الجيش اللبناني ينتشر في قرية بعد اشتباكات دامية

عناصر من الجيش اللبناني (أرشيف - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش اللبناني (أرشيف - أ.ف.ب)
TT

الجيش اللبناني ينتشر في قرية بعد اشتباكات دامية

عناصر من الجيش اللبناني (أرشيف - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش اللبناني (أرشيف - أ.ف.ب)

انتشرت قوات من الجيش اللبناني، اليوم الخميس، في قرية مسيحية كانت مسرحاً لاشتباكات دامية مساء أمس بين السكان وأعضاء من جماعة حزب الله الشيعية المدججة بالسلاح.

وقُتل اثنان أحدهما عضو في حزب الله والآخر مسيحي من سكان المنطقة في تبادل إطلاق النار الذي وقع أمس الأربعاء في قرية الكحالة بالقرب من بيروت، في حادث بدأ عندما انقلبت شاحنة تابعة للحزب ومحملة بالذخيرة أثناء مرورها بالمنطقة.

وكانت هذه المواجهة هي الأكثر دموية بين حزب الله المدعوم من إيران ولبنانيين معارضين له منذ اشتباكات وقعت في بيروت قبل عامين، مما يلقي بمزيد من الضغوط على الاستقرار في بلد يعاني بالفعل من أزمات سياسية واقتصادية عميقة.

وانتشرت اليوم الخميس حوالي 10 عربات عسكرية حول الكحالة، بما في ذلك المنطقة الرئيسية بالبلدة بالقرب من كنيسة كبيرة كان جرسها يدق طوال الليل في أعقاب الاشتباك.

ويقود الجيش جهوداً لتهدئة الوضع، حسبما قال ممثلو حزب الله والقوات اللبنانية، وهي فصيل مسيحي معارض بشدة لحزب الله وله وجود سياسي في منطقة الكحالة.

وقال نزيه متى النائب عن منطقة قضاء عالية من حزب القوات اللبنانية إن «التوترات عالية جداً امبارح وبعدهن اليوم. قيادة الجيش بالذات كانت عم تدير محاولات تهدئة الأمور».

وأضاف: «الناس بشكل عام ما عم نشوفهن مستعجلين على رد أمني من عندهن... لكن بيخطر على بالك كم شاحنة مرقت عالطريق بنفس النهار وقبل بنهار والجمعة يللي قبلها؟ نحن قاعدين على قنبلة موقوتة».

توترات

في السنوات الأخيرة، عانى لبنان من انهيار مالي وعاش أصعب فتراته اضطراباً منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990. كان السبب وراء كل ذلك عقوداً من الفساد والهدر من قبل النخبة السياسية الحاكمة.

وحزب الله، الذي أسسه الحرس الثوري الإيراني عام 1982، هو أقوى جماعة في لبنان. ولطالما كانت ترسانته العسكرية محوراً للصراعات في لبنان، حيث يتهمه معارضوه بتقويض الدولة.

واتهم الطرفان بعضهما البعض ببدء إطلاق النار أمس الأربعاء، الذي اندلع بعد تجمع الناس حول الشاحنة التي انقلبت في منعطف ضيق على طريق رئيسية سريعة تربط بيروت بوادي البقاع وسوريا.

وشُيّع جثمان عضو حزب الله الذي قُتل في أعمال العنف، ويدعى أحمد قصاص، في جنازة ذات طابع عسكري بالضاحية الجنوبية لبيروت، وكان نعشه ملفوفاً بعلم حزب الله الأصفر.

وقال مسؤول وحدة التبليغ والأنشطة الثقافية في حزب الله السيد علي فحص: «ما جرى بالأمس في الكحالة هو اعتداء واضح... شهيدنا قتل مظلوماً في هذا الاعتداء السافر وغير المبرر».

وأضاف: «في السابق حصل الكثير من الأحداث التي حاول البعض استدراجنا إلى الفتنة لكننا صبرنا ولم نستدرج، واليوم نصبر ولن ننجر إلى الفتنة ولن نحقق أهداف من يريد أخذ البلد إلى الفتنة».

واتهم المكتب المحلي لحزب القوات اللبنانية مسلحين كانوا يرافقون الشاحنة بإطلاق النار على المدنيين، مما أدى إلى مقتل مواطن من السكان المحليين ويدعى فادي بجاني.

وقال ابنه ويدعى يوسف لـ«رويترز»: «هذه الدولة مش إلنا (ليست لنا). راح أبوي وما في شي رح يرجعه».

وقال محمد عفيف مسؤول الإعلام في حزب الله: «الجيش من الأول كان عم يشتغل بدو يسحب الشاحنة ويسحب الذخيرة... الجيش لعب دوراً كبيراً في تهدئة الأمور».


مقالات ذات صلة

السعودية ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

الخليج رجل يُلوّح بعَلم لبنان بمدينة صيدا في حين يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

السعودية ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيب المملكة بوقف إطلاق النار في لبنان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي طفل يقف بالقرب من المراتب بينما يحزم النازحون أمتعتهم للعودة إلى قراهم بجنوب لبنان في ملجأ بصيدا (رويترز) play-circle 00:52

بري: نطوي مرحلة تاريخية كانت الأخطر على لبنان

قال رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إن الحرب مع إسرائيل مثّلت «مرحلة تاريخية كانت الأخطر» التي يمر بها لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)

دعم مصري للبنان... تحركات سياسية وإنسانية تعزز مسار التهدئة بالمنطقة

تحركات مصرية مكثفة سياسية وإنسانية لدعم لبنان في إطار علاقات توصف من الجانبين بـ«التاريخية» وسط اتصالات ومشاورات وزيارات لم تنقطع منذ بدء الحرب مع إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)

التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

يعقد البرلمان اللبناني جلسة تشريعية الخميس لإقرار اقتراحات قوانين تكتسب صفة «تشريع الضرورة» أبرزها قانون التمديد مرّة ثانية لقائد الجيش ورؤساء الأجهزة الأمنية.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي تصاعد السحب الدخانية نتيجة القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز) play-circle 00:25

الجيش الإسرائيلي: قصفنا 25 هدفاً للمجلس التنفيذي ﻟ«حزب الله» خلال ساعة واحدة

قال الجيش الإسرائيلي، الاثنين)، إن قواته الجوية نفذت خلال الساعة الماضية ضربات على ما يقرب من 25 هدفاً تابعاً للمجلس التنفيذي لجماعة «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«الضاحية» تستقبل أبناءها بالرصاص الطائش… والدمار «غير المسبوق»

لبنانية تمر أمام ركام أحد الأبنية بالضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
لبنانية تمر أمام ركام أحد الأبنية بالضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
TT

«الضاحية» تستقبل أبناءها بالرصاص الطائش… والدمار «غير المسبوق»

لبنانية تمر أمام ركام أحد الأبنية بالضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
لبنانية تمر أمام ركام أحد الأبنية بالضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

تحت زخات من رصاص الابتهاج وأمطار الخريف اللبناني، عاد سكان الضاحية الجنوبية لبيروت مع ساعات الصباح الأولى التي تلت سريان وقف إطلاق النار، لتعود معهم زحمة السير التي لطالما طبعت أيام الضاحية ذات الكثافة السكانية العالية.

لكن حيوية العودة لا تعكس حقيقة المشهد، فالغارات الإسرائيلية حولت المئات من المباني إلى «أشلاء» متناثرة وأكوام من الحجارة التي طحنتها الصواريخ التي أطلقتها الطائرات الإسرائيلية. نحو 450 مبنى دمرتها الغارات خلال مدة الحرب، وفق إحصاءات غير رسمية، يضاف إليها أكثر؛ من مثيلاتها من الأبنية المجاورة التي تضررت بفعل الغارات. ورغم أن عدد الأبنية المدمرة في الضاحية لم يصل إلى ما وصل إليه عام 2006 الذي بلغ حينها 720 مبنى، فإن توزع الغارات على رقعة جغرافية أوسع من ساحة الحرب السابقة، رفع عدد المباني المتضررة.

ولا يكاد يخلو شارع من شوارع الضاحية من آثار الدمار الكبير، حيث بدت واضحة آثار القصف في كل زوايا المنطقة التي تفوح منها روائح كريهة من آثار الحرائق، وما يقول الأهالي إنها مواد غريبة احتوتها صواريخ الطائرات الإسرائيلية.

يقف عابد، وهو شاب سوري يعمل حارساً لأحد هذه المباني، يجمع ما تبقى من أثاث غرفته التي تأثرت بصاروخ أصاب 3 طبقات من مبني مرتفع تعرض لغارة لم تسقطه، لكنها هشمت الطبقات الأولى من المبنى، فعزلت الطوابق العليا ومنعت الصعود إليها بعد أن دمرت الدرج وغرف المصاعد. يقول عابد إن ثمة لجنة من المهندسين تفحصت المبنى ورجحت عدم القدرة على ترميمه بشكل آمن. ويشير إلى أن لجنة أخرى رسمية ستكشف على المبنى نهاية الأسبوع لاتخاذ قرار نهائي بالترميم... أو «الموت الرحيم». حينها سيتاح لسكان الطبقات العليا سحب ما يمكن من أثاثها ومقتنياتها قبل الشروع في الهدم.

وحال هذا المبنى تشبه أحوال كثير من مباني الضاحية، فقرب كل مبنى منهار ثمة مبنى آخر تضررت أعمدته أو فُقدت أجزاء منه بفعل عصف الانفجار. وهو أمر من شأنه أن يفاقم أزمة النازحين. يقول محمد هاشم، وهو ستيني من سكان الضاحية، إن منزله تضرر شديداً بعد سقوط مبنى ملاصق لمبناه في آخر يوم من أيام القصف. يضيف: «عندما نرى مصيبة غيرنا (جيرانه) تهون علينا مصيبتنا. لكن في جميع الأحول لا نستطيع أن نسكن المنزل قريباً، فدرج المبنى متضرر، وفي داخل المنزل لا يوجد زجاج سليم ولا نوافذ صالحة لأن تقفل، والشتاء قاسٍ وبدأت تباشيره اليوم بنزول قياسي للحرارة». يقيم محمد في منزل مستأجر بـ1500 دولار شهرياً، ودفع الإيجار حتى أواخر الشهر المقبل، لكنه يتوقع أن يحتاج شهراً إضافياً قبل أن يتمكن من العودة للسكن في منزله.

وخلافاً لما حدث في عام 2006، عندما سارع «حزب الله» إلى الكشف على الأضرار ودفع تعويضات سخية لإصلاح الأضرار الخفيفة، ودُفعة بلغت 12 ألف دولار لكل من فقد منزله لشراء أثاث للمنزل، ومن ثم تكفله بالإيجارات الشهرية... لم يتصل أحد بالنازحين بعد. ومحمد كما غيره، متردد، ولا يعرف إن كان سوف يباشر الإصلاحات أم لا.

وقرب المباني المتضررة، كان ثمة إصرار على إبداء المظاهر الاحتفالية. يقول أحد المعنيين بملف الأمن إن «حزب الله» باشر قبل 3 أيام من وقف النار طباعة آلاف اللافتات والأعلام لنشرها في الضاحية، وغيرها من المناطق التي تعرضت للتدمير والقصف. وقد أثمر هذا المجهود، على ما يبدو، مشهداً «سوريالياً» لمواطنين يتجولون بالسيارات رافعين أعلام لبنان ورايات «حزب الله» محتفلين بـ«النصر» وسط ركام مدينتهم التي لن يقدر معظمهم على أن يبيتوا ليلتهم فيها بانتظار تأمين بدائل لشققهم المدمرة، أو إصلاح تلك المتضررة.

أجواء الاحتفال هذه انعكست في إطلاق رصاص غزير بمعظم أوقات النهار، مما دفع بكثيرين إلى الهرب تلافياً لسقوط الرصاص الطائش، ويقول شاب مسرع على دراجة نارية شاتماً مطلقي النار: «لقد نجونا من صواريخ إسرائيل، ويريدون أن يقتلونا برصاصهم الغبي...».