لا تقدم في مسار تطبيع أنقرة ودمشق بعد سوتشي... وإردوغان ينتقد الأسد

استمرار الهجمات والاشتباكات بمناطق خفض التصعيد ومحاور شمال سوريا

الرئيسان الروسي والتركي خلال مؤتمر صحافي في سوتشي يوم الاثنين (الرئاسة التركية - أ.ف.ب)
الرئيسان الروسي والتركي خلال مؤتمر صحافي في سوتشي يوم الاثنين (الرئاسة التركية - أ.ف.ب)
TT
20

لا تقدم في مسار تطبيع أنقرة ودمشق بعد سوتشي... وإردوغان ينتقد الأسد

الرئيسان الروسي والتركي خلال مؤتمر صحافي في سوتشي يوم الاثنين (الرئاسة التركية - أ.ف.ب)
الرئيسان الروسي والتركي خلال مؤتمر صحافي في سوتشي يوم الاثنين (الرئاسة التركية - أ.ف.ب)

انفض لقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين في سوتشي دون الإعلان عن خطوة جديدة باتجاه تحريك مسار تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، وأعقبته مؤشرات على تباعد المواقف، بالتزامن مع استمرار الاشتباكات والاستهدافات في مناطق خفض التصعيد ومحاور التماس في شمال سوريا.

وألقى إردوغان باللوم على الرئيس السوري بشار الأسد فيما يتعلق بعدم حصول تقدم في مسار التطبيع الذي ترعاه روسيا وتشارك فيه إيران، قائلاً إن الرئيس السوري «يراقب الخطوات المتخذة ضمن الصيغة التركية - الروسية - الإيرانية - السورية فيما يتعلق بالتطبيع، من المدرجات».

وطالب إردوغان نظيره السوري بالتحرك وفق الحقائق على الأرض، والابتعاد عن التصرفات التي تلحق الضرر بهذا المسار، مضيفاً: «لا نستطيع رؤية موقف إيجابي من الإدارة السورية».

وسيطر الجمود على مسار تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا منذ آخر اجتماعات لنائبي وزيري خارجيتيهما مع نائبي وزيري خارجية روسيا وإيران على هامش الاجتماع الـ20 لمسار أستانا في 20 و21 يونيو (حزيران) الماضي، لبحث خريطة طريق روسية للتطبيع.

وأصرت دمشق على انسحاب القوات التركية من شمال سوريا كشرط للبدء في أي خطوات للتطبيع، بينما أعلنت أنقرة أن ذلك يعد خطاً أحمر، بدعوى أن الجيش السوري غير قادر حالياً على ضمان أمن الحدود ومنع التهديدات الإرهابية لتركيا.

الرئيس السوري بشار الأسد متهم من نظيره التركي بعرقلة حصول تقدم في مسار التطبيع بين دمشق وأنقرة (أ.ف.ب)
الرئيس السوري بشار الأسد متهم من نظيره التركي بعرقلة حصول تقدم في مسار التطبيع بين دمشق وأنقرة (أ.ف.ب)

انتقادات للأسد

وقال إردوغان، في تصريحات نشرت الثلاثاء وأدلى بها ليل الاثنين في طريق عودته من مدينة سوتشي في جنوب روسيا، حيث التقى بوتين: «بينما (النظام السوري) يراقب من بعيد، نحن في المقابل فتحنا أبوابنا لهذه الخطوات، وقلنا إننا مستعدون لها، ومع ذلك، لا يوجد حتى الآن موقف إيجابي من الجانب السوري. ونأمل أن يأخذوا مكانهم على الطاولة في مواصلة العملية».

وأضاف: «تمت مناقشة مكافحة الإرهاب، والعملية السياسية، والعودة الآمنة والطوعية والكريمة لطالبي اللجوء بالتفصيل في اجتماع وزراء الخارجية الأربعة في مايو (أيار) الماضي... إذا تم إحراز تقدم في هذه المواضيع فمن الممكن تطبيع العلاقات مع النظام السوري».

وتابع: «قلنا من البداية إن العملية الرباعية مع النظام السوري يجب أن تتم بالتدريج ودون أي شروط مسبقة، لكن من أجل أن يحدث ذلك، من المهم جداً أن يتصرف النظام السوري وفقاً للحقائق على الأرض، وأن يتجنب الأساليب التي قد تضر بالعملية».

وقال إردوغان: «توقعاتنا الرئيسة من هذه العملية هي اتخاذ خطوات ملموسة في الحرب ضد الإرهاب، وتهيئة الظروف اللازمة للعودة الطوعية والآمنة، وتنشيط العملية السياسية في سوريا تحت رعاية الأمم المتحدة... إحراز تقدم في هذه المجالات سيساعد على دفع عملية التطبيع إلى الأمام».

وشدد على أن تركيا لن تغيّر نهجها الذي يعطي الأولوية لأمنها حتى يتم القضاء على العناصر الإرهابية التي تهدد حدودها ومواطنيها، والقضاء على مخاطر النزوح لسكان، كما أن تركيا تؤيد وحدة وسلامة أراضي جيرانها. وقال إردوغان إن هذه الأمور نوقشت بالتفصيل خلال لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي، الاثنين.

الرئيس الروسي مودعاً الرئيس التركي إثر انتهاء المحادثات بينهما في منتجع سوتشي على البحر الأسود يوم الاثنين (سبوتنيك - أ.ب)
الرئيس الروسي مودعاً الرئيس التركي إثر انتهاء المحادثات بينهما في منتجع سوتشي على البحر الأسود يوم الاثنين (سبوتنيك - أ.ب)

تطورات دير الزور

وعلّق إردوغان أيضاً على التطورات في دير الزور، قائلاً إن العشائر العربية في هذه المحافظة هم أصحاب تلك المناطق الأصليون، واصفاً مقاتلي «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) بأنهم «مجرد إرهابيين»، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل القوة الرئيسية في «قسد». وتعتبر تركيا «الوحدات» الكردية ذراعاً سورية لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

وأضاف إردوغان أن «التنظيم الإرهابي - وحدات الحماية - لا يعترف بحق الناس في الحياة، وعلى الدول الداعمة لهذا التنظيم معرفة ذلك».

وطالب الرئيس التركي الدول الداعمة لـ«الوحدات» الكردية، في إشارة على وجه التحديد إلى الولايات المتحدة، بوقف تزويدها بالسلاح، قائلاً إن «كل سلاح يتم تقديمه للتنظيم الإرهابي يساهم في استمرار إراقة الدماء بالمنطقة وزعزعة وحدة أراضي العراق وسوريا».

ولفت إردوغان إلى أن العشائر العربية توحدت ضد «الوحدات الكردية»، و«نرى الآن أنها تزداد قوة»، مضيفاً أن «السيد بوتين أكد أيضاً أهمية أن تتحد العشائر العربية باعتبارها أصحاب المنطقة وتقاتل ضد التنظيم الإرهابي، الذي تبيّن مرة أخرى أنه يشكل خطراً كبيراً على شعوب المنطقة». وتابع: «آمل أن يكون قد تبين أنه من غير الممكن القضاء على تنظيم إرهابي (في إشارة إلى «داعش») بمساعدة تنظيم إرهابي آخر (في إشارة إلى «الوحدات» الكردية)، ونقوم باستمرار بإبلاغ الولايات المتحدة وروسيا عن الأنشطة الإرهابية التي تهدد بلدنا من قبل الوحدات الكردية، وبات واضحاً أن الأسلحة والذخائر التي قدمتها الولايات المتحدة للتنظيم الإرهابي لا تخدم الاستقرار في المنطقة».

دخان جراء القصف على بلدة الفطيرة بجبل الزاوية في ريف إدلب يوم 4 سبتمبر الحالي (أ.ف.ب)
دخان جراء القصف على بلدة الفطيرة بجبل الزاوية في ريف إدلب يوم 4 سبتمبر الحالي (أ.ف.ب)

جبهات مشتعلة

في الأثناء، استمر التوتر في مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا المعروفة بمناطق «بوتين - إردوغان»، والذي بدأ عشية اللقاء بين الرئيسين التركي والروسي في سوتشي.

وقصفت القوات التركية، الثلاثاء، تمركزات للجيش السوري في ريف إدلب، بالتزامن مع محاولة تقدم جديدة له لاستعادة النقاط التي خسرها لصالح فصيل «أنصار التوحيد» قبل أيام في قرية الملاجة بريف إدلب، مع تمهيد بنحو 1500 قذيفة مدفعية وصاروخية، بحسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

وقُتلت طفلة وأصيب شقيقاها نتيجة القصف براجمات الصواريخ على الطريق الواصل بين بلدتي سرمين والنيرب بريف إدلب الشرقي على مقربة نقاط عسكرية للقوات التركية، ضمن منطقة خفض التصعيد.

كما قصفت القوات السورية بالمدفعية الثقيلة محيط بلدة مغارة النعسان ومدينة سرمين بريف إدلب وقرية كفرتعال غربي حلب.

في الوقت ذاته، تشهد محاور ريف اللاذقية وسهل الغاب استهدافات مكثفة، حيث أطلقت القوات السورية مئات القذائف خلال ساعات قليلة.

وأحصى «المرصد» مقتل 393 عسكرياً ومدنياً باستهدافات برية ضمن منطقة «بوتين - إردوغان» منذ مطلع العام الحالي، خلال 250 عملية تنوعت ما بين هجمات وعمليات قنص واشتباكات واستهدافات.

هاجم الرئيس التركي «قوات سوريا الديمقراطية» وقال إن العشائر العربية في دير الزور هم أصحاب الأرض الأصليون (أ.ب)
هاجم الرئيس التركي «قوات سوريا الديمقراطية» وقال إن العشائر العربية في دير الزور هم أصحاب الأرض الأصليون (أ.ب)

على صعيد آخر، قتل 4 عناصر من قوى الأمن الداخلي (الأسايش)، التابعة لـ«قسد»، بينهم إداري، في هجوم مجهول على دورية، منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء، في قرية حيمر لابدا بريف منبج شرقي حلب، حيث جرى استهدافها بالأسلحة الرشاشة، دون معرفة الجهة المهاجمة.

وتشهد خطوط التماس بين منطقة «درع الفرات» الخاضعة لسيطرة القوات التركية وفصائل ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة، من جهة، ومناطق سيطرة «مجلس منبج العسكري»، التابع لـ«قسد»، من جهة أخرى، عمليات تسلل من قبل الفصائل على محاور عدة بريف منبج، انتهت بتراجع الأخيرة، بالتزامن مع قصف مدفعي للجيش السوري على نقاط تمركز الفصائل في «درع الفرات».

ودفع الجيش السوري، الاثنين، بتعزيزات عسكرية وانتشر جنوده في النقاط العسكرية بقرية عرب حسن بريف منبج. وبالتزامن مع وصول التعزيزات، تسلل مجهولون إلى نقطة عسكرية تابعة للجيش السوري، وأضرموا فيها النيران.

إلى ذلك، واصلت القوات التركية والفصائل الموالية قصفها قرى ضمن مناطق نفوذ «مجلس تل تمر العسكري» في شمال شرقي سوريا. وتركز القصف بالمدفعية الثقيلة على قرى اللبن والدردارة والطويلة وتل طويل بريف تل تمر شمال غربي الحسكة، بالتزامن حركة نزوح للأهالي باتجاه مناطق أكثر أمناً.


مقالات ذات صلة

الحكومة السورية تواصل تعزيز الأمن ببلدات درزية في ريف دمشق

خاص عناصر من قوات الأمن السورية يرتاحون بجوار عربتهم في بلدة صحنايا الخميس (رويترز)

الحكومة السورية تواصل تعزيز الأمن ببلدات درزية في ريف دمشق

ذكرت شخصيات دينية درزية ونشطاء في المجتمع الأهلي أن التوتر مستمر في ضاحيتي جرمانا وأشرفية صحنايا بريف دمشق، وإن بوتيرة أخف من اليومين السابقين.

موفق محمد ( دمشق)
المشرق العربي أفراد من قوات الأمن السورية يقفون حراسة عند نقطة تفتيش في أشرفية صحنايا بالقرب من دمشق 1 مايو 2025 (رويترز)

مقتل عنصرين من وزارة الدفاع السورية في هجوم لمسلحين مجهولين بدير الزور

ذكر «تلفزيون سوريا»، الخميس، أن مسلحين مجهولين هاجموا نقطة عسكرية تابعة لوزارة الدفاع في دير الزور.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية أفراد من قوات الأمن السورية يقفون حراسة عند نقطة تفتيش في أشرفية صحنايا بالقرب من دمشق في 1 مارس 2025 (أ.ف.ب) play-circle 00:35

دعوات إسرائيلية للدفاع عن دروز سوريا

دعا وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الخميس، المجتمع الدولي لتوفير الحماية للدروز في سوريا، وذلك بُعيد اشتباكات طائفية في ريف دمشق خلّفت الكثير من القتلى.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أفراد من قوات الأمن السورية يقفون للحراسة عند نقطة تفتيش بأشرفية صحنايا بالقرب من دمشق 1 مايو 2025 (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تدعو جميع الأطراف في سوريا إلى ضبط النفس

قال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا آدم عبد المولى إنه يشعر بالقلق البالغ إزاء تصاعد العنف بريف العاصمة السورية دمشق، وأدان سقوط ضحايا مدنيين.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ب) play-circle

تركيا تؤكد معارضتها لنظام حكم لامركزي في سوريا

كشفت مصادر تركية عن أن أنقرة ترفض أي خطط من شأنها تقويض الحكومة المركزية في سوريا أو تهديد سيادتها وسلامة أراضيها.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

اتفاق بين الحكومة السورية ووجهاء جرمانا والسويداء على تسليم السلاح

أفراد من قوات الأمن السورية عند مدخل بلدة صحنايا (رويترز)
أفراد من قوات الأمن السورية عند مدخل بلدة صحنايا (رويترز)
TT
20

اتفاق بين الحكومة السورية ووجهاء جرمانا والسويداء على تسليم السلاح

أفراد من قوات الأمن السورية عند مدخل بلدة صحنايا (رويترز)
أفراد من قوات الأمن السورية عند مدخل بلدة صحنايا (رويترز)

ذكرت «وكالة الأنباء السورية»، اليوم الخميس، أن الحكومة توصلت إلى اتفاق مع وجهاء مدينة جرمانا على تسليم السلاح الثقيل بشكل فوري وزيادة انتشار قوات الأمن في المدينة.

ونقلت الوكالة عن مدير مديرية الأمن في ريف دمشق حسام الطحان قوله إن الاتفاق ينص أيضاً على حصر السلاح بيد مؤسسات الدولة الرسمية وتسليم السلاح الفردي غير المرخص «لترسيخ الاستقرار وعودة الحياة إلى طبيعتها».

كما ينص الاتفاق على انتشار قوات من وزارة الدفاع على أطراف المدينة لتأمينها.

وأيضاً اتفق شيوخ ووجهاء وقادة الفصائل في محافظة السويداء جنوب سوريا عقب اجتماع موسع في مقام عين الزمان بمدينة السويداء، مقر مشيخة الطائفة الدرزية، الخميس، على تسليم السلاح بشكل كامل.

وقالت مصادر في محافظة السويداء لـ«وكالة الأنباء الألمانية»: «اتفق المجتمعون على تسليم السلاح بشكل كامل ووضعه في يد الدولة، في خطوة تهدف لوقف نزيف الدم وضبط الأمن».

كما اتفق المجتمعون على «دخول قوات الأمن العام إلى السويداء للسيطرة على جميع النقاط التابعة لأجهزة الأمن داخل المدينة، وتشكيل جيش رديف يتبع لوزارة الدفاع مؤلف من أبناء السويداء فقط، ويضم ضباطاً محليين لم تتلوث أيديهم بالدماء، بقيادة سليمان عبد الباقي ويحيى الحجار».

كما أقر المجتمعون تشكيل «مكتب تنفيذي جديد لإدارة شؤون المحافظة، على أن يكون الدكتور مصطفى بكور حلقة وصل بين السويداء ودمشق».

وأكدت «مشيخة عقل طائفة المسلمين الموحدين الدروز» أنباء الاتفاق في السويداء. وقالت في بيان إن الاتفاق جاء «انطلاقاً من المبادئ الوطنية العروبية، والهوية السورية، والقيم الإسلامية، بلا خوف ولا وجل»، وتأكيداً على أن «حب الوطن من الإيمان»، ورفضاً لـ«التقسيم أو الانسلاخ أو الانفصال».

وشهدت سوريا خلال الأيام القليلة الماضية أعمال عنف طائفية في منطقة جرمانا ذات الأغلبية الدرزية بالقرب من دمشق بين مسلحين دروز ومسلمين سنة أسفرت عن مقتل 12، بحسب وسائل إعلام سورية.

وامتد العنف إلى صحنايا ذات الأغلبية الدرزية أيضاً، وذكرت وسائل إعلام سورية أن 16 لقوا حتفهم، يوم الأربعاء، بعد هجوم مسلح استهدف مقراً للأمن العام.

وأفاد «تلفزيون سوريا» في وقت لاحق بمقتل اثنين من أفراد الأمن العام برصاص «مجموعات خارجة عن القانون» قرب طريق سريع يربط بين السويداء ودرعا في جنوب البلاد.

وفي وقت سابق اليوم، حذر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني من خطر الطائفية والفتنة ودعوات الانفصال، مؤكداًضرورة نبذها لحماية النسيج الاجتماعي السوري.