لودريان يتحدث بإيجابية عن اللقاء السعودي-الفرنسي ودعم حوار لبناني

أكد التزام بري باستمرارية الجلسات الانتخابية وتأمين النصاب

بري مجتمعاً مع لودريان (أ.ف.ب)
بري مجتمعاً مع لودريان (أ.ف.ب)
TT

لودريان يتحدث بإيجابية عن اللقاء السعودي-الفرنسي ودعم حوار لبناني

بري مجتمعاً مع لودريان (أ.ف.ب)
بري مجتمعاً مع لودريان (أ.ف.ب)

أكد الموفد الخاص للرئيس الفرنسي إلى لبنان وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان أن الحوار النيابي يبقى الممر الإلزامي لإخراج الاستحقاق الرئاسي من دوامة المراوحة بانتخاب رئيس للجمهورية، ويبقى المخرج الوحيد لإعادة الانتظام إلى المؤسسات الدستورية، وأن من لديه اقتراح آخر سيكتشف لاحقاً أنه الحل الواقعي الذي لا غنى عنه لوضع لبنان على سكة التعافي، كما نقل عنه النواب الذين التقوه.

ولفت لودريان، بحسب النواب، إلى أنه هو الذي طرح الحوار، وهو يلتقي مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري في الدعوة له، على أن يعقبه انعقاد البرلمان بجلسات متتالية لانتخاب رئيس للجمهورية، كاشفاً أن بري تعهد أمامه بأنه سيُبقي على جلسات الانتخاب مفتوحة، وسيقوم بكل ما في وسعه لتأمين النصاب المطلوب لاستمرار الجلسات إلى حين انتخاب الرئيس، ولن يسمح بتعطيل النصاب.

وقال لودريان إن هناك ضرورة للتعاطي بواقعية مع الدعوة للحوار، وذلك في ردّه على النواب المنتمين إلى قوى المعارضة، ومن بينهم النواب التغييريون الذين اعتبروا أن هناك مخالفة دستورية على خلفية إعطاء الأولوية للحوار بدلاً من أن تكون لانتخاب الرئيس تطبيقاً لما ورد في الدستور.

وأيد لودريان مطالبة عدد من النواب بأن هناك ضرورة لاختصار المدة الزمنية التي حدّدها بري للحوار، على أن تليها جلسات متتالية لانتخاب الرئيس طالما أن الحوار لن يؤدي إلى إعادة خلط الأوراق لجهة حصول تبدّل في مواقف النواب، وبالتالي من الأفضل اختصارها للولوج فوراً إلى انتخاب الرئيس.

وشدد لودريان، كما نقل عنه النواب، على أن اللجنة الخماسية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، تؤيد بلا شروط الدعوة للحوار، واصفاً الاجتماع الذي عُقد في باريس بين المستشار في رئاسة مجلس الوزراء السعودي نزار العَلَوْلا، والسفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري، وبين المستشار الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل، وبمشاركته شخصياً في اللقاء، بأنه أكثر من إيجابي.

اللجنة الخماسية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، تؤيد بلا شروط الدعوة للحوار بين اللبنانيين

الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان

دعوة بخاري

واعتبر لودريان أن دعوة السفير النواب السُّنّة للقاء يُعقد غداً (الخميس) في دارته في اليرزة، وبحضوره ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، تأتي في سياق التأكيد السعودي على أهمية الحوار كمدخل لانتخاب الرئيس، وهذا ما سيسمعه النواب السُّنة من السفير البخاري، كما نقل عنه النواب، للتأكيد على أن دعوته للحوار تحظى بتأييد الدول الأعضاء في اللجنة الخماسية وعلى رأسها السعودية، إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ومصر وقطر.

ومع أن لودريان تجنّب الدخول في أسماء المرشحين لرئاسة الجمهورية، تاركاً القرار للنواب، فإنه في المقابل أكد للذين التقاهم أن الحوار لن يؤدي إلى تعطيل انتخاب الرئيس، وبالتالي لا يؤدي قول عدد من النواب، ومن بينهم التغييريون، إلى أن بري يتذرّع بالحوار لتعطيل انتخاب الرئيس. ولمح أمام النواب التغييريين إلى أن هناك أسماء متداولة لمرشحين قد تكون خارج السباق، لكن كلمة الفصل تبقى ملكاً للنواب، فيما نقل عدد آخر من النواب عن لودريان قوله: "بما أن المجلس سيعقد جلسات متتالية، فلا بد من البحث عن مرشح ثالث غير رئيس "تيار المردة" النائب السابق سليمان فرنجية والوزير السابق جهاد أزعور، لصعوبة وصول أي منهما إلى الرئاسة وعدم تمكن أي منهما من الحصول على الأصوات الكافية لانتخابه رئيساً".

ودعا لودريان النواب إلى التصرُّف بمسؤولية حيال الحوار الذي يُفترض أن يؤدي حتماً إلى انتخاب الرئيس، بذريعة أن لبنان لم يعد يحتمل الدوران في حلقة مفرغة، وأن هناك ضرورة لانتخاب الرئيس اليوم قبل الغد، «لأن عامل الوقت لن يكون لصالح بلدكم الذي يعاني من تراكم الأزمات، وبات عليكم إعادته وقبل فوات الأوان إلى خريطة الاهتمام الدولي».

ولم يُعرف حتى الساعة رد فعل المعارضة، ومعها عدد من النواب التغييريين والمستقلين، على تمسك لودريان بالحوار الذي يشكل، من وجهة نظره، خريطة الطريق للعبور بلبنان إلى مرحلة التعافي التي لن ترى النور ما لم يتوقف مسلسل تعطيل انتخاب الرئيس.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية أن النواب الذين كانوا سجّلوا اعتراضهم على رسالة لودريان، في مقابل إعطاء الأولوية لانتخاب الرئيس، سيجرون تقويماً للقاءاتهم بالموفد الفرنسي تمهيداً لاتخاذ موقف من دعوته للحوار.

وكشفت المصادر النيابية أن لقاء لودريان بالرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، في حضور نجله رئيس «اللقاء الديمقراطي» تيمور جنبلاط والنائب وائل أبو فاعور، وإن كان انتهى إلى التوافق بلا تردد على الحوار كمدخل لانتخاب الرئيس، فإن جنبلاط الأب كرر موقفه بضرورة انتخاب رئيس لديه القدرة على جمع اللبنانيين ولا ينتمي إلى فريق سياسي معين يمكن أن يشكّل تحدّياً للآخرين، وقالت بأن المواصفات التي رسمها جنبلاط الأب للرئيس العتيد لا تنطبق إلا على شخصية توافقية وليست استفزازية. 

نواب التغيير

وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» من المصادر نفسها أن النواب بولا يعقوبيان، ونجاة صليبا عون، وإبراهيم منيمنة، وياسين ياسين، كانوا التقوا لودريان وبحثوا معه الدعوة للحوار والجدوى منها.

وقالت المصادر النيابية بأن اللقاء اتسم بصراحة متناهية، وأن النواب الأربعة ومعهم زميلهم ملحم خلف سيجرون اتصالات بعدد من زملائهم، أكانوا من المنتمين إلى «قوى التغيير» أم الكتل النيابية والمستقلين، بغية بلورة موقف من الدعوة للحوار، وأكدت أنهم يميلون للانضمام إلى المدعوين للحوار، لكن لا يوجد شيء نهائي حتى الساعة ريثما يحصلون على بعض الاستيضاحات المتعلقة بالإطار العام للحوار، ومنها إمكانية اختصار المهلة التي حددها بري، طالما أنها لن تقدّم أو تؤخّر، لأن ما كُتب بالنسبة لخيارات النواب قد كُتب، وبالتالي لا ضرورة لاستمرار الحوار لأسبوع تليه عقد جلسات متتالية لانتخاب الرئيس.


مقالات ذات صلة

السعودية ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

الخليج رجل يُلوّح بعَلم لبنان بمدينة صيدا في حين يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

السعودية ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيب المملكة بوقف إطلاق النار في لبنان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي طفل يقف بالقرب من المراتب بينما يحزم النازحون أمتعتهم للعودة إلى قراهم بجنوب لبنان في ملجأ بصيدا (رويترز) play-circle 00:52

بري: نطوي مرحلة تاريخية كانت الأخطر على لبنان

قال رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إن الحرب مع إسرائيل مثّلت «مرحلة تاريخية كانت الأخطر» التي يمر بها لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)

دعم مصري للبنان... تحركات سياسية وإنسانية تعزز مسار التهدئة بالمنطقة

تحركات مصرية مكثفة سياسية وإنسانية لدعم لبنان في إطار علاقات توصف من الجانبين بـ«التاريخية» وسط اتصالات ومشاورات وزيارات لم تنقطع منذ بدء الحرب مع إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)

التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

يعقد البرلمان اللبناني جلسة تشريعية الخميس لإقرار اقتراحات قوانين تكتسب صفة «تشريع الضرورة» أبرزها قانون التمديد مرّة ثانية لقائد الجيش ورؤساء الأجهزة الأمنية.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي تصاعد السحب الدخانية نتيجة القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز) play-circle 00:25

الجيش الإسرائيلي: قصفنا 25 هدفاً للمجلس التنفيذي ﻟ«حزب الله» خلال ساعة واحدة

قال الجيش الإسرائيلي، الاثنين)، إن قواته الجوية نفذت خلال الساعة الماضية ضربات على ما يقرب من 25 هدفاً تابعاً للمجلس التنفيذي لجماعة «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«الضاحية» تستقبل أبناءها بالرصاص الطائش… والدمار «غير المسبوق»

لبنانية تمر أمام ركام أحد الأبنية بالضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
لبنانية تمر أمام ركام أحد الأبنية بالضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
TT

«الضاحية» تستقبل أبناءها بالرصاص الطائش… والدمار «غير المسبوق»

لبنانية تمر أمام ركام أحد الأبنية بالضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
لبنانية تمر أمام ركام أحد الأبنية بالضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

تحت زخات من رصاص الابتهاج وأمطار الخريف اللبناني، عاد سكان الضاحية الجنوبية لبيروت مع ساعات الصباح الأولى التي تلت سريان وقف إطلاق النار، لتعود معهم زحمة السير التي لطالما طبعت أيام الضاحية ذات الكثافة السكانية العالية.

لكن حيوية العودة لا تعكس حقيقة المشهد، فالغارات الإسرائيلية حولت المئات من المباني إلى «أشلاء» متناثرة وأكوام من الحجارة التي طحنتها الصواريخ التي أطلقتها الطائرات الإسرائيلية. نحو 450 مبنى دمرتها الغارات خلال مدة الحرب، وفق إحصاءات غير رسمية، يضاف إليها أكثر؛ من مثيلاتها من الأبنية المجاورة التي تضررت بفعل الغارات. ورغم أن عدد الأبنية المدمرة في الضاحية لم يصل إلى ما وصل إليه عام 2006 الذي بلغ حينها 720 مبنى، فإن توزع الغارات على رقعة جغرافية أوسع من ساحة الحرب السابقة، رفع عدد المباني المتضررة.

ولا يكاد يخلو شارع من شوارع الضاحية من آثار الدمار الكبير، حيث بدت واضحة آثار القصف في كل زوايا المنطقة التي تفوح منها روائح كريهة من آثار الحرائق، وما يقول الأهالي إنها مواد غريبة احتوتها صواريخ الطائرات الإسرائيلية.

يقف عابد، وهو شاب سوري يعمل حارساً لأحد هذه المباني، يجمع ما تبقى من أثاث غرفته التي تأثرت بصاروخ أصاب 3 طبقات من مبني مرتفع تعرض لغارة لم تسقطه، لكنها هشمت الطبقات الأولى من المبنى، فعزلت الطوابق العليا ومنعت الصعود إليها بعد أن دمرت الدرج وغرف المصاعد. يقول عابد إن ثمة لجنة من المهندسين تفحصت المبنى ورجحت عدم القدرة على ترميمه بشكل آمن. ويشير إلى أن لجنة أخرى رسمية ستكشف على المبنى نهاية الأسبوع لاتخاذ قرار نهائي بالترميم... أو «الموت الرحيم». حينها سيتاح لسكان الطبقات العليا سحب ما يمكن من أثاثها ومقتنياتها قبل الشروع في الهدم.

وحال هذا المبنى تشبه أحوال كثير من مباني الضاحية، فقرب كل مبنى منهار ثمة مبنى آخر تضررت أعمدته أو فُقدت أجزاء منه بفعل عصف الانفجار. وهو أمر من شأنه أن يفاقم أزمة النازحين. يقول محمد هاشم، وهو ستيني من سكان الضاحية، إن منزله تضرر شديداً بعد سقوط مبنى ملاصق لمبناه في آخر يوم من أيام القصف. يضيف: «عندما نرى مصيبة غيرنا (جيرانه) تهون علينا مصيبتنا. لكن في جميع الأحول لا نستطيع أن نسكن المنزل قريباً، فدرج المبنى متضرر، وفي داخل المنزل لا يوجد زجاج سليم ولا نوافذ صالحة لأن تقفل، والشتاء قاسٍ وبدأت تباشيره اليوم بنزول قياسي للحرارة». يقيم محمد في منزل مستأجر بـ1500 دولار شهرياً، ودفع الإيجار حتى أواخر الشهر المقبل، لكنه يتوقع أن يحتاج شهراً إضافياً قبل أن يتمكن من العودة للسكن في منزله.

وخلافاً لما حدث في عام 2006، عندما سارع «حزب الله» إلى الكشف على الأضرار ودفع تعويضات سخية لإصلاح الأضرار الخفيفة، ودُفعة بلغت 12 ألف دولار لكل من فقد منزله لشراء أثاث للمنزل، ومن ثم تكفله بالإيجارات الشهرية... لم يتصل أحد بالنازحين بعد. ومحمد كما غيره، متردد، ولا يعرف إن كان سوف يباشر الإصلاحات أم لا.

وقرب المباني المتضررة، كان ثمة إصرار على إبداء المظاهر الاحتفالية. يقول أحد المعنيين بملف الأمن إن «حزب الله» باشر قبل 3 أيام من وقف النار طباعة آلاف اللافتات والأعلام لنشرها في الضاحية، وغيرها من المناطق التي تعرضت للتدمير والقصف. وقد أثمر هذا المجهود، على ما يبدو، مشهداً «سوريالياً» لمواطنين يتجولون بالسيارات رافعين أعلام لبنان ورايات «حزب الله» محتفلين بـ«النصر» وسط ركام مدينتهم التي لن يقدر معظمهم على أن يبيتوا ليلتهم فيها بانتظار تأمين بدائل لشققهم المدمرة، أو إصلاح تلك المتضررة.

أجواء الاحتفال هذه انعكست في إطلاق رصاص غزير بمعظم أوقات النهار، مما دفع بكثيرين إلى الهرب تلافياً لسقوط الرصاص الطائش، ويقول شاب مسرع على دراجة نارية شاتماً مطلقي النار: «لقد نجونا من صواريخ إسرائيل، ويريدون أن يقتلونا برصاصهم الغبي...».