تهديد إسرائيلي للسلطة الفلسطينية بتركها «لقمة سائغة» بيد «حماس»

رئيس مجلس الأمن القومي يحذّر إيران و«حزب الله» من مغبة استغلال الأزمة الداخلية في تل أبيب

هنغبي (في اليمين): حاورت الفلسطينيين بتوجيه من نتنياهو (في اليسار) (مكتب الصحافة الحكومي في إسرائيل)
هنغبي (في اليمين): حاورت الفلسطينيين بتوجيه من نتنياهو (في اليسار) (مكتب الصحافة الحكومي في إسرائيل)
TT

تهديد إسرائيلي للسلطة الفلسطينية بتركها «لقمة سائغة» بيد «حماس»

هنغبي (في اليمين): حاورت الفلسطينيين بتوجيه من نتنياهو (في اليسار) (مكتب الصحافة الحكومي في إسرائيل)
هنغبي (في اليمين): حاورت الفلسطينيين بتوجيه من نتنياهو (في اليسار) (مكتب الصحافة الحكومي في إسرائيل)

هدد رئيس مجلس الأمن القومي في الحكومة الإسرائيلية، تساحي هنغبي، الاثنين، بقطع العلاقات الأمنية والسياسية مع السلطة الفلسطينية في حال تم تقديم أي جندي من جيشه إلى المحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وقال إن حكومته ستترك هذه السلطة لتصبح «لقمة سائغة» بيد حركة «حماس».

وقال هنغبي، المسؤول عن الملف الفلسطيني في حكومة بنيامين نتنياهو، وكان يتحدث في ندوة خلال المؤتمر السنوي لـ«معهد سياسة مكافحة الإرهاب» في جامعة رايخمان بمدينة هرتسليا، إنه أجرى نقاشاً طويلاً مع الفلسطينيين حول قضية توسيع الاتفاق الإبراهيمي، «لأن الحكومة معنية بأن يكون لهم مكان في هذه الاتفاقيات». وأضاف: «هناك ثمرة من حوارنا معهم. نحن طلبنا منهم في البداية عدم تفويت هذه الفرصة، وأن يكونوا شركاء في الحوار حول توسيع اتفاقيات التطبيع، للمساهمة في نجاحه والاستفادة منه أيضاً. نحن مهتمون للغاية بإشراكهم. نحن نؤيد أن يكون هناك مركب فلسطيني مهم في هذا الاتفاق، باستثناء خطوة من شأنها أن تضر بأمن إسرائيل، ولكن أي شيء هو أقل من ذلك، نحن مستعدون للحديث عنه».

إسرائيل تهدد السلطة الفلسطينية بتركها لقمة سائغة أمام حركة «حماس» (أ.ب)

وكشف هنغبي عن بعض جوانب المحادثات التي يقودها باسم الحكومة الإسرائيلية وبتوجيه من نتنياهو مع الجانب الفلسطيني، وفرص توسيع اتفاقات إبراهيم، فقال: «هناك فرص وتحديات يلتقطها المسؤولون عندنا خلال عملية صناعة القرار، وبينها توسيع دائرة العلاقات بين إسرائيل ودول المنطقة».

وأضاف أن ذلك يتطلب حواراً مع الفلسطينيين، وقال إنه بدأ يدير هذا الحوار. وتابع: «ما زلنا نحاول التوصل إلى اتفاقات مع الفلسطينيين في الجوانب الأمنية، وتحمل المسؤولية عن الأمور المتعلقة بالحياة في المنطقة (أ) (وفقاً لاتفاقيات أوسلو). لقد أجريت محادثات مطولة مع الفلسطينيين، هناك بعض الثمار التي جنيناها من هذه المحادثات، وذلك لأول مرة منذ اتفاقيات كامب ديفيد».

وهنا تطرق هنغبي إلى شرط إسرائيلي للتقدم في الحوار مع الفلسطينيين؛ وهو وقف الدعوى التي رفعتها السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل في محكمة لاهاي، بخصوص الممارسات في الضفة الغربية وقطاع غزة وتعقب جرائم حرب يجب وقفها ومحاسبة كل المسؤولين عنها. فقال هنغبي: «نحن نوضح للفلسطينيين أنه لم يعد بإمكاننا قبول الحملة التي يشنها قادتهم وموظفوهم ضد مقاتلي الجيش الإسرائيلي باستخدام أدوات الجهاز القضائي الدولي. وليكن واضحاً، أننا قلنا لهم بكلمات صريحة: إذا أقدمت أي محكمة في العالم على محاكمة أي مقاتل أو جندي أو ضابط في الجيش الإسرائيلي أو إجراء مساءلة قضائية، فإنكم بذلك تعرضون وجودكم ذاته للخطر». وأضاف: «هذه خطوة تتعارض مع كل الاتفاقيات التي وقعناها ومخالفة لها. إذا ذهبتم (يقصد الفلسطينيين) مع شركائكم إلى محكمة العدل الدولية، سيشكل ذلك خطراً على الجنود الإسرائيليين، خطراً حقيقياً».

نسوة خلال تشييع جثمان شاب قتله الجنود الإسرائيليون في مخيم للاجئين شمال الخليل بالضفة الغربية يوم الأحد (أ.ف.ب)

وقال هنغبي: «أوضحنا للفلسطينيين أن النتيجة العملية لذلك ستكون قطع العلاقات الأمنية والسياسية مع السلطة الفلسطينية فوراً، وإذا فعلنا ذلك، فإن مصيرهم سيكون كما حدث في غزة بعد فك الارتباط، حيث أطلق الإسلاميون النار على ركبهم بكل بساطة وألقوهم من على أسطح المنازل إلى حتفهم. أنا أقول ذلك بصراحة، لقد تم تحذيركم، وهذا ليس شيئاً يمكنكم الاستخفاف به».

وتطرق هنغبي في خطابه إلى قضايا إقليمية أخرى، فقال عن البرنامج النووي الإيراني إن «القفزة المفاجئة في تخصيب اليورانيوم بإيران إلى نسبة 80 في المائة أو نحو ذلك ليست محض صدفة. لقد أوضح رئيس الحكومة (نتنياهو) لجميع زعماء العالم أنه إذا أقدمت إيران على تخصيب اليورانيوم بنسبة تزيد على 60 في المائة كإجراء يمكننا رصده، فإن النتيجة ستكون أن إسرائيل ستضطر إلى التصرف دون أي خيار آخر».

وتطرق إلى «حزب الله» اللبناني فقال: «في الأشهر الأخيرة، شهدنا تغيراً تدريجياً نحو الأسوأ في سلوك حزب الله على الحدود الشمالية؛ يمكن وصفه بأنه انتقال من الحذر إلى الغطرسة. فعلى مدى 17 عاماً، لوحظ ضبط النفس العقلاني جداً لدى حسن نصر الله، الذي فهم معنى حرب 2006، والكارثة التي أودت بلبنان وأبرز أنصاره. لقد شهدنا 17 سنة هادئة للغاية مع بعض الصراعات البسيطة. وفي الأشهر القليلة الماضية، أدركنا استعداد نصر الله المزداد للمخاطرة والمغامرة، وأبرز دليل على ذلك محاولة الهجوم الجماعي ومذبحة الإسرائيليين، والتي فشلت ببساطة لأسباب عملياتية في مجدو. لقد أصبح حزب الله وكيلاً لإيران، لأسباب ومصالح ليست مصالح لبنانية. في الآونة الأخيرة، قرر نصر الله أن يفحص موقفنا، بسبب الأزمة الداخلية لدينا، وربما بسبب جوانب أخرى». وقال: «أنتم تعلمون رسالتنا التي أوضحها قادة الأجهزة الأمنية ووزير الأمن ورئيس الحكومة، ليس لدينا خلاف حقيقي مع لبنان وكذلك الخلافات القائمة بشأن مسائل حدودية قابلة للحوار والنقاش».


مقالات ذات صلة

هل تكون خطة «اليوم التالي» في غزة «نقطة خلاف» جديدة؟

تحليل إخباري رد فعل امرأة وهي تتفقد الدمار الذي خلفته غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين وسط غزة (أ.ف.ب)

هل تكون خطة «اليوم التالي» في غزة «نقطة خلاف» جديدة؟

وسط جهود مكثفة نحو تنفيذ هدنة جديدة في قطاع غزة، تزايد الحديث عن خطة «اليوم التالي» لانتهاء الحرب، كان أحدثها تصريحات أميركية شملت تفاصيل، بينها وجود أجنبي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)

«الخارجية المصرية»: ينبغي أن تعود السلطة الوطنية الفلسطينية للقيام بواجباتها في غزة

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اليوم الثلاثاء على ضرورة تحمل إسرائيل مسؤولياتها كسلطة احتلال والتعامل مع الوضع الإنساني الكارثي في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش (أرشيفية - د.ب.أ)

إسرائيل ستستخدم عوائد الضرائب الفلسطينية لسداد ديون شركة الكهرباء

قال وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، اليوم الأحد، إن إسرائيل تخطط لاستخدام عوائد الضرائب التي تجمعها نيابة عن السلطة الفلسطينية لسداد ديونها.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي العميد أنور رجب المتحدث باسم قوات الأمن الفلسطينية يتحدث عن عمل الأجهزة الأمنية في مخيم جنين خلال مؤتمر صحافي بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (رويترز)

السلطة الفلسطينية تتهم جهات إقليمية بالوقوف خلف المسلحين بالضفة

تشن السلطة الفلسطينية عملية ضد مسلحين في مخيم جنين، منذ نحو 4 أسابيع، في تحرك هو الأوسع منذ سنوات طويلة، في محاولة لاستعادة المبادرة على الأرض.

كفاح زبون (رام الله)
شؤون إقليمية مواطنون فلسطينيون يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية على منزل بغزة (رويترز)

اليوم التالي في غزة... دعوة «حماس» لتبني مقترح «الإسناد المجتمعي» تلقى «تحفظاً»

دعوات جديدة من «حماس» بشأن «لجنة إدارة قطاع غزة» في اليوم التالي من الحرب، تطالب حركة «فتح» والسلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس بالتجاوب مع جهود تشكيلها

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

فرنسا: نريد المساهمة في بزوغ لبنان الجديد

الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)
الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)
TT

فرنسا: نريد المساهمة في بزوغ لبنان الجديد

الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)
الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)

ثلاث رسائل أساسية يحملها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارته القصيرة للبنان الجمعة، وهي الزيارة الثالثة من نوعها بعد الزيارتين اللتين قام بهما بعد حادثة تفجير المرفأ صيف عام 2020؛ وتتناول «سيادته على أراضيه، وإصلاحه اقتصاده لتوفير التنمية والازدهار، والمحافظة على وحدته».

ويحط ماكرون في بيروت وبمعيته وفد رسمي ضيق، يضم وزيري الخارجية والدفاع جان نويل بارو وسيباستيان لو كورنو، ومبعوثه الخاص إلى لبنان الوزير السابق جان إيف لو دريان، وعدداً قليلاً من النواب ومجموعة من الشخصيات التي لديها صلات «خاصة» بلبنان، وهم مدعوون شخصيون لماكرون.

ووفق البرنامج المتوافر، فإن ماكرون سيلتقي العماد عون في قصر بعبدا، بعدها سيتحدث الرئيسان إلى الصحافة. كذلك سيلتقي ماكرون الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ورئيس الوزراء المكلف نواف سلام الذي سبق لفرنسا أن اقترحته رئيساً لحكومة إصلاحية مقابل انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية. وفي سياق اجتماعاته، سيلتقي ماكرون قادة الفينول في مقر السفير الفرنسي في بيروت ورئيسي مجموعة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار «الجنرالين الأميركي والفرنسي» لمراجعة كيفية تطبيق الاتفاق، والعمل على تسريع انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان وانتشار الجيش اللبناني.

تريد باريس أن تكون إلى جانب لبنان اليوم وغداً، كما كانت بالأمس، وهي تعتبر، وفق المصادر الرئاسية، أن لبنان «بلد أكبر من حجمه»، وأنه «يتحلى، في الشرق الأوسط اليوم، بقيم سياسية ورمزية واستراتيجية». وتعتبر هذه المصادر أن «انخراط فرنسا إلى جانب لبنان، اليوم، يمكن أن يتم في ظروف أفضل بعد انتخاب عون وتكليف سلام، وبسبب التطورات التي حصلت في الإقليم». وباختصار، تريد باريس أن «تساهم في بزوغ لبنان الجديد».

يحتل ملف «السيادة» الأولوية في المقاربة الفرنسية، التي تذكر مصادرها بما قامت وتقوم به باريس لمساعدة الجيش اللبناني، إن بالتجهيز أو بالتدريب، أو للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإقامة لجنة المراقبة.

وتركز فرنسا على أهمية تمكين الدولة اللبنانية بفرض الرقابة على حدودها، والسيطرة على كامل أراضيها، معتبرة أن ذلك يعد «جزءاً لا يتجزأ من تنفيذ القرار 1701». وتضيف المصادر، المشار إليها، أن ثمة «فرصة للبنانيين لإظهار أنهم قادرون على ترميم سيادتهم». أما بخصوص الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب، فقد قالت المصادر الرئاسية إن باريس تريد أن يتم وفق البرنامج الموضوع له، داعية إسرائيل، و«حزب الله» أيضاً، إلى الالتزام به.

ثمة عنصر آخر أشار إليه قصر الإليزيه، في معرض العمل لسيادة لبنان، ويتمثل في تركيز وزير الخارجية الفرنسي، عند زيارته لدمشق ولقائه أحمد الشرع، على «ضرورة احترام السيادة اللبنانية، وفرض الرقابة على الحدود، ومنع التهريب، وألا تكون سوريا مصدر تهديد لجيرانها»؛ وهي المسائل نفسها التي تناولها ميقاتي في زيارته إلى سوريا مؤخراً.

تقيم باريس فاصلاً بين عودة السيادة وبين دعوة «حزب الله» للتحول إلى حزب سياسي مثل بقية الأحزاب العاملة في لبنان، وهي تدرج هذا التحول في إطار المحافظة على وحدة لبنان. وتقوم القراءة الفرنسية على اعتبار أن «حزب الله» فقد الكثير من قدراته العسكرية ومن قياداته، وخسر استراتيجياً بسبب سقوط نظام الأسد، ويصعب عليه اليوم التزود بالسلاح كما كان الحال في السابق.

وبالنظر لكل هذه التحولات، فقد ذكرت مصادر «الإليزيه» أن الرئيس ماكرون «شجع دوماً (حزب الله) على التحول إلى حزب سياسي، وأنه كان جزءاً من طاولة الحوار التي ترأسها ماكرون في عام 2020، وأن الطريق إلى ذلك يمر عبر التخلي عن سلاحه، والدخول بشكل كامل في اللعبة السياسية» اللبنانية. وترى باريس أنه «بدلاً من ميزان القوى الذي كان سائداً في السابق، فإن المطلوب أن يدخل (حزب الله) في عقد سياسي حكومي، ما يمكن من عودة المؤسسات إلى عملها الطبيعي، ويحافظ على وحدة جميع اللبنانيين».

أما الرسالة الثالثة التي يحملها ماكرون، فعنوانها «رغبة باريس في الاستمرار في مواكبة اللبنانيين ومساعدتهم على القيام بالإصلاحات البنيوية المطلوبة منهم»، التي تمر بداية بتوقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يعد شرطاً لإعادة إنهاض الاقتصاد اللبناني.

وتعتبر فرنسا أن لا مساعدات للبنان «من غير ترميم الثقة الدولية به»؛ الأمر الذي يحتاج إلى توفير الشفافية و«تنظيف» الاقتصاد. والأهم من ذلك، أن باريس التي تريد العمل من أجل إنهاض الاقتصاد اللبناني، تصر على إجراء الإصلاحات من أجل أن تكون قادرة على تعبئة الأسرة الدولية من أجل مساعدة لبنان. ولدى سؤالها عما إذا كانت فرنسا تحضر لمؤتمر دولي، على غرار الذي دعت إليه الخريف الماضي لدعم الجيش واللبنانيين، لم توفر إجابة واضحة، بل فهم أن فرنسا لن تتردد في القيام بكل مع هو مفيد من أجل مساعدة لبنان.

وأشارت المصادر الفرنسية، أكثر من مرة، إلى العمل المشترك الذي تقوم به باريس بالتشاور والتنسيق مع السعودية، وأيضاً مع الولايات المتحدة، بما في ذلك فريق العمل الذي سيصل إلى البيت الأبيض في «حقائب» دونالد ترمب، مؤكدة أن التشاور «مستمر» مع واشنطن، وأن الطرفين «توصلا إلى رؤية مشتركة» بالنسبة للبنان.