الجنوب السوري يثور في وجه الأوضاع المعيشية

هتافات تذكّر باحتجاجات ربيع 2011

الجنوب السوري يثور في وجه الأوضاع المعيشية
TT

الجنوب السوري يثور في وجه الأوضاع المعيشية

الجنوب السوري يثور في وجه الأوضاع المعيشية

أعادت الإضرابات والاحتجاجات التي تشهدها محافظة السويداء مشاهد الاحتجاجات التي اندلعت في ربيع عام 2011، وذلك مع العودة إلى ترديد الهتافات ذاتها في غالبية مناطق محافظة السويداء، والتي خرجت يوم الأحد استجابة لدعوة أطلقها أهالي السويداء، الخميس الماضي، إلى الإضراب العام، احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية والقرارات الحكومية الأخيرة المترافقة مع زيادة رواتب العاملين في الدولة والتي تسببت بمزيد من إفقار الشعب السوري وتفاقم التضخم. وأكدت مصادر محلية في السويداء، لـ«الشرق الأوسط»، اتساع دائرة الاحتجاجات التي بدأت يوم الأربعاء في عموم المحافظة.

تجمعات منذ الصباح وسط السويداء شارك صورها ناشطون على مواقع التواصل

وشهد اليوم (الأحد)، تجاوباً واسعاً مع دعوة الإضراب العام؛ إذ أغلق الأهالي الطرق الرئيسية في القرى والمدن. كما أغلقت المحال التجارية أبوابها وامتنع الموظفون عن الذهاب إلى المؤسسات والدوائر الحكومية، وأعلنت مديرية التربية في السويداء تأجيل الامتحانات المقررة، الأحد، إلى يوم يحدد لاحقاً في فرع جامعة دمشق بالسويداء.

كما لفتت المصادر إلى محاولة مسؤول في حزب «البعث» الهروب من إحدى البلدات عبر طريق زراعي، فتم قطع الطريق عليه ليتمكن من استخدام طريق آخر لمغادرة المحافظة. وبث موقع «السويداء 24» مقطعاً صوتياً للحوار الذي دار بين المسؤول والأهالي الذين قطعوا عليه الطريق ومنعوه من العبور، وقال له أحدهم: «إذا تركناك توصل لمكان عملك فهل توصل المياه إلى بيوتنا؟»، وآخر قال للمسؤول: «لو كنت جائعاً ما كان هذا موقفك».

لافتات جدارية (السويداء 24)

وفي حين تجاهل الإعلام الرسمي الأوضاع في محافظة السويداء، أوردت صحيفة «الوطن» المحلية غير الرسمية، خبراً مقتضباً عن احتجاجات «متفرقة» في مدينة السويداء، وقالت إن «المحتجين يمنعون التجار من فتح محلاتهم والموظفين من الدوام في الدوائر الرسمية»، وإن «شباناً قطعوا طريق دمشق - السويداء لدقائق قبل أن يتفرقوا».

من جانبه، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، إغلاق الطرق والدوائر الحكومية بالسويداء احتجاجاً على تردي الوضع الاقتصادي⁧، في حين بث ناشطون في السويداء صوراً ومقاطع فيديو لإغلاق الطرق والمحلات التجارية والمظاهرات والوقفات الاحتجاجية.

وقال موقع «السويداء 24»، إن الأهالي تمكنوا من شل حركة السير في عموم مناطق المحافظة، وسط مشاركة واسعة في الإضراب العام. وأظهرت مقاطع فيديو بثها الموقع ترديد المحتجين في ساحة السير وسط مدينة السويداء لهتافات: «الله... سوريا... الشعب وبس»، «الموت ولا المذلة»، «من السويداء الشعب الموجوع نحنا طلعنا وما في رجوع»، ورفعوا لافتات تدعو لتطبيق القرار الأممي (2254)، الذي ينص على الانتقال السياسي كمخرج للحل في البلاد.

كما ارتفعت هتافات للمحافظات السورية الأخرى لتنضم إلى الاحتجاجات، في حين توافدت الحشود إلى الساحة من بلدات وقرى المحافظة. وشهدت بلدات عريقة مثل الثعلة ومفعلة والرحا والشبكي ومياماس وشقّا وأم الرمان والصورة الصغيرة، والكفر والحريسة وأم الزيتون، وغيرها، وقفات احتجاجية مع قطع للطرقات وإغلاق للمحلات والدوائر الحكومية تجاوباً مع الإضراب العام في المحافظة.

وقالت مصادر أهلية إن مدينة شهبا شهدت شجاراً بين المحتجين وآخرين محسوبين على النظام حاولوا منع المحتجين من إغلاق بلدية شهبا التي امتنعت عن الإضراب مع شعبة حزب «البعث» في المدينة.

ورغم حالة الاضطراب التي تضرب البلاد بعد مرسوم زيادة الرواتب ورفع أسعار المحروقات، واصل الرئيس السوري بشار الأسد خطط حكومته في الاستجابة للتحديات ومعالجة الإشكالات التي تعترض الجهاز الحكومي، وفي اجتماع للأسد مع معاوني الوزراء الذين أتموا برنامجاً تدريبياً حول صناعة السياسات التخصصية وبرامجها التنفيذية، عُقد مساء السبت، قال إن البحث والنقاش في السياسات القطاعية «لا يستقيم ما لم ننطلق من السياسات العامة وهوية الدولة على المستوى الاقتصادي والخدمي والتعليمي والصحي، وغيرها من المجالات»، وإن «هوية الدولة هي التي تحدد السياسات العامة، والأخيرة هي التي تحدد السياسة في كل قطاع أو مجال».

اجتماع للأسد مع معاوني الوزراء السبت (سانا)

ولفت إلى أن «الحوار بين الوزارات والمؤسسات يخلق أفكاراً جديدة لبناء سياسات أكثر جدوى لخدمة المجتمع»، داعياً إلى «مراجعة السياسات العامة للدولة لجهة أين أخفقت وأين نجحت».

وتشهد العاصمة دمشق منذ يوم الأربعاء حالة توجس وقلق عام، في ظل استنفار أمني ملحوظ. ونقل موقع «صوت العاصمة» المعارض عن مصادر خاصة، قولها إن «الأجهزة الأمنية أعطت تعليمات لفروعها ومفارزها في محافظة ريف دمشق، بالاستنفار لمواجهة أي حراك معارض بإجراءات أشدّ مما كانت عليه عام 2011».

جاء ذلك بعد إطلاق ناشطين دعوات للعصيان المدني، وتداول ناشطون مقاطع فيديو لعبارات مناهضة للنظام كُتبت على الجدران في بلدة زاكية بريف دمشق، بالتزامن مع احتجاجات انطلقت في محافظتي درعا والسويداء.

من كتابة على جدران في درعا جنوب سوريا (مواقع)

وفي محافظة درعا المجاورة تواصلت الاحتجاجات، وشهد ليل السبت ـ الأحد تجمع العشرات من أبناء درعا البلد، أمام الجامع العمري، ثم جابوا شوارع المدينة وأعادوا ترديد هتافات احتجاجات عام 2011 المناهضة للنظام، وطالبوا بالإفراج عن المعتقلين في سجونه. كما خرجت مظاهرة ليلية في بلدة جلين بريف درعا الغربي طالبت برحيل النظام وإطلاق سراح المعتقلين.

وشهدت مناطق أخرى في محافظة درعا، منها نوى وإنخل وجاسم وبصرى الشام وصيدا والكرك، احتجاجات مماثلة على مدى الأيام الثلاثة الماضية، وذلك رداً على القرارات الحكومية الأخيرة الخاصة برفع أسعار المحروقات.

تأتي هذه الاحتجاجات وسط توقعات باتساع رقعتها وامتدادها إلى مناطق أخرى، ولا سيما أن حالة من الغضب والغليان تسود الساحل السوري في أشد المناطق موالاة للنظام السوري.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الاستياء يتصاعد في الساحل السوري من قبل القاعدة الجماهيرية الموالية للنظام، وسط انتقادات لاذعة تطال الرئيس وزوجته. وأفاد المرصد بخروج «مظاهرات في عدة قرى من جبال الساحل، كما ظهر أحد المواطنين في شريط مصور يهاجم رأس النظام (بشار الأسد) وزوجته».

وكان الرئيس السوري بشار الأسد، قد أصدر مرسوماً، الثلاثاء الماضي، يقضي برفع رواتب الموظفين وأجور العاملين بنسبة 100 بالمائة، تبعه بحزمة قرارات حكومية ترفع أسعار المحروقات، وأدى ذلك إلى ارتفاع مضاعف في أسعار المواد الأساسية وانهيار جديد بقيمة الليرة السورية، ما أدى إلى شلل الأسواق وحركة النقل وازدياد حالة الاحتقان والغليان الشعبي.



الجيش الإسرائيلي يجدد الغارات على ضاحية بيروت بعد إنذارات بالإخلاء

تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)
تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يجدد الغارات على ضاحية بيروت بعد إنذارات بالإخلاء

تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)
تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)

تجدَّدت الغارات الإسرائيلية، صباح الجمعة، على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجَّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 3 مواقع، في خضم المواجهة المفتوحة بين «حزب الله» والدولة العبرية منذ شهرين.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية بشنِّ «الطيران الحربي المعادي» غارتين على الأقل على منطقة الكفاءات في الحدث، مشيرة إلى «تصاعد الدخان بشكل كثيف من محيط الجامعة اللبنانية».

وأظهر البث المباشر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» سحب دخان تتصاعد إثر 3 غارات على ضاحية بيروت الجنوبية، معقل «حزب الله».

وأعلن الجيش الإسرائيلي، في وقت لاحق، أن مقاتلاته الحربية «أتمّت جولة جديدة من الضربات» على ضاحية بيروت الجنوبية.

تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)

وجاءت الغارات (الجمعة) غداة شنّ إسرائيل سلسلة غارات كثيفة استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية، وجنوب لبنان وشرقه.

ووجَّه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إنذار إخلاء إلى سكان بلدات الطيبة وعدشيت القصير ودير سريان، وكذلك إلى سكان بلدتَي برج الشمالي ومعشوق في جنوب لبنان.

وقال أدرعي في حسابه على منصة «إكس»: «يجب عليكم الإخلاء دون تأخير... يحظر عليكم التوجه جنوباً. أي تحرك نحو الجنوب قد يشكل خطراً على حياتكم».

وطالب متحدث الجيش الإسرائيلي أيضاً بإخلاء بعض المباني في منطقتَي الحدث وحارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت، وحذَّر من أن الجيش «سيعمل ضدها على المدى الزمني القريب».

وأحصت وزارة الصحة اللبنانية مقتل 52 شخصاً على الأقل، الخميس، جراء الغارات الإسرائيلية، منهم 40 في منطقة بعلبك (شرق) في ضربات لم تسبقها إنذارات.

وأصدر الجيش الإسرائيلي، صباح الجمع، إنذارات جديدة للسكان بإخلاء مبنى في مدينة صور الساحلية في الجنوب، كان قد شمله إنذار مماثل، الخميس، ومنطقتين في محيطها، بينهما مخيم البرج الشمالي المكتظ للاجئين الفلسطينيين.

سحابة من الدخان ترتفع في سماء الضاحية الجنوبية لبيروت جراء غارات إسرائيلية (رويترز)

وارتفعت وتيرة الغارات الإسرائيلية على مناطق عدة في لبنان منذ إنهاء المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، زيارته إلى بيروت، الأربعاء، في إطار وساطة يتولاها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل.

وبعد تبادل القصف مع «حزب الله» مدة عام تقريباً، بدأت إسرائيل منذ 23 سبتمبر (أيلول)، حملةً جويةً واسعةً تستهدف خصوصاً معاقل الحزب في ضاحية بيروت الجنوبية وفي جنوب البلاد وشرقها. وأعلنت منذ نهاية الشهر نفسه بدء عمليات توغل بري في جنوب لبنان. وأحصى لبنان مقتل 3583 شخصاً على الأقل بنيران إسرائيلية منذ بدء «حزب الله» وإسرائيل تبادل القصف في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على وقع الحرب في غزة.