إسرائيل تستعد لاحتمال انتفاضة ثالثة في الضفة

عدم استبعاد انفجار يشارك فيه عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية

عناصر من الأمن الفلسطيني خلال زيارة الرئيس محمود عباس إلى مخيم جنين في 12 يوليو الماضي (إ.ب.أ)
عناصر من الأمن الفلسطيني خلال زيارة الرئيس محمود عباس إلى مخيم جنين في 12 يوليو الماضي (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تستعد لاحتمال انتفاضة ثالثة في الضفة

عناصر من الأمن الفلسطيني خلال زيارة الرئيس محمود عباس إلى مخيم جنين في 12 يوليو الماضي (إ.ب.أ)
عناصر من الأمن الفلسطيني خلال زيارة الرئيس محمود عباس إلى مخيم جنين في 12 يوليو الماضي (إ.ب.أ)

تستعد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لاحتمال اندلاع انتفاضة ثالثة، وهو سيناريو محتمل أكثر في مرحلة ما بعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وقال موقع «واي نت» العبري، إن العملية الأخيرة في جنين ومخيمها كانت بمثابة صورة مصغرة لنزاع عسكري أوسع قد تشهده الضفة الغربية، بمشاركة عشرات الآلاف من المسلحين، الذي يملكون ذخيرة بلا عدد تصل تهريباً من إسرائيل، أو عبر الحدود مع الأردن، ولا ينقصهم المال.

ووفق الموقع، فإن هذا هو المشهد الذي رسمه ضباط المخابرات الإسرائيلية للوضع في الضفة الغربية، وهو سيناريو تعزز في الأسبوع الأخير عندما تلقت المنظومة الأمنية الإسرائيلية تذكيراً آخر بانفجار الوضع في الضفة الغربية، بعد 3 هجمات، وقعت في غضون يوم واحد، منها عمليتا إطلاق نار.

وركز التقرير الضوء على أن من يدفع الثمن نتيجة لذلك هو الجيش الإسرائيلي، من ناحية تدريب أقل للألوية النظامية، واستدعاء المزيد من جنود الاحتياط للعمل التشغيلي، وبتكاليف مئات الملايين من الشواقل.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الفاع يوآف غالانت خلال زيارة لقاعدة عسكرية مطلع الشهر الحالي (د.ب.أ)

وخلال عام ونصف عام، قامت 13 كتيبة فقط بالمهمات الأمنية الحالية في الضفة، ومنذ أن بدأت موجة الهجمات تتضاعف زاد عدد الكتائب بمتوسط 25. ولا يزال هذا العدد عند قرابة ربع الكتائب التي عملت في الضفة في ذروة الانتفاضة الثانية قبل نحو 20 عاماً، ويمكن أن تعود هذه الفجوة في عدد الجنود بالميدان في جزء كبير منها إلى التقنيات المتقدمة والذكاء الاصطناعي، وهو ما لم يكن موجوداً قبل عقدين من الزمن.

وتركز المخابرات الإسرائيلية على اليوم التالي للرئيس الفلسطيني، ومعظم الاتجاهات في إسرائيل هي سلبية.

وكشف «واي نت» أن قيادة الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية قامت أخيراً بتجديد خططها العملياتية لأي سيناريو تصعيد متوقع، وهي خطط هجومية جديدة، قائمة على معلومات استخباراتية دقيقة أعدتها شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) التي ترى أن كل بيت في المدن والقرى الفلسطينية بداخله نوع من الأسلحة، وأن هناك كمية ضخمة وغير مسبوقة منها لم تكن موجودة مسبقاً في الضفة الغربية.

وترصد «أمان» في الضفة عشرات الآلاف من الفلسطينيين المسلحين، معظمهم في مناطق قريبة من المستوطنات، وستثمر كل مواردها في المراقبة والرصد، وتستخدم قدراتها للتحذير وتقديم إنذار استراتيجي، للحظة التي يمكن أن تنتشر فيها الفوضى العنيفة من شمال الضفة إلى جنوبها.

وأقر ضابط أنهى مهامه حديثًا في فرقة الضفة الغربية، أن الحصول على أسلحة أصبح أقل صعوبة في الضفة.

مظاهرة إسرائيلية احتجاجاً على سياسة حكومة نتنياهو في 29 يوليو الماضي (أ.ف.ب)

وتقول الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إن السلاح في الضفة يأتي من إسرائيل ومن الأردن، بينما يأتي المال من «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، من دون حقائب أموال أو تحويلات نقدية بشكل مباشر، وإنما عبر تطبيقات وطرق بديلة.

وأوصى الضابط في مقابل ذلك بالعمل بشكل مكثف لتعزيز موقف السلطة الفلسطينية، معتبراً أن ذلك مصلحة إسرائيلية قبل أي شيء.

والسيناريو الذي وضعته «أمان» هو أن آلاف من المسلحين بمن فيهم عناصر من أجهزة الأمن الفلسطينية سينفذون سلسلة هجمات يومياً على الطرق والتقاطعات والمستوطنات وهو سيناريو قائم على فكرة تفكك أو انهيار السلطة الفلسطينية.

وقال «واي نت» إن ضباط «أمان» طوّروا أدوات تمكن من الكشف المبكر عن انهيار الواقع الحالي للسلطة الفلسطينية وللوضع برمته في الضفة، وهو وضع غير مستقر في الآونة الأخيرة.

«قد يبدو هذا السيناريو خيالياً، في ظل القبضة الأمنية نسبياً لأجهزة الأمن الفلسطينية، ولكن حتى في النصف الثاني من التسعينات كان من الصعب تخيل مثل هذا في ظل القبضة الأمنية التي فرضتها حينها أجهزة السلطة، إلا أنها لم تنجح في منع اندلاع انتفاضة الأقصى الثانية» قال الموقع.

وحتى اليوم لا تزال الأجهزة الأمنية الفلسطينية قوية، وتعمل على إحباط الهجمات بالتنسيق مع إسرائيل.

وتقديرات «أمان» حول الضفة مرتبطة إلى حد ما بتقديرات عامة حول تربص أعداء إسرائيل بها في ضوء الانقسام الحالي.

وحذرت «أمان» في الأسابيع الماضي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بشكل مباشر وشخصي عدة مرات، من العواقب الأمنية الخطيرة الجديدة التي ظهرت في الأشهر الأخيرة على ضوء التعديلات القضائية، جاء فيها أن «الأعداء يدركون فرصة تاريخية لتغيير الوضع الاستراتيجي في المنطقة، بعد الأزمة الهائلة في إسرائيل، التي لم يروها من قبل».

فلسطينيون يغادرون مخيم جنين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في 4 يوليو الماضي (أ.ب)

وحذر كبار المسؤولين في إدارة المخابرات من أن الضرر ليس فورياً فحسب، بل قد تكون له عواقب بعيدة المدى.

ووفقاً لتحليل الجيش الإسرائيلي، فإن أعداء إسرائيل مثل إيران و«حزب الله» يقسمون الردع الإسرائيلي إلى أربع أرجل، وقد جرى إضعافهم جميعاً: قوة الجيش الإسرائيلي، والتحالف مع الأميركيين، واقتصاد قوي، وتماسك داخلي عالٍ.

وكفاءة الجيش الإسرائيلي مسألة تناقَش في إسرائيل بشكل مستفيض علني وسري، وكذلك مع الإدارة الأميركية.

وتدرك شعبة الاستخبارات الإسرائيلية أن الإيرانيين و«حزب الله» والفلسطينيين كذلك يراقبون من كثب الأزمة الإسرائيلية بشكل عام وأزمة الجيش بشكل خاص بعد تمرد ضباط وجنود في قوات الاحتياط الجوية والبرية.

والتقديرات أن الجميع لا يريدون التدخل الآن بانتظار أن «تأكل إسرائيل نفسها من الداخل»، لكن مواجهة متعددة الجبهات أصبحت أقرب من أي وقت مضى.


مقالات ذات صلة

جيش إسرائيل يرجّح أن يكون قتل أحد سكان كيبوتس خلال التصدي لهجوم «حماس»

شؤون إقليمية مقاتلون فلسطينيون خلال الهجوم على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 (أ.ب)

جيش إسرائيل يرجّح أن يكون قتل أحد سكان كيبوتس خلال التصدي لهجوم «حماس»

قال الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إن تحقيقاً داخلياً خلص إلى أنه «من المرجح جداً» أن يكون قد قتل أحد سكان كيبوتس في قتال مع عناصر «حماس» خلال هجوم 7 أكتوبر 2023.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي الجيش الإسرائيلي أثناء مداهمة قباطية في جنين شمال الضفة الغربية المحتلة الجمعة (أ.ف.ب)

إسرائيل توسّع عملية مطاردة منفذي هجوم قلقيلية

واصلت إسرائيل اقتحاماً واسعاً لمناطق متعددة في الضفة الغربية، وركزت على بلدة قباطية في جنين شمال الضفة في محاولة للوصول إلى منفذي هجوم قلقيلية، الاثنين الماضي.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي جنود إسرائيليون في نفق يقول الجيش إن مسلحي «حماس» استخدموه لمهاجمة معبر «إيريز» في شمال قطاع غزة 15 ديسمبر 2023 (أ.ب)

كاتس طلب من الجيش خطة «هزيمة كاملة» لـ«حماس»

طلب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الجمعة، من الجيش الإسرائيلي إعداد خطة في أسرع وقت ممكن لإلحاق هزيمة كاملة بحركة «حماس» في قطاع غزة.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يحملون نعش زميل لهم قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (إ.ب.أ)

«حماس» تكثف «حرب العبوات» وتخوض معارك «كرّ وفرّ» شمال غزة

في غضون 3 أيام، قُتل ضابطان و3 جنود؛ جميعهم من لواء «ناحال» الإسرائيلي، الذي انتقل من مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة، إلى بلدة بيت حانون أقصى شمال القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي العميد أنور رجب المتحدث باسم قوات الأمن الفلسطينية يتحدث عن عمل الأجهزة الأمنية في مخيم جنين خلال مؤتمر صحافي بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (رويترز)

السلطة الفلسطينية تتهم جهات إقليمية بالوقوف خلف المسلحين بالضفة

تشن السلطة الفلسطينية عملية ضد مسلحين في مخيم جنين، منذ نحو 4 أسابيع، في تحرك هو الأوسع منذ سنوات طويلة، في محاولة لاستعادة المبادرة على الأرض.

كفاح زبون (رام الله)

الغرب يحذّر سوريا من تعيين «مقاتلين أجانب» في الجيش

مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» في دمشق (رويترز)
مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» في دمشق (رويترز)
TT

الغرب يحذّر سوريا من تعيين «مقاتلين أجانب» في الجيش

مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» في دمشق (رويترز)
مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» في دمشق (رويترز)

قال مصدران مطلعان إن مبعوثين أميركيين وفرنسيين وألمان حذّروا الحكام الجدد في سوريا من أن تعيينهم لـ«مقاتلين أجانب» في مناصب عسكرية عليا يمثّل مصدر قلق أمني ويسيء لصورتهم في محاولتهم إقامة علاقات مع دول أجنبية.

وقال مسؤول أميركي إن التحذير الذي أصدرته الولايات المتحدة، والذي يأتي في إطار الجهود الغربية لدفع قادة سوريا الجدد لإعادة النظر في هذه الخطوة، جاء في اجتماع بين المبعوث الأميركي دانييل روبنشتاين وقائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، يوم الأربعاء، في القصر الرئاسي في دمشق.

وقال المسؤول: «هذه التعيينات لن تساعدهم في الحفاظ على سمعتهم في الولايات المتحدة».

وأوضح مسؤول مطّلع على المحادثات أن وزيري خارجية فرنسا وألمانيا جان نويل بارو وأنالينا بيربوك طرحا أيضاً قضية المقاتلين الأجانب الذين تم تجنيدهم في الجيش خلال اجتماعهما مع الشرع في الثالث من يناير (كانون الأول).

مئات المقاتلين الأجانب

وأوردت وكالة «رويترز» أنباء التعيينات في 30 ديسمبر (كانون الأول). ولم يتم نشر تعليقات المبعوثين على تلك التعيينات من قبل.

وقادت «هيئة تحرير الشام» هجوماً أطاح بالرئيس السابق بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول). ومنذ ذلك الحين، نصّبت حكومة في البلاد وحلت جيش الأسد. وتبذل «هيئة تحرير الشام» جهوداً لإعادة تشكيل القوات المسلحة.

وفي أواخر العام الماضي، ذكرت «رويترز» أن الهيئة أجرت نحو 50 تعييناً، بما في ذلك ستة مقاتلين أجانب على الأقل، من بينهم صينيون وإيغور من آسيا الوسطى، ومواطن تركي، ومصري، وأردني.

وقال مصدر عسكري سوري إن ثلاثة منهم حصلوا على رتبة عميد وثلاثة آخرين على الأقل حصلوا على رتبة عقيد.

وتضم «هيئة تحرير الشام» والجماعات المتحالفة معها مئات المقاتلين الأجانب في صفوفها والذين قدموا إلى سوريا خلال الحرب الأهلية التي استمرت 13 عاماً، وكثيرون منهم يتمسّكون بتفسيرات متشددة للإسلام.

تهديد أمني رئيسي

وتنظر العواصم الأجنبية عموماً إلى المقاتلين الأجانب باعتبارهم تهديداً أمنياً رئيسياً، حيث تشتبه في أن بعضهم قد يسعون إلى تنفيذ هجمات في بلدانهم الأصلية بعد اكتساب الخبرة في الخارج.

مقاتلون من الفصائل السورية في حلب (أ.ف.ب)

وقال مسؤولون في الإدارة السورية الجديدة إن المقاتلين الأجانب قدّموا تضحيات للمساعدة في الإطاحة بالأسد وسيكون لهم مكان في سوريا، مضيفين أنهم قد يحصلون على الجنسية.

ولم ترد وزارة الدفاع السورية على طلب للتعليق. ولم تعلّق أيضاً وزارة الخارجية الألمانية.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن واشنطن في حوار مستمر مع السلطات المؤقتة في دمشق.

وأضاف المتحدث: «المناقشات بنّاءة وتتناول مجموعة واسعة من القضايا المحلية والدولية»، موضحاً أن هناك «تقدماً ملموساً بشأن أولويات مكافحة الإرهاب، بما في ذلك تنظيم داعش».

وقال المسؤول الأميركي ومصدر غربي إن دمشق قدّمت توضيحات لتعيينات المقاتلين الأجانب بقولها إنه لا يمكن ببساطة إعادتهم إلى أوطانهم أو إبعادهم إلى الخارج حيث قد يواجهون الاضطهاد، وإنه من الأفضل الاحتفاظ بهم في سوريا.

وقال المسؤول الأميركي إن السلطات أوضحت أيضاً أن هؤلاء الأشخاص ساعدوا في تخليص سوريا من الأسد وأن بعضهم قضوا في البلاد أكثر من 10 سنوات وبالتالي أصبحوا جزءا من المجتمع.