قضية أراضي «الجادرية» تخرج السيستاني عن صمته

دعا الجهات المعنية إلى حماية ممتلكات العراقيين

المرجع الشيعي السيد علي السيستاني (تويتر)
المرجع الشيعي السيد علي السيستاني (تويتر)
TT

قضية أراضي «الجادرية» تخرج السيستاني عن صمته

المرجع الشيعي السيد علي السيستاني (تويتر)
المرجع الشيعي السيد علي السيستاني (تويتر)

أعلن المرجع الشيعي الأعلى في العراق، آية الله علي السيستاني، رفضه الاستيلاء على أراضٍ تعود لمواطنين عراقيين في منطقة الجادرية (أحد أحياء بغداد الراقية) من قبل جهات متنفذة لا تلتزم بالقانون.

يأتي ذلك بعد أن شكل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في وقت سابق من الأسبوع الماضي، لجنة تحقيق بشأن ما ورد من شكاوى مواطنين ظهروا في برامج تلفزيونية ومقاطع فيديو وهم يتحدثون عن قيام عناصر مسلحة، لم يكشفوا عن هويتها، بإجبارهم على بيع أراضٍ لهم في هذه المنطقة بأسعار بخسة، مع تهديدات بالاستيلاء عليها عنوة في حال رفضهم.

وفي أحد المقاطع التي انتشرت عبر وكالات أنباء ومواقع تواصل اجتماعي، يظهر النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي والقيادي البارز في التيار الصدري، حاكم الزاملي، مع الأهالي الذين اغتصبت أملاكهم، متوعداً الجهات التي قامت بهذا العمل بالملاحقة القانونية، وهو ما دفع السلطات إلى فتح هذا الملف، بينما تحولت المسألة إلى قضية رأي عام.

وفيما لا تزال نتائج التحقيق الذي أجراه وزير الداخلية العراقي عبد الأمير الشمري في هذه القضية، بناء على أوامر من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أعلن أعلى مرجع شيعي في البلاد رفضه مثل هذه الأساليب، وهو الأمر الذي أعاد فتح الملف ثانية على مصراعيه، لا سيما وأن ما يصدر عن مرجع بحجم السيستاني يعد ملزماً لأتباعه ومقلديه شرعاً، كما يمنح السلطات الرسمية المسؤولة التي تحقق في الأمر مع جهات متنفذة بينها فصائل مسلحة، دافعاً قوياً لاتخاذ إجراءات عقابية أكثر صرامة.

رسالة غاضبة

وفي هذا السياق، وخلال استقباله عدداً من أهالي منطقة الجادرية الذين سبق أن ظهروا في وسائل الإعلام واشتكوا مما يتعرضون له من ضغط وتهديد للتخلي عن أراضيهم لصالح بعض الجهات، أدان السيستاني، وفق بيان لمكتبه، «هذه الممارسات المخالفة للشرع والقانون»، مؤكداً أن «من أهم واجبات من هم في مواقع السلطة وبيدهم زمام أمور البلد، هو حماية ممتلكات المواطنين وحقوقهم، والوقوف في وجه من يسعون للتعدي عليها بالإرهاب والتخويف، لا سيما من يحملون صفات رسمية».

ومع أن البيان الصادر عن مكتب السيستاني مقتضب، لكنه خلق تفاعلاً رسمياً وشعبياً حيال العديد من الممارسات التي طفت على السطح خلال السنوات الماضية، لا سيما وأن المرجعية الدينية العليا في النجف أعلنت منذ نهاية عام 2019 عن صمتها حيال ما يجري من ممارسات، بعد أن «بُحَّت أصواتها»، طبقاً لما أعلنه وكيل السيستاني المعتمد في صلاة الجمعة بمدينة كربلاء، عبد المهدي الكربلائي.

وبينما رفض السيستاني استقبال كبار المسؤولين العراقيين، بمن فيهم الرئاسات الأربع في البلاد (الجمهورية، الوزراء، البرلمان والقضاء الأعلى)، فضلاً عن النواب والوزراء ومن هم بمصافهم، إلا أنه دأب على استقبال المبعوثين الأجانب، من ضمنهم ممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت، فضلاً عن المواطنين العاديين.

هل وصلت الرسالة؟

بعد استقبال السيستاني المواطنين المتضررين جراء الاستيلاء على أراضيهم غالية الثمن، التي تعود إلى آبائهم وأجدادهم منذ أكثر من مائتي سنة، فإن العديد من التساؤلات بدأت تظهر من خلال التفاعل مع ظهور السيستاني المعلن وإصداره بياناً يخص الشأن العام، بعد عدة سنوات من الصمت. ويرى كثيرون أن تدخل السيستاني هذا ربما يكون مقدمة للتدخل بهدف تصحيح العديد من المسارات الخاطئة التي بدأت تتكرر على أصعدة مختلفة.

محمد شياع السوداني طلب من وزير الداخلية التحقيق في القضية (د.ب.أ)

وكان هشام الركابي، مستشار رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، قد أعلن أن رئيس مجلس الوزراء طلب من وزير الداخلية التحقيق في قضية التجاوز على أراضي المواطنين في منطقة الجادرية. وأضاف الركابي في بيان له أن السوداني وجه مكتبه أيضاً للتواصل مع الأهالي المتضررين جراء التجاوز على ممتلكاتهم، بعد أن ظهر عدد من المواطنين من أهالي منطقة الجادرية، يناشدون الحكومة العراقية، ويطالبون بمنع جهات سياسية من «الاستيلاء على أراضيهم».

وحسب الأهالي، فإن «الجماعات المسلحة ساومت أصحاب الأراضي ببيع أراضيهم بـ400 دولار للمتر الواحد، علماً بأن السعر الحقيقي للمتر الواحد يتراوح بين 2500 دولار و10000 دولار».


مقالات ذات صلة

مسؤولان: إسرائيل تتعرض لهجمات يومية بالمسيّرات من العراق

شؤون إقليمية عناصر من قوات الأمن الإسرائيلية يعملون بجوار سيارة متضررة جراء هجوم بمسيرة على شمال إسرائيل (رويترز)

مسؤولان: إسرائيل تتعرض لهجمات يومية بالمسيّرات من العراق

كشف مسؤولان لـ«وكالة أسوشييتد برس» أن الميليشيات المدعومة من إيران تطلق مسيرات هجومية في اتجاه واحد ضد إسرائيل من داخل العراق.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني (أرشيفية - رويترز) play-circle 02:01

العراق: رئيس برلمان «سُني» بأجندة «الإطار التنسيقي»

بعد انتخابه رئيساً للبرلمان العراقي، تعهد محمود المشهداني بإكمال ما تبقى من الدورة التشريعية والتمهيد للانتخابات المقبلة، نهاية عام 2025.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بطارية من نظام القبة الحديدية الإسرائيلي في محيط غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض طائرتين مُسيّرتين «اقتربتا من الشرق»

أعلن الجيش الإسرائيلي، مساء الخميس، اعتراض طائرتين مُسيرتين اقتربتا من الشرق، دون تحديد موقع إطلاقهما.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي نواب عراقيون يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس البرلمان يوم 31 أكتوبر 2024 (إعلام المجلس)

«توافق نادر» بين المالكي والحلبوسي يسهّل انتخاب رئيس البرلمان العراقي

بعد جولتي اقتراع امتدتا لساعات، انتخب أعضاء البرلمان العراقي السياسي المخضرم محمود المشهداني، رئيساً جديداً للمجلس.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
خاص محمود المشهداني (أرشيفية - البرلمان العراقي)

خاص من هو محمود المشهداني الرئيس الجديد للبرلمان العراقي؟

عاد محمود المشهداني، الطبيب ذو الخلفية الإسلامية، إلى الواجهة بعد مرور نحو 16 عاماً على إقالته من منصب رئيس البرلمان العراقي.

حمزة مصطفى (بغداد)

لبنان: التدمير الإسرائيلي يتقدم على الحلول السياسية

لبنانيان يستقلان دراجة نارية يمران بمبان دمرها القصف الإسرائيلي في حارة حريك بضاحية بيروت الجنوبية أمس (أ.ف.ب)
لبنانيان يستقلان دراجة نارية يمران بمبان دمرها القصف الإسرائيلي في حارة حريك بضاحية بيروت الجنوبية أمس (أ.ف.ب)
TT

لبنان: التدمير الإسرائيلي يتقدم على الحلول السياسية

لبنانيان يستقلان دراجة نارية يمران بمبان دمرها القصف الإسرائيلي في حارة حريك بضاحية بيروت الجنوبية أمس (أ.ف.ب)
لبنانيان يستقلان دراجة نارية يمران بمبان دمرها القصف الإسرائيلي في حارة حريك بضاحية بيروت الجنوبية أمس (أ.ف.ب)

تقدم التدمير الإسرائيلي على الحلول السياسية المقترحة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان، إذ اندفع الجيش الإسرائيلي إلى تصعيد غير مسبوق بالقصف الجوي في جنوب لبنان وشرقه، وركز على استهداف المدن والتجمعات العمرانية في الضاحية الجنوبية لبيروت ومدينتي صور وبعلبك التي سُجلت فيها «ثلاث مجازر»، الجمعة.

ونعى رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري المبادرة الأميركية الأخيرة لوقف النار في لبنان، معلناً لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس الوزراء الإسرائيلي «رفض خارطة الطريق اللبنانية التي توافقنا عليها مع (المبعوث الأميركي إلى لبنان) آموس هوكستين»، عاداً أن الحراك السياسي لحل الأزمة «تم ترحيله إلى ما بعد الانتخابات الأميركية» المقررة الثلاثاء المقبل.

ورفض بري وضع توقعات لمسار الأزمة في ضوء نتائج الانتخابات الأميركية، معتبراً أن الثابت الوحيد هو أن الحراك «تم ترحيله إلى ما بعد هذه الانتخابات»، مشيراً إلى أن هذا يترك الأمور في لبنان «رهناً بتطورات الميدان»، مبدياً تخوفه من «تحويل لبنان إلى غزة ثانية».

من جهته، قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إن توسيع القصف مجدداً «يؤكد رفض العدو الإسرائيلي كل المساعي التي تُبذل لوقف إطلاق النار تمهيداً لتطبيق القرار 1701 كاملاً».