رياض سلامة «يختفي» في لبنان ويحمي حياته بوثائق هربها إلى الخارج

سجل مقاطع فيديو يقال إنها تتضمن أسماء سياسيين ونافذين استفادوا من أموال «المركزي»

رياض سلامة (أ.ف.ب)
رياض سلامة (أ.ف.ب)
TT

رياض سلامة «يختفي» في لبنان ويحمي حياته بوثائق هربها إلى الخارج

رياض سلامة (أ.ف.ب)
رياض سلامة (أ.ف.ب)

لم يتبلّغ حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، حتى الآن، مذكرة استدعائه أمام الهيئة الاتهامية في بيروت، التي حددت جلسة لاستجوابه يوم الثلاثاء المقبل، 29 أغسطس (آب) الحالي، ما يعني أن حضوره غير محسوم، وقد أكد مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن «الهيئة الاتهامية في بيروت برئاسة القاضي ماهر شعيتو، لم تتسلّم حتى الآن جواباً على مذكرة جلب سلامة، ولا يعرف ما إذا كان سيتغيّب للمرة الثانية على التوالي بعد أن امتنع عن المثول في 2 أغسطس الحالي، إذ تبيّن أن الدورية الأمنية التي كلّفت بمهمة تبليغه لم تعثر عليه في منزله الكائن في منطقة الرابية (جبل لبنان)».

وأشار المصدر إلى أن «المذكرة الجديدة حددت إقامة سلامة في ثلاثة منازل يملكها في الرابية وجونيه والصفرا (جبل لبنان)، لكنّ ذلك لا يعني حتمية وجوده وتبليغه شخصياً». وعن الإجراء الذي قد تتخذه المحكمة في حال تغيّبه مرّة جديدة، قال المصدر إن الأمر «رهن ما تقرره الهيئة خلال اجتماعها، ولا داعي لاستباق الأمور طالما أن فرضية حضوره تبقى قائمة».

اختفاء سلامة عن الأنظار منذ مغادرته منصبه نهاية الشهر الماضي، طرح أسئلة عمّا إذا كانت لديه مخاوف أمنية على حياته، وما عزز هذه الفكرة تقرير نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» الأميركية، كشفت فيه أن رياض سلامة «أرسل شريحة ذاكرة إلى جهات خارج لبنان تتضمّن أسرار عمله في حال حدوث شيء سيئ له».

وتجنّب الوكيل القانوني لسلامة المحامي حافظ زخّور، الخوض في هذه المعلومات، رافضاً نفيها أو تأكيدها، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الأمور شخصيّة مرتبطة بطبيعة عمل الحاكم وإدارته السياسة المالية، ولا علاقة لها بالدعاوى القضائية المفتوحة في لبنان والخارج». وعن مصير الجلسة المقررة أمام الهيئة الاتهامية، أوضح أن موكله «لم يتبلّغ حتى الساعة مذكرة استدعائه، والأمور رهن الأيام المقبلة».

بغض النظر عن توقيت نشر هذه المعلومات، وما تنطوي عليه من إشارة تفيد بأن حياة سلامة باتت في خطر، فإن جهات رسمية لبنانية تأخذ هذا الكلام على محمل الجدّ، وقد عدَّ مصدر قانوني مطلع على ملفات رياض سلامة عن قرب ما ورد في تقرير «الفايننشال تايمز» دقيقاً للغاية، وأوضح أن «هذه المعلومات محميّة في الخارج». وكشف المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن سلامة «سجّل مقاطع فيديو عززها بوثائق خطيّة، يفنّد فيها العمليات النقدية في مصرف لبنان، وأسماء النافذين الذين استفادوا من أموال المصرف، بينهم سياسيون وقضاة وشخصيات بارزة في المجتمع». ووصف المصدر ما أقدم عليه سلامة بـ«القرار الذكي جداً الذي يحميه من التصفية الجسدية»، لافتاً إلى أن «المعطيات تشير إلى أن المعلومات ستنشر على الإنترنت في حال تعرّض سلامة لأي مكروه». وأشار المصدر القانوني، الذي رفض ذكر اسمه، إلى أن «هذه المعلومات باتت موضع عناية القضاء الأوروبي، وأيضاً القضاء الأميركي، خصوصاً بعد أن فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على سلامة ومقربين منه، ولاقاها في ذلك كلّ من كندا وبريطانيا، وثمة إصرار على كشف هوية النافذين الذي استفادوا من أموال البنك المركزي وحوّلوا أصولهم إلى الخارج في إطار عمليات تبييض أموال منظمة».

وأفادت الصحيفة الأميركية بأنّ «مكتب المدّعي العام الأميركي في المنطقة الجنوبية من نيويورك فتح تحقيقًا في قضيّة سلامة». وعدَّ المصدر القانوني أن «دخول القضاء الأميركي على ملفات سلامة سينقل التحقيق إلى مكان آخر». ورأى أن «فتح تحقيق أميركي بحسابات سلامة ومقربين منه سيسهّل الوصول إلى الجهات النافذة التي كانت شريكة معه في عمليات الهدر والاختلاس من المصرف المركزي»، مشيراً إلى أن «التحقيق الأميركي سيكون فعالاً أكثر من التحقيقات الأوروبية، خصوصاً أن الأميركيين يمتلكون (الداتا) الكاملة لحركة الدولارات والتحويلات من لبنان إلى مصارف أوروبية وأميركية ودول أخرى». وشدد على أن «عمليات تبييض الأموال تمثل بالنسبة للأميركيين مسألة بالغة الخطورة، فتسقط أمامها كل الحصانات».



ماذا نعرف عن ممتلكات فرنسا في القدس الشرقية وإسرائيل؟

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو عقب إلغاء زيارته المقرّرة لمجمّع «الإيليونة» في القدس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو عقب إلغاء زيارته المقرّرة لمجمّع «الإيليونة» في القدس (أ.ف.ب)
TT

ماذا نعرف عن ممتلكات فرنسا في القدس الشرقية وإسرائيل؟

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو عقب إلغاء زيارته المقرّرة لمجمّع «الإيليونة» في القدس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو عقب إلغاء زيارته المقرّرة لمجمّع «الإيليونة» في القدس (أ.ف.ب)

خيّم إشكال دبلوماسي جديد بين إسرائيل وفرنسا على زيارة وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، للدولة العبرية، بعد دخول عناصر مسلحين من الشرطة الإسرائيلية «دون إذن» إلى موقع ديني في القدس تعود ملكيته وإدارته لباريس.

وتخضع أربعة مواقع في محيط القدس للملكية والإدارة الفرنسيتَين، هي: مجمّع «الإيليونة»، وقبور السلاطين، وكنيسة القديسة حنّة (آن)، ودير القديسة مريم للقيامة (القيادة الصليبية القديمة لأبو غوش)، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

مجمّع «الإيليونة»

تعود ملكيته إلى فرنسا منذ القرن التاسع عشر، ويقع مجمّع «الإيليونة» في جبل الزيتون في القدس الشرقية التي تحتلّها إسرائيل منذ عام 1967 وضمّتها إلى أراضيها.

وبني الموقع على ما يسمى مغارة «باتر» حيث يعتقد، بحسب التقليد المسيحي، أن المسيح قام بتعليم صلاة «أبانا الذي في السماوات» لتلاميذه.

وبنيت كاتدرائية هناك، وهي الآن في حالة خراب، على يد هيلانة، والدة الإمبراطور قسطنطين، في القرن الرابع.

تم منع وصول المسيحيين إليها لفترة طويلة. ثم تم شراء العقار في عام 1856 من قِبَل أوريلي دي لا تور دوفيرني التي بنت ديراً فوق المغارة. وتبرعت به لفرنسا عام 1874. يعيش فيه الرهبان الكرمليون منذ عام 1873 تحت الحماية الدبلوماسية الفرنسية.

قبور السلاطين

لطالما عُدَّ الموقع بشكل خاطئ أنه قبر ملوك يهودا، لكن على الأرجح يتوافق الموقع مع ضريح هيلين أديابيني، وهي ملكة يهودية من القرن الأول دُفنت مع نحو ثلاثين من الوجهاء.

ويتكون الموقع من درج صخري ضيق يقود إلى حجرات تحت الأرض، لمقابر حجرية تتبعها سراديب تؤدي إلى قبور حجرية أخرى. ويقع في القدس الشرقية المحتلة أيضاً.

وبدأ التنقيب من قِبَل علماء آثار فرنسيين في عام 1863، وتم شراؤه من قِبَل الأخوة بيريير، المصرفيين اليهود الفرنسيين، الذين تنازلوا عنه لفرنسا في عام 1886 «للحفاظ عليه من أجل العلم والتبجيل لأبناء إسرائيل المؤمنين».

ولا يزال اليهود الأرثوذكس المتطرفون يعترضون على حق الملكية هذا. ويجتمعون بانتظام أمام البوابة للحصول على حق الدخول والصلاة في هذا الموقع المقدس.

أعيد افتتاح المكان في عام 2019 بعد 10 سنوات من العمل الممول من فرنسا.

كنيسة القديسة حنّة (آن)

تقع في البلدة القديمة في القدس، وبالقرب من باب الإسباط. شيد المبنى الأصلي على الطراز الروماني من قِبَل الصليبيين في القرن الثاني عشر على الموقع المفترض لمنزل والدي العذراء التي كان اسم أمها حنّة، بجوار بركة «بيت حسدا»، حيث قام المسيح، وفقاً للروايات المسيحية، بشفاء رجل مشلول.

وتحولت إلى مدرسة قرآنية بعد سيطرة صلاح الدين الأيوبي على القدس عام 1187، وقد منحها السلطان العثماني لفرنسا عام 1856 لشكر نابليون الثالث على تدخله ضد الروس خلال حرب القرم.

ومنذ عام 1878، تخضع لإدارة «رهبنة الآباء البيض»، وهي مؤسسة تبشيرية في المغرب العربي وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، تتولى مهمة الحوار مع الكنائس الشرقية الموجودة في القدس.

وفي 2020، شهدت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تدافعاً أمام كنيسة القديسة حنّة. وقال الرئيس الفرنسي لشرطي إسرائيلي بالإنجليزية ما مفاده «لا يروق لي ما فعلته أمامي».

ولعلّ الحادثة الأبرز تبقى تلك التي وقعت في عام 1996 عندما ثار الرئيس الراحل جاك شيراك غضباً أمام أحد الجنود الإسرائيليين بعدما اقترب منه كثيراً خلال مواكبته، وصاح فيه بالإنجليزية: «هل تريدني أن أعود إلى طائرتي؟»، قبل أن يطلب خروج العسكر من موقع كنيسة القديسة حنّة.

دير القديسة مريم للقيامة

يبعد نحو 10 كيلومترات غرب القدس، ويقع في قرية أبو غوش العربية المسلمة، وهو موطن للرهبان والراهبات البينديكتيين منذ عام 1976.

بني مركز القيادة السابق هذا في القرن الثاني عشر بأمر من «فرسان الإسبتارية» للحجاج الذين يتوقفون هناك قبل التوجه إلى القدس.

ووهبه السلطان عبد العزيز لفرنسا عام 1873 لتعويض استيلاء اليونانيين الأرثوذكس على كنيسة مار جرجس في اللد.