يسير الحوار بين «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» بخطوات مدروسة من قبل الطرفين، ووصل إلى مرحلة دقيقة من شأنها أن تكون حاسمة فيما تعده مصادر «التيار» لـ«بناء الجمهورية» وليس فقط «انتخابات رئاسة الجمهورية».
وأكد رئيس «التيار» النائب جبران باسيل أنه «لا إمكان لانتخاب رئيس للجمهوريّة إلا بالتفاهم، ونعوّل على الحوار اللبناني - اللبناني، ومنذ الأساس قلنا إن البرنامج هو أساس التفاهم». ولفت باسيل في مؤتمر صحافي بعد اجتماع المجلس السياسي للتيار، إلى أنه «حصل أخيراً اجتماع مع فريق التقاطع حتّى لا نبقى في موقع طرح مرشّح مُقابل آخر من دون اتّفاق على تصوّر، ونتمنّى ألا ينقطع الحوار والدعوة مفتوحة ودائمة». وأعلن عن «اتفاق أولي مع (حزب الله) على مسار اسم توافقي وتسهيل الاسم مقابل مطالب وطنية، وما زلنا في بداية الحوار مع الحزب وتقدّمنا بأفكار ننتظر ردّه عليها»، موضحا أن «المطروح مع الحزب ليس تراجعاً أو تنازلاً أو صفقة بل هو عمل سياسي، وما تحدّثنا عنه هو لجميع اللبنانيين وليس للتيار من قانون اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة وقانون الصندوق الائتماني اللذين نطلب إقرارهما سلفاً إضافة إلى برنامج العهد».
وبينما يلتزم «حزب الله» الصمت ولم يصدر عن مسؤوليه أي تعليق باستثناء اعتبار عودة الحوار مع حليفه المسيحي أمرا إيجابيا، تشير المعلومات إلى أنه يتم العمل على تصوّر أو ورقة مكتوبة سيقدمّها التيار للحزب وهي قد تكون مقدّمة، إذا تم الاتفاق عليها، للقاء يجمع بين باسيل وأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله.
وتؤكد مصادر «التيار» لـ«الشرق الأوسط» أن «الحوار في مرحلة جدية والمسألة قد لا تتخطى الأيام القليلة»، وتقول: «نحن جديون ونتوقع أن تكون هناك جدية في جواب الطرف الآخر، بعيدا عن التذاكي أو المواربة»، ومع تشديدها على أن المشروعين مرتبطان باتفاق الطائف والدعوة لتطبيقه، تذكر بأن «التيار» يعمل على هذين المشروعين اللذين يشكلان استكمالا لورقة الأولويات الرئاسية التي سبق أن طرحها، لقناعته بأن إقرارهما يشكل أساسا لبناء الجمهورية قبل رئاسة الجمهورية، مؤكدة في الوقت عينه أن ما يتم التفاوض بشأنه مع الحزب هو واضح للعلن، والاتفاق بشأنه إذا حصل سيعرض على الشعب اللبناني وتنتهي باتفاق وطني عليه في البرلمان. وترى في كل الأحوال، أن قبول الحزب بهذا الحوار، أمر جيد في وقت يرفض فيه أفرقاء آخرون حتى مجرد الحديث عنه.
وفي حين لا يبدو أن المهمة ستكون سهلة على الحزب لا سيما في ظل المعلومات التي تشير إلى أن حليفه الرئيس نبيه بري لا يمكن أن يذهب باتجاه هذا الاتفاق انطلاقا من رفضه «اللامركزية المالية» وهو ما سيكون عليه موقف الحزب «التقدمي الاشتراكي»، يلفت المحلل السياسي، المقرب من «حزب الله» قاسم قصير، إلى أن «المعلومات تشير إلى أن الحوار مستمر والحزب يتعاطى معه بشكل جدي وحقيقي وهو يناقش كل التفاصيل ويراهن على نجاحه نظرا لأهميته حاليا، ولأنه المدخل الأكثر واقعية للحصول على نتائج إيجابية في الملف الرئاسي»، لكنه يؤكد في الوقت عينه أنه «لا أحد يستطيع أن يضمن الوصول إلى نتيجة إيجابية وعلينا انتظار نهاية الحوار».
وعن طرح «التيار» وما حكي عن مقايضة بين اللامركزية والصندوق السيادي، يقول قصير: «عادة النائب باسيل يبدأ بشروط عالية السقف، لكن الأكيد أن الحزب يتابع الحوار مع الأخذ بعين الاعتبار شركاءه الآخرين»، في إشارة إلى حليفه رئيس البرلمان نبيه بري.
وعن إمكانية ذهاب باسيل إلى انتخاب فرنجية يقول قصير: «النائب جبران باسيل يريد الاحتفاظ بكل الأوراق بين يديه فهو يعلن أنه لا يتخلى عن الوزير السابق جهاد أزعور (مرشح المعارضة) وفي الوقت نفسه يفتح الباب أمام الوصول لمرشح آخر وهذه طبيعة المفاوضات»، لكنه يلفت في المقابل إلى أن «عودة الحوار بين الحزب والتيار أدى إلى تراجع حظوظ أزعور لكن لا ينهي هذا الخيار كليا لأنه لا أحد يعرف أين سنصل».
مع العلم، أن «حزب الله» كان قد أعلن، في موقف لافت على لسان رئيس كتلته، النائب محمد رعد، أنه لم يضع فيتو على كثير من الشخصيات. وقال قبل أيام: «نحن منفتحون على تسويات، وهناك كثير من الأشخاص الذين لم نضع عليهم فيتو لأننا نريد التسويات، لكن من دون أن يحشرنا أحد أو يأخذنا إلى مكان، كما هناك أشخاص لا نقبل أن يكونوا حكاماً في هذا البلد؛ لأن تجربتنا معهم كانت مُرّة».