أشتية: الفلسطيني يحصل على 70 لتر ماء في اليوم مقابل 430 للإسرائيلي

قال إن الأبارتهايد الإسرائيلي أوجد نظاماً إدارياً وقانونياً واقتصادياً ممزقاً

فلسطينيون وناشطون إسرائيليون يتظاهرون في الضفة ضد مصادرة الأراضي وقطع إمدادات المياه عن قرى فلسطينية في أكتوبر 2021 (غيتي)
فلسطينيون وناشطون إسرائيليون يتظاهرون في الضفة ضد مصادرة الأراضي وقطع إمدادات المياه عن قرى فلسطينية في أكتوبر 2021 (غيتي)
TT

أشتية: الفلسطيني يحصل على 70 لتر ماء في اليوم مقابل 430 للإسرائيلي

فلسطينيون وناشطون إسرائيليون يتظاهرون في الضفة ضد مصادرة الأراضي وقطع إمدادات المياه عن قرى فلسطينية في أكتوبر 2021 (غيتي)
فلسطينيون وناشطون إسرائيليون يتظاهرون في الضفة ضد مصادرة الأراضي وقطع إمدادات المياه عن قرى فلسطينية في أكتوبر 2021 (غيتي)

قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية إن النظام العنصري الإسرائيلي خلق نظاماً فلسطينياً قانونياً وإدارياً واقتصادياً ممزقاً، يستوجب تدخل العالم لوقفه.

وأضاف أشتية في مستهل جلسة الحكومة الفلسطينية: «على العالم اتخاذ كل ما يلزم لـ(وقف جرائم الأبارتهايد الإسرائيلية) بحق شعبنا الفلسطيني». واتهم الحكومة الإسرائيلية بسن قوانين لـ«خدمة نظامها العنصري»، وقال إن هذه الحكومة «تعتنق عقيدة القتل والحرق والمحو والإبادة الجماعية».

رئيس الوزراء الفلسطيني يفتتح شبكة مياه البلدية لقرى شمال شرقي سلفيت في سبتمبر 2022 (غيتي)

أشتية قال أيضاً إن «نظام الأبارتهايد الذي فرضته الحكومة الإسرائيلية، يجعل الفلسطيني يستهلك 72 لتر مياه والإسرائيلي 430 لتراً في اليوم، وإن هناك حافلات يُمنع على الفلسطيني ركوبها، كما أن هناك عمارات يُمنع على الفلسطيني أن يستأجر فيها شقة سكنية، وإن لليهود حق البناء في أي مكان، في حين يُمنع الفلسطيني من البناء على أرضه، بل يُهدم بيته».

وتحدث أشتية عن استيلاء إسرائيل على آلاف المنازل والكتب والآثار وتفتيت الأراضي الفلسطينية بقوله إن «غزة معزولة ومقسمة: منطقة بيضاء، ومنطقة صفراء، والخليل مقسمة H2و H1، والقدس محاصرة بجدار، وبقية أراضي فلسطين مقسمة». وأردف: «هذا التفتيت يخلق نظاماً قانونياً وإدارياً واقتصادياً ممزقاً».

وجاء هجوم أشتية على إسرائيل بعد تصريحات لوزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، قال فيها إن «حق الحياة والتنقل لليهود في الضفة الغربية أهم من حق الفلسطينيين».

ويعاني الفلسطينيون في الضفة من تمييز عنصري كبير، ويحصلون على كهرباء ومياه أقل من الإسرائيليين، ويمنعون من الوصول إلى مناطق واسعة في الضفة الغربية بعد أن استولى عليها المستوطنون، كما يمنعون من عبور شوارع محددة للإسرائيليين، ويجبرون على التنقل عبر حواجز عسكرية ثابتة ومتحركة في كل الضفة الغربية تفصل المدن عن بعضها، وتجعل سفرهم طويلاً ومعقداً.

ومع بداية الصيف الحالي، يواجه الفلسطينيون في قرى ومدن الضفة الغربية أزمة مياه متفاقمة، فيما ينعم الإسرائيليون بمياه وافرة.

وسلطت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية في تقرير سابق، كيف أن الفلسطينيين بالكاد يستطيعون الحصول على ما يكفي من الماء من أجل الاستحمام أو غسل الملابس، فيما تبدو المستوطنات اليهودية المجاورة وكأنها واحة، وأطفالهم يسبحون في حمامات السباحة العامة.

احتجاجات على العنصرية الإسرائيلية في سياق احتجاج على مصادرة الأراضي وقطع إمدادات المياه عن الضفة في أكتوبر2021 (غيتي)

مشكلة المياه قديمة منذ أن منحت اتفاقات السلام المؤقتة في التسعينات إسرائيل السيطرة على 80 في المائة من احتياطيات المياه في الضفة الغربية، ومعظم جوانب الحياة الفلسطينية الأخرى، لكنها تفاقمت هذا العام بشكل حاد.

وتظاهر فلسطينيون في الضفة، وأغلقوا شوارع احتجاجاً على انقطاع المياه الطويل الذي يصل في مناطق معينة إلى حوالي شهر.

وقال وزير المياه الفلسطيني مازن غنيم: «هذا أصعب صيف مررنا به منذ تسع سنوات». واتهم غنيم شركة المياه الإسرائيلية بخفض إمدادات المياه إلى مدينتي بيت لحم والخليل بنسبة 25 في المائة خلال الأسابيع التسعة الماضية.

وبحسب غنيم، فإن قطع المياه الأخير كان «مشكلة سياسية» في ظل حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التي اتخذت خطاً متشدداً بشكل خاص ضد الفلسطينيين. وأضاف: «لو كنا مستوطنين، لكانوا حلوا هذه المشكلة على الفور».

مستوطن إسرائيلي يستخرج المياه من بئر في قرية حلحول شمال الخليل في الضفة المحتلة (غيتي)

85 في المائة من المياه لإسرائيل

ويعيش 500 ألف مستوطن في الضفة الغربية، وهم مرتبطون بشبكة المياه الإسرائيلية من خلال شبكة متطورة توفر المياه بشكل مستمر، مقابل أكثر من 3 ملايين فلسطيني يحصلون على المياه البلدية فقط وبشكل متقطع وقليل.

وتقول سلطة المياه الفلسطينية، إن خفض إمدادات المياه، طال إلى جانب بيت لحم والخليل، رام الله ونابلس، ومناطق أخرى، وإن تفاقم الأزمة المائية الذي يشهده عدد من المدن والقرى الفلسطينية هو نتاج السياسات الإسرائيلية المائية التمييزية، وفي مقدمتها سيطرة الاحتلال على أكثر من 85 في المائة من المصادر المائية في الضفة الغربية، الأمر الذي يعتبر السبب الرئيسي في العجز المائي الكبير في معظم محافظات الوطن.

والصراع الحالي على الماء، هو جزء من صراع أوسع متعلق بالسيطرة على الضفة ومقدراتها.


مقالات ذات صلة

تراجع حاد في مستويات المياه العذبة عالمياً

يوميات الشرق مهمة القمر الاصطناعي «GRACE-FO» استهدفت الكشف عن تغيرات كتلة المياه على سطح الأرض وتحتها (ناسا)

تراجع حاد في مستويات المياه العذبة عالمياً

كشفت بيانات الأقمار الاصطناعية التابعة لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) بالتعاون مع ألمانيا، عن تراجع حاد في إجمالي كميات المياه العذبة على كوكب الأرض.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
علوم «فقاعة المياه»... على وشك الانفجار

«فقاعة المياه»... على وشك الانفجار

بسبب البنية التحتية المتقادمة والإهدار

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الوزير المصري سويلم يلتقي السفير الألماني بالقاهرة (وزارة الموارد المائية والري)

مصر تحذّر دول نهر النيل من تفعيل اتفاقية «عنتيبي»

حذّرت مصر دول نهر النيل، من تفعيل «الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل»، المعروفة باسم اتفاقية «عنتيبي»، مؤكّدةً أنها بشكلها الحالي «تخالف قواعد القانون الدولي».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الموارد المائية المصري هاني سويلم خلال حفل تخريج متدربين أفارقة (وزارة الموارد المائية والري المصرية)

مصر تتمسك بقاعدة «الإجماع» لحل «الخلافات المائية» في حوض النيل

أكّدت مصر تمسكها بضرورة العمل وفق قاعدة «الإجماع» في إدارة وحل «الخلافات المائية» مع دول حوض النيل.

عصام فضل (القاهرة)
شمال افريقيا سويلم يلتقي سفيرة الإمارات في القاهرة (وزارة الموارد المائية)

مصر تطالب بتكاتف الجهود العربية لمواجهة «الشح المائي»

طالبت مصر بتكاتف الجهود العربية لمواجهة «الشح المائي» الذي تعاني منه المنطقة عبر إيجاد حلول مبتكرة للتعامل مع تحديات المياه الأمر الذي عدّه خبراء «ضرورة ملحة».

عصام فضل (القاهرة)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
TT

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي في غارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام، حتى بعد تحذير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من أن أكثر من ثلاثة أطفال يقتلون يومياً، ومن أن أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان، في غضون شهرين نتيجة الحرب المستمرة منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتتعاطى إسرائيل مع مقتل الأطفال والمدنيين على أنه «خسائر جانبية»، فتراها في حال حصلت على معلومات عن وجود شخصية معينة من «حزب الله»، في مبنى معين، تُقدم على نسف المبنى كله، غير آبهة بالمدنيين والأطفال الموجودين فيه.

اضطرابات نفسية

وفي مواقف أدلى بها مؤخراً، استهجن المتحدث باسم «اليونيسف»، جيمس إلدر، من أنه «رغم مقتل أكثر من 200 طفل في لبنان في أقل من شهرين، فإن اتجاهاً مقلقاً يبرز ويظهر أنه يجري التعامل دون مبالاة مع هذه الوفيات من جانب هؤلاء القادرين على وقف هذا العنف».

وبحسب المنظمة الدولية فإن «مئات الآلاف من الأطفال أصبحوا بلا مأوى في لبنان، كما أن علامات الاضطراب النفسي أصبحت مقلقة وواضحة بشكل متزايد».

وتشير الدكتورة باسكال مراد، اختصاصية علم النفس والاجتماع، إلى أن «مغادرة مئات الآلاف من الأطفال منازلهم، وتهجير وتشريد قسم كبير منهم؛ يجعلهم يفتقدون للأمان. كما أن فقدانهم أفراداً من عائلاتهم أمام أعينهم، ومعايشتهم الخطر والدمار والقتل اليومي؛ يترك لا شك تداعيات نفسية كبيرة عليهم يفترض الالتفات لمعالجتها بأقرب وقت».

رجل يخلي طفله من مكان قريب من موقع استهداف إسرائيلي لمنطقة رأس النبع في بيروت (رويترز)

وتشدد باسكال مراد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «من أبرز التحديات عند الأطفال راهناً هي تعليمهم كيفية إدارة انفعالاتهم الصعبة، مثل الخوف والقلق والغضب. فهذه الإدارة إذا لم تتحقق، فسيعاني الأطفال في المستقبل من مشاكل نفسية إذا لم تعالج الصدمات التي يعايشونها»، لافتة إلى أنه «لا يجب أن ننسى أيضاً الآثار الصحية للحرب على الأطفال، خصوصاً التلوث الناتج عن التفجيرات والأسلحة المستعملة، إضافة إلى أنهم سيكونون أكثر عرضة للأمراض والفيروسات في مراكز الإيواء».

ويعاني آلاف النازحين الموجودون في مراكز الإيواء، والعدد الأكبر منهم من الأطفال، من البرد وغياب مستلزمات التدفئة مع حلول فصل الشتاء، كما يفتقرون للملابس الملائمة بعد هربهم من منازلهم من دون التمكن من جمع أغراضهم.

التعليم بطعم الحرب

كما أنه رغم الخطة التي وضعتها وزارة التربية بدعم من «اليونيسف» لإعادة نحو 387 ألف طفل في لبنان تدريجياً إلى 326 مدرسة رسمية، لم يتم استخدامها لإيواء النازحين ابتداء من مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، فإن العام الدراسي لا يسير بشكل طبيعي عند كل طلاب لبنان، بحيث يدرس قسم كبير منهم على وقع الغارات وخرق الطيران الإسرائيلي لجدار الصوت في كل المحافظات كما يجري التدريس على وقع هدير الطائرات المسيرة التي تملأ الأجواء اللبنانية.

وتقول إحدى معلمات صفوف الروضة في مدرسة تقع بمنطقة الحازمية المتاخمة للضاحية الجنوبية لبيروت، التي تتعرض لقصف دائم: «نقول للأطفال إن دوي الانفجارات هو صوت رعد نتيجة حلول فصل الشتاء، ونعمد لوضع أغانٍ تهدئ من روعهم. القسم الأكبر منهم اعتاد الوضع، في حين بعضهم الآخر يجهش بالبكاء كل مرة».

وتشير المعلمة الأربعينية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة الأكبر نواجهها مع الأهالي الذين يتهافتون عند كل غارة لسحب أبنائهم من الصفوف، ما يجعل الوضع التعليمي غير طبيعي على الإطلاق».

وتشدد الناشطة السياسية والدكتورة في علم النفس بالجامعة اللبنانية في بيروت، منى فياض، على أنه «أياً كانت الظروف، لا يمكن وقف التعليم ويفترض على وزارة التربية أن تؤمن التعليم للجميع حتى ولو في خيم».

وعدّت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التلاميذ الذين لا يستطيعون التوجه إلى المدرسة نتيجة الحرب لا شك سيتأثرون نفسياً إذا رأوا تلاميذ آخرين يداومون بشكل يومي، لكن هذه التأثيرات محصورة بأعمار كبيرة معينة بحيث سيشعر هؤلاء بعقدة نقص وإهمال، وانعدام العناية، لكن الخطورة الحقيقية هي على مستقبل الأجيال، ففي العالم العربي نحو 75 مليون أمّي نتيجة الحروب واللجوء، وكل حرب جديدة ترفع الأعداد مئات الآلاف. من هنا الخطورة على مستقبل العالم العربي ومستقبل لبنان الذي كانت لديه نسبة كبيرة من المتعلمين منتشرة في كل أنحاء العالم بمستويات وخبرات ممتازة».

أطفال فروا من القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان يحضرون ورشة رسم داخل أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)

وتتحدث منى فياض عن «خشية حقيقية من أن يؤدي التسرب المدرسي إلى الانحراف»، مشددة على وجوب القيام بـ«حملات على المؤثرين للضغط والتصدي لسيناريو مثل هذا، وتأمين التعليم للجميع أياً كانت الظروف القائمة».