كركوك: وساطات للتهدئة... لكن «الانفجار» قد يحدث في أي لحظة

مركبات «همفي» تابعة لقوات الأمن العراقية تتحرك شارع بمدينة كركوك (أ.ف.ب)
مركبات «همفي» تابعة لقوات الأمن العراقية تتحرك شارع بمدينة كركوك (أ.ف.ب)
TT

كركوك: وساطات للتهدئة... لكن «الانفجار» قد يحدث في أي لحظة

مركبات «همفي» تابعة لقوات الأمن العراقية تتحرك شارع بمدينة كركوك (أ.ف.ب)
مركبات «همفي» تابعة لقوات الأمن العراقية تتحرك شارع بمدينة كركوك (أ.ف.ب)

تتحرك وساطات سياسية مختلفة لضبط التهدئة في مدينة كركوك (شمال بغداد)، بعد احتكاك عنيف بين متظاهرين والقوات الأمنية، كان قريباً من اندلاع أعمال عنف واسعة.

ورغم أن الوساطات تمكنت حتى الآن، من إعادة الهدوء الحذر إلى المدينة، لكن جذور المشكلة لم تحسم، ويبدو أن التحركات الحالية ليس لديها خطة استراتيجية للتطبيع في كركوك.

في هذه الأثناء، وصل إلى كركوك عدد كبير من الآليات العسكرية تحمل جنوداً من قوات الجيش والقوات الخاصة، ووحدات من مكافحة الشغب، بعد ورود أنباء عن مظاهرة كردية محتملة وسط المدينة.

وقال ضابط كبير: إن القوات الأمنية لديها أوامر عليا بمنع أي مظاهرة غير مرخصة، في حين يتوقع مراقبون من سكان المدينة أن «الأجواء جاهزة تماماً للانفجار».

ويبدو أن أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني يرون أن التهدئة الراهنة تمثل «انتكاسة لحضورهم في كركوك»، بينما يستعيد منافسهم الاتحاد الوطني الكردستاني نفوذه المحلي هناك، بسبب التقارب المتزايد لرئيسه بافل طالباني مع الفصائل الشيعية.

قوات الأمن العراقية تقف بالقرب من تمثال البيشمركة في كركوك الثلاثاء الماضي (رويترز)

هذان الأخيران يطبّقان إلى حد ما مقولة «عدو عدوي فهو صديقي» ضد مسعود بارزاني في كركوك، لكن تصفية الحسابات بهذه الطريقة، وفي مدينة مُركبة قومياً، سيبدو أنه «لعب بالنار»، على حد تعبير مسؤول محلي في حكومة كركوك.

وكان من المفترض أن تخضع المدينة للمادة الدستورية 140، التي تنص على تطبيع الأوضاع عبر إحصاء السكان والاستفتاء على مصيرها، لكن بعد أن سيطرت القوات الاتحادية على المدينة في 2016، عدّ قادة أحزاب شيعية أن الحاجة انتفت إلى هذه المادة من الدستور.

تتمركز عربة «همفي» تابعة لقوات الأمن العراقية عند نقطة تفتيش مدخل كركوك (أ.ف.ب)

ومع ذلك، فإن الإطار التنسيقي والحزب الديمقراطي الكردستاني توافقا على أن يلعب زعيم تحالف «السيادة»، خميس الخنجر، وآخرون، دور الوسيط بين القوى المتنافرة في كركوك، وفقاً لمصادر عليمة.

ولا تنوي قوى متنفذة في الإطار التنسيقي طرح صيغة للحل الحاسم في المدينة، لكنها تريد فقط ضمان التهدئة إلى حين موعد إجراء الانتخابات المحلية، في حال أجريت نهاية العام الحالي.

وبعد يومين من لقاءات جمعته بقيادات في حزب «البارتي» بأربيل، وصل الخنجر الخميس إلى كركوك، وحضر اجتماعاً مع اللجنة الأمنية في المدينة، لترتيب «أجواء الحوار، ووقف أنشطة الاحتجاج».

وقال بيان للجنة: إن الخنجر نقل رسالة مهمة وعاجلة من قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني، تضمنت ما يشبه البراءة من «أي أنشطة احتجاج تعكر أمن كركوك».

ووفقاً للبيان، فإن حزب «البارتي» أبلغ كوادره في كركوك بعدم التورط في تظاهرة، واللجوء إلى الحوار مع الفعاليات السياسية النشطة في المدينة، لكن المراقبين يعتقدون أن هذه الرسالة لا تعني عدم خروج المتظاهرين الكرد مرة أخرى.

وتفيد المصادر، بأن الاتصالات السياسية بين قادة الأحزاب اتفقت إلى وقف التصعيد، لكنها لا تعرف كيف تحسم النزاع فيها، كما أن الحوار المفترض بين الفرقاء لن يعني تنازل حزب «البارتي» عن استعادة نشاطه السياسي في المدينة.

ويقول قيادي في ائتلاف «دولة القانون»: إن «الوساطات ضرورية الآن، لكننا غير مستعدين الآن لفتح ملف كركوك بالصيغة التي تذهب بعيداً إلى تطبيع المناطق المتنازع عليها».

وثمة رسائل تُمرر تحت الطاولة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني و«عصائب أهل الحق»، التي حشدت فصيلها المسلح في كركوك، تفيد بأن النزاع المقبل في المدينة سيكون على إثبات الوجود لكليهما، على مسرح معقد وملتهب.

ويقول مدير مركز «كلواذا» للدراسات، باسل حسين، في منشور على موقع «إكس»: إن إنهاء أزمة كركوك يتطلب توقيع وثيقة خاصة تسمى «وثيقة كركوك» يتم فيها اتفاق جميع الأطراف على حلول وسط متفق عليها من قبل الجميع.

لكن قصة المدينة أكثر تعقيداً من «الحلول التقليدية»، كما يصفها قيادي مقرب من زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يعتقد أن «النزاع الأكثر شراسة في العراق يمكن أن ينطلق في كركوك».


مقالات ذات صلة

الأمن العراقي يضبط 6 مزارع للمخدرات في بغداد وديالى

المشرق العربي صورة لنبتة القنب الهندي (الحشيش) (جامعة كاليفورنيا)

الأمن العراقي يضبط 6 مزارع للمخدرات في بغداد وديالى

هذه المرة الأولى التي يعلن فيها جهاز أمني رفيع عن المستوى الذي وصل إليه انتشار المخدرات في البلاد عبر زراعتها.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مظاهرة في بغداد ترفع العلم اللبناني وصورة حسن نصر الله (رويترز)

«الإطار الشيعي» يسعى للنأي بالعراق عن «الحرب» بين إيران وإسرائيل

تنشغل الأوساط السياسية والشعبية منذ نحو أسبوعين بالحرب وتداعياتها، وتَراجع إلى الوراء الاهتمام بمعظم القضايا الخلافية الكبيرة التي تفجرت خلال الشهرين الماضيين.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (رويترز)

السوداني يواصل جهوده لتجنيب العراق رداً إسرائيلياً

قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي تضغط باتجاه عدم انخراط الفصائل المسلحة في أي مواجهة إيرانية - إسرائيلية، طالما أنها تجري ضمن قواعد اشتباك بينهما.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني في اجتماع لـ«الإطار التنسيقي» في بغداد (إكس)

السوداني طلب من التحالف الحاكم «التحرك بسرعة قبل الحرب»

أكد مسؤول حكومي بارز أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أبلغ قادة «الإطار التنسيقي» بتفاصيل شاملة عن «المخاطر المتوقعة على العراق».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي طائرة من سلاح الجو العراقي خلال إحدى المهمات ضد تنظيم «داعش» (أرشيفية - واع)

العراق: المجال الجوي غير مؤمّن بالكامل

أقر العراق بأن مجاله الجوي غير مؤمّن بالكامل، في حين أكد اتخاذ إجراءات لتحسين القدرات الدفاعية بعد التعاقد مع كوريا الجنوبية قبل أشهر لامتلاك منظومة متطورة.

حمزة مصطفى (بغداد)

«كرّ وفرّ» على الحدود الإسرائيلية - اللبنانية

جنود إسرائيليون يشيعون جندياً قتل في المعارك البرية في لبنان (أ.ب)
جنود إسرائيليون يشيعون جندياً قتل في المعارك البرية في لبنان (أ.ب)
TT

«كرّ وفرّ» على الحدود الإسرائيلية - اللبنانية

جنود إسرائيليون يشيعون جندياً قتل في المعارك البرية في لبنان (أ.ب)
جنود إسرائيليون يشيعون جندياً قتل في المعارك البرية في لبنان (أ.ب)

يخوض كل من «حزب الله» والجيش الإسرائيلي معارك «كرّ وفرّ» في المنطقة الحدودية في جنوب لبنان، حيث يحاول الجيش التوغل داخل الأراضي اللبنانية. ونشر صوراً قال إنها التقطت هناك لجنوده يسيرون في قرية حدودية، فيما أعلن الحزب عن أن مقاتليه يصدون الهجوم الإسرائيلي، ويطلقون الصواريخ والمسيرات باتجاه أهداف في العمق.

وتفقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، قواته المنتشرة عند الحدود الشمالية، بعد نحو أسبوع من بدء عملياتها البرية في جنوب لبنان. وبحسب ما ذكر مكتبه، في بيان، زار قاعدة الفرقة 36 في منطقة الحدود اللبنانية، وهي واحدة من فرقتين تخوضان العملية البرية بشكل أساسي في جنوب لبنان.

ولم يمضِ وقت طويل على الإعلان عن الزيارة، حتى نشر الجيش الإسرائيلي صوراً قال إنها لجنوده داخل بلدات حدودية في لبنان، حيث عثرت على مواقع إطلاق «صواريخ»، وفتحات أنفاق، ومبانٍ عسكرية ووسائل قتالية ودمرتها، كما عثرت على مركبات مسلحة ووسائل قتالية تابعة لـ«قوة الرضوان»، وهي قوة النخبة في الحزب. وانتشر مقطع فيديو يظهر دبابات إسرائيلية على أطراف بلدة يارون، فيما فجّرت قواته مسجداً في البلدة.

جنود إسرائيليون يقاتلون على الحدود مع لبنان ويظهرون في صورة وزّعها الجيش الإسرائيلي (رويترز)

وفيما لم يذكر الجيش الإسرائيلي أي معلومات عن اجتياح البلدة، قالت مصادر ميدانية مطلعة على سير المعارك إن الجيش الإسرائيلي لم يجتح البلدة التي تشهد معارك منذ 6 أيام على أطرافها، أسوة ببلدات أخرى مثل مارون الراس وبليدا والعديسة وكفركلا، حيث يصدّ مقاتلو الحزب محاولات التوغل الإسرائيلي.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن اشتباكات عنيفة تندلع في تلك المنطقة التي تشهد معارك «كرّ وفرّ»، من غير أن تنفي توغلات محدودة على أطراف البلدات. وتوضح أنها «تكون ضمن خطط تكتيكية للإيقاع بالجنود واقتيادهم نحو الكمائن»، نافية أن تكون القوات الإسرائيلية قد أحكمت قبضتها على أي من البلدات الحدودية. ونفت أن يكون خط الدفاع الأول على الحدود قد تعرض لاختراق.

وتمتد المواجهات على مساحة تصل إلى 30 كيلومتراً من يارون غرباً، حتى كفركلا شرقاً، وهو خط ملاصق للشريط الحدودي مع إسرائيل، وتوجد فيه مبانٍ على الجهة اللبنانية تفصلها بضعة أمتار فقط عن الحدود.

وتعد هذه المنازل بالمفهوم العسكري «خاصرة رخوة»، ويمكن التوغل فيها. ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر في «حزب الله» تأكيدها أن القوات الإسرائيلية دخلت إلى أطراف بعض القرى، لكنها لم تتمكن من التقدم حتى الساعة.

جنود إسرائيليون يظهرون في صورة وزّعها الجيش الإسرائيلي وقال إنها في الأراضي اللبنانية (رويترز)

ونقل إعلام «حزب الله» عن ضابط ميداني، قوله إنّ «الثمن الذي يدفعه الجيش الإسرائيلي على مشارف بعض قرى الجنوب الملاصقة للحدود باهظ جداً على صعيد الخسائر البشرية والمادية». وأوضح أنّ «الصور التي نشرها جيش العدو (الإسرائيلي) لجنوده قرب منازل في قرية حدودية في جنوب لبنان صورت في بقعة جغرافية تبعد عشرات الأمتار عن الأراضي المحتلة، حيث كما يعلم الجميع أن بعض الجنوبيين بنوا منازلهم بالقرب من الحدود».

وأفاد إعلام «حزب الله» بأن «المقاومة حافظت على نوعية العمليات التي تتوزع على القصف بصليات صاروخية متعددة المديات والأنواع وكذلك القصف المدفعي والصواريخ الموجهة ضدّ الأفراد والدروع، وتم إدخال العبوات الناسفة إلى الميدان بعد إطلاق العدوّ عمليته البرية»، وذلك على مدى أيام.

وأعلن «حزب الله»، في بيان، أنه «لدى محاولة ‏قوة من جنود العدو الإسرائيلي التسلل باتجاه خلة شعيب في بليدا، استهدفها مجاهدو المقاومة الإسلامية الأحد بقذائف ‏المدفعية، فأُجبرت على التراجع وأوقعوا فيها إصابات مؤكدة». كما أعلن عن قصف «تجمعات لجنود العدو الإسرائيلي في مستعمرة المنارة ومحيطها بصلية صاروخية كبيرة»، واستهداف تحرك للجنود قرب المنطقة، فضلاً عن استهداف تجمع آخر في موقع بياض بليدا بقذائف المدفعية.

رجل يقود دراجة نارية قرب موقع استهداف إسرائيلي في منطقة صفير بالضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)

وتتبع القوات الإسرائيلية سياسة الأرض المحروقة في القرى الحدودية، بعمق يصل إلى 7 كيلومترات داخل الأراضي اللبنانية، حيث نفذت عشرات الضربات الجوية، بالتزامن مع قصف مدفعي متواصل يشمل جميع القرى الواقعة إلى جانب الحدود.

ولم تتوقف مدفعية الجيش الإسرائيلي عن قصف كفركلا وأطراف برج الملوك والخيام، كما أغارت طائراته على الخيام وكفركلا، فضلاً عن استهداف الكورنيش البحري في الغازية. وشنّ سلسلة غارات مستهدفاً بلدة جبشيت، وأطراف بلدتي زفتا وميفدون في قضاء النبطية.

خراب ناتج عن غارة إسرائيلية استهدفت الكورنيش البحري في الغازية بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

وأفيد عن تعرض بلدة الناقورة وجبل اللبونة لقصف مدفعي معادٍ، فيما استهدفت غارتان متتاليتان بلدة الخيام قرب منطقة الشاليهات، كما قصفت بلدتي دبين ومرجعيون.

وبعد الظهر، استهدفت غارة من مسيرة إسرائيلية دراجة نارية في بلدة جديدة مرجعيون، ومن ثم عادت ونفّذت غارة ثانية على الناس الذين هرعوا لإسعاف المصاب.

وتزامن التصعيد الجوي في الجنوب، مع تصعيد مماثل في ضاحية بيروت الجنوبية، شهد فجر الأحد ذروته، ونفذ قصفاً وُصف بـ«الأعنف»، وشمل طريق المطار القديم، ومحيط برج البراجنة ومنطقة الليلكي، ومنطقة صفير وحي الأميركان والمريجة والغبيري والشويفات والعمروسية. واستُهدفت الضاحية منذ فجر الأحد بأكثر من 25 غارة، سُمعت أصداؤها في بيروت وغطّت سحب الدخان الأسود أرجاء الضاحية كافة.

آثار الدمار الناتج عن غارات إسرائيلية استهدفت السويفات بالضاحية الجنوبية (رويترز)

وعلى طريق المطار، استُهدف مبنى فيه مستودع للمستلزمات الطبية، وقد اندلعت النيران فيه، وسُمعت أصوات مدوية بسبب وجود قوارير أكسجين بكمية كبيرة. كما استهدفت محطة للمحروقات أيضاً على طريق المطار القديمة. وقد تطايرت شظايا الصواريخ على المنطقة المحيطة بالضاحية. ولم تتمكن فرق الإسعاف والدفاع المدني من الدخول إليها بسبب نشاط الطيران المسير الذي يستهدف كل من يدخل الضاحية.

الدخان يتصاعد نتيجة غارة إسرائيلية استهدفت محيط موقع آثار بعلبك بشرق لبنان (أ.ف.ب)

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي شنّه سلسلة غارات خلال الليل على مرافق تخزين أسلحة تابعة لـ«حزب الله» في ضاحية بيروت، كما أعلن مهاجمته وسائل قتالية للحزب في منطقة بيروت.

وفي البقاع، توسعت الغارات بشكل كبير، وطالت محيط موقع آثار مدينة بعلبك في شرق لبنان.