تواصل الاحتجاجات في درعا والسويداء... ومطالبات بـ«اللامركزية»

لا تجاوب مع دعوة إلى إضراب عام في مناطق الساحل السوري

قطع طرقات في السويداء يوم الخميس (موقع السويداء 24 - رويترز)
قطع طرقات في السويداء يوم الخميس (موقع السويداء 24 - رويترز)
TT

تواصل الاحتجاجات في درعا والسويداء... ومطالبات بـ«اللامركزية»

قطع طرقات في السويداء يوم الخميس (موقع السويداء 24 - رويترز)
قطع طرقات في السويداء يوم الخميس (موقع السويداء 24 - رويترز)

تواصلت الاحتجاجات الأهلية في محافظة السويداء، جنوب سوريا، اليوم (السبت)؛ تنديداً بما وصلت إليه الأوضاع المعيشة في البلاد، لا سيما في ضوء رفع أسعار المحروقات أخيراً. وذكرت مصادر متقاطعة أن محتجين قطعوا طريق دمشق - السويداء من جهة قرية المتونة، لمدة ساعة، ثم أعادوا فتحها. وجاء ذلك وسط دعوات إلى إضراب عام يوم الأحد، رداً على ما يصفه محتجون بـ«تفشي الفساد والمحسوبيات في الدوائر الحكومية» وتنديداً بتدهور الأوضاع المعيشة. ورفع محتجون، في تحركاتهم المستمرة منذ أيام، لافتات تدعو إلى تطبيق اللامركزية، وأخرى تطالب بـ«رحيل مَن عجز عن تقديم الحلول» لمشكلات المواطنين.

وتأتي الاحتجاجات في وقت واصلت فيه الليرة السورية تدهورها في سوق الصرف، حيث سجّلت يوم الجمعة خرقاً لحاجز الـ16 ألف ليرة مقابل الدولار الأميركي الواحد، قبل أن يهبط السعر بعد ساعات إلى 14600 ليرة للدولار، علماً بأن تقييم سعر السلع في السوق يعتمد على الحد الأعلى المتوقع، أي 16500 ليرة، تفادياً للخسارة في ظل تذبذب سعر الصرف وارتفاع معدلات التضخم.

وتفيد تقديرات دولية بأن أكثر من 95 في المائة من المواطنين السوريين باتوا اليوم تحت خط الفقر، وهو ما يمكن بسهولة رصده من خلال اتساع ظاهرة السوريين الذين يتسوقون موادهم الغذائية بالغرامات القليلة، بعدما كانوا يشترونها بالكيلوغرامات سابقاً. واشتكى أحد باعة المواد الغذائية وسط دمشق من هذه الظاهرة، قائلاً إنه ليس بالإمكان بيع كمية شاي بقيمة ألفي ليرة فقط «فهي بالكاد تكفي لإبريق واحد، وإذا وضعتها بكيس أخسر ثمنه أيضاً». وبينما كان يتحدث، عبّر أحد الزبائن عن دهشة كبيرة وهو ينظر إلى كمية الطحينة التي حصل عليها مقابل 4 آلاف ليرة، إذ لم تتجاوز بضعة غرامات أو ملعقتي طعام، متسائلاً باستغراب: «انظروا إلى أي درك وصلنا!».

جانب من الاحتجاجات في السويداء يوم الخميس (موقع السويداء 24 - رويترز)

وبدأت الاحتجاجات في السويداء، يوم الأربعاء، رداً على إصدار الحكومة قراراً برفع أسعار المحروقات وتخفيف الدعم، بالتوازي مع مرسوم زيادة رواتب العاملين في الدولة بنسبة 100 في المائة، أي أن الراتب بعد الزيادة بات يعادل 20 دولاراً، وهو مبلغ لا يغطي مصروف يومين لشخص واحد في ظل موجة التهاب الأسعار التي بدأت (الأربعاء)، وأدت إلى إرباك كبير وشلل في الأسواق، وإضراب لأصحاب حافلات النقل الداخلي في القطاع الخاص بمعظم المحافظات السورية.

ونظّم الأهالي في السويداء (يوم الخميس)، تجمعاً كبيراً في «ساحة السير / الكرامة»، حيث سُجّلت هتافات تندد بالحكومة السورية. وأمهل المحتجون الموظفين في مؤسسات الحكومة والمحلات التجارية حتى يوم الأحد للإضراب والانقطاع عن العمل، ما عدا الأفران. كما خرجت (يوم الجمعة) خمس مجموعات احتجاجية في قرى المتونة ومجادل ونمرة شهبا وقنوات والثعلة بالجنوب السوري، حيث قام مواطنون بإغلاق الطرقات العامة بالإطارات المشتعلة.

احتجاجات في السويداء ضد الحكومة السورية يوم الخميس (موقع السويداء 24 - رويترز)

وبالتوازي مع ذلك، شهدت مناطق عدة في محافظة درعا المجاورة للسويداء خروج احتجاجات تندد بالوضع المعيش، وترفض قرارات الحكومة الأخيرة. وسُجّلت في مدينة نوى بالريف الغربي لدرعا وإنخل في ريفها الشرقي هتافات تنادي بـ«إسقاط النظام»، بينما أشعل محتجون الإطارات في شوارع المدينة.

وبينما تجاوب الأهالي في محافظتي السويداء ودرعا مع دعوات الاحتجاج وقطع الطرقات، لم يُسجّل أي تجاوب مع دعوة إلى إضراب عام صدرت عما تُسمى «حركة 10 آب» التي أُعلن انطلاقها في مناطق الساحل السوري يوم الأربعاء. ودعا بيان باسم هذه الحركة السوريين، من موظفين وتجار وعسكريين، إلى الإضراب العام يوم الخميس. وقالت الحركة في بيانها: «ندعوكم إلى البقاء في منازلكم لأننا نؤمن بضرورة استخدام كل وسيلة سلمية للتعبير عن رفض الشعب السوري لتجاهل أحوال الناس، والإصرار على إذلال وتجويع الشعب».

ورغم تأكيد هذه الحركة المجهولة انضمام «عدد من الجهات الوطنية في الداخل» إلى دعوتها للإضراب، فإنه لم يُسجل في الحقيقة أي تجاوب ملحوظ على الأرض. وبقيت الدعوة ضمن نطاق مواقع التواصل الاجتماعي في ظل نشر الحركة على صفحتها في موقع «فيسبوك» مقاطع فيديو وصوراً (يوم الجمعة) لأشخاص مجهولين يرفعون قصاصات ورقية تتضمن عبارات مناهضة للحكم السوري وتدعو للاحتجاج، قالت إنه تم التقاطها في مناطق متفرقة بحمص والرستن ومصياف وطرطوس واللاذقية. لكن ليس هناك ما يؤكد صحة ذلك.

وتشهد مناطق سيطرة الحكومة حالة من الغليان والغضب بعد صدور مرسوم برفع الأجور والرواتب بنسبة 100 في المائة، (يوم الثلاثاء)، وما تبعه من حزمة قرارات حكومية أخرى برفع أسعار المحروقات «المدعوم» و«الحر» بنسب وصلت إلى 300 في المائة، الأمر الذي ألهب الأسعار في وقت تعاني فيه البلاد من موجة حرّ شديد، في ظل انقطاع الكهرباء وشح المياه وغلاء مواد الطاقة اللازمة لتشغيل الطاقة البديلة.


مقالات ذات صلة

روسيا تعلن قصف موقعين لمسلحين قرب التنف في سوريا

المشرق العربي قوات أميركية على الحدود السورية الأردنية (أرشيفية - سينت كوم)

روسيا تعلن قصف موقعين لمسلحين قرب التنف في سوريا

ذكرت وكالة الإعلام الروسية، اليوم، أن القوات الجوية الروسية نفذت ضربات على موقعين لمسلحين في سوريا على أطراف منطقة التنف التي تضم قاعدة عسكرية أميركية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي نازحون سوريون من لبنان يفترشون حديقة في المرجة وسط دمشق (الشرق الأوسط)

«الشرق الأوسط» ترصد عودة السوريين من «جحيم الحرب»

حياة مأساوية مريرة تعيشها عائلات سورية في دمشق، بعد أن اضطرت للهرب من جحيم الحرب في لبنان.

شؤون إقليمية لقاء سابق بين إردوغان والأسد في دمشق قبل عام 2011 (أرشيفية)

سفير سوريا بموسكو يستبعد لقاء إردوغان والأسد خلال قمة «بريكس»

استبعدت دمشق عقد لقاء بين الرئيسين السوري بشار الأسد والتركي رجب طيب إردوغان على هامش قمة مجموعة «بريكس» المقبلة في روسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي صورة سيارة فان محترقة نشرتها صحيفة «الوطن» السورية لاستهداف إسرائيل مدينة حسياء الصناعية

دمشق تنفي استهداف معمل إيراني وسط سوريا

نفت مصادر سورية صحة الأنباء التي تحدثت عن استهداف مُسيرات إسرائيلية معملاً إيرانياً لتجميع السيارات، وقالت إن المعمل المستهدف فارغ تماماً.

شؤون إقليمية قصف للقوات السورية على محاور في ريف إدلب الجنوبي (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

القوات السورية تستهدف نقطة عسكرية تركية في إدلب

صعّدت القوات السورية هجماتها في منطقة خفض التصعيد شمال غربي سوريا، وسط توتر مع «هيئة تحرير الشام» وفصائل المعارضة المسلحة، وتعزيزات عسكرية مكثفة من جانب تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«الشرق الأوسط» ترصد عودة السوريين من «جحيم الحرب»

نازحون سوريون من لبنان يفترشون حديقة في المرجة وسط دمشق (الشرق الأوسط)
نازحون سوريون من لبنان يفترشون حديقة في المرجة وسط دمشق (الشرق الأوسط)
TT

«الشرق الأوسط» ترصد عودة السوريين من «جحيم الحرب»

نازحون سوريون من لبنان يفترشون حديقة في المرجة وسط دمشق (الشرق الأوسط)
نازحون سوريون من لبنان يفترشون حديقة في المرجة وسط دمشق (الشرق الأوسط)

حياة مأساوية مريرة تعيشها عائلات سورية في دمشق، بعد أن اضطرت للهرب من جحيم الحرب في لبنان، وفي حين لم يحُدّ قطع طريق بيروت - دمشق، بسبب استهدافه من قبل إسرائيل، من تدفق الوافدين سيراً على الأقدام، وانتقل الضغط إلى معبر العريضة في محافظة طرطوس الساحلية، وارتفعت أجور النقل عبره بشكل خيالي.

في حديقة منطقة ساحة المرجة، وسط دمشق، تفترش عدة عائلات عائدة من لبنان، الأرض، مع أمتعتها المحيطة بها منذ أيام، وقد بدا التعب والبؤس واضحاً على وجوه أفرادها، رغم أن الحكومة السورية وضعت خطة استجابة سريعة للتعامل مع أي احتياجات محتملة للوافدين من لبنان.

يروي شاب في العقد الثاني من العمر، بعد شربه الماء براحتي كفيه من صنبور ماء في الحديقة، أن عائلته التي تضم 7 أفراد عانت الأمرين حتى استطاعت مغادرة جنوب لبنان بسبب الغارات الإسرائيلية العنيفة.

يحملون أمتعتهم أثناء عبورهم لسوريا عبر حفرة ناجمة عن غارات جوية إسرائيلية قطعت الطريق بين بيروت ودمشق عند معبر المصنع (إ.ب)

يوضح الشاب: «في كل لحظة كنا نعتقد أننا سنموت، حتى وصلنا إلى (منطقة) المصنع قبل يوم فقط من قصف إسرائيل له، وعبرنا إلى سوريا، وهنا، كما ترى، نعاني كثيراً، فمنذ وصولنا لم يكترث بنا أحد. نقيم وننام ونأكل ونشرب في هذه الحديقة».

ويؤكد الشاب أن عائلته التي تنحدر من ريف محافظة حماة وسط سوريا، لا تستطيع العودة إلى قريتها؛ لأن الحرب دمرت أغلب منازلها، كما لا يوجد لهم في دمشق أقارب كي تلجأ إليهم، مشدداً بألم: «استنفدنا معظم ما نملكه من مال في رحلة الهروب من جحيم الحرب في لبنان».

هل يصمدون طويلاً في ساحة المرجة بعد هروبهم من جحيم الحرب بلبنان (الشرق الأوسط)

عجوز يقول بغضب، وهو ممدد على أرض الحديقة، وأفراد أسرته يحيطون به: «الناس تقول إن الحكومة فتحت مراكز إيواء، لماذا لا يأتون ويأخذوننا إليها؟ هي فقط للمدللين (النازحين اللبنانيين) الذين لديهم دولارات». يضيف العجوز بمرارة وعيناه مغرورقتان بالدموع، وكذلك عينا فتاة تجلس إلى جانبه: «إلنا الله. ننتظر الفرج منه».

نازحون سوريون مع أمتعتهم في ساحة المرجة لعدم وجود مأوى آخر (الشرق الأوسط)

وفي مشهد يدل على شدة معاناة تلك العائلات، وحالة العوز والفقر التي وصلت إليها، لا يتردد أغلب أفرادها بالطلب من المارة السماح لهم بإجراء اتصالات من هواتفهم الجوالة مع معارف وأقارب لهم لمساعدتهم، في حين تبدو الحسرة واضحة في وجوه كثير منهم وهم ينظرون إلى بسطات بيع الشاي والقهوة والسجائر المنتشرة على أرصفة الحديقة، لكونهم لا يستطيعون شراء حتى كوب من الشاي.

ومع زيادة توافد اللبنانيين والعائدين السوريين منذ 24 سبتمبر (أيلول)، وضعت الحكومة السورية خطة استجابة سريعة للتعامل مع أي احتياجات محتملة للوافدين من لبنان، تضمنت رفع حالة الجاهزية في كل المنشآت الصحية والنقاط الطبية على المعابر الحدودية مع لبنان؛ لاستقبال جميع الحالات الوافدة، وتقديم الخدمات الصحية اللازمة لهم.

كما جهّزت كثيراً من مراكز الإيواء التي تتسع لعشرات آلاف الأشخاص في محافظات حمص ودمشق وريف دمشق وطرطوس وحماة.

سوريون نازحون من لبنان عند معبر جوسية الأربعاء (رويترز)

ويواصل وزراء في الحكومة القيام بزيارات لمراكز الإيواء للاطلاع على أحوال الوافدين، وكذلك المعابر الحدودية للحض على «تبسيط الإجراءات، وانسياب حركة القدوم والمغادرة، وإنجاز المعاملات بالسرعة المطلوبة».

ولم تحدّ الغارات الإسرائيلية على المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان منذ بدء الضربات الإسرائيلية لـ«حزب الله» في لبنان، من تدفق الوافدين اليومي من لبنان إلى سوريا، ليتجاوز العدد الإجمالي للوافدين اللبنانيين منذ 24 سبتمبر (أيلول) حتى السبت الماضي، أكثر 82 ألف وافد، وأكثر من 226 ألف عائد سوري، وفق أرقام إدارة الهجرة والجوازات السورية.

توافد الأسر اللبنانية والسورية النازحة عبر معبر العريضة بطرطوس (إكس)

ووفق سائق تاكسي كان يعمل على خط دمشق - بيروت قبل استهداف طيران الاحتلال الإسرائيلي للطريق الدولي قرب معبر المصنع، فجر الجمعة، وخروج الطريق عن الخدمة؛ فإن دخول الوافدين من لبنان عبر معبر جديدة يابوس المقابل لمعبر المصنع استمر سيراً على الأقدام، ولكن بأعداد أقل بكثير من السابق.

وكشف السائق لـ«الشرق الأوسط»، أن حركة العبور إلى الأراضي السورية بعد خروج طريق بيروت - دمشق عن الخدمة؛ تكثفت في معبر العريضة بمحافظة طرطوس على الساحل السوري والحدودي مع لبنان والمقابل لمعبر العريضة في الجانب اللبناني.

وذكر السائق أن أغلبية من كانوا يعملون على خط دمشق - بيروت انتقلوا للعمل على خط العريضة، وتحدّث السائق عن أجور خيالية لطلبات نقل الركاب من دمشق إلى طرطوس ومنها إلى لبنان عبر معبر العريضة، لافتاً إلى أن أجرة الطلب من دمشق تصل إلى ما بين 3 – 4 ملايين ليرة سورية، في حين كانت من معبر جديدة يابوس ما بين مليون ومليون ومائتي ألف.