توسعت رقعة الاحتجاجات في محافظة السويداء جنوب سوريا في اليوم الثاني للإضراب العام احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية، وأفادت مصادر محلية بانضمام مزيد من القرى والبلدات في المحافظة إلى دائرة الاحتجاج الشعبي، مع استمرار إغلاق الطرق والمحلات التجارية وتعطيل الدوائر الحكومية.
وسجلت المظاهرات مشاركة واضحة لرجال الدين الدروز الذين انضموا للمحتجين المتجمعين في ساحة السير بمدينة السويداء، يوم الاثنين. كما توجهت حشود من أهالي السويداء إلى دارة الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، الشيخ حكمت الهجري في بلدة قنوات، تأييداً للبيان الذي أعلنته الرئاسة الروحية، قبل يومين، وتضامنت فيه مع الاحتجاجات والمطالب الشعبية، وفق ما أفاد به موقع (السويداء 24).
وأحصى الموقع أكثر من 35 نقطة احتجاج في محافظة السويداء (الاثنين) موثقة بالصور ومقاطع الفيديو، وقال إن «عدد القرى المشاركة في الإضراب العام إلى ازدياد»، لافتاً إلى تفاوت أشكال ونسب المشاركة في القرى المنضمة إلى الإضراب، ففي بعضها خرج العشرات بمظاهرات احتجاجية، وقرى أخرى قُطعت فيها الطرق، وأُغلقت الدوائر الحكومية.
وتركزت مطالب المحتجين حول التوقف عن «إذلال» السوريين، وتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2245. وأظهرت مقاطع الفيديو بثها ناشطون، هتافات للمحتجين في ساحة السير بمدينة السويداء، تدعو المحافظات السورية الأخرى للانضمام إلى الاحتجاج عبر توجيه تحيات إلى إدلب وحماة واللاذقية وحلب وطرطوس.
أما في محافظة درعا، جنوب سوريا وجارة السويداء، تواصل خروج مظاهرات ليلية في قرى ومناطق متفرقة لليوم الرابع على التوالي. وسجلت مقاطع فيديو بثها موقع «تجمع أحرار حوران»، خروج مظاهرات ليلية للعشرات في تسيل وبيت آرة والشجرة في ريف درعا الغربي، بينما سجل خروج مظاهرتين حاشدتين في مديني داعل والصنمين في ريف درعا الشمالي.
وأفادت مصادر محلية بخروج مظاهرة ليلية طيارة في بلدة كناكر بريف دمشق، وأخرى في مدينة يبرود في القلمون بريف دمشق.
عاجل: هتافات تطالب بالحرية ورحيل الأسد في ساحة السير وسط مدينة #السويداء الآن pic.twitter.com/4CSj6uTqT0
— السويداء 24 (@suwayda24) August 20, 2023
ومن جانبه، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن المئات في مدينة السويداء خرجوا في مظاهرة احتجاجية في ساحة «السير» رافعين شعارات تندد بسياسة الحكومة التي تتجاهل مطالب تحسين الظروف المعيشية. كما أفاد المرصد بخروج مظاهرة أخرى في قرى الصورة بريف السويداء الشمالي، وقيام المتظاهرين بإغلاق مبنى البلدية، وإعلان الإضراب في قرية قيصما في ريف السويداء الشرقي.
وقام محتجون، صباح الاثنين، بإغلاق مبنى مقر فرع حزب «البعث» في مدينة السويداء، وإغلاق طريق الرحى – السويداء، وطريق القريا – السويداء، إضافة لإغلاق طريق قرية مجادل، وطريق ريمة حازم – ولغا، بريف السويداء الغربي. كما خرجت مظاهرة حاشدة في بلدة عريقة بريف السويداء الغربي مطالبة بتطبيق القرار 2254. شهدت قرى وبلدات الهويا وقنوات ومجادل وريمة حازم وولغا والكفر وذيبين إضراباً كاملاً في ريف السويداء، وفق المرصد.
تجاهل رسمي ووعود
وتتواصل الاحتجاجات في جنوب البلاد ومناطق أخرى متفرقة في ظل حالة احتقان عام جراء الشلل الذي يضرب الأسواق وحركة النقل عموماً بعد ارتفاع الأسعار. وفي المقابل تواصل وسائل الإعلام الرسمية تجاهل الاحتجاجات الشعبية، والتركيز على تصريحات حكومية تتضمن «وعوداً بتحسن الوضع المعيشي»، منها موافقة رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس على توصية اللجنة الاقتصادية، بزيادة أسعار شراء محصول التبغ من الفلاحين لمصلحة المؤسسة العامة للتبغ لموسم عام 2023 - 2024، في محاولة لإرضاء مزارعي التبغ الذين يتركزون في الساحل السوري ويعدون من الشرائح الفقيرة المنهكة.
كما بشّر وزير الكهرباء غسان الزامل عبر التلفزيون الرسمي السوريين، بزيادة فترات تزويد الكهرباء الشهر المقبل، واستمرار الدعم الحكومي للكهرباء في معرض شرحه أسباب أزمة الكهرباء، بأن حجم الاحتياج اليومي هو 6 آلاف ميغاواط، بينما المتوافر حالياً بحدود 2000 إلى 2100 ميغاواط، لافتاً إلى أن هذه الكمية سترتفع في نهاية شهر سبتمبر (أيلول) المقبل إلى 2500 أو 2600 ميغا واط، وبالتالي ستترك أثراً إيجابياً من خلال زيادة عدد ساعات التغذية.
وأكد الوزير الزامل أن «الدعم الذي تتحمله الدولة سيبقى مستمراً على الاستهلاك المنزلي للكهرباء بحدوده الطبيعية البالغة 1500 كيلو واط في الدورة الواحدة، مشدداً على أنه لن يكون هناك أي زيادة بالسعر على هذه الشريحة». وحمل وزير الكهرباء المسؤولية عن «معاناة الشعب السوري»، للقوات الأمريكية التي «تسيطر على القسم الأكبر من الأراضي السورية التي تضم حوامل الطاقة في شمال شرقي سوريا».
وزير سابق ينتقد
في سياق متصل كشف وزير التجارة الداخلية السابق، عمرو سالم، في منشور على حسابه الشخصي في «فيسبوك»، عن سبب التدهور الحاد الذي طرأ على قيمة العملة المحلية في الأيام الأخيرة، وهو «لجوء المصرف المركزي إلى إلزام المستوردين باستعادة آلاف المليارات التي كانت مجمّدة في المنصة لأشهر بالليرة السورية ودون موافقة أحد، ما تسبب في خسائر للمستوردين المودعين بما لا يقل عن 40 في المائة. وطرح كتلة هائلة من السيولة بالليرة السورية في السوق أدّت إلى انخفاضها الكبير، وأن هذا بدوره أدى إلى تضخم وارتفاع أسعار غير مسبوق».
وتلزم الحكومة السورية المستوردين بإيداع مبالغ مالية بالعملة المحلية في المصرف المركزي للحصول على القطع الأجنبي اللازم للاستيراد، وذلك عبر منصة مخصصة للمستوردين. وكان ذلك يتسبب في عرقلة الاستيراد لتأخر موافقة المصرف لأكثر من 3 أشهر دون مراعاة اضطراب سعر الصرف.
وبعد مطالبات ونقاشات مطولة بين الحكومة وغرف التجارة ألغيت المنصة، لكن ذلك كبّد المودعين من المستوردين خسائر فادحة، ما عدّه الوزير السابق عمرو سالم، سبباً رئيسياً لانخفاض سعر الليرة السورية الذي قفز خلال أيام قليلة من 10 آلاف للدولار الأمريكي إلى أكثر من 15 ألفاً. بينما ردت الأوساط الشعبية أسباب ارتفاع الأسعار إلى قرار الحكومة رفع أسعار المحروقات بالترافق مع زيادة الرواتب.
وفي منشور آخر للوزير السابق عمرو سالم، يوم الاثنين، أكد «أن الأرقام التي قدّمت وبُني عليها عدد من القرارات الحكومية لم تكن أرقاماً ودراسات صحيحة»، وذلك في معرض انتقاده قرارات الحكومة بتخفيف الدعم مقابل زيادة الرواتب؛ لأن ذلك يزيد التضخم، ويرفع الأسعار. وقال إنه خلال فترة وزارته، وضعت دراسة متكاملة «للدعم العادل، تغير لاحقاً ليصبح الدعم المستدام»، وذلك بالتعاون مع مستشارين على مستوى عالمي ومجاناً، وإنه جرى تقديم المذكرة للحكومة عام 2021، «لكنها لم تناقش في الحكومة».