الأزمة في الجيش الإسرائيلي تتوسع إلى عناصر الخدمة الدائمة

مسؤولون في «الليكود» ينتقدون نتنياهو ويطالبون بتجميد التعديلات القضائية

جنود احتياط إسرائيليون يوقعون على إعلان رفض الخدمة احتجاجاً على استهداف نظام القضاء في تل أبيب في 19 يوليو الماضي (أ.ب)
جنود احتياط إسرائيليون يوقعون على إعلان رفض الخدمة احتجاجاً على استهداف نظام القضاء في تل أبيب في 19 يوليو الماضي (أ.ب)
TT

الأزمة في الجيش الإسرائيلي تتوسع إلى عناصر الخدمة الدائمة

جنود احتياط إسرائيليون يوقعون على إعلان رفض الخدمة احتجاجاً على استهداف نظام القضاء في تل أبيب في 19 يوليو الماضي (أ.ب)
جنود احتياط إسرائيليون يوقعون على إعلان رفض الخدمة احتجاجاً على استهداف نظام القضاء في تل أبيب في 19 يوليو الماضي (أ.ب)

توسعت الأزمة في الجيش الإسرائيلي على خلفية رفض التعديلات القضائية، وامتدت إلى عناصر الخدمة الدائمة بعدما مسَّت بشكل مباشر قوات الاحتياط الجوية والبحرية. وقالت قناة «13» الإسرائيلية إن الأزمة توسعت نحو صفوف عناصر الخدمة الدائمة. ونقلت القناة عن كثير من الضباط أن لديهم تردداً بشأن الاستمرارية في الجيش، لأنهم فقدوا الحافزية للخدمة. وتهديدات الضباط في عناصر الخدمة الدائمة، جاءت بعد تمرد ضباط احتياط في سلاح الجو ما اضطر قائد السلاح إلى تجميدهم. وقالت قناة «كان» الإسرائيلية إن تجميد خدمة العديد من الضباط، امتد من سلاح البحر إلى سلاح الجو.

وجاء في خبر للقناة، أن قائد سلاح الجو، تومر بار، جمد خدمة عدة ضباط احتياط برتبة بريغادير، لرفضهم التطوّع بسبب خطة التغييرات في المنظومة القضائية، وذلك بعدما أقدم قائد سلاح البحرية على تجميد خدمة ضابط كبير في صفوف السلاح. والأزمة في الجيش الإسرائيلي تفاقمت منذ بدأ جنود احتياط بالامتناع عن الخدمة احتجاجاً على التعديلات القضائية لكنها أخذت منحى تصادمياً بين الحكومة والجيش بعد هجوم منظَّم على رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هيلفي، بدعوى أنه ضعيف ولا يقوم بما عليه من أجل ردع جنوده الذين توسَّع تمردهم، بعد أن صادقت الحكومة في «الكنيست» الشهر الماضي على إلغاء قانون «بند المعقولية» المثير للجدل، الذي بموجبه أصبح القضاء الإسرائيلي غير مخوَّل بإلغاء قرارات الحكومة ووزرائها تحت حجة «المعقولية». وثمة قلق واسع في إسرائيل من أن يؤدي كل ذلك إلى المس بكفاءة الجيش الإسرائيلي.

جنود احتياط إسرائيليون يغلقون مدخل قاعدة عسكرية احتجاجاً على خطط حكومة نتنياهو للقضاء 18 يوليو (أ.ب)

ويُفترض أن يتوجه رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارك ميلي إلى إسرائيل هذا الأسبوع، وسيستغل لقاءاته مع قادة الأمن الإسرائيليين، لتقييم عمق الضرر الذي لحق بجهوزية الجيش الإسرائيلي بسبب رفض بعض جنود الاحتياط المتطوعين الالتحاق بالخدمة احتجاجاً على التعديلات القضائية. وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أقر، في وقت سابق، بأن رفض الجنود الالتحاق بخدمة الاحتياط التطوعية احتجاجاً على خطة الإصلاح القضائي التي تدفع بها الحكومة قد تسبب بدرجة من الضرر لجاهزية الجيش. وكان نحو 10 آلاف جندي احتياط هددوا بعدم الالتحاق بالخدمة احتجاجاً على التعديلات القضائية. ومع انتشار تمرُّد جنود الاحتياط إلى بعض الوحدات والفرق الأكثر نخبوية في القوات المسلحة، واجه القادة العسكريون صعوبة في الحفاظ على تفاؤلهم بشأن هذه القضية علناً. وحذر هليفي، وقائد سلاح الجو تومر بار، وآخرون من أن احتجاجات جنود الاحتياط لها تأثير سلبي متزايد على جاهزية الجيش، مثيرين حفيظة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومشرعين آخرين وأنصار الحكومة المتدينة واليمينية المتطرفة، الذين يزعمون أن مثل هذه الاعترافات تؤدي إلى تفاقم المشكلة.

وفيما أعرب مسؤولون أمنيون عن قلقهم من أنه من خلال السماح بالهجمات العلنية المتكررة على كبار ضباط الجيش، فإن الحكومة تحاول تحميلهم مسؤولية الضرر الحالي الذي لحق بجاهزية الجيش، انتقد مسؤولون كبار في حزب الليكود بشدة، تعامُل نتنياهو مع مسألة الكفاءة القتالية للجيش. وقال هؤلاء لمراسل قناة «كان» إن «حجم الضرر الذي ألحقه نتنياهو أكبر بكثير من المنفعة»، مطالبين إياه بتجميد الإجراءات القضائية فوراً ولمدة طويلة. ورأت جهات في الائتلاف الحاكم أنه لا يمكن المضي قدماً في خطة التغييرات القضائية ومشروع قانون التجنيد في ظل الأجواء العامة الحالية. وأشارت إلى أن الصيغة الحالية لمشروع القانون لا تتمتع بقبول واسع في الائتلاف، خصوصاً في «الليكود». ويُفترض أن يكون قانون إلغاء ذريعة المعقولية أمام المحكمة العليا للبت فيه في 12 سبتمبر (أيلول) المقبل.

نتنياهو يصافح وزير الدفاع يوآف غالانت خلال تخريج طيارين في قاعدة حتريم الجوية ببئر السبع في 29 يونيو الماضي (إ.ب.أ)

وطلبت الحكومة الإسرائيلية من المحكمة العليا تأجيل جلستها للنظر في التماس ضد قانون إلغاء ذريعة المعقولية، وهو طلب رفضته المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا. وفي وقت متأخر، أمس (الجمعة)، قدمت الحكومة طلباً رسمياً من أجل تأجيل موعد جلسة النظر في الالتماسات. وقال المحامي الذي سيمثل الحكومة، أمام المحكمة، إيلان بومباخ، إنه بحاجة إلى المزيد من الوقت من أجل الاستعداد للمداولات في المحكمة. ولجأت الحكومة إلى بومباخ بعد أن أعلنت المستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا لوزير العدل ياريف ليفين أنها لن تمثل الحكومة أمام المحكمة العليا للدفاع عنها أمام الاستئنافات ضد قانون تقليص حجة المعقولية، وأن على وزير القضاء تكليف محامٍ غيرها ليتولى هذه المهمة لكونها ترفض القانون وليس بوسعها الدفاع عنه. وقال مراقبون إن الحكومة تريد إرجاء موعد النظر في هذه الاستئنافات، كي لا تستطيع رئيسة المحكمة العليا إستر حايوت المشاركة في مداولات المحكمة، لأنها ستُحال إلى التقاعد يوم 16 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الحالي، وكذلك لن تتمكن القاضية عنات بارون هي الأخرى من المشاركة لأنها على وشك الخروج إلى التقاعد. وفي حال غياب حايوت وبارون عن تشكيلة القضاة التي ستنظر في الاستئنافات، قد يميل قرار المحكمة إلى عدم إلغاء القانون، وهو ما تدركه الحكومة.



كردستان ينتخب البرلمان السادس... ومحاولات لتغيير «ميزان القوى»

ناخبون كرديون يُدلون بأصواتهم في سادس انتخابات تشريعية بكردستان العراق (أ.ف.ب)
ناخبون كرديون يُدلون بأصواتهم في سادس انتخابات تشريعية بكردستان العراق (أ.ف.ب)
TT

كردستان ينتخب البرلمان السادس... ومحاولات لتغيير «ميزان القوى»

ناخبون كرديون يُدلون بأصواتهم في سادس انتخابات تشريعية بكردستان العراق (أ.ف.ب)
ناخبون كرديون يُدلون بأصواتهم في سادس انتخابات تشريعية بكردستان العراق (أ.ف.ب)

في سادس انتخابات يشهدها إقليم كردستان، صوَّت الناخبون الكرد لاختيار ممثليهم في البرلمان الجديد، بعد تأجيل وتأخير لموعد الاقتراع منذ العام الماضي، بينما تقول أحزاب ناشئة إنها تعمل على تغيير ميزان القوى.

ومِن شأن النتائج التي قد تعلَن بشكل أولي، غداً الاثنين، أن تفضي إلى حكومة جديدة، بعد مفاوضات بين القوى الفائزة، دون توقعات بتغيير جذري في ميزان القوى.

وخلال الدورات الانتخابية السابقة، سيطر الحزبان الرئيسيان على المناصب الحكومية، وهما «الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، و«الاتحاد الوطني الكردستاني» بزعامة بافل طالباني.

وتقول أحزاب ناشئة إنها تعمل لكسر هذه الثنائية، لكن ليس من الواضح إن كانت ستشارك في الحكومة الجديدة، أم تلتزم مقاعد المعارضة في البرلمان.

البرلمان السادس

ومنذ صباح الأحد، توجّه آلاف الناخبين إلى صناديق الاقتراع، دون تسجيل مخالفات كبيرة، وفقاً لمسؤولي مفوضية الانتخابات.

ويحقّ لأكثر من مليونين ونصف المليون ناخب في الانتخابات اختيار 100 نائب في البرلمان السادس. ووفقاً للمفوضية، فإن 16 قنصلية، و15 منظمة، و22 وسيلة إعلامية دولية، تتولى المراقبة والرصد.

وأغلقت مراكز الاقتراع، التي يزيد عددها على 1200، أبوابها عند الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، لانتخاب 100 عضو في البرلمان، ما لا يقلّ عن 30 في المائة منهم نساء.

وقال رئيس الحكومة الاتحادية، محمد شياع السوداني، إن إجراء الانتخابات في إقليم كردستان «ترسيخ للخيار الديمقراطي».

ووفق تقدير وسائل إعلام محلية، فإن نسبة التصويت في عموم الدوائر الأربع قد تتجاوز 50 في المائة. وقال عمر أحمد، رئيس مجلس المفوضين: «التصويت العام جرى على نحو جيد وسلس»، وأضاف: «النتائج الأولية ستعلَن بعد 24 ساعة».

ومع ذلك، أفاد صحافيون ومراقبون بأن عملية التصويت شهدت إشكاليات في عدد من المراكز، أبرزها عدم ظهور بصمة ناخبين، ولا سيما كبار السن.

وبلغت النسبة في انتخابات الأخيرة عام 2018 نحو 59 في المائة، وفقاً لموقع البرلمان الكردي.

رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني أبرز مرشحي «الحزب الديمقراطي» (أ.ف.ب)

رقابة دولية

وهذا أول اقتراع في كردستان تشرف عليه «المفوضية العليا المستقلة في الانتخابات»، التي تعمل تحت سلطة بغداد، في حين سجلت منظمات دولية حضورها للمراقبة.

وأكدت السفيرة الأميركية لدى العراق، إلينا رومانسكي، أن واشنطن تُراقب انتخابات إقليم كردستان. وقالت، في منشور على «إكس»، إن «متطوعين من البعثة الأميركية في العراق حضروا في مراكز الاقتراع بإقليم كردستان، برفقة خبراء دوليين في شؤون الانتخابات، وممثلين عن البعثات الدبلوماسية الأخرى؛ لمراقبة سير العملية الانتخابية».

وأعربت بعثة الأمم المتحدة في العراق عن أملها بأن تسير عملية الاقتراع في كردستان «بشكل سلمي». وقال ممثل البعثة محمد الحسان، في تصريح متلفز، إن «اليوم تاريخي في إقليم كردستان، ونأمل أن تجري العملية بشكلٍ سلمي ومنظم، بشكلٍ يعكس حضارة شعب كردستان».

وأعلنت وزارة الداخلية في الإقليم أنها شددت إجراءات التفتيش للناخبين قبل دخولهم مراكز الاقتراع، وسمحت للصحافيين المُجازين فقط بإدخال الهواتف الخلوية مراكز الاقتراع.

وقالت الوزارة إنها «منعت المرشحين من الاقتراب لأكثر من 150 متراً من مراكز الاقتراع، ووفق المسافة نفسها أُزيلت جميع صور وإعلانات القوائم والمرشحين».

قباد طالباني أبرز مرشحي «الاتحاد الوطني الكردستاني» (رويترز)

ميزان القوى

بعد الإدلاء بصوته، قال رئيس حكومة الإقليم، مسرور بارزاني، وهو أحد المرشحين في الانتخابات، إنه «يأمل أن يعاقب الناخبون من يحاول التلاعب بمصيرهم وحقوقهم».

وقال المنافس عن «الاتحاد الوطني الكردستاني»، قباد طالباني، إن «هذه الانتخابات يمكن أن تكون بداية التغيير الحقيقي في الإقليم الكردي، الذي يتمتع بالحكم الذاتي حتى قبل سقوط نظام صدام حسين عام 2003 بنحو عقد كامل». وتابع: «سنتمكن من تصحيح مسار الحكم، وبعد الانتخابات ستبدأ عملية تشكيل الحكومة الجديدة».

من جانبه، رأى الناطق الرسمي باسم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» محمود محمد أن تشكيل الحكومة المقبلة يتوقف على رؤية الأطراف الفائزة، بعد إعلان النتائج النهائية لهذه الانتخابات.

ودعا محمود محمد جميع القوى السياسية إلى «التعامل بحساسية ومسؤولية مع الانتخابات»، وقال: «لا يجوز النظر من خلال المصلحة الحزبية الضيقة فحسب». ومع ذلك شدَّد المتحدث الكردي على أن «الحزب الديمقراطي سيكون الأول بلا منافس».

التصويت الخاص بالعسكريين أُجري يوم 18 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

من جهتها، أكدت رئيسة كتلة حزب «الجيل الجديد» في البرلمان العراقي، سروة عبد الواحد، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، أن «انتخابات إقليم كردستان ستُنهي احتكار السلطة من قِبل الحزب الديمقراطي الكردستاني».

وأضافت عبد الواحد، التي تشير التوقعات إلى أن حزبها «الجيل الجديد» سوف يحتل المرتبة الثالثة في الانتخابات، أن هناك «احتمالات بتغيير في الخريطة السياسية بالإقليم». وتابعت: «لن يكون هناك حزب يحصل على (نصف زائد واحد)، وهذا ما يجعله مرناً في تعامله السياسي».

وأكدت أن «الانتخابات هي الأهم منذ عام 1992، ولن تتكرر الفرصة للقوى المعارضة».

وأوضحت أن «الحزب الديمقراطي لن يستطيع، بعد اليوم، التحكم بالمناصب المهمة، خاصة رئاستي الإقليم والحكومة، بالإضافة إلى خمس مناصب أخرى في الإقليم».

من جانبه، قال شالاو كوسرت، رئيس قائمة الاتحاد الوطني الكردستاني في أربيل، إنه يُعوّل على إجراء تغيير جذري في السلطة، عقب الانتخابات، بينما شدد رئیس جماعة العدل الكردستانية علي بابير، على «منع أي محاولة لتزوير النتائج»، على حد تعبيره.