنف»، وضمان «حماية المدنيين العزل». وعبّر الائتلاف عن دعمه الكامل «للحراك السلمي» في جنوب سوريا.


مقالات ذات صلة

«المرصد السوري»: 11 قتيلاً في هجوم شنته «قسد» على مقاتلين موالين لأنقرة

المشرق العربي قصف تركي على مواقع لـ«قسد» شمال شرقي سوريا (أرشيفية - إكس)

«المرصد السوري»: 11 قتيلاً في هجوم شنته «قسد» على مقاتلين موالين لأنقرة

أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن 11 شخصاً، بينهم مدنيون، قتلوا الاثنين في هجمات شنتها قوة يقودها الأكراد على مواقع مقاتلين مدعومين من تركيا شمال سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي صورة التُقطت من الجانب السوري للحدود مع لبنان تُظهر آثار غارة إسرائيلية على معبر جوسية الحدودي مع القصير بمحافظة حمص 25 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً عدة بحمص السورية

أفادت وسائل إعلام رسمية سورية بأن هجوماً إسرائيلياً، اليوم (الاثنين)، أدى إلى إصابة شخصين وألحق أضراراً بجسور عدة في القصير بريف حمص.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تعيد للواجهة المبادرة العراقية للتطبيع مع سوريا بعد موقف روسيا

أعادت تركيا إلى الواجهة مبادرة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني للوساطة مع سوريا بعد التصريحات الأخيرة لروسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، بعد لقائه وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق، أمس، أنه «من الضروري للغاية ضمان أن يكون هناك وقف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لم تصدر أي تفاصيل حول نتائج لقاء الموفد الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، الأحد، مع وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
TT

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)

حدد رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، مسعود بارزاني، موقف الكرد من الصراع الجاري في المنطقة بطريقة تبدو مختلفة عن خيارات القوى السياسية في بغداد، لا سيما من الحرب الدائرة في المنطقة.

وفي لقاء له مع قناة «سكاي نيوز عربية»، الثلاثاء، أكد بارزاني أن العراق «هو المتضرر في حال جره للحرب في المنطقة». وأضاف أن «العلاقة بين أربيل وبغداد جيدة، مع أن بعض الملفات العالقة لا تزال طور النقاش لحلها، من بينها حصة الإقليم من النفط».

وقال بارزاني: «ليس من مصلحتنا أي توتر مع إيران وتركيا والعلاقات طبيعية مع الطرفين»، مؤكداً أنه «لم يكن في برنامجنا أبداً توتر العلاقات مع تركيا وإيران، لكن لن نسمح لأي أحد بأن يتدخل في شؤوننا».

ولفت بارازني إلى أن «المعارضة الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان لم تتدخل وتستمع للتعليمات، بينما (حزب العمال الكردستاني) يتدخل ولا يستمع للتعليمات».

العراق وطبول الحرب

وبشأن طبول الحرب التي تقرع في المنطقة وطريقة تعاطي العراق الرسمي والعراق الموازي المتمثل بالفصائل المسلحة الموالية لإيران، قال بارزاني إن «العراق هو المتضرر من جره للحرب الحالية في المنطقة».

ومع أن بارزاني لم يخض في تفاصيل موقف العراق من الحرب، لكنه عبَّر عن رأي كردي منسجم مع موقف الحكومة العراقية سواء على لسان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أو وزير الخارجية فؤاد حسين، لكنه انتقد صراحة «الفصائل المسلحة التي لا تزال تهدد بالرد على إسرائيل في حال تنفيذها هجوما على العراق».

وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أعلن، الأحد الماضي، خلال كلمة له بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس الدبلوماسية العراقية أن إسرائيل باتت تبحث عما سماها «ذرائع واهية لضرب العراق»، مبيناً أنه وجَّه وزارة الخارجية للتعامل مع الأمر، وفق الأطر الدبلوماسية.

مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي والسفيرة الأميركية لدى العراق إلينا رومانسكي خلال لقاء الأحد (واع)

وكانت السفيرة الأميركية إلينا رومانسكي التي انتهت مدة عملها في العراق، قد حذرت من إمكانية أن تقوم إسرائيل باستهداف العراق قائلة: «أود أن أكون واضحة جداً من البداية. الإسرائيليون أدلوا بتحذيرات ردع على الميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، والتي تعتدي على إسرائيل».

وأضافت أن «هذه الميليشيات هي من بدأت في الاعتداء على إسرائيل، وأكون واضحة جداً لهذه النقطة وأن الإسرائيليين حذروا حكومة العراق بأن يوقفوا هذه الميليشيات من اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل».

وتابعت السفيرة بالقول: «رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة التي لا تنصاع لأوامر الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء، وأن إسرائيل أمة لها سيادتها، وستقوم بالرد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

خطر الانسحاب الأميركي

وعن موقفه من الوجود الأميركي في العراق، قال بارزاني إن «(داعش) لا يزال يشكل تهديداً جدياً، وانسحاب قوات التحالف مشكلة من دون تجهيز الجيش العراقي والبيشمركة».

ويعد موقف بارزاني أول موقف كردي بهذا الوضوح بعد سلسلة مباحثات أجرتها الحكومة العراقية طوال هذا العام مع الأميركيين بشأن إعادة تنظيم العلاقة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية والتي تتضمن انسحاب ما تبقى من القوات الأميركية من العراق والعودة إلى اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقَّعة بين بغداد وواشنطن عام 2008.

وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية الدكتور عصام فيلي لـ«الشرق الأوسط» إن «موقف بارزاني من الانسحاب الأميركي يمثل مخاوف كثير من القوى السياسية وحتى الشارع العراقي في أن يكون العراق جزءاً من ساحة حرب».

وأضاف فيلي أن «هذه الحرب لا بد أن يكون لمن يشترك فيها اصطفاف لصالح طرف ضد آخر، وهو ما يتناقض مع الدستور العراقي وتصريحات كبار مسؤوليه في أن العراق لا يمكن أن يكون ساحة للحرب في المنطقة بين قوتين وهما أميركا وإيران».

وأوضح فيلي أن «العراق لا يزال يواجه تحديات داخلية في المقدمة منها التنظيمات الإرهابية، وأن قوات التحالف الدولي تمثل ضمانة أمنية»، وأشار إلى أن «الكرد يخشون من غياب قوات التحالف؛ لأنهم يرون أن وجود بعض الأطراف المسلحة في بعض المناطق المتنازع عليها سيشكل تهديداً لهم بعد الانسحاب الأميركي».